هل تنجح العقوبات الأمريكية في تقييد نشاط إيران النووي؟

إذا كانت هناك طريقة للولايات المتحدة، لحل الأزمة النووية لإيران من خلال المفاوضات، وهو أمر قد يكون لدى العقلانيين شكوك معقولة بشأنه، فيمكن أن يحدث فقط من خلال الضغط وليس الاسترضاء

هل تنجح العقوبات الأمريكية في تقييد نشاط إيران النووي؟
إبراهيم رئيسي

ترجمات - السياق

سلَّطت مجلة ناشيونال إنترست الأمريكية، الضوء على مفاوضات فيينا، بين إيران ومجموعة (5+1) التي وصلت إلى طريق مسدود جراء تعنُّت طهران، مشيرة إلى أن ذلك يرجع إلى تحسن وضعها المالي نسبيًا، إذ أظهرت أحدث البيانات، زيادة الصادرات الإيرانية غير النفطية 47% من أبريل حتى نوفمبر 2021، مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي.

وأشارت إلى أن إيران صدَّرت سلعًا غير نفطية بـ 27 مليار دولار، من أبريل حتى نوفمبر 2021، بما يمثل زيادة بنحو 9 مليارات دولار، مقارنة بالفترة نفسها من عام 2020.

وفي ضوء ذلك، قالت المجلة الأمريكية: رغم أن الاقتصاد الإيراني لا يزال يعاني ارتفاع معدلات التضخم، وعجز الموازنة، ونقص معدلات الاستثمار، وانخفاض معدلات النمو، فإن المؤشرات السابقة توضح أنه يعمل بشكل أفضل، حتى في ضوء المشكلات المستمرة، الأمر الذي يقلل نفوذ واشنطن على طهران، ويشجع حكومة إبراهيم رئيسي، على رفع سقف مطالبها.

 

الطاقة النووية

وترى "ناشيونال إنترست" أن التحسُّن في الاقتصاد الإيراني، من دون إحياء الاتفاق النووي، قد يشجع المرشد الأعلى علي خامنئي، باتخاذ الخطوة الأخيرة للتحول إلى الطاقة النووية، على أمل أن يصبح الاقتصاد الإيراني، أكثر قدرة على مقاومة الموجة الجديدة من العقوبات الدولية المحتملة، حتى يضطر المجتمع الدولي في النهاية إلى تطبيع العلاقات مع طهران.

وشددت المجلة، على ضرورة شن إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، حملة ضغط قصوى على طهران، من خلال إعادة فرض عقوبات مشددة عليها، لتقويض التحسن الاقتصادي، وإيجاد طرق مبتكرة لعزلها عن الاقتصاد العالمي، الأمر الذي يحول دون حصول النظام الإيراني على عائدات كبيرة وتعزيز احتياطاته من النقد الأجنبي، وبذلك يستعيد النظام الأمريكي نفوذه، الذي فقده بسبب التطبيق الفضفاض للعقوبات، والتغييرات التي طالت الاقتصاد العالمي، بما يجعل واشنطن أكثر قدرة على حل الأزمة النووية الإيرانية.

 

الاقتصاد الإيراني

وألقت "ناشيونال إنترست" نظرة على الاقتصاد الإيراني، لمعرفة أسباب تحسنه، وأوضحت أن الصادرات غير النفطية -كما حددتها طهران- تشمل كل شيء باستثناء النفط الخام.

وذكرت المجلة، أن إيران تتكتم بشأن صادراتها النفطية، وترفض إعلان قيمتها الإجمالية، مشيرة إلى أنه في حين أن نظام الملالي لا يقدِّم تقارير منتظمة ومفصلة عن صادراته غير النفطية، إلا أنه لا يزال ينشر بعض التفاصيل التي تسلِّط الضوء على تجارته.

وكشفت أن هناك زيادة بـ9 مليارات دولار في صادرات إيران غير النفطية (من المنتجات البتروكيماوية ومكثفات الغاز) العام الأخير فقط.

وحسب المجلة، تظهر البيانات التي قدَّمتها منظمة تنمية التجارة، أن كمية الصادرات من المنتجات البتروكيماوية ومكثفات الغاز، زادت 16 في المئة فقط، بينما زادت الإيرادات 50 في المئة، مشيرة إلى أن نحو 24 في المئة من إجمالي الصادرات غير النفطية، من تصدير المنتجات المعدنية، التي نمت كميتها 15 في المئة، بينما نمت قيمتها 110 في المئة.

وأوضحت "ناشيونال إنترست" أن هذه الصناعات -رغم خضوعها للعقوبات الأمريكية- توفِّر ما يقرب من 80 في المئة من الإيرادات غير النفطية لإيران، مشيرة إلى أن وِجهتي التصدير الرئيستين لإيران، التي تمثل أغلبية صادرات البلاد، هما الصين وتركيا.

 

تأثير العقوبات

وحسب المجلة الأمريكية، فرغم أن العقوبات الأمريكية لم تمنع عمليات التصدير الإيرانية، فإنها أجبرت السلطات على خفض أسعار السلع، مشيرة إلى أن العقوبات أجبرت طهران على تقديم خصومات كبيرة للعملاء، بسبب زيادة مخاطر ممارسة الأعمال التجارية.

وتضيف "ناشيونال إنترست": "ربما يكون نهج بايدن التصالحي تجاه طهران، قد قلل هذه المخاطر ومكَّن النظام الإيراني من تقديم خصومات أقل لعملائه".

وحسب المجلة الأمريكية، إذا تبنت إدارة بايدن استراتيجية الضغط الأقصى، وضاعفت حملتها للعقوبات، ووجدت طرقًا مبتكرة لعزل النظام الإيراني، يمكن حينها أن تنخفض الصادرات الإيرانية، فضلًا عن أنه من خلال تشديد الحصار المالي على طهران، يمكن لواشنطن أن تحد من وصول نظام الملالي إلى عائدات هذه الصادرات من الاحتياطات الأجنبية.

وذكرت المجلة: "إذا كانت هناك طريقة للولايات المتحدة، لحل الأزمة النووية لإيران من خلال المفاوضات، وهو أمر قد يكون لدى العقلانيين شكوك معقولة بشأنه، فيمكن أن يحدث فقط من خلال الضغط وليس الاسترضاء".