رغم العقوبات.. آلاف الموظفين بشركات أجنبية في روسيا لا يزالون يتقاضون رواتبهم
الشركات متعددة الجنسيات مستمرة في دفع الأجور رغم التعهدات بتعليق النشاط منذ غزو أوكرانيا.

ترجمات - السياق
تواصل الشركات متعددة الجنسيات دفع رواتب ما يقرب من 200 ألف موظف في روسيا، رغم التعهدات بتعليق أو إنهاء الأنشطة في البلاد، ما أثار مخاوف من إقالات جماعية، مع تلاشي الآمال في نهاية سريعة للحرب في أوكرانيا.
وتعهدت سلسلة من الشركات الغربية من ماكدونالدز إلى رينو، بدفع أجور آلاف الموظفين، عندما أوقفت عملياتها في البلاد الشهر الماضي.
ويُظهر تحليل لـ "فايننشال تايمز" أن ما لا يقل عن 188 ألف موظف ما زالوا يتقاضون رواتبهم.
ومن المحتمل أن يكون الرقم الحقيقي أعلى من ذلك بكثير، حيث لم يؤكد أصحاب العمل ما إذا كانوا لا يزالون يدفعون الرواتب للموظفين.
خطر التسريح
وأعلن رئيس بلدية العاصمة الروسية –الاثنين- أن 200 ألف وظيفة على الأقل مهددة في موسكو، بسبب رحيل أو توقف أنشطة شركات أجنبية، في أعقاب الهجوم الروسي على أوكرانيا.
وفي رسالة على موقعه الإلكتروني، أشار سيرجي سوبيانين إلى اعتماد خطة مساعدة بـ 3.6 مليار روبل (نحو 38 مليون يورو بسعر الصرف الحالي) الأسبوع الماضي، لمساعدة سكان موسكو المعرضين لخطر التسريح من وظائفهم.
وقال رئيس البلدية: "هذا البرنامج يتعلق في المقام الأول بموظفي الشركات الأجنبية، التي أوقفت أنشطتها مؤقتاً أو قررت مغادرة روسيا. وفق تقديراتنا، هناك نحو 200 ألف شخص مهددون بفقدان وظائفهم".
وستوفر البلدية «وظائف مؤقتة» لموظفين في شركات أجنبية يعانون البطالة الفنيّة، مثل «إدارة الأرشيفات أو إصلاح تجهيزات» البلدية.
غير متفائل
بدوره، قال تشيب بيرغ، الرئيس التنفيذي لشركة ليفي شتراوس، إن ماركة "الجينز" ما زالت تدفع رواتب موظفيها، الذين يزيد عددهم على 800 موظف في روسيا، لكنه أضاف: "بالطريقة التي تسير بها الأمور الآن لست متفائلًا بأننا سنعود إلى العمل بكل قوتنا في وقت قريب".
و لا تزال الشركات التي أوقفت عملياتها ملزمة بدفع رواتب الموظفين بموجب القانون الروسي، وفقًا لما ذكره بيتر فيندنج، محامي التوظيف في "فيشر برويلز".
وقال إن الخيارات تضمنت دفع أجور الموظفين كالمعتاد، أو دفع ما يصل إلى ستة أشهر من رواتبهم في حزم تسريح العمال وإنهاء الخدمة، أو إعادة توجيه الموظفين إلى مجالات العمل التي لا تتأثر بالتعليق.
وأضاف أن أرباب العمل قد يوافقون أيضًا على إبقاء الموظفين على رواتب مخفضة أثناء تعليق العمليات، قائلاً إن الموظفين سيكون لديهم القليل من القوة التفاوضية في هذا السيناريو.
و التزمت شركة Ikea بدفع رواتب لموظفيها الروس لمدة ثلاثة أشهر حتى نهاية مايو، أي شهر واحد أعلى من مدفوعات الفائض لمدة شهرين، التي يتطلبها القانون الروسي.
وقال أحد الموظفين إنهم يخشون البطالة في الأشهر المقبلة. وامتنعت الشركة عن الإفصاح عما إذا كانت ستفصل موظفين.
طرد الموظفين
وفقًا لمسح أجرته مؤسسة بي سي جي، يعتقد معظم المستثمرين أن الأمر سيستغرق عامين إلى خمسة أعوام، قبل أن تتمكن الشركات الغربية من العودة إلى روسيا.
وقال المحامي فيندنج، الذي لديه خبرة في تقديم المشورة للشركات متعددة الجنسيات في روسيا، إن أصحاب العمل من المرجح أن يطردوا العمال غير النشطين، بدلاً من الاستمرار في دفع الرواتب سنوات.
إلى ذلك قالت "ماكدونالدز" التي أعلنت عن إيرادات عالمية بلغت 23 مليار دولار العام الماضي، وتواصل دفع أجور 62 ألف موظف في روسيا، إن إجمالي تكاليف الأجور والإيجارات في البلاد يصل إلى 50 مليون دولار شهريًا.
ومع ذلك، فإن العديد من الشركات الغربية تكافح لتحويل الأموال إلى الاقتصاد المتضرر من العقوبات، وغير قادرة على توليد الدخل أثناء تعليق العمليات.
وتسعى الحكومة الروسية جاهدة إلى تجنُّب البطالة الجماعية، حيث أطلقت حزمة بـ 40 مليار روبية.
وقال رئيس الوزراء ميخائيل ميشوستين، إن الحكومة ستدعم نحو 400 ألف عامل.
إلى ذلك، أعرب بعض المسؤولين التنفيذيين عن قلقهم من أن موسكو قد تصادر أصول الشركات الغربية في روسيا، أو تسمح بسرقة ملكيتها الفكرية.
الحصول على الرواتب
وجد جوش جاربن، محامي العلامات التجارية في الولايات المتحدة، أن هناك طلبات لاستخدام شعارات تشبه شعارات ماكدونالدز وكوكا كولا وغيرهما من العلامات التجارية الغربية.
بينما اختارت شركات بينها "بريتيش أميركان توباكو" نقل أعمالها إلى شركاء روس، ما قد يسمح بالمحافظة على الوظائف بعد مغادرتهم.
ومع ذلك، يواجه الموظفون في هذه الظروف، حالة من عدم اليقين بشأن كيفية معاملتهم من أصحاب العمل الجدد.
وقال عامل في شركة متعددة الجنسيات إنه "سؤال مفتوح" كيف سيحصلون على الراتب، وأضاف أن "مجموعة العلامات التجارية الروسية تدفع لموظفيها في مظاريف"، في إشارة إلى ممارسة منتشرة لتجنُّب الضرائب.
بدورها، توقعت لورا ماري، رئيسة قسم الأعمال المستدامة في جامعة مانهايم، كلية إدارة الأعمال الرائدة في ألمانيا، أن الشركات قد تواجه ضغوطًا لطرد الموظفين الروس مع استمرار الحرب وتزايد الأدلة على الفظائع الروسية.
وقالت: "بعد بوتشا، فإن المشاعر تتغير"، وأضافت: "هناك إدراك جماعي بأنه ليس بوتين فقط، هناك جزء كبير من الروس، إذا لم يكونوا داعمين بشكل فعال للأحداث، فقد قبلوا حدوث ذلك".
ومع ذلك، قال خبراء إن فقدان الوظائف، من المرجح أن يزيد حدة المشاعر داخل روسيا ضد الغرب.
وأضافوا: "عاجلاً أم آجلاً سنرى عشرات الآلاف، الذين اعتادوا العمل في المصانع الغربية الكبيرة، عاطلين عن العمل".