دعوة باشاغا للحوار في ليبيا... فرصة أخيرة أم إحراج للدبيبة؟

قال الحقوقي الليبي جمال عامر في تصريحات للسياق، إن دعوة باشاغا تعد الفرصة الأخيرة للتحرك السلمي، قبل دخول قوات باشاغا طرابلس بالقوة، مستدلًا على تصريحاته بزيارات باشاغا إلى تركيا وغيرها من الدول ذات التأثير في المنطقة الغربية، لاستيضاح موقفها من حكومته.

دعوة باشاغا للحوار في ليبيا... فرصة أخيرة أم إحراج للدبيبة؟

السياق

رغم مرور أكثر من شهرين على تكليفها بمهامها، فإن الحكومة الليبية برئاسة فتحي باشاغا، لم تستطع -حتى اللحظة- دخول العاصمة طرابلس سِلمًا، ما فتح الباب أمام سيناريوهات أغلبيتها «كارثية».

تلك السيناريوهات، رغم أنها قاب قوسين أو أدنى، فإن الساعات الماضية شهدت تطورًا قد يقود ليبيا إلى الاستقرار، بشرط «توافق» عليه وتغليب أطرافه المصلحة الوطنية.

تمثل ذلك التطور في دعوة رئيس حكومة ليبيا فتحي باشاغا، مساء الأحد، إلى عقد حوار يشمل كل الأطراف في إطار مصالحة شاملة، بمبادرة قال إنها تهدف لترسيخ المشاركة الوطنية الواسعة في هذه المرحلة «الحساسة» التي تتطلب تضافر وتعاضد الجميع.

وقال باشاغا، في مقطع بثته الحكومة الليبية، إن حكومته مدت أيديها للجميع، مشيرًا إلى أنها لم ترفض الجلوس مع أي طرف، يعتقد أن حكومته أتت ضده أو بمواجهته ومحاربته.

وعن طريقة تسلُّم حكومته مهامها من طرابلس، رغم تعنُّت سلفه عبدالحميد الدبيبة، قال باشاغا، إنه ملتزم بمبدأ أساسي، هو حقن الدماء والحفاظ على أمن واستقرار العاصمة، ورفض الاقتتال والاحتراب مهما كانت الأسباب.

تلك الدعوة جاءت في توقيت «حساس» تمر به ليبيا بعد وصول المسار السياسي إلى طريق مسدود، ما ألقى بظلاله على المسارين الاقتصادي والعسكري، اللذين أصيبا بالشلل، جراء موقف عبدالحميد الدبيبة ورفضه تسليم السلطة.

إلا أنها قوبلت بتصريحات من عبدالحميد الدبيبة، جدد فيها رفضه تسليم العاصمة طرابلس بشكل سلس، مجددًا تعهده بالدفاع عنها حال مهاجمتها، ما يجعل دعوة باشاغا الفرصة الأخيرة أمام كل الأطراف الليبية لنزع فتيل الأزمة، وتجنيب البلد الإفريقي العودة إلى مربع العنف.

4 أهداف

إلى ذلك قال المحلل السياسي الليبي كامل المرعاش، في تصريحات لـ«السياق»، إن رئيس حكومة الاستقرار الشرعية فتحي باشاغا يحاول مخاطبة المليشيات المسلحة المسيطرة على العاصمة طرابلس، التي مازالت مترددة في دعم دخول حكومته للعاصمة.

وأوضح المحلل الليبي، أن هذه المبادرة لتحقيق أربعة أهداف، أولها توجيه رسالة مباشرة إلى الشباب المسلحين، لطمأنتهم على مستقبلهم، في حال التخلي عن دعم حكومة الدبيبة منتهية الولاية.

ثاني تلك الأهداف -بحسب المرعاش- اعتمادها على الحوار الذي يعد الأداة الفاعلة لرفع أي سوء فهم أو تقدير بين الأطراف الليبية، للتوافق على مستقبل يجتمع عليه كل الليبيين، لحماية وطنهم من التمزق والانقسام.

وأشار إلى أن ثالث أهداف دعوة باشاغا، يتمثل في إظهار حكومة الدبيبة في وضع الرافض للحوار، الباحث عن الحرب واستمرار الانقسام، وتحميلها تبعات رفض المصالحة الوطنية.

رابع تلك الأهداف، تأكيد محافظة سلمية حكومته وعدم نزعتها للحرب، ما يعزز مصداقيتها وشرعيتها، مقارنة بحكومة الدبيبة التي فتحت خزانة الدولة للدعوة إلى الحرب والعنف والدمار.

إلا أنه قال إن نتائج هذه المبادرة ستظل رهن التجاوب معها من الأطراف الفاعلة على الأرض، وعلى رأسهم قيادات المليشيات المسلحة، التي ربما تفضل الملايين التي تحصل عليها من حكومة الدبيبة «المقالة» عن الدخول في حوار ربما ينهي كياناتها، إذا قامت مؤسسات الدولة، التي يعد باشاغا بإعادة بعثها.

 

الفرصة الأخيرة

من جانبه، قال الحقوقي الليبي جمال عامر في تصريحات لـ«السياق»، إن دعوة باشاغا تعد الفرصة الأخيرة للتحرك السلمي، قبل دخول قوات باشاغا طرابلس بالقوة، مستدلًا على تصريحاته بزيارات باشاغا إلى تركيا وغيرها من الدول ذات التأثير في المنطقة الغربية، لاستيضاح موقفها من حكومته.

وحذر الحقوقي الليبي من تطور الأمور، بشكل قد يعيد البلد الإفريقي إلى مربع الصراعات، خاصة بعد الأوضاع «الصعبة»، التي يعيشها الليبيون.

ورغم ذلك، فإنه قال إن التوقيت قد لا يساعد في تلبية أو تنفيذ هذه الدعوة، فالاحتقان كبير جدًا من المنطقة الشرقية والغربية من تصرفات الحكومة «المقالة» ورئيسها، إضافة للأوضاع الصعبة التي عاشها المواطن من نقص السيولة وتفشي الجريمة وضعف المنظومة الأمنية.

 

حالة الانقسام

من جانبه، قال المحلل السياسي الليبي معتز بلعيد، في تصريحات لـ«السياق»، إن الدعوة تأتي في إطار رأب الصدع وإحداث توافق بشكل أكثر فاعلية بمشاركة الجميع، لإخراج البلاد من حالة الانقسام التي يحرص الدبيبة على استمرارها.

واختلف بلعيد مع عامر في التوقيت، فوصفه بالـ«مثالي»، خاصة أن الليبيين يحتفون بعيد الفطر وسط أجواء هادئة، ما يدعو إلى التفاؤل بإمكانية نجاح هذه المبادرة.

وردًا على تساؤل عما إذا كانت تلك المبادرة الحل الأخير قبل دخول طرابلس بالقوة، قال المحلل الليبي، إنها إحدى المحاولات لذلك، لكن لا أعتقد أنها ستكون الأخيرة، مشيرًا إلى أنه ما زال هناك تعنُّت من الدبيبة وداعميه، ما يحتاج إلى سياسة النفس الطويل للتعامل مع الموقف.

وأشار إلى أن هناك أملًا في كسر عناد الدبيبة، عبر زيادة الضغط الداخلي عليه، من خلال هذه المبادرات والحوارات، إضافة إلى ضغوط خارجية، بتوضيح فشل هذه الحكومة في رأب الصدع وإهدارها للمال العام.

وعن موقف الدبيبة، الذي أكد أنه سيدافع باستماتة عن طرابلس، قال المحلل الليبي، إن ما يفعله الدبيبة متوقع من رجل شغله الشاغل البقاء على الكرسي، مهما كلف الأمر من دماء وأموال، مشيرًا إلى أن باشاغا يعمل على عدم إيصال البلاد إلى هذا المنعطف الخطير الذي يدفع نحوه الدبيبة.