مخلوق شيطاني يلتهم رضيعًا.. عائلة روتشيلد هدف مفضل لأصحاب نظرية المؤامرة
في خريف 2020 نشرت رسائل جرى تشاركها آلاف المرات على فيسبوك تتحدث عن كورونا وتقول إن رجلًا يدعى ريتشارد روتشيلد قدَّم براءة اختراع لاختبار فحص للفيروس منذ 2015.

السياق
من الرسوم الكاريكاتورية، المعادية للسامية في القرن التاسع عشر، إلى المعلومات المضللة المرتبطة بوباء كورونا، تبقى عائلة روتشيلد التي أسهمت في العصر الذهبي لأوروبا، هدفًا مفضلا لروايات أصحاب نظرية المؤامرة.
ويرسم معرض يستمر حتى الخامس من يونيو بالمتحف اليهودي في فيينا، صورة لتاريخ العائلة، ويحاول فهم سبب استمرارها في إثارة الكثير من الشائعات.
وتوضح المفوضة غابرييل كولباور فريتز: "كانت عائلة من الحي اليهودي في فرانكفورت. بدأ الأمر كله بتاجر صغير أرسل أبناءه الخمسة إلى أوروبا بما في ذلك فيينا" عام 1821.
وأضاف زميلها توم يونكر: "نجاحهم السريع ألهم رسامي الكاريكاتير"، وأصبحوا بعد ذلك "وجه الصناعة المصرفية الناشئة".
بعد إلغاء الرقابة عام 1848 اقتربت الرسوم من حديث عن "مؤامرة يهودية عالمية مزعومة استمر في الواقع حتى يومنا هذا".
وتابع يونكر: "وصفوا بالجناة بدلاً من أن تنسب إلى آليات المضاربة للرأسمالية مسؤولية بعض إخفاقات النظام".
ويصور رسم مطبوع، من القرن التاسع عشر، المؤسس ماير أمشيل روتشيلد مثلًا بشكل رجل سمين وقوي وأنفه معقوف، يحرك الطبقات الحاكمة مثل كرات بهلوان.
"رمز"
بعد 1945 و"الإبادة الجماعية" لليهود في أوروبا، أصبحت القوانين تعاقب التعبير عن معاداة السامية، وتحول اسم روتشيلد بعد ذلك إلى "رمز" أو "اسم محدد" لإلقاء اللوم على القوة المطلقة للنخب.
وأمام شاشة كبيرة تعرض رسائل لأصحاب نظرية المؤامرة على شبكات التواصل الاجتماعي... يؤكد توم يونكر: "الآن خصوصًا في أوضاع جائحة كورونا عادوا إلى الواجهة ونجد آل روتشيلد".
في خريف 2020 نشرت رسائل جرى تشاركها آلاف المرات على "فيسبوك" تتحدث عن "مؤامرة كورونا" وتقول إن رجلًا يدعى ريتشارد روتشيلد قدَّم براءة اختراع لاختبار فحص للفيروس منذ 2015.
هل علموا بكورونا قبل انتشاره؟
ومع ذلك لا علاقة لهذا الرجل بمجموعة روتشيلد وشركاه كما أكدت حينذاك المتحدثة باسمه لوكالة فرانس برس. في المقابل، هناك براءة اختراع تتضمن تقنيات تحليل بيانات حيوية، لكن تمت إضافة الجزء المخصص لكورونا بتحديث في سبتمبر 2020.
ومع ذلك رأى مستخدمون للإنترنت في جميع أنحاء العالم، في ذلك دليلًا على أن العائلة كانت تعرف قبل البشر العاديين، ما سيحدث في العالم قريبًا.
وكتب أحد هؤلاء على "فيسبوك": "شخص ما هنا أدرك في وقت مبكر جدًا أن هناك أموالًا يمكن جنيها من مرض" انتشر بعد أربع سنوات.
في حالات أخرى، يظهر أحد أفراد العائلة في مكان فاخر أمام إحدى لوحاته تمثل مخلوقًا شيطانيًا يلتهم رضيعًا. وهنا أيضًا خطأ ففي الصورة الأصلية لا تظهر اللوحة نفسها حسب بحث أجراه فريق للتحقيق الرقمي تابع لوكالة فرانس برس.
إرث منسي
لم يكن أفراد عائلة روتشيلد مسؤولين عن العلل الغربية بل على العكس، كانت لهذه السلالة مساهمة حاسمة في أوروبا بفضل "إدارتهم الحديثة جدًا" حسب كولباور-فريتز.
كانت إمبراطورية النمسا-المجر تعاني صعوبات مالية متكررة، وسرعان ما أصبح سالومون روتشيلد (1774-1855) لا غنى عنه للنظام الملكي، ومنح لقب نبلاء من دون أن يستسلم لسياسة الدمج وإنكار يهوديته.
معاملتهم بطريقة غير لائقة
كل ما بناه في فيينا، قبل أن يعلن أدولف هتلر ضم النمسا، من مصرف "كريديت إنشتات" إلى مستشفى على أحدث طراز ومؤسسة كبرى وقصور فخمة ومحطة للقطارات وحديقة، زال اليوم.
وقالت مفوضة معرض "روتشيلد في فيينا، قصة مثيرة" إن "النازيين أخذوا كل شيء"، موضحة أن فرع العائلة في فيينا هاجر إلى الولايات المتحدة ولم يعد أحفادهم بعد ذلك.
وتابعت كولباور-فريتز التي بذلت جهودًا قصوى للعثور على آثار هذا التراث المنسي أنه "حتى بعد الحرب جرت معاملتهم بطريقة غير لائقة" بإجبارهم على التخلي عن العديد من ممتلكاتهم التي هُدمت بعد ذلك لإفساح المجال للمباني الحديثة.
وأضافت أنه لم يطلق اسم روتشيلد على ساحة في فيينا قبل 2016.
أما فرع العائلة في نابولي، فقد انتهى منذ 1863 بعد توحيد إيطاليا الذي جعل المدينة أقل أهمية.
لكن ملحمة العائلة لا تزال تكتب اليوم من لندن وباريس ونيويورك، حيث تضمن مستشفيات ومصارف وصناديق استثمار، بقاء هذا الاسم في الأماكن العامة.