معارك سنجار... نزوح جماعي ومصير غامض يواجه العراق

مدينة سنجار في العراق شهدت اشتباكات مسلحة خلال اليومين الماضيين.. فما الذي أشعل فتيل الغضب في المدينة؟

معارك سنجار... نزوح جماعي ومصير غامض يواجه العراق

السياق

فيما لا يزال العراق يئن تحت وطأة تطورات سياسية لم تصل محطة التسوية، كان البلد الآسيوي على موعد مع أحداث أمنية، قد تكون لها تداعياتها الخطيرة على الأوضاع الحالية.

تلك الأحداث، التي تمركزت في قضاء سنجار شمالي العراق، أسفرت عن قتل جندي عراقي و13 مسلحًا، ما استدعى استنفارًا للجيش العراقي، الذي أصدر توجيهات عاجلة بضرورة التعامل بحزم، إثر التطورات الأمنية الأخيرة في سنجار.

وشهدت ناحية سنوني ومجمعا خانصور ودوكري، في سنجار، اشتباكات بين الجيش العراقي ومجاميع حزب العمال، بعد أن أطلقت قوات الجيش عملية، لفرض القانون ومنع المجاميع التابعة لحزب العمال من مواصلة انتشارها، وتهديد المواطنين ومنع عودة النازحين.

وبينما يواصل الجيش إجراءات فرض القانون في المجمع ومحيطه، إلا أنه يواجه مشكلة بعد اتخاذ المسلحين منازل المواطنين منطلقاً لمهاجمة القوات المسلحة، أكد مسؤولون أن عدداً من مسلحي حزب العمال «الأجانب» تحصنوا في مدرسة وبدأوا يطلقون القذائف ويقنصون قوات الجيش.

واليوم الثلاثاء، وصل وفد أمني عراقي رفيع إلى مدينة سنجار غرب الموصل في محافظة نينوى شمالي العراق.

يضم الوفد، رئيس أركان الجيش الفريق الأول الركن عبد الأمير يار الله، ونائب قائد العمليات المشتركة الفريق الأول الركن عبد الأمير الشمري وعددًا من القادة الأمنيين.

 

رواية الجيش

وعن تفاصيل الأحداث، قالت خلية الإعلام الأمني، في بيان اطلعت «السياق» على نسخة منه، إن ناحية سنوني في قضاء سنجار شهدت أحداثا أمنية الليلة الماضية، مشيرة إلى أن مجموعة من «تنظيم اليبشه» قطعت عددًا من الطرق التي تربط ناحية سنوني وخانصور مع المجمعات والقرى المجاورة ونصبت حواجز على هذه الطرق ومنعت حركة المواطنين بين هذه المناطق.

وأشارت إلى أن القطاعات العسكرية في قيادة عمليات غرب نينوى شرعت بفتح الطرق، إلا أنها تعرضت إلى رمي كثيف مع انتشار للقناصين على أسطح عدد من البنايات وزرع الطرق بالعبوات الناسفة.

وأكدت خلية الإعلام الأمني أن قواتها تمكنت من التعامل مع تنظيم اليبشة، وفق قواعد الاشتباك لفرض سلطة القانون والنظام، وردت على مصادر هذه النيران بدقة، وفتحت الطرق أمام حركة المواطنين.

 

ضربة كبيرة

البيان الأمني أشار إلى ما وصفه بـ«التعاون الكبير» من المواطنين، الذي ساعد القوات العسكرية في «إعادة الأمور» إلى وضعها الطبيعي، ورفض التصرفات الخارجة على القانون.

وأكد أن قيادة العمليات المشتركة أصدرت أوامرها، للتعامل بحزم ووفق قواعد الاشتباك، ضد أي تصرف أو ممارسة من شأنها زعزعة الأمن والنظام.

وبحسب مصادر محلية، فإن الجيش العراقي أمهل الجماعات المنضوية تحت لواء حزب العمال الكردستاني مدة لمغادرة محيط سنجار أو مواجهة «ضربة كبيرة».

تلك الاشتباكات أدت إلى موجة نزوح من المنطقة، بحسب مسؤول إعلام مديرية الهجرة والمهجرين واستجابة الأزمات في محافظة دهوك كاروان زكي، الذي أكد نزوح 250 عائلة من قضاء سنجار في نينوى إلى محافظة دهوك.

وقال زكي، في تصريحات لوسائل إعلام محلية: «نزح إلى الآن نحو 250 عائلة من قضاء سنجار إلى محافظة دهوك، وهم في سيطرة سحيلة عند مدخل الإقليم»، مشيرًا إلى أنهم سيدخلون بعد أخذ الإجراءات اللازمة.

 

حل جذري

بابا شيخ الإيزيديين شيخ علي شيخ إلياس، طالب أربيل وبغداد بإيجاد حل جذري لمنطقة سنجار.

وقال شيخ إلياس في بيان اطلعت «السياق» على نسخة منه: «نناشد الحكومة العراقية والأطراف الأخرى، الحفاظ على حياة المدنيين والأبرياء في قضاء سنجار، واتباع القانون الدولي الإنساني، وإبعاد الصراعات المسلحة عن المدن والقصبات التي تعج بالمدنيين، خاصة أن الكثير من هذه العائلات من العائدين الجدد للمنطقة».

ودعا بابا شيخ الإيزيديين كل الأطراف إلى الاحتكام للغة الحوار، لإنهاء المناوشات المسلحة، وإتاحة الفرصة لأن يعود السلام والاستقرار للمنطقة، مطالبًا حكومتي أربيل وبغداد بإيجاد حل جذري لمنطقة سنجار التي لا تزال تعاني «تبعات الإبادة الجماعية وآثار حملة تنظيم داعش الإرهابي».

وأهاب بابا شيخ في بيانه بالجهات ذات العلاقة في حكومة إقليم كردستان، توفير ملاذ آمن للعائلات التي لجأت مرة أخرى إلى الإقليم.

 

قلق أممي

بعثة الأمم المتحدة في العراق «يونامي»، أعربت -في بيان- عن قلقها من تطورات الوضع في قضاء سنجار، وما له من عواقب «وخيمة» على المدنيين.

وأضافت «يونامي»: «ينبغي أن تكون سلامة وأمن أهالي سنجار في صدارة الاهتمام، لقد عانوا كثيراً وهُم يستحقون السلام تحت سلطة الدولة»، مشيرة إلى أنه «لا مكان للمفسدين الداخليين والخارجيين في سنجار».

 

صراع كبير

من جانبه، قال المرصد العراقي لحقوق الإنسان، إن عشرات العائلات نزحت من قضاء سنجار بسبب المعارك بين الجيش العراقي ووحدات مقاومة سنجار التابعة لحزب العمال الكردستاني، مشيرًا إلى أن قضاء سنجار يشهد صراعاً كبيراً بين قوى محلية ودولية تسبب بانتشار السلاح في المنطقة.

ووجه المرصد العراقي نداءً عاجلاً إلى الحكومة العراقية، للحفاظ على سلامة المدنيين وإبعاد الخطر عنهم، لأنها المسؤولة عن سلامة المدنيين الموجودين بالأراضي العراقية، مؤكدًا أنه على الجيش العراقي الالتزام بالقانون الدولي الإنساني، لأنه القوة الأساسية المسؤولة عن أمن القضاء.

وحذر من ازدياد موجة النزوح من القضاء، الذي ما زال يعاني دمار المعارك التي جرت خلال السنوات السابقة، عندما كان يُحرر من قبضة تنظيم داعش.

ودعت الناشطة الحقوقية الإيزيدية نادية مراد، المجتمع الدولي إلى التدخل في قضية سنجار، بعد موجة نزوح جديدة بفعل الاشتباكات، مؤكدة ضرورة حل القضايا الأمنية المستمرة في المنطقة وحماية المدنيين.

وقالت نادية عبر «تويتر»: «بعد سنوات من النزوح، يضطر العائدون الجدد -مرة أخرى- إلى الفرار من منازلهم، بسبب الاشتباكات المسلحة الحالية في سنجار».