سمكري بني آدم... كيف تمكن الطبيب المزيف من إيهام 25 فنانًا في مصر بإمكانية علاجهم؟!
فمَنْ هو سمكري بني آدم؟ وما قصته؟ وما أسباب شهرته؟ ومَنْ ضحاياه؟ ولماذا اهتم راود مواقع التواصل الاجتماعي، بخبر إلقاء القبض عليه؟.

«سمكري بني آدم»... طبيب مزيَّـف عالج 25 فنانًا في مصر...!
السياق
تزوير شهادة التخرج، وتغيير المهنة في البطاقة، إلى مختص في العلاج الطبيعي، من الجرائم التي كانت كفيلة بالزج بأحد أشهر أطباء العلاج الطبيعي في مصر، الشهير بلقب «سمكري بني آدم»، في غياهب السجون.
وألقت السُّلطات المصرية، القبض على الشخص المعني وأغلقت مركزه الخاص، بينما قررت النيابة العامة حبسه 15 يومًا على ذمة التحقيق لـ«ممارسته نشاطًا طبيًا من دون مؤهل ولا ترخيص».
فمَنْ هو سمكري بني آدم؟ وما قصته؟ وما أسباب شهرته؟ ومَنْ ضحاياه؟ ولماذا اهتم راود مواقع التواصل الاجتماعي، بخبر إلقاء القبض عليه؟.. «السياق» تجيب عن تلك الأسئلة في هذا التقرير.
بدأت شرارة الوقعة، بعد إعلان إدارة العلاج الحر بوزارة الصحة المصرية، إغلاق مقر للمتهم، افتتحه كمركز علاج طبيعي في منطقة مدينة نصر شرقي القاهرة، حفاظًا على صحة المواطنين، وطالبت النيابة العامة، بالتحري عن هويته وعن ترخيص المكان، وترخيص مزاولة مهنة الطب.
خطوة وزارة الصحة المصرية، جاءت عقب تحذير لفنانة تدعى ساندي، عبر «إنستغرام»، من «سمكري بني آدم» الذي ظهر مؤخرًا في عدد من فيديوهات النجوم، قائلة: «إنه نصاب، عملي إصابة كانت هتعملي شلل رباعي، منه لله يمهل ولا يهمل، وحسبي الله ونعم الوكيل، وده تحذير يا جماعة، مش أي حاجة الفنانين، أو الانفلونسرز، يعلنوا عنها تعملوها أرجوكم».
بيان تحذيري
تصريحات الفنانة ساندي، التي أعقبها قرار وزارة الصحة بإغلاق مقر المتهم، دفع النقابة العامة للعلاج الطبيعي بمصر إلى إصدار بيان، حذَّرت فيه المواطنين، من التعامل مع «سمكري بني آدم» الذي يدعى «يوسف .خ»، لانتحاله صفة اختصاصي العلاج الطبيعي.
وأكدت نقابة العلاج الطبيعي، في بيان اطلعت «السياق» على نسخة منه، أنه بالتعاون مع مباحث الأموال العامة، تبين أن «سمكري بني آدم» زوَّر البطاقة الشخصية، مشيرة إلى أنه غير مسجل لديها في قوائم أطباء النقابة.
نقابة العلاج الطبيعي، طالبت في بيانها المواطنين، بالتأكد من هوية دكتور العلاج الطبيعي ومن ترخيص المكان، وترخيص مزاولة المهنة.
إطاحة «سمكري بني آدم»
بيانات وتصريحات، أعقبها تمكن وزارة الداخلية المصرية، من القبض على «سمكري بني آدم» لتعلن السُّلطات القضائية حبسه 15 يومًا على ذمة التحقيق لـ«ممارسته نشاطًا طبيًا من دون مؤهل ولا ترخيص».
خبر القبض، وحبس صاحب أحد أشهر مراكز العلاج الطبيعي في القاهرة، المعروف بـ«سمكري بني آدم» لقي اهتمامًا كبيرًا من رواد مواقع التواصل الاجتماعي، خاصة بعد تصريحات الفنانين المصريين، ممن كانوا ضحايا الطبيب المزعوم.
وبينما كان إقبال عدد من الفنانين، وتصوير الآخرين معه، وحثهم المواطنين على العلاج عند «سمكري بني آدم»، كانت نهاية الطبيب المزعوم على يد الفنانين، في مفارقة صارخة.
وكشفت وسائل إعلام محلية، أن «سمكري بني آدم»، نال لقبه بسبب طريقته في تقويم العمود الفقري يدويًا، أو ما يعرف بـ«الكيروبراكتيك».
25 فنانًا
من أشهر المترددين إلى «سمكري بني آدم» الفنان أمير كرارة والفنانة ساندي، التي تحدثت عن تجربتها، التي وصفتها بـ«المريرة» مع صاحب المركز، قائلة، إنه «ألزمها بأداء تمارين خاطئة، كادت تصيبها بشلل رباعي، ما جعلها تخضع للعلاج طوال سنتين نتيجة هذه الإصابة».
من جانبه، نفى الفنان أمير كرارة، مشاركته في الدعاية لـ«سمكري بني آدم»، مشيرًا إلى أنه جاء إليه مرة واحدة فقط، عندما رشحه له أحد الأشخاص، لكنه لم يرتح إليه، ولم يتركه يكمل عمله.
ورفض أمير كرارة، في تصريحات متلفزة، إلقاء اللوم على الفنانين، قائلًا: «اللوم على اللي سابوه شغال 3 سنين، لو هو مش دكتور تقفل له العيادة»، مؤكدًا أنه استدعى «سمكري بني آدم»، الذي لم يكن ذلك لقبه حينها، بناءً على الترشيح.
وتابع الفنان المصري: «لأن عندي مشكلة في الفقرات بجرب ناس، وكانت مرة وخلصت، ولما جه يمسك رقبتي رفضت لأنني مرتحتلهوش»، ساخرًا من مصطلح «سمكري بني آدم».
داليا مصطفى
الفنانة المصرية داليا مصطفى، التي ظهرت لها صور مع «سمكري بني آدم» قالت إنها «لم تتوجه إلى مركزه الذي كان يمارس فيه مهنته، لكن جاء برفقة أحد معارفي إلى موقع التصوير، وأخبرنا بأنه يقدم علاجًا طبيعيًا، وبأن لديّ مشكلة في منطقة الظهر».
وأكدت الفنانة داليا مصطفى، في تصريحات متلفزة: «طلب مني سمكري بني آدم حينها، أن يقدِّم لي خدمة لعلاج ظهري، فقلت له أرجوك بلاش (طقطقة الظهر)، وسألته: هل حضرتك متخصص ومعاك شهادة؟ فأجاب قاطعًا وقتها: أكيد متخصص وواخد شهادة من الولايات المتحدة، بس هجيب معايا الشهادة موقع التصوير إزاي؟».
لم تكن داليا مصطفى ولا ساندي ولا كرارة، الضحايا الوحيدين، بل إن 22 فنانًا غيرهم كانوا ضحية «سمكري بني آدم»، وهم: هاجر الشرنوبي، منة فضالي، مي سليم، داليا مصطفى، حمو بيكا، كريم فهمي، هبة مجدي، ريهام عبدالغفور، محمد عبدالرحمن توتا، محمد عز، ماجد المصري، أحمد كامل، حسن الرداد، هاني سعد زوج درة، محمد أنور، أحمد فهمي، المخرج محمد سامي، حارس مرمى الزمالك محمد أبوجبل، محمود العسيلي، شارموفرز، شيكو، ورانيا فريد شوقي».
والد «سمكري بني آدم»
ورغم ذلك، فإن والد «سمكري بني آدم» حاول تبرئة نجله من الاتهامات الموجهة إليه، قائلًا إن نجله «يمتلك سجلًا تجاريًا، وينتظر الترخيص النهائي كمختص في التدليك والتأهيل الرياضي»، مشيرًا إلى أن «نجله يحمل شهادة صادرة من الولايات المتحدة غير معتمدة في مصر، لأن تخصصه غير موجود».
تصريحات والد «سمكري بني آدم» فنَّدها النقيب العام للعلاج الطبيعي سامي سعد، قائلًا، إن تصرفات الطبيب المزيف، تؤكد أنه غير مؤهل لإجراء جلسات علاج طبيعي وطقطقة الرقبة والركبة، وغيرها من الإجراءات الحساسة.
مواقع التواصل
القضية أخذت بُعدًا آخر، بعد تصدُّرها مواقع التواصل الاجتماعي في مصر طوال 72 ساعة، ليتساءل المغرِّدون عمّا وصفوها بـ«فوضى المراكز والشهادات المزوَّرة» في مصر، مطالبين السُّلطات بتفعيل الرقابة، وبتطوير نظام الرخص.
إلا أن آخرين، كشفوا عن شيء أكثر خطورة، مؤكدين جود حالات مماثلة في العيادات والمراكز العمومية، ودعوا السُّلطات الصحية والأمنية إلى شن حملات لتطهير البلاد من تلك «الفوضى»، على حد قولهم.
إجراءات رسمية
كشفت بيانات رسمية، عن تمكن السُّلطات من إغلاق أكثر من 23 مركزًا وهميًا، في الآونة الأخيرة، يديرها أشخاص غير مؤهلين، بينما قالت نقابة العلاج الطبيعي، إنها تتعاون مع الجهات الرسمية، لإلقاء القبض على مَنْ وصفتهم بـ«المحتالين الذين يتهافتون بكثرة على مهنة العلاج الطبي».
العقوبة المنتظرة
كشف محام مصري، يدعى محمد ميزار، في تصريحات لوسائل إعلام محلية، عن العقوبات التي تنتظر «سمكري بني آدم»، مشيرًا إلى أن الطبيب المزيَّف، «زوَّر» في أوراق رسمية، وهي جريمة وفقًا للقانون المصري، عقوبتها الحبس من سنة إلى 10 سنوات.
جريمة أخرى ارتكبها «سمكري بني آدم»، وهي جريمة انتحال لقب طبيب، بحسب ميزار، الذي قال إن تعديلات قانون مزاولة مهنة الطب في مصر، نصت على حزمة عقوبات لمخالفات عدة، منها مزاولة المهنة من دون وجه حق وانتحال الصفة.
وأشار إلى أن المادة 10 من هذا القانون، نصت على أن «يعاقَب بالحبس مدة لا تتجاوز سنتين، وبغرامة لا تزيد على 200 جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل مَنْ زاول مهنة الطب على وجه يخالف أحكام هذا القانون، مع غلق المكان ومصادرة المتعلَّقات المستخدمة في الجريمة».
عقوبات أخرى تنتظر «سمكري بني آدم»، كشف عنها ميزار، قائلًا، إن المادة 336 من قانون العقوبات، نصت على أن «يعاقَب بالحبس مدة لا تتجاوز سنة، ويجوز جعل الجاني في حالة العودة تحت ملاحظة السُّلطات سنة على الأقل، وسنتين على الأكثر، لكل مَنْ توصل إلى الاستيلاء على نقود أو عروض، أو سندات دين أو سندات مخالصة، أو أي متاع منقول، وكان ذلك بالاحتيال لسلب ثروة الغير أو بعضها، إما باستعمال طرق احتيالية، من شأنها إيهام الناس بوجود مشروع كاذب، أو واقعة مزوَّرة أو إحداث الأمل بحصول ربح وهمي».