لماذا تسعى بكين إلى التغلغل في أفغانستان... وما موقف طالبان؟
طالبان: الصين صديقة جديرة بالثقة

ترجمات - السياق
«صديقة جديرة بالثقة»، هكذا وصفت حركة طالبان المسلَّحة، جمهورية الصين الشعبية، مؤكدة أنها ستعمل على السماح لبكين، بالتوسع المستمر في مبادرة الحزام والطريق.
وقال موقع «فوكس نيوز»، في تقرير، إن طالبان والصين عزَّزتا علاقاتهما، حيث وصف مسؤول كبير في الجماعة المتمرِّدة جمهورية الصين الشعبية بأنها «صديقة جديرة بالثقة».
من جانبه، قال نائب مدير مكتب طالبان في العاصمة القطرية الدوحة، عبدالسلام حنفي، إن «الصين كانت صديقة جديرة بالثقة لأفغانستان»، مشيرًا إلى أن طالبان مستعدة لمواصلة تعزيز العلاقات الودية بين أفغانستان والصين، ولن تسمح أبدًا لأي قوة باستخدام الأراضي الأفغانية، لتهديد مصالح الصين.
إجراءات فعالة
وفي محادثة هاتفية، مع مساعد وزير الخارجية الصيني وو جيانغاو، قال مسؤول طالبان إن الجماعة المتمرِّدة «ستتخذ إجراءات فعالة» لحماية المؤسسات الصينية والمقيمين في أفغانستان.
وتفادى وزير الخارجية الصيني وانغ ويبين، أسئلة يوم الجمعة، عمّا إذا كانت الصين ستعترف بطالبان كهيئة حاكمة شرعية في أفغانستان، بعد انهيار البلاد الشهر الماضي، إلا أنه بدلًا من ذلك قال: إن الحكومة الصينية تتابع تطورات الوضع على الأرض، مشيرًا إلى أن السفارة الصينية في أفغانستان تلعب «قناة مهمة للتبادلات بين بكين وكابل وتعمل بشكل طبيعي».
وتسمح شراكة طالبان مع الصين، بالوصول إلى الموارد الطبيعية لأفغانستان مثل النحاس والألمنيوم، بحسب «فوكس نيوز» الذي قال إن أفغانستان دولة غنية بالمعادن، التي قدَّر البعض أنها تحتوي على تريليون دولار من الموارد غير المستغلة.
التنمية والازدهار
وقالت وزارة الخارجية الصينية -في بيان- عقب المكالمة: «التعاون في إطار مبادرة الحزام والطريق، التي أيدتها الصين، يساعد التنمية والازدهار في أفغانستان والمنطقة».
وكرَّر المتحدث باسم طالبان، ذبيح الله مجاهد، خلال مقابلة مع صحيفة «South China Morning Post»، صدى دعم الاستثمار الصيني في أفغانستان، مشيرًا إلى أن «بكين أهم شريك لنا وتمثِّل فرصة أساسية وغير عادية لنا، لأنها مستعدة للاستثمار وإعادة بناء بلدنا».
وقال متحدِّث طالبان: إن الحركة «تهتم كثيرًا بمشروع الحزام والطريق (..) نحن نمتلك مناجم نحاس غنية، سيتم تحديثها بفضل الصينيين»، مشيرًا إلى أن «الصين تمثِّل تذكرتنا إلى الأسواق في جميع أنحاء العالم».
ومن المتوقَّع أن تشكل طالبان حكومة في الأيام المقبلة، رغم أنه لا يزال من غير الواضح، أي الدول ستعترف بها.
وتتعلَّق مصالح الصين في أفغانستان بالاقتصاد والأمن، فمع انسحاب الولايات المتحدة، أصبحت الشركات الصينية في وضع جيد لاستغلال إمكانات التعدين في أفغانستان، بما في ذلك المعادن النادرة، التي تدخل في صناعة الشرائح الدقيقة وغيرها من التقنيات المتطورة.
الاحتياطيات الأفغانية
ويقدِّر الخبراء الأمريكيون الاحتياطيات الأفغانية بتريليون دولا، لكن بحسب الحكومة الأفغانية، قيمتها ثلاثة أضعاف ما قدَّره الخبراء، بينما قالت صحيفة «غلوبال تايمز» الصينية للشؤون الدولية في 24 أغسطس، إن الشركات الصينية لا تزال تدرس المخاطر السياسية والأمنية، فإضافة إلى ذلك، ستعتمد قدرتها على العمل في أفغانستان، على مدى تأثر الأخيرة بأي عقوبات غربية، قد يتم فرضها.
وفي المقابل، تتوق الشركات الصينية الخاصة، إلى الاستفادة من سوق «تفتقر لآلاف الأشياء»، بحسب الصحيفة، التي قالت إنه من منظور استراتيجي، فإنه لدى الحكومة الصينية سبب وجيه، لمزيد من الانخراط في أفغانستان، فالدولة الآسيوية تقع عند مفترق طرق حاسم، لمبادرة الحزام الاقتصادي لطريق الحرير الصيني، التي تتضمَّن التجارة ومشاريع البنية التحتية في إيران وباكستان.
قاعدة للإرهاب
من جانبه، قال جوناثان ماركوس، المحلل الدبلوماسي، المراسل السابق، في تصريحات لـ«بي بي سي»: إن «الصين تشترك في حدود قصيرة مع أفغانستان»، مشيرًا إلى أن الصين التي تضطهد بشكل نشط أقلية الإيغور المسلمة لديها، تشعر بالقلق من احتمال أن يسعى «الإرهابيون» المناهضون لبكين إلى استخدام أفغانستان كقاعدة لهم.
وبحسب صحيفة فورين بوليسي الأمريكية، فإن الدبلوماسي الصيني البارز، جينج شوانغ، قال في خطاب أمام مجلس الأمن: إن الوقت قد حان، لجلب طالبان إلى الصف الدولي، ومحاسبة القوات الأمريكية والقوات الغربية الأخرى، على الجرائم المرتكبة في أفغانستان.
وقال الدبلوماسي الصيني لمجلس الأمن، المكوَّن من 15 دولة، الأسبوع الماضي: «من الضروري أن يتواصل المجتمع الدولي مع طالبان ويقدِّم لهم التوجيه بشكل فعال (..) يجب على المجتمع الدولي تزويد أفغانستان، بالمساعدة التي تمس الحاجة إليها للاقتصاد وسبل العيش والحاجات الإنسانية، من أجل مساعدة السُّلطة الجديدة، في الحفاظ على العمليات الطبيعية للمؤسسات الحاكمة، والنظام العام والاستقرار، والحد من انخفاض قيمة العملة وزيادة الأسعار، والشروع في طريق إعادة الإعمار، في أسرع وقت ممكن».
وقال منير أكرم، سفير باكستان لدى الأمم المتحدة، لمجلة فورين بوليسي: «لم يكن حلاً في إيران، ولم يكن حلاً في كوريا الشمالية، ولن يكون حلاً في أفغانستان»، مشيرًا إلى أن بلاده التي قدَّمت -منذ فترة طويلة- ملاذًا آمنًا لمقاتلي طالبان، تحث القوى الرئيسة، على التعامل مع المنتصرين الجدد من طالبان، ومساعدتهم في إعادة بناء البلاد.
ويأمل المسؤولون الأمريكيون، أن تتعاون الصين وروسيا، اللتان تشتركان في المصالح الأمريكية، في منع أفغانستان من أن تصبح ملاذاً للإرهابيين الدوليين.
ورغم الاختلاف على النهج، أشار المسؤولون الأمريكيون، إلى أن الصين وروسيا لم تعترفا رسميًا بطالبان أثناء عملهما على تشكيل حكومة، كما سمح البلدان مؤخرًا بتمرير قرار لمجلس الأمن الدولي، يعكس أهداف السياسة الأمريكية، بما في ذلك المطالبة بعدم استخدام الأراضي الأفغانية لدعم الإرهاب، ويدعو عُمّال الإغاثة إلى السماح بوصول غير مقيَّد إلى السكان، بحسب «فورين بوليسي».