كاتب أمريكي: لا تصدقوا وعود أوروبا بالضغط على طالبان

مايكل روبين: حتى قبل غزو طالبان لكابل، بدأ العديد من القادة الأوروبيين، يفكرون في العلاقات المستقبلية مع أفغانستان، تحت سيطرة الحركة

كاتب أمريكي: لا تصدقوا وعود أوروبا بالضغط على طالبان

ترجمات - السياق

انتقد مايكل روبين، الباحث بمعهد أمريكان إنتربرايز، موقف الدول الأوروبية من حركة طالبان، بعد سيطرتها على أفغانستان، وقال: "لا ينبغي لأحد أن يعتقد أن القادة الأوروبيين، على استعداد للسماح لحقوق الإنسان، بالوقوف في طريق المصالح التجارية، بصرف النظر عن مدى بغضهم لنظام طالبان".

وأضاف روبين -في مقال بصحيفة واشنطن إجزامنير الأمريكية، إنه حتى قبل غزو طالبان لكابل، بدأ العديد من القادة الأوروبيين، يفكرون في العلاقات المستقبلية مع أفغانستان، تحت سيطرة الحركة.

واستشهد روبين، باقتراح وزير الدفاع البريطاني، بأن تعمل المملكة المتحدة مع طالبان، إذا التزمت بالمعايير الدولية، وأضاف أن لندن ستعيد النظر في تلك العلاقة "إذا تصرَّفوا بطريقة تتعارض بشكل خطير مع حقوق الإنسان".

كما قالت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين: بينما لم يعترف الاتحاد الأوروبي بنظامهم رسميًا، فإنها ستقترح رصد عشرات الملايين من الدولارات كمساعدات إنسانية، بشرط أن تحترم طالبان حقوق الإنسان.

وربط وزير الخارجية الألماني هايكو ماس، المساعدة الألمانية بحقوق الإنسان، إذ قال: "لن نعطي سنتًا آخر إذا سيطرت طالبان على البلاد وحكمت بالشريعة".

 

المصالح التجارية أولًا

وقال روبين: لا ينبغي لأحد أن يعتقد أن القادة الأوروبيين، على استعداد للسماح لحقوق الإنسان، بالوقوف في طريق المصالح التجارية، بصرف النظر عن مدى بغضهم لنظام طالبان.

مشيراً إلى أنه، عندما كان كلاوس كينكل وزير خارجية ألمانيا، منذ ما يقرب من ثلاثة عقود، وعد بربط السياسة الخارجية الألمانية بحقوق الإنسان، إلا أنه لم يمض وقت طويل، وقد وافق الاتحاد الأوروبي على "الحوار النقدي" الذي اقترحته ألمانيا مع إيران.

ولتوضيح ذلك التباين، قال إن الحكومات الأوروبية تتجاهل احترام إيران لحقوق الإنسان أمام حجم التجارة"، مستشهدًا بما فعله المفوض الأوروبي هانز فان دن بروك، مع الكاتب الهندي البريطاني سلمان رشدي قبل عقود، إذ إنه التقاه ليؤكد له أن إيران ألغت الفتوى الداعية إلى قتله، إلا أن ذلك لم يحدث.

في المقابل، لجأ القادة الإيرانيون إلى إجراءات عدة، لاختبار مدى صدق الألمان بشأن ربط التجارة بحقوق الإنسان، إذ احتجزوا العديد من الألمان كرهائن، فكانت النتيجة، أنه بدلاً من التراجع عن اتفاقات التجارة، زاد القادة الألمان هذه الاتفاقات.

وقال روبين إنه في غضون ثلاث سنوات، زادت الصادرات الألمانية لإيران إلى 1.4 مليار دولار، أي أكثر من ضعف حجم مشاركة أي دولة أخرى في السوق الإيرانية، ولم تكن ألمانيا وحدها، لأنه بحلول عام 1996، وصلت العلاقات التجارية، بين الاتحاد الأوروبي وإيران، إلى 29 مليار دولار.

وكشف روبين، أن العلاقات الأوروبية الإيرانية استمرت حتى عندما علَّق القادة الأوروبيون العلاقات الدبلوماسية، وأضاف: "عندما هدَّدت قوات الأمن الإيرانية، باجتياح السفارة الألمانية في طهران، استمرت التجارة ولم تتأثَّر بذلك".

كما أرسل رئيس الوزراء الإيطالي، رومانو برودي، وفداً تجارياً إلى طهران، يعد بتقديم 3 مليارات دولار كائتمانات، وفي العام نفسه، وقَّعت شركة النفط الفرنسية توتال اتفاقية بملياري دولار، لتطوير حقول النفط الإيرانية.

 

أين الإرهاب؟

ولتأكيد مبدأ التجارة أولًا، تغاضت أوروبا عن عدد من العمليات الإرهابية التي نفَّذتها طهران، بينها إنكار وزارة الخارجية الفرنسية ببساطة وجود أي دليل على رعاية إيران للإرهاب، بعد تحرير رهائن فرنسيين احتُجزوا في طهران، خلال تسعينيات القرن الماضي.

وقال المتحدِّث باسم وزارة الخارجية الفرنسية، إيف دوتريو، خلال مقابلة تلفزيونية في أغسطس 1996: "لا يوجد دليل على الإرهاب".

وخلال هجوم إيران عام 1994 أيضًا على مركز الجالية اليهودية في بوينس آيرس، ودعمها الموثَّق لحزب الله وحماس، وقيامها بسلسلة اغتيالات لمعارضين إيرانيين في أوروبا، كل هذه المضايقات تجاهلتها أوروبا، خوفًا من أي قرار قد يؤثِّر في العلاقات التجارية، حسب قول الكاتب.

ويضيف روبين: خلال هذه الفترة نفسها، ازداد الاضطهاد الإيراني للأقليات الدينية، ورفضت طهران السماح لمقرِّر الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، بالقيام بدوره داخل الجمهورية الإسلامية، بينما استمر وزير الخارجية الألماني، في احتفائه الشديد بالنظام الإيراني، مرارًا وتكرارًا.

وقال روبين: "ببساطة، بينما كان القادة الأوروبيون يستمتعون بسُمعة أخذ حقوق الإنسان على محمل الجد، فإنهم يتخلون عن أي تظاهر بالاهتمام بحقوق الإنسان، عندما يتعلَّق الأمر بإبرام العقود مع الإيرانيين".

وأضاف: "الكل يبغضون طالبان، لكن من المحتمل أن تكون هناك أرباح بمليارات الدولارات، لأولئك الذين يسعون إلى استغلال الموارد الطبيعية لأفغانستان، أو بناء خطوط أنابيب عبر أراضيها، ومن ثم كل ما عليهم فِعله، هو غض الطرف عن انتهاكات الحركة"، وتابع: "لا تفاجأوا إذا كانت الدول الأوروبية هي الأولى في الصف".