هل ترضخ أوروبا للضغوط المغربية بشأن قضية الصحراء الغربية؟

فايننشال تايمز: الغاز... سلاح المغرب لترويض أوروبا في الصحراء الغربية

هل ترضخ أوروبا للضغوط المغربية بشأن قضية الصحراء الغربية؟

ترجمات - السياق

تستعد محكمة العدل الأوروبية، لحسم نزاع تمديد اتفاقية الشراكة التجارية، بين الاتحاد الأوروبي والمغرب، بشأن الصحراء الغربية، إذ تطعن جبهة البوليساريو -المدعومة من الجزائر- في اتفاقيات بين الاتحاد الأوروبي والمغرب، تتيح للرباط تصدير منتجات من داخل الإقليم المتنازع عليه، بحسب صحيفة فايننشال تايمز البريطانية.

وتعود القضية الاقتصادية، إلى منح المغرب، حقوق الصيد في مياه الصحراء الغربية، للدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي.

لكن يبدو أن محكمة العدل الأوروبية، اقتربت من إصدار حُكم أولي، في القضية التي تعود إلى عامين.

وفي يناير 2021، قال متحدِّث باسم المحكمة، إن إصدار الحُكم ربما يستغرق أشهرًا عدة، بينما يقول بعض المتابعين للقضية، إنها قد تُحسم في سبتمبر المقبل.

وكان حُكم قد صدر لصالح جبهة البوليساريو، عندما قضت محكمة العدل الأوروبية، أن اتفاق التجارة الحرة بين المغرب وشريكها التجاري الرئيس الاتحاد الأوروبي، لا يمكن تطبيقه في الصحراء الغربية.

 

موقف أمريكا

وذكرت "فايننشال تايمز" -في تقرير- أن الحُكم المنتظر، يهم قطاعاً كبيراً من الوكلاء الأمريكيين في سوق الغاز، بآسيا الوسطى، إذ إنهم يرون أن "المكسب الحقيقي، يكمن في وجود خطوط أنابيب غاز متعدِّدة عبر المغرب، لذلك حاولوا مرارًا تمويل وبناء طرق، بعيدًا عن الأراضي الروسية، لنقل الفحم والغاز الطبيعي، إلى أوروبا، وتلك مكلفة جدًا، لذلك قد تنتهي هذه المكاسب قريبًا، حال لم يتم الحُكم لصالح المغرب، وبذلك يتوقَّف مد الغاز إلى إسبانيا".

وقال التقرير، إنه ربما لأجل هذه الغاية -وصول الغاز عبر المغرب لأوروبا بعيدًا عن قبضة روسيا- اعترفت إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، في ديسمبر 2020، بسيادة المغرب على الصحراء الغربية، لكن حينما تولى الرئيس الحالي جو بايدن الحُكم في الولايات المتحدة، انتاب إدارته بعض التردُّد، في ما يخص موقف ترامب من الصحراء الغربية.

واعتبر التقرير، أن هذا الاعتراف الأمريكي، كان له تأثير كبير، بتشجيع المغرب على تأكيد سيادتها على منطقة الصحراء، واستمرار ضخ الغاز إلى إسبانيا.

لكن إذا أعلنت محكمة العدل الأوروبية، اعترافها بجبهة البوليساريو، كممثِّلين شرعيين لشعب الصحراء الغربية، وقتها ربما تصدر المغرب ردًا قوياً.

يشار إلى أن النزاع بين المغرب وجبهة البوليساريو، على إقليم الصحراء، بدأ عام 1975، بعد إنهاء الاحتلال الإسباني وجوده في المنطقة، ليتحوَّل الخلاف إلى نزاع مسلَّح، استمر حتى عام 1991.

وتدعو جبهة البوليساريو، إلى تنظيم استفتاء لتقرير مصير الصحراء الغربية، في حين يصر المغرب من جانبه، على منح المنطقة حُكماً ذاتياً تحت سيادته.

 

عقاب مغربي

ذكر التقرير، أن المغرب لديها طُرقًا خاصة، يمكن من خلالها أن تظهر للاتحاد الأوروبي، وإسبانيا على وجه الخصوص، مدى استيائها من قرار مثل هذا، في إشارة إلى قرار المحكمة، حال صدوره لصالح البوليساريو.

إذ تستورد إسبانيا نسبة كبيرة من حاجاتها من الغاز الطبيعي من الجزائر، يأتي هذا الغاز عبر خطي أنابيب، أحدهما يمر عبر الماء مباشرة إلى إسبانيا، بينما يمر خط الأنابيب المغاربي الأوروبي الآخر عبر الأراضي المغربية، قبل عبور مضيق جبل طارق، للربط بشبكات الغاز الإسبانية والبرتغالية.

وأشار التقرير، إلى أن "الانتقام المغربي" -في حال الحُكم لصالح البوليساريو- قد يتمثَّل في وقف هذا الخط، خصوصًا أن اتفاقية حق المرور لخط الأنابيب هذا، تنتهي في أكتوبر المقبل، أي بعد شهر تقريبًا من قرار المحكمة الأوروبية، لذلك يمكن للمغاربة الانتقام، من خلال رفض تمديد العقد.

يشار إلى أن ملك المغرب، كان قد أوقف المفاوضات، لتجديد خط الغاز مع إسبانيا.

بالنسبة لإسبانيا، ربما من حُسن حظها، أن لها استثمارات كبيرة في مرافق موانئ الغاز الطبيعي المسال، لذلك يمكنها فقط استيراد الغاز الجزائري نفسه، حتى إذا كان بتكلفة أعلى، إلا أن ذلك يواجه مشكلة أخرى، إذ إنه اعتبارًا من منتصف يونيو الماضي، أدى عطل فني في منشأة تصدير الغاز الطبيعي المسال، في ميناء سكيكدة الجزائرية، إلى إغلاق المنشأة، وربما يستمر الأمر فترة طويلة، بحسب تقرير "فايننشال تايمز".

وبالنظر إلى أن إسبانيا جزء من أوروبا، من المؤكد أنه ستكون هناك خطوط أنابيب كافية مع فرنسا، لتعويض أي نقص في الإمدادات الجزائرية.

لكن "ربما لا تأتي الرياح بما تشتهي السفن"، إذ إنه بالفِعل كانت هناك خُطط لاتصالات غاز إضافية مع شمال أوروبا، لكنها واجهت معارضة من حكومات هذه الدول، وفقاً للتقرير.

 

محاصرة إسبانيا

أكد التقرير، أن إسبانيا "في وضع صعب"، خصوصًا مع تباطؤ الروس في إرسال صادرات الغاز عبر شبكة خطوط الأنابيب الأوكرانية إلى أوروبا، ما حدا بأسعار الغاز الطبيعي، عند نقاط الاستيراد الأوروبية، إلى تسجيل ارتفاع، وهو ما اضطر المستوردين الآسيويين -المتعطشين للغاز- إلى عرض عطاءات لشحنات الغاز الطبيعي المسال.

كل ذلك يعني أن إسبانيا، قد تضطر إلى استيراد الغاز الطبيعي المسال، الذي تم شراؤه من السوق الفورية هذا الخريف، لإبقاء أنوارها ومواقدها مضاءة، خلال الشتاء.

قد يكون فارق الأسعار، الذي ينتج عن ذلك مرتفعًا، بما يكفي لإعادة محطات الطاقة الأوروبية، التي تعمل بالفحم إلى العمل، حتى مع عبء تكاليف الكربون، إذ إن أوروبا اتخذت خطوات نحو الابتعاد عن انبعاثات الكربون المضرة للبيئة.

لكن الأمر قد يصبح أكثر صعوبة إذا قرَّر المغرب -من جانب واحد- السماح لمزيد من المهاجرين، بالمرور عبر حدوده، في طريقهم إلى أوروبا.

كما يمكن للمغرب أيضًا، أن يقرِّر إلغاء تصاريح سفن الصيد التابعة للاتحاد الأوروبي، بالعمل في مياهه الإقليمية.

وقال التقرير: "نهاية المطاف، قد يستأنف الاتحاد الأوروبي ضد أي حُكم يصدر عن محكمة العدل لصالح البوليساريو، حتى لا يخسر حاجاته من الغاز الذي يأتيه عبر المغرب، وحتى لا يضطر إلى دفع فاتورة أكبر، في استيراد الغاز الطبيعي والفحم، لكن الاستئناف قد يؤجِّل القضية عامًا واحدًا فقط".