الغاز المصري للبنان.. وزراء الدول الأربع يقرون الخطة النهائية
يشهد لبنان منذ أشهر شحاً في المحروقات، انعكس على مختلف القطاعات من مستشفيات وأفران واتصالات ومواد غذائية، وأدى إلى فرار دبلوماسيين من البلد العربي، على وقع أزمة اقتصادية صنَّفها البنك الدولي من الأسوأ في العالم منذ عام 1850.

السياق
اتفاق على إيصال الغاز الطبيعي المصري إلى الجمهورية اللبنانية عبر الأردن وسوريا، وتقديم خطة عمل وجدول زمني لتنفيذ ذلك، كان الحلقة الأحدث لمحاولة حل أزمة الطاقة والكهرباء في لبنان، التي استفحلت خلال الأشهر الماضية.
وقالت وكالة الأنباء الأردنية «بترا»، إن المملكة الأردنية الهاشمية استضافت الأربعاء، الاجتماع الوزاري لدول خط الغاز العربي (مصر والأردن وسوريا ولبنان)، مشيرة إلى أن البلدان الأربعة توافقت على إيصال الغاز الطبيعي المصري إلى الجمهورية اللبنانية عبر الأردن وسوريا، من خلال خطة عمل وجدول زمني لتنفيذ ذلك.
الاجتماع حضرته وزيرة الطاقة والثروة المعدنية هالة زواتي، وكذلك ووزير البترول والثروة المعدنية المصري طارق الملا ووزير النفط والثروة المعدنية السوري بسام طعمة ووزير الطاقة والمياه اللبناني الدكتور ريمون غجر.
جهود أردنية
من جانبها، قالت وزيرة الطاقة الأردنية زواتي، إن الاجتماع يهدف إلى التعاون في مجال إعادة تصدير الغاز الطبيعي المصري للجمهورية اللبنانية، عبر الأراضي الأردنية والسورية، من خلال خط الغاز العربي، مشيرة إلى أن الأردن سيبذل كل جهد لمساعدة اللبنانيين في الخروج من محنة الطاقة.
وأكدت المسؤولة الأردنية، أن الاجتماع يأتي إيمانًا بأن التعاون بين دول خط الغاز العربي، سيكون خطوة فعالة ومؤثرة في دعم المشاريع الاستراتيجية وتعزيز المصالح المشتركة، التي من تنعكس إيجاباً على التنمية الاقتصادية والاجتماعية في هذه الدول.
كما أكدت أهمية الاجتماع في إطار التعاون المشترك بين دول خط الغاز العربي، والعلاقات التي تجمعهم واستمرار التعاون في مجال قطاع الطاقة بشكل عام، والغاز الطبيعي بشكل خاص.
زواتي أشارت إلى اجتماعات فنية عُقدت على هامش الاجتماع الوزاري، تدارس خلالها الوزراء المعنيون، جاهزية البنية التحتية اللازمة لنقل الغاز الطبيعي في كل دولة من الدول الأربع والمتطلبات الفنية اللازمة، والاتفاق على تقديم خطة عمل واضحة وجدول زمني، لإيصال الغاز الطبيعي المصري إلى لبنان، على أن ينهي الفريق المشكّل أعماله في مدة محددة، وأن ترفع النتائج لاعتمادها بتوافق الأطراف والعمل بمضمونها بأسرع وقت.
خطة عمل
وعن تصدير الكهرباء الأردنية إلى لبنان، أكدت الوزيرة زواتي، أنه سيعقد اجتماع آخر قريبًا، لوضع خطة عمل من أجل إعداد الاتفاقيات وتقييم البنية التحتية، بخصوص تصدير الكهرباء للبنان.
من جانبه، قال وزير البترول والثروة المعدنية المصري المهندس طارق الملا، إن العاصمة المصرية القاهرة، تعمل انطلاقًا من دورها تجاه الأشقاء العرب، في تسخير جميع الإمكانات لمد يد العون للشعب اللبناني والتكاتف معه، وتضافر الجهود لتجاوز محنة أزمة الطاقة والتحديات التي يواجهها لبنان.
وأوضح الوزير المصري، أن بلاده تعمل على سرعة التنسيق لوصول الغاز الطبيعي المصري إلى لبنان عبر الأردن وسوريا، للتخفيف عن كاهل الشعب اللبناني، والمساهمة في دعمه واستقراره.
المشروع الأهم
بدوره، قال وزير النفط والثروة المعدنية السوري بسام طعمة، إن مشروع خط الغاز العربي، من أهم مشاريع التعاون العربي المشترك، الذي تجسّد على الأرض منذ عام 2003، مشيرًا إلى أن سوريا ولبنان ومصر هي الدول الأساسية في مذكرة التفاهم الموقعة عام 2000، التي انضمت إليها الأردن عام 2001.
وأوضح الوزير السوري، أن زيارة أجريت إلى الأردن في يونيو الماضي، تم الاتفاق خلالها على تشكيل لجان فنية في مجال الغاز والكهرباء.
وتعهد طعمة، ببذل كل جهد ممكن، من أجل إنجاح نقل الغاز المصري أو الكهرباء الأردنية إلى لبنان، لما فيه خير ومصلحة البلدان العربية، مشيرًا إلى أن بلاده أبلغت الجانب اللبناني بموافقتها على نقل الغاز المصري والكهرباء الأردنية إلى لبنان عبر سوريا، خلال زيارة الوفد اللبناني إلى دمشق السبت الماضي.
برنامج زمني
وأكد الوزير طعمة، أنه ستتم متابعة تنفيذ البرنامج الفني والزمني، الذي توصلت إليه الأطراف المعنية، من خلال الاجتماعات الفنية ضمن الأراضي السورية، بحيث تكون البنى التحتية جاهزة لاستقبال الغاز المصري وتسليمه إلى لبنان.
وزير الطاقة والمياه اللبناني الدكتور ريمون غجر، أعرب عن شكره للأردن ومصر وسوريا، على مبادرة إعادة إحياء الاتفاقية الرباعية لنقل الغاز المصري إلى لبنان، عبر الأردن وسوريا.
تعاون رباعي
وأكد المسؤول اللبناني، أن المبادرة ما كان لها أن تحدث لولا التعاون بين الدول الأربع، بمواكبة لصيقة من البنك الدولي، في هذا الوقت الذي وصفه بـ«العصيب» الذي يمر به لبنان، ليؤمّن الغطاء أو المظلة المالية ليستطيع لبنان توقيع هذه الاتفاقية، خصوصاً أن الفرق الفنية التي شكلت في هذا الاجتماع الرباعي، ستدرس الاتفاقية من جوانبها التقنية والإدارية والفنية والمالية، كي تكون متوازنة لكل الدول.
وقال وزير الطاقة اللبناني، إن هذا التعاون سيؤدي لإعادة إحياء اتفاقية أخرى، لنقل الطاقة الكهربائية من الأردن، التي من الممكن أن تكون أسعارها منخفضة، مقارنة بأسعار توليد الطاقة في لبنان، مشيرًا إلى أن بيروت تطمح في تنفيذ الجدول الزمني المحدد بالسرعة المطلوبة، كي تستفيد من الغاز المصري في تغذية معمل دير عمار وقدرته نحو 450 ميغاواط، ويؤمّن أكثر من 4 ساعات تغذية بالطاقة الكهربائية للبنانيين.
الوزراء أكدوا أن كل دولة ستتحمل تكلفة إصلاح الشبكة داخل أراضيها، قائلين: «خلال ثلاثة أسابيع سنكون جاهزين لمراجعة الاتفاقيات وتقييم البنية التحتية».
الخط العربي
خط الغاز العربي نفِّذ على ثلاث مراحل، الأولى من العريش إلى العقبة بطول 265 كم وقطر 36 بوصة وقدرة 10 مليارات م3 في السنة، بحسب وكالة الأنباء الأردنية، التي قالت إن توريد الغاز الطبيعي من مصر إلى الأردن بدأ بموجب هذه المرحلة في 27/7/2003.
أما المرحلة الثانية فقد امتدت من العقبة إلى منطقة رحاب شمالي الأردن بطول 393 كم، وتم تزويد الغاز لمحطات توليد الكهرباء شمالي المملكة في فبراير 2006، في حين تم استكمال المرحلة الثانية لخط الغاز العربي من رحاب حتى الحدود الأردنية السورية بطول 30 كم وقطر 36 بوصة في مارس 2008.
وتم الانتهاء من تنفيذ الجزء الجنوبي من المرحلة الثالثة لخط الغاز العربي داخل الأراضي السورية، الممتدة من الحدود الأردنية السورية إلى مدينة حمص بطول 320 كم وقطر 36 بوصة، وتشغيلها في يوليو 2008، وتم البدء بتصدير الغاز الطبيعي المصري إلى لبنان عبر الأردن في نوفمبر 2009، إلى أن توقف عام 2011.
المحور الإيراني
وفي محاولة من واشنطن، لإبعاد لبنان عن المحور الإيراني، أعلنت الرئاسة اللبنانية الشهر الماضي، موافقة واشنطن على مساعدة لبنان لنقل الطاقة الكهربائية والغاز من مصر والأردن مروراً بسوريا فلبنان، ما يعني موافقة واشنطن على استثناء لبنان من العقوبات المفروضة على سوريا، التي تحظر إجراء أي تعاملات مالية أو تجارية معها.
ويشهد لبنان منذ أشهر شحاً في المحروقات، انعكس على مختلف القطاعات من مستشفيات وأفران واتصالات ومواد غذائية، وأدى إلى فرار دبلوماسيين من البلد العربي، على وقع أزمة اقتصادية صنَّفها البنك الدولي من الأسوأ في العالم منذ عام 1850.
ونتيجة تلك الأزمة، تراجعت قدرة مؤسسة الكهرباء على توفير التغذية لكل المناطق، ما أدى إلى رفع ساعات التقنين لتتجاوز 22 ساعة يومياً، في الوقت الذي لم تعد فيه المولدات الخاصة قادرة على تأمين المازوت اللازم لتغطية ساعات انقطاع الكهرباء.
معاناة يومية
ويقف المواطنون يومياً ساعات طويلة أمام محطات الوقود لتعبئة خزانات سياراتهم، بينما حذرت المستشفيات مراراً من نفاد المحروقات ومخاطره على حياة المرضى.
وفقدت الليرة اللبنانية خلال عامين، أكثر من 90% من قيمتها أمام الدولار، بينما أكدت الأمم المتحدة أن 78% من السكان يعيشون في الفقر.
وحذَّرت الأمم المتحدة، من أن أربعة ملايين شخص –نحو ثلثي سكان لبنان- قد يفقدون الوصول إلى إمدادات المياه في الأيام المقبلة، مع انقطاع التيار الكهربائي عن محطات الضخ.