أحد الوزراء ثمن رأسه 5 ملايين دولار... من هم وزراء طالبان الجدد؟
وبينما أكد المتحدِّث باسم طالبان، ذبيح الله مجاهد، عند إعلانه تشكيل الحكومة، أن التعيينات مؤقتة، لم يذكر كم من الوقت سيخدمون؟ وما الذي سيكون حافزًا للتغيير؟ إلا أن الحركة المسلَّحة -منذ توليها السيطرة على أفغانستان منتصف أغسطس الماضي- بعد انسحاب القوات الأمريكية، لم تُظهر أي مؤشرات على أنها ستجري انتخابات.

السياق
حكومة مكدَّسة بالمحاربين القدامى، في حُكمهم المتشدد من التسعينيات، والمعركة التي استمرت 20 عامًا ضد التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة، كان عنوان الحكومة المؤقتة التي أعلنتها حركة طالبان، في محاولة لكسب الدعم الدولي.
إلا أن معظم التشكيلة الحكومية، التي تتحدر أغلبيتها من مجموعة عِرقية البشتون المهيمنة في أفغانستان، وافتقار مجلس الوزراء لتمثيل الجماعات العرقية الأخرى، سيعيق دعمها من الخارج.
وبينما أكد المتحدِّث باسم طالبان، ذبيح الله مجاهد، عند إعلانه تشكيل الحكومة، أن التعيينات مؤقتة، لم يذكر كم من الوقت سيخدمون؟ وما الذي سيكون حافزًا للتغيير؟ إلا أن الحركة المسلَّحة -منذ توليها السيطرة على أفغانستان منتصف أغسطس الماضي- بعد انسحاب القوات الأمريكية، لم تُظهر أي مؤشرات على أنها ستجري انتخابات.
مَنْ هم الوزراء الجدد؟
عيَّـنت حركة طالبان، في المنصب الرئيس لوزير الداخلية سراج الدين حقاني، المدرج على قائمة المطلوبين لدى مكتب التحقيقات الفيدرالي، مع مكافأة قدرها 5 ملايين دولار ثمنًا لرأسه، بينما يعتقد أنه لا يزال يحتجز رهينة أمريكية واحدة على الأقل.
وبحسب «أسوشيتيد برس»، فإن واشنطن تعد شبكة حقاني، التي أسسها والده، إرهابية، ومسؤولة عن العديد من الهجمات المميتة وعمليات الخطف، وواحدة من أخطر الفصائل التي قاتلت القوات الأمريكية وقوات حلف شمال الأطلسي خلال الـ20 عامًا الماضية.
وكان مكتب التحقيقات الفيدرالي، أعلن عبر موقعه الإلكتروني، عن مكافأة قدرها 5 ملايين دولار، لمَنْ يدلي بمعلومات تفيد بمكان حقاني، المطلوب للاستجواب على ذمة قضية تتعلَّق بهجوم وقع في يناير 2008 بالعاصمة الأفغانية كابل، أسفر عن مقتل 6 أشخاص، بينهم أمريكي.
وبحسب الوكالة الأمريكية، فإن حقاني متورِّط بهجمات استهدفت القوات الأمريكية وقوات التحالف في أفغانستان، إضافة لاتهامه بالتخطيط لمحاولة اغتيال الرئيس الأفغاني السابق، حامد كرازي عام 2008.
واتهمت شبكة حقاني، التي تعرف بقربها من تنظيم القاعدة وتنفيذ عمليات انتحارية عدة، باغتيال مسؤولين أفغان بارزين، واحتجاز غربيين رهائن، قبل الإفراج عنهم مقابل فدية، أو سجناء مثل الجندي الأمريكي بو برغدال، الذي أطلق سراحه عام 2014 مقابل 5 معتقلين أفغان من سجن جوانتانامو.
ويعرف عن مقاتلي حقاني، استقلاليتهم ومهاراتهم القتالية وتجارتهم المربحة، فهم مسؤولون عن عمليات طالبان في المناطق الجبلية شرقي أفغانستان، أما أنس الشقيق الأصغر لسراج الدين، فقد أمضى عقوبة بالسجن، وأجرى مؤخرًا محادثات مع كرزاي، ونائب الرئيس السابق عبدالله عبدالله، في أعقاب سقوط كابل.
رئيس الحكومة
ترأس رئيس الوزراء المؤقت، الملا حسن أخوند حكومة طالبان في كابل، خلال السنوات الأخيرة من حُكمها، وسيكون الملا عبدالغني بردار، الذي قاد المحادثات مع الولايات المتحدة ووقَّع الاتفاق الذي أدى إلى الانسحاب، أحد نائبي أخوند.
بينما تم تعيين عبدالسلام حنفي، وهو أوزبكي، نائباً ثانياً لحسن أخوند، وهو عضو قديم في حركة طالبان، ومن غير المرجَّح أن يلبي مطالب الشمول وتمثيل الأقليات.
وزير الخارجية
وسيكون وزير الخارجية الجديد أمير خان متقي، وهو شخصية بارزة أخرى من آخر مرة تولَّت فيها طالبان السُّلطة، بينما أكدت «أسوشيتيد برس»، أنه سيواجه مهمة صعبة، بالنظر إلى افتقار مجلس الوزراء للتنوع.
إلى جانب حقاني كرئيس للشرطة، ذهب المنصب الأمني الأعلى الآخر لوزير الدفاع إلى الملا محمد يعقوب، نجل مؤسس حركة طالبان، القريب من الشخصية الأسطورية الملا محمد عمر.
وزير الدفاع
الملا يعقوب، الذي سعى إلى خلافة والده الملا محمد عمر عام 2015، خرج غاضبا من اجتماع لمجلس الحركة، الذي عين الملا أختر منصور زعيمًا، لكنه تصالح مع القيادة وعُيِّـن نائبا لأخوند زاده بعد وفاة منصور.
وتقول الوكالة، إن الملا ما زال في العقد الرابع من عمره، وليست لديه الخبرة القتالية الطويلة، التي تميِّـز القادة الميدانيين البارزين في الحركة، مشيرة إلى أنه كان بين زعماء الحركة الذين ضغطوا لتنفيذ الحملة العسكرية على المدن، في الأسابيع التي سبقت سقوط كابل.
وبحسب «أسوشيتيد برس»، فإن اختيار مجلس الوزراء تحدى الأصوات العديدة، التي حثَّت على الشمولية والاعتدال، إلا أنه بدلاً من ذلك، بدا الأمر وكأنه انحناء لعشرات الآلاف من مقاتلي طالبان، الذين كانوا سيكافحون لقبول أرقام من الحكومات السابقة، التي يرون أنها فاسدة ويعتقدون أنهم مطالبون بإطاحتها.
الشريعة الإسلامية
طالب بيان منسوب إلى زعيم الحركة، مولوي هبة الله آخوندزاده، الحكومة باحترام "الشريعة الإسلامية"، مؤكدًا أن حركة طالبان تريد «علاقات قوية وصحية مع جيراننا وجميع الدول الأخرى على أساس الاحترام المتبادل والتفاعل».
وأعلن زعيم الحركة، أن طالبان ستحترم، القوانين والمعاهدات الدولية "التي لا تتعارض مع الشريعة الإسلامية والقيم الوطنية للبلاد".
ولم يُرَ هبة الله آخوندزاده علنًا، ويبدو أن هذه هي الرسالة الأولى، التي تأتي منه منذ سيطرة طالبان على البلاد الشهر الماضي.
وقال المتحدِّث باسم الحركة، ذبيح الله مجاهد: "نعلم أن شعب بلادنا كان ينتظر تشكيل حكومة جديدة"، مضيفًا أن الحركة لبَّت احتياجات الناس.
حكومة شاملة
وردًا على سؤال عن عدم تسمية أي امرأة ضمن الحكومة الموقتة، قال أحمد الله واثق، عضو اللجنة الثقافية لطالبان: إن تشكيل الحكومة لم يتم الانتهاء منه،
وكانت طالبان قالت إنها تريد تشكيل حكومة شاملة، إلا أنه مع ذلك، فإن جميع الوزراء الذين أعلن عنهم الثلاثاء، هم بالفِعل قادة طالبان المعروفون.
ويقول المحلل والمؤلف فضل من الله قزيزاي، الذي كتب على نطاق واسع عن طالبان: إن المقاتلين قدَّموا التضحيات، مشيرًا إلى أنهم صُنّاع القرار وليسوا السياسيين.
إلا أن حركة طالبان كشفت -في بيان صادر عنها الأربعاء- أن تشكيل الحكومة، جاء من أجل السيطرة على الأوضاع وتسيير الشؤون التنفيذية، مشيرًا إلى أن الحكومة الجديدة ستباشر مهامها عاجلاً.
تنوع في الصفوف
وتقول الوكالة الأمريكية: مع وجود حكومة يهيمن عليها البشتون العِرقيون، يبدو أن القوة القتالية لطالبان قد حقَّقت بالفِعل بعض التنوع، مع تعزيز صفوفها بشكل كبير من الطاجيك والأوزبك، مشيرة إلى أن ذلك التنوع منح طالبان انتصارًا مفاجئًا في مقاطعة بدخشان، التي يغلب عليها الطابع الطاجيكي، والتي اجتاحوها بالكاد بقتال.
وفي مظاهرة الثلاثاء التي تم تفريقها بالنيران، تجمع المتظاهرون خارج السفارة الباكستانية، لاتهام إسلام أباد بمساعدة هجوم طالبان على مقاطعة بنجشير الشمالية، بعد أن قالت حركة طالبان إنها استولت على الإقليم -آخر مقاطعة لم تكن تحت سيطرتها- بعد تقدُّم خاطف عبر أفغانستان الشهر الماضي.
واتهمت الحكومة الأفغانية السابقة -بشكل روتيني- باكستان المجاورة بمساعدة طالبان، وهي تهمة نفتها إسلام أباد.
وكان من بين المتظاهرين عشرات النساء، وحمل بعضهن لافتات تتحسر على مقتل أبنائهن على يد مقاتلي طالبان، قالوا إنهم تلقوا مساعدة من باكستان. وكُتب على إحدى اللافتات: "أنا أم، عندما تقتل ابني، فإنك تقتل جزءًا مني ".
تحرُّك قاسٍ
حركة طالبان تحركت بسرعة وقسوة، لإنهاء الاحتجاج مع وصول المتظاهرين قرب القصر الرئاسي، وأطلقت قواتها نيران أسلحتهم في الهواء واعتقلوا صحفيين كانوا يغطون المظاهرة.
وفي إحدى المرات، أخذ عضو من طالبان يزيح ببندقية كلاشينكوف ميكروفونًا من أحد الصحفيين وبدأ يضربه به، وفي وقت لاحق، تم تقييد يدي الصحفي واحتجازه ساعات.
وقال الصحفي لوكالة أسوشيتيد برس، بشرط عدم الكشف عن هويته لأنه يخشى الانتقام: «هذه هي المرة الثالثة التي أتعرَّض فيها للضرب من طالبان أثناء تغطيتي للاحتجاجات (..) لن أعود مرة أخرى لتغطية مظاهرة... إنه صعب للغاية بالنسبة لي».
ويوم السبت، أطلقت قوات طالبان الخاصة، التي ترتدي ملابس مموهة أسلحتها في الهواء، لإنهاء مسيرة احتجاجية في كابل، نظمتها نساء يطالبن بحقوق متساوية.
وقالت مصادر داخل أفغانستان: إن بعض مقاتلي طالبان كانوا يبحثون عن أشخاص وعدوا بالسماح لهم بالمغادرة بسلام، بينهم اثنان من كبار مسؤولي الشرطة، لكنهما وجدا مقتولين.