بنجشير وداعش خراسان أكبر مهدِّد.. هل تنجح طالبان في تشكيل حكومة شاملة؟
أوضح خبير في شؤون الجماعات الإرهابية، أن داعش ستظل التحدي الأكبر لحركة طالبان، وهو ما بدا واضحًا في التفجيرات التي حدثت خارج مطار كابل، التي أسفرت عن مقتل 13 جنديًا أمريكيًا و170 مدنيًا

السياق
تتسارع وتيرة الأحداث في أفغانستان، خصوصا بعد إتمام الولايات المتحدة الأمريكية انسحابها، عقب إجلاء ما يزيد على 120 ألف شخص، بحسب وزير خارجيتها أنتوني بلينكن، وهو ما يطرح تساؤلات عن قدرة طالبان على إتمام تشكيل الحكومة وقيادة عملية سياسية في البلاد.
لكن ما بدا على الأرض ينفي ذلك، إذ أعلنت حركة طالبان، بعد ساعات من الانسحاب، مقتل 8 من قواتها في اشتباكات مع قوات أحمد مسعود في إقليم بنجشير شمالي كابل، وهو الإقليم الوحيد الخارج عن سيطرة طالبان، بينما دار قتال في إقليم بغلان، بين الحركة وفصيل محلي مسلح.
وتضم قوات أحمد مسعود، نجل أحمد شاه مسعود، قائد المقاومة الأفغانية السابق ضد السوفييت الملقَّب بـ"أسد بنجشير"، آلاف المقاتلين وعدد من الجيش الأفغاني ووحدات من القوات الخاصة.
وعلى صعيد التحرك السياسي، قال بلال كريمي، عضو اللجنة الثقافية في طالبان، إن الحركة توصلت وزعماء أفغان آخرين، إلى (اتفاق في الآراء) بشأن العملية السياسية الجديدة في البلاد، خصوصًا في ما يتعلق بتشكيل الحكومة الجديدة.
التصريحات التي أدلى بها كريمي لوكالة بلومبرج للأنباء، كشفت أن زعيم طالبان، هبة الله أخوند زاده، سيكون القائد الأعلى لأي مجلس للحُكم.
وأوضح أن الملا عبدالغني برادار، الوجه العام الرئيس للحركة، من المحتمل أن يتولى مسؤولية تسيير العمل اليومي للحكومة، مشيرًا إلى أن مشاورات تشكيل الحكومة الأفغانية الشاملة الجديدة، تضم قيادات طالبان، وزعماء من الحكومة السابقة وزعماء آخرين من ذوي النفوذ، بحسب وصفه.
رقم المعارضة الصعب
وتشير التطورات الميدانية، إلى أن استقرار الحكم لطالبان في أفغانستان، لن يتم من دون إقليم بنجشير، الذي بدأ يجمع حوله الجماعات المحلية المعارضة للحركة، باعتبارها رقمًا صعبًا في معادلة الحُكم والاستقرار.
وكان مسعود دعا إلى تسوية يجري التفاوض عليها مع طالبان، لكنه شدَّد أيضاً على أن قواته ستقاوم إن هوجم إقليمه، في الوادي الجبلي الضيق.
وتتأهب قوات مسعود إلى كل السيناريوهات، إذ نشرت صحيفة "صن" البريطانية صورًا لها خلال تدريبات شاقة تحسبًا لهجوم طالبان.
وتشير الصور التي نشرتها الصحيفة البريطانية، إلى أن قوات بنجشير تعتمد في تدريباتها العسكرية، على أساليب القوات الخاصة البريطانية.
وانسحب طالبان الأسبوع الماضي من حدود إقليم بنجشير، بعد هزيمة على يد قوات المقاومة الأفغانية، إذ قال علي نزاري، رئيس العلاقات الخارجية لتحالف الجماعات المناهضة لطالبان، الذي يطلق عليه "تحالف الشمال"، لصحيفة فاينانشيال تايمز، إن الحركة حاولت مهاجمة بنجشير، لكنها فشلت وتمت هزيمتها بشكل "مذل" بحسب وصفه.
بيئة معقَّدة
الدكتور حسن أبو هنية، الخبير في شؤون الجماعات الإرهابية، قال في تصريحات خاصة لـ"السياق": بعد استكمال الانسحاب الأمريكي وقوات الناتو، باتت البيئة السياسية في أفغانستان معقَّدة، خصوصًا أن حركة طالبان لم تسيطر على عموم البلاد، بل هناك بعض المناطق تحت سيطرة "تحالف الشمال" بقيادة أحمد شاه مسعود وأمر الله صالح، بجانب تنظيم داعش خراسان، الذي يعد عامل فوضى متوقَّع.
لكنه أشار إلى وجود دول لها مصالح في أفغانستان، مثل دول الجوار أو دول آسيا المدعومة من روسيا والصين، وليس من مصلحتها حدوث فوضى أفغانستان، ومن الممكن أن تلعب دورًا مهمًا في موازنة حالة الفوضى عبر دعم الاستقرار، لكنها عملية تحتاج إلى وقت أطول.
وشدَّد أبو هنية لـ"السياق" على أن حالة عدم الاستقرار ناتجة من الداخل، وهو ما بدا واضحًا في حالة الجدل والنقاش بشأن الحكومة وتركيبها، وهو ما يطرح تساؤلا عن قبول القوى السياسية المنخرطة في العملية السياسية بسيطرة طالبان عليها أم لا؟
من ناحية أخرى، أوضح الخبير في شؤون الجماعات الإرهابية، أن "داعش" ستظل التحدي الأكبر لحركة طالبان، وهو ما بدا واضحًا في التفجيرات التي حدثت خارج مطار كابل، التي أسفرت عن مقتل 13 جنديًا أمريكيًا و170 مدنيًا.
ونوَّه أبو هنية، إلى أن أفغانستان غير مقبلة على حالة استقرار في المستقبل المنظور، رغم وجود دعم دولي لهذا التوجُّه وانتظاره لسلوك طالبان.
وأكد أن اعتراف المجتمع الدولي بطالبان "سيتأخر، وستكون هناك علاقات فقط مع بعض الدول"، معتقدًا أن الأمور في أفغانستان بعيدة عن الأمن والاستقرار، وهو التحدي الأكبر لطالبان، فهي غير قادرة وحدها على فرض الأمن، وبذلك فإن سلوك طالبان والمجتمع الدولي معها، سيحدِّد مستقبل العملية السياسية هناك.
تحركات دولية
وشهدت الأيام الماضية، تحركات دولية مكثَّفة تجاه حركة طالبان، لدعم وضمان استقرار أفغانستان، بعد الانسحاب الأمريكي.
فقد اعتبرت الصين، أن الانسحاب الأمريكي من أفغانستان، يسمح لها بفتح "صفحة جديدة" بعد 20 عامًا من الاحتلال.
وانتقدت بكين، الانسحاب المتسرِّع للولايات المتحدة، وما خلَّفه من خسائر بشرية واقتصادية، كما أبقت على سفارتها في كابل، رغم إجلاء رعاياها، ولفتت إلى استمرار الحوار مع طالبان، الذي بدأته نهاية يوليو الماضي، معربة عن أملها بأن تشكل أفغانستان حكومة منفتحة وجامعة، وذات تمثيل واسع النطاق، تتصدى بحزم لجميع القوى الإرهابية.
من جانبها، أعلنت الهند، أنها أجرت محادثات مع ممثل لحركة طالبان، هو شير محمد عباس ستانيكزاي، رئيس المكتب السياسي للحركة، بناءً على طلبها.
من ناحية أخرى، تنوي بريطانيا إجراء محادثات مع قادة طالبان لتأمين "مرور حر" لرعاياها وحلفائها إلى خارج أفغانستان.
وأشارت الحكومة البريطانية، إلى أن "السير سايمن غاس، الممثل البريطاني الخاص لعملية الانتقال في أفغانستان، توجَّه إلى الدوحة للقاء قادة من طالبان، لتأمين مرور حر لرعايا بريطانيا وحلفائها بعد سيطرة الحركة على البلاد".