كواليس الجلسة العاصفة في البرلمان الليبي.. رئيس الحكومة يجيب عن الأسئلة الشائكة
لم تقتصر أسئلة النواب على وزير الدفاع ومرتبات الجيش الليبي، بل طالبوا الحكومة الليبية، بإيضاح الإجراءات التي اتخذتها لمواجهة تظاهرات المرتزقة السوريين، التي اندلعت قرب مقرها في العاصمة الليبية طرابلس.

السياق
أزمة وزير الدفاع، والمرتزقة السوريون، وغلق الحدود مع تونس، فضلًا عن الاتهامات المتبادلة بينها وبين ليبيا، ملفات شائكة كانت على طاولة مجلس النواب الليبي، الأربعاء، في جلسة مساءلة الحكومة، التي شهدت مناقشات حامية الوطيس.
الجلسة التي حضرتها الحكومة، تطرَّقت إلى مسائل «في غاية الحساسية»، كان رئيس الحكومة عبدالحميد الدبيبة تجاهل الإجابة عنها، في الفترات السابقة، التي شهدت جدلًا، إلا أن أعضاء البرلمان تمسَّكوا بضرورة سماع بعض الأجوبة، ورغم أن تلك الأجوبة، لم ترق للجميع، فإنها أشارت إلى بعض سياسات الحكومة لأول مرة.
فبينما تساءل بعض نواب لجنة الدفاع والأمن القومي في البرلمان الليبي، عن الإجراءات التي اتخذتها حكومة الوحدة الوطنية لتسمية وزير الدفاع، أكدوا أن رئيس الحكومة أمر بعدم صرف مرتبات يوليو وأغسطس، للمؤسسة العسكرية في المنطقة الشرقية.
لم تقتصر أسئلة النواب على وزير الدفاع ومرتبات الجيش الليبي، بل طالبوا الحكومة الليبية، بإيضاح الإجراءات التي اتخذتها لمواجهة تظاهرات المرتزقة السوريين، التي اندلعت قرب مقرها في العاصمة الليبية طرابلس.
أزمة تونس كانت حاضرة في جلسة مساءلة الحكومة، ليطالب نواب لجنة الدفاع والأمن القومي، بضرورة الكشف عن الاتهامات التي وجَّهتها تونس إلى ليبيا بتصدير الإرهاب، وضرورة إجلاء أسباب غلق الحدود مع تونس.
أسئلة لجنة الدفاع والأمن القومي، سمحت رئاسة البرلمان الليبي للحكومة بالإجابة عنها، إذ اعترض رئيسها عبدالحميد الدبيبة، بداية إجابته على ما وصفه بعض النواب لخطابه عن الأزمة مع تونس بـ«الشعبوي».
أزمة تونس
وقال الدبيبة، إن الحكومة الليبية تلقَّت تقريرًا من الإنتربول التونسي، يتهم الليبيين بتصدير الإرهاب، وإن هناك إرهابيين في ليبيا في طريقهم إلى تونس، مشيرًا إلى أن الحكومة ردَّت على الاتهامات الموجَّهة إلى ليبيا.
وأوضح الدبيبة، أنه سيتوجه إلى تونس غدًا الخميس، للقاء الرئيس قيس سعيد، في محاولة لحل تلك الأزمة، مشيرًا إلى أن البلدين في حاجة إلى فتح الحدود بينهما.
ميزانية الجيش
رئيس الحكومة رد على ما كشف عنه بعض النواب، من أنه أمر بعدم صرف رواتب أبناء المؤسسة العسكرية في المنطقة الشرقية، قائلًا: إن هناك ميزانية واضحة للجيش الليبي، مشيرًا إلى أنه أعطى أوامر للحكومة بصرفها، إلا أن وزارة المالية قالت إن لديها عوائق، وطالبت الجيش الليبي بالرقم الوطني.
وأكد رئيس الحكومة، أن وزارة المالية لم تتسلَّم حتى الآن، بيانات العسكريين بالمنطقة الشرقية، رغم طلبها من الحسابات العسكرية، لإحالة الرواتب المتأخرة.
وأوضح الدبيبة، أن وزارة الدفاع ما زالت المؤسسة الوحيدة التي لم تتوحد حتى الآن، مؤكدًا أن الحكومة تدعم اجتماعات الشويرف، التي تعقد بين الحين والآخر لتبادل المحتجزين وتوحيد الجيش الليبي.
أما عن عدم حضوره مراسم تخرج الدفعات العسكرية للشرق الليبي، فقال عبدالحميد الدبيبة إنه لم يتلق أي دعوات لحضور تلك المراسم.
وزير الدفاع
ملف وزير الدفاع، الذي كان أحد مطالب اللجنة العسكرية الليبية المشتركة، أكد الدبيبة عدم ارتياحه لعدم تعيين وزير للدفاع حتى الآن، إلا أنه اشترط لإجراء تلك الخطوة، وجود توافق بين المنطقتين الشرقية والغربية.
المرتزقة
وعن ملف المرتزقة، قال الدبيبة، إن الحكومة الليبية لم تساهم في دخول المرتزقة، مشيرًا إلى أنها تعمل على هذا الملف المؤرق لإخراج المليشيات والمرتزقة.
وأكد رئيس الحكومة، أن بلاده ومواطنيه لا يقبلون بأي قوة خارجية في ليبيا، مشيرًا إلى أن هذا الملف، الذي وصفه بـ«الدولي»، عملت الحكومة الليبية مع روسيا وتركيا، على حله، في محاولة لحلحلة الأزمة الحالية.
وأكد الدبيبة، أن الظروف الإقليمية ساهمت في وجود القوات الأجنبية في ليبيا، معبِّــرًا عن تطلع حكومته لإخراجها قريبًا.
أوجه الإنفاق
وطرح بعض النواب الليبيين، توصيات للحكومة، بينها ضرورة إصلاح الأرقام التي تقدِّمها للميزانية، متسائلين عن مصير بعض الأموال التي أنفقتها الحكومة.
من جانبه، قال عضو لجنة المالية بمجلس النواب عبدالسلام نصية، إن الحكومة أنفقت -من باب الطوارئ الذي رفضه مجلس النواب- 5 مليارات تقريبًا، مطالبًا إياها بإيضاح في أي طارئ صرفتها، رغم أن ليبيا لم تشهد إلا حدثين طارئين، غلق الحدود مع تونس وآفة التمور في الجفرة.
وعن الأموال التي أنفقتها الحكومة، قال عبدالحميد الدبيبة، إنه جرى صرف 250 مليون دينار لوزارة الحكم المحلي، و100 مليون لوزارات مختلفة، إلى جانب تخصيص 500 مليون لصندوق التضامن الاجتماعي من باب الطوارئ، مشيرًا إلى أن الحكومة صرفت من باب الطوارئ 700 مليون دينار للداخلية، ومليارًا و200 مليون دينار للصحة، و50 مليون دينار للمراكز الطبية الرئيسة، و150 مليونًا لوزارة المواصلات، و100 مليون دينار لجامعة بنغازي، إضافة إلى 7 مليارات دينار لباب التنمية، لدفع عجلة المشروعات المتوقِّفة.
أزمة النفط
وعن أزمة وزارة النفط، التي تصاعدت في الفترة الأخيرة، في ظل مساعي وزير الأولى محمد عون، لإطاحة رئيس الثانية مصطفى صنع الله، قال رئيس الحكومة عبدالحميد الدبيبة، إن الأزمة خرجت عن المستوى المألوف، متعهدًا بحلحلتها.
وأوضح الدبيبة، أن العلاقة بين الطرفين ستأخذ قريبًا منحى آخر في شكل إيجابي، بعد الاجتماعات التي عُقدت في هذا الشأن، متعهدًا بإعادة تشكيل المؤسسة الوطنية للنفط وتحديد أشكالها الإدارية.
وأشار إلى أن الحكومة ليس لديها أي مانع، من نقل وزارة النفط إلى بنغازي، شرقي ليبيا، إلا أن هناك إجراءات يجب اتخاذها في هذا الشأن، متعهدًا بزيارة المناطق النفطية أبرزها الهلال النفطي، وإيلاء المدن التي تقع فيها المناطق النفطية الاهتمام اللازم.
جلسة عاصفة
جلسة اليوم، التي شهدت مناقشات وُصفت بـ«العاصفة» من أعضاء مجلس النواب، الذين شنوا هجومًا على مجلس الوزراء برئاسة الدبيبة، كان المتحدِّث باسم المجلس عبدالله بليحق، أعلن تعليقها من أمس، إلى اليوم، بسبب تأخر الحكومة عن الموعد أكثر من 4 ساعات، مع عِلمها بكثرة بنود الاستجواب، وأن الرد عليها يحتاج إلى وقت طويل.
إلا أن بيان مجلس «النواب»، رد عليه المتحدِّث باسم الحكومة الليبية محمد حمودة، ببيان عبَّر فيه عن «استغرب» الحكومة تأجيل عقد جلسة المساءلة من مجلس النواب، بحجة وصولها في وقت متأخر عن موعد عقد الجلسة.
وأكد متحدث الحكومة، أنه تقديرا للمصلحة الوطنية العليا، فإن حكومة الوحدة الوطنية ورئيسها التزما بحضور جلسة المساءلة المؤجلة إلى الأربعاء، رغم أنها سلَّمت إجابات مكتوبة عن الأسئلة لهيئة رئاسة مجلس النواب.
وكانت مصادر ليبية كشفت لـ«السياق»، عن ملامح الأسئلة التي وجَّهها مجلس النواب إلى الحكومة، والتي طالبها بالإجابة عنها، وشملت نقاطًا عدة، بينها الكهرباء، وجائحة كورونا، وتوحيد المؤسسات، وإخراج المرتزقة، وقطاع النفط الليبي.
وأكدت المصادر، أن هناك استياءً في البرلمان الليبي من أداء الحكومة في قطاعات عدة، بينها الكهرباء، التي تشهد انقطاعات مستمرة وطويلة، فضلًا عن عدم وفاء مجلس الوزراء بتعهداته لحل تلك المشكلة.