قبل أيام من الذكرى العشرين لها... تطورات جديدة في قضية هجمات 11 سبتمبر

القاضي العسكري الجديد، العقيد في سلاح الجو ماثيو ماكول، أشار إلى بداية بطيئة لجلسات المحاكمات، بعد أن قرر أن جلسة استماع أولية تركز على مؤهلاته، ستعقد الثلاثاء. 

قبل أيام من الذكرى العشرين لها... تطورات جديدة في قضية هجمات 11 سبتمبر

السياق

قبل أيام من الذكرى العشرين، لهجمات الحادي عشر من سبتمبر، استؤنفت محاكمة العقل المدبر المزعوم لتلك الهجمات، خالد شيخ محمد وأربعة آخرين، ما أعاد إحياء الآمال، في تحقيق العدالة والانتقام.
وذكرت وكالة الأنباء الفرنسية -في تقرير- أن محمدًا والمتهمين معه، الذين احتُجزوا في سجن «الحرب على الإرهاب» في القاعدة البحرية الأمريكية، في خليج غوانتانامو بكوبا، منذ ما يقرب من 15 عامًا، سيمثلون أمام المحكمة العسكرية في السجن لأول مرة، منذ عام 2019.
وأشارت إلى أنه، بعد توقُّف الجلسات منذ 17 شهرًا بسبب جائحة كورونا، من المرجَّح أن تستمر الإجراءات من حيث توقَّفت، غارقة في جهود الدفاع لاستبعاد معظم أدلة الحكومة الملوَّثة بالتعذيب، الذي تعرَّض له المتهمون في حجز وكالة المخابرات المركزية.
جلسة استماع 
القاضي العسكري الجديد، العقيد في سلاح الجو ماثيو ماكول، أشار إلى بداية بطيئة لجلسات المحاكمات، بعد أن قرر أن جلسة استماع أولية تركز على مؤهلاته، ستعقد الثلاثاء. 
وبحسب فرانس برس، يُسمح لمحاميي الطرفين في محكمة جرائم الحرب، باستجواب قاض جديد لاحتمال تحيُّزه، وسيشمل باقي الأسبوع اجتماعات مع المدَّعين العسكريين وفِرق الدفاع.
ومع اصطفاف عشرات الطلبات بأدلة يرفض المدعون العسكريون تسليمها، قال محامو الدفاع: إن مرحلة ما قبل المحاكمة يمكن أن تستمر عامًا آخر، ما يجعل أي أمل في محاكمة أمام هيئة محلفين وإصدار حكم، بعيد المنال.
وعندما سُئل عمّا إذا كانت القضية، يمكن أن تصل إلى هذه النقطة، أجاب محامي الدفاع جيمس كونيل: «لا أعرف»، بينما يقول المحامون إن المتهمين الخمسة -محمد وعمار البلوشي ووليد بن عطاش ورمزي بن الشيبة ومصطفى الحساوي- ضعفاء ويعانون الآثار الدائمة للتعذيب الشديد، الذي تعرَّضوا له في مواقع سِرية لوكالة المخابرات المركزية الأمريكية، بين عامي 2002 و2006، إضافة إلى الأثر التراكمي لـ15 عامًا من السجن، في ظروف قاسية ومعزولة منذ وصولهم.

قاعة محصَّنة
وسيظهرون في قاعة محكمة للجان العسكرية شديدة الأمان، محاطة بأسوار من الأسلاك الشائكة، ولكل منهم فريق دفاعه الخاص، وسيحضر أفراد عائلات من 2976 شخصًا متهمون بقتلهم قبل عقدين، إضافة إلى مجموعة من المراسلين لإحياء الذكرى الكئيبة يوم السبت.
ويواجه الخمسة عقوبة الإعدام، بتهمة القتل والإرهاب في محكمة جرائم الحرب، ويمثلهم محامون يعينهم الجيش، وكذلك محامون من دون مقابل من القطاع الخاص والمنظمات غير الحكومية.

فتح وإغلاق
ومنذ أن بدأت القضية، اعتبر المدَّعون أنها مفتوحة ومغلقة، حتى من دون المعلومات «الملوَّثة» التي تم جنيها من الاستجوابات «الوحشية» التي أجرتها وكالة المخابرات المركزية.
وبدلاً من ذلك، يؤكد المدَّعون أن المتهمين قدَّموا أدلة قوية على التآمر في هجمات 11 سبتمبر، أثناء ما تسمى استجوابات «الفريق النظيف» التي أجراها مكتب التحقيقات الفيدرالي عام 2007، بعد وصول الخمسة إلى غوانتانامو.

تهديدات مباشرة
لكن محاميي الدفاع، يجادلون بأن استجوابات عام 2007 كانت بالكاد «نظيفة»، لأن مكتب التحقيقات الفيدرالي شارك أيضًا في برنامج التعذيب التابع لوكالة المخابرات المركزية، وأن استجوابهما حمل تهديدًا مشابهًا.
وأكد الدفاع أن المتهمين الذين ما زالوا يشعرون بتأثير التعذيب في ذلك الوقت، تحدَّثوا إلى مكتب التحقيقات الفيدرالي، في ظِل خوف من أن يبدأ مرة أخرى.
وقال كونيل، الذي يمثل البلوشي، في تصريحات لـ«فرانس 24»: «لا تخطئ، التستر على التعذيب هو سبب إحضار هؤلاء الرجال إلى غوانتانامو، بدلاً من نظام العدالة الفيدرالي الأمريكي».
وأضاف: «التستر على التعذيب أيضًا سبب تجمعنا في غوانتانامو لحضور الجلسة 42 في اللجنة العسكرية في 11 سبتمبر».

برامج التعذيب
ولإثبات قضيتهم، يطالب الدفاع بكميات هائلة من المواد السِرية في كل شيء، من برنامج التعذيب الأصلي، إلى الظروف في غوانتانامو إلى التقييمات الصحية، إلا أن الحكومة تقاوم تسليمها.
ويريد محامو الدفاع أيضًا مقابلة عشرات الشهود الآخرين، بعد أن مثل 12 شاهدًا أمام المحكمة، بينهم رجلان أشرفا على برنامج وكالة المخابرات المركزية، وأدت المطالب إلى تأخير المحاكمة، لكن الدفاع يلوم الحكومة على إخفاء المواد ذات الصلة بالقضية.
وقالت ألكا برادهان، محامية دفاع أخرى: "إن الأمر استغرق من الحكومة ست سنوات، للاعتراف بأن مكتب التحقيقات الفيدرالي، شارك في برنامج التعذيب التابع لوكالة المخابرات المركزية، هذه القضية ترهقك(..) إنهم يحجبون الأشياء التي تعد إجراءات عادية في المحكمة".

وثائق سِرية 
وكان الرئيس الأمريكي جو بايدن، أصدر الأسبوع الماضي، تعليمات لوزارة العدل وسُلطات أمريكية أخرى، بمراجعة مسألة الإفراج عن وثائق سِرية تتعلَّق بهجمات 11 سبتمبر الإرهابية.
وقال بايدن إن مرسومًا صدر بإلزام وزير العدل ميريك جارلاند، بنشر الوثائق ذات الصلة، في ما يتعلَّق بالتحقيق في الهجمات، في غضون الأشهر الستة المقبلة، مشيرًا إلى أنه ينبغي ألا تظل المعلومات سِرية، إذا كانت المصلحة العامة في الكشف عنها، تفوق الضرر الذي يلحق بالأمن القومي.
وتابع بايدن في بيان: «عندما ترشحت لمنصب الرئيس، تعهدت بضمان الشفافية في الإفراج عن الوثائق المتعلِّقة بهجمات 11 سبتمبر 2001 الإرهابية على أمريكا»، مضيفًا أنه مع اقتراب الذكرى العشرين للهجمات، فإنه يرغب في الوفاء بوعده.
كانت بعض عائلات الضحايا، قد هددت بعدم حضور احتفالات الذكرى العشرين، إذا لم يكشف بايدن عن الوثائق.
وقاد إرهابيون في 11 سبتمبر 2001 ثلاث طائرات مخطوفة واقتحموا بها مركز التجارة العالمي في نيويورك والبنتاجون في واشنطن، كما تحطمت طائرة رابعة مخطوفة في ولاية بنسلفانيا، ما أدى إلى مقتل 3000 شخص خلال هذه الهجمات.

حرب عالمية
إلا أن أمريكا لم تنتظر طويلًا، في أعقاب الهجمات التي نفَّذها تنظيم القاعدة في واشنطن ونيويورك، واندفعت في حرب عالمية على الإرهاب، بدأتها بالهجوم على أفغانستان، ثم العراق.
بروس هوفمان، الكاتب الأمريكي، الأستاذ بكلية والش للخدمة الخارجية في جامعة جورج تاون، خبير مكافحة الإرهاب والأمن الداخلي بمجلس العلاقات الخارجية الأمريكي، أثار في تحليل نشره مجلس العلاقات الخارجية، سؤالًا في هذا الشأن، عن التغيُّـر الذي يمكن أن يكون قد طرأ على التهديد، الذي يمثِّله الإرهاب بعد عشرين عامًا من هجمات سبتمبر.

إخفاقات كارثية 
وقال هوفمان، إن الرد الأمريكي على هجمات سبتمبر حقَّق نجاحات بارزة، وأيضًا إخفاقات كارثية، ومع ذلك فإن التهديد الإرهابي الأخطر حاليًا، داخلي وليس خارجيًا.
وأشار إلى أن تنظيم القاعدة اليوم ليس كما كان عليه قبل عقدين، فقد مات أسامة بن لادن، مؤسسه وزعيمه منذ سنوات، إلا أنه بعيدًا عن بعض الاستثناءات المهمة، مثل أيمن الظواهري، خليفة بن لادن، وسيف العدل، الضابط السابق في الجيش المصري، والخليفة المحتمل للظواهري، لقي تقريبًا جميع قادة القاعدة حتفهم، أو تم اعتقالهم. 
ونصح هوفمان الأمريكيين، بألا يركنوا إلى التفكير في أن القاعدة لم تعد ترغب في مهاجمة بلادهم، بينما كشف أحدث تقرير لفريق المراقبة التابع للأمم المتحدة، أن القاعدة تنمو في قارة إفريقيا، من دون عائق، وأن التنظيم رسَّخ قدميه في سوريا، ويوجد في 15 ولاية أفغانية، على الأقل، فضلًا عن علاقاته المتواصلة بحركة طالبان المسلَّحة.