فورين بوليسي: أفغانستان... صداع إيران
بقدر ما دعمت إيران حركة طالبان في السنوات الأخيرة، فإن السيناريوهات المقلقة لطهران، تشمل انقلاب طالبان ضد إيران، أو الأقلية الشيعية في أفغانستان

ترجمات - السياق
بعد ساعات من استيلاء طالبان على العاصمة الأفغانية كابل، رحب الرئيس الإيراني الجديد إبراهيم رئيسي بـ"الهزيمة العسكرية" للولايات المتحدة.
ورغم أن إيران قد تكون سعيدة بسحب القوات الأمريكية من حدودها الشمالية الشرقية، فإن إمارة أفغانستان الإسلامية -المعاد تشكيلها- تطرح مجموعة أخرى من التحديات، التي كان صُناع القرار في طهران، مترددين في الخوض فيها علانية.
وذكرت مجلة فورين بوليسي -في تقرير- أنه بقدر ما دعمت إيران حركة طالبان في السنوات الأخيرة، فإن السيناريوهات المقلقة لطهران، تشمل انقلاب طالبان ضد إيران، أو الأقلية الشيعية في أفغانستان، وكذلك شبح الجهاد السُّني الذي ينتشر غربًا.
وأوضح التقرير أن إيران وطالبان، كانتا «عدوين لدودين» أواخر تسعينيات القرن الماضي، عندما كانت الحركة التي يهيمن عليها البشتون في السُّلطة خلال المرحلة الأخيرة من الحرب الأهلية الأفغانية، مشيراً إلى أن الحركة لم تسحق المعارضة فحسب، بل سحقت الأقليات، مثل الهزارة الشيعية، إذ انضمت إيران إلى الولايات المتحدة وروسيا والهند، في دعم التحالف الشمالي ضد طالبان.
وذكر التقرير أنه عام 1998، كادت إيران وأفغانستان أن تدخلا في حرب، بعد مقتل العديد من الدبلوماسيين والصحفيين الإيرانيين، في مزار الشريف بأفغانستان.
وبينما صوَّت المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني لصالح الحرب، رفضها المرشد الأعلى علي خامنئي، وعندما شنت الولايات المتحدة حربًا ضد أفغانستان لإطاحة حركة طالبان والقاعدة عام 2001، تعاونت إيران ضمنيًا وزودت الجيش الأمريكي، بمعلومات استخباراتية في ساحة المعركة، كما ساعدت طهران في تأمين الدعم اللازم لمقابلة حكومة ما بعد طالبان المعترف بها دوليًا في كابل، بحسب التقرير.
السيناريوهات المقلقة
وعن السيناريوهات المقلقة بالنسبة لإيران، أوضحت "فورين بوليسي" أنها تشمل انقلاب طالبان ضدها، أو على الأقلية الشيعية، وكذلك خوفها من انتشار "الجهاد السُّني" داخل إيران، مشيرة إلى أن أقل ما تسعى إليه إيران، علاقات عمل ودية مع حكومة طالبان، التي تم إعلانها مؤخرًا.
وربطت المجلة بين أفغانستان والعراق بالنسبة لإيران، قائلة: "كما هو الحال في العراق، تفضِّل طهران حكومة مركزية قوية بما يكفي، لكبح جماح الجهاديين، لكنها ضعيفة بما يكفي لتكون مرنة سياسيًا، ولا تشكل تهديدًا عسكريًا".
وأشارت "فورين بوليسي" إلى أنه لتجنُّب حرب أهلية أخرى عبر حدودها الشرقية، تواصل إيران تأكيد الحاجة إلى حكومة أفغانية شاملة، لكن الأوان ربما يكون قد فات، وفقًا للمجلة، التي أوضحت أن الحكومة المعينة حديثًا في كابل، لا تضم أي أقليات عرقية، بل شملت البشتون فقط، خصوصًا المتشددين.
وحتى الآن، تضيف المجلة، أن طالبان امتنعت عن مضايقة الهزارة، وخلافًا لحُكم الحركة قبل عام 2001، سمحت لهم بالاحتفال بعيد عاشوراء عند الشِّيعة، لكن عندما احتلت طالبان بازارك عاصمة وادي بنجشير، الذي تسيطر عليه المعارضة، وجَّهت طهران انتقادات لها، لاعتماد القوة بدلا من التفاوض.
مخاوف طهران
وأشارت المجلة، إلى أبرز ما يقلق السلطات الإيرانية، نتيجة حُكم طالبان في أفغانستان، لافتة إلى أنه في أسوأ الحالات، فإن تجدد الحرب الأهلية، من شأنه أن يهدد مرة أخرى، الحدود الشرقية لإيران، ويمكن أن ترسل الحرب المزيد من اللاجئين والأسلحة والمخدرات عبر الحدود، ناهيك عن المتشددين الموالين لمجموعة من الميليشيات المتطرفة، ذات الأجندات المختلفة.
وأضافت، أنه حتى من دون اندلاع نزاع أوسع نطاقًا في أفغانستان، لا يزال من غير الواضح إذا كانت طالبان ستؤدب، أو يمكنها أن تؤدب، هذه الجماعات المتشددة، وتكبح أنشطتها عبر الحدود.
وأوضحت أنه بناءً على طلب طالبان، استأنفت إيران شحنات البنزين والديزل إلى أفغانستان، وعادت تجارة إيران مع أفغانستان، التي تعد من أكبر خمسة أسواق للصادرات الإيرانية خارج النفط، إلى طبيعتها في جميع المعابر الحدودية الرسمية الثلاثة، وعلاوة على ذلك، دعت طالبان إيران، إلى حضور حفل تنصيب الحكومة الجديدة، إلى جانب باكستان والصين، وروسيا، وتركيا، وقطر.
تناقض المواقف
وكشف التقرير، أن حركة طالبان أثارت مواقف متناقضة داخل النخبة الحاكمة في المؤسسة الإيرانية، في الأشهر الأخيرة، فقد أشاد عضو البرلمان الإيراني البارز، أحمد نادري، بطالبان لتخليها المفترض عن الأيديولوجيا، وكذلك أشادت وسائل إعلام إيرانية تابعة للحرس الثوري أو المرشد الإيراني كصحيفة كيهان، بالتحول المفترض لطالبان.
في المقابل، لا يزال آخرون ينتقدون طالبان، ومنهم رجل الدين الشيعي صافي غولبايغاني، الذي حذَّر من "الوثوق بميليشيا لديها سجل من الحقد والقتل".
وتشير المجلة، إلى أنه بعدها بفترة وجيزة تراجعت صحيفة كيهان عن تأييدها الأولي، وحذَّرت من أن طالبان سعت إلى السُّلطة المطلقة، وقمع الأقليات العِرقية في أفغانستان.
ووفقًا للمجلة، فإن لدى إيران تاريخًا من العداء مع طالبان، خاصة منذ أن قتلت الحركة دبلوماسيين إيرانيين، في مدينة مزار الشريف عام 1998، بعد حلقة من العنف ذبح فيها أحد قادة التحالف الشمالي -المدعوم من إيران- آلافًا من أسرى طالبان، التي ترى أن إيران الداعم الرئيس للتحالف الشمالي، وهو مزيج من الأقليات العِرقية والدينية، التي حاربت حركة طالبان السُّنية ذات الأغلبية البشتونية، في تسعينيات القرن الماضي.