موقع أمريكي: مشكلات إيران البيئية يمكن أن تطيح إبراهيم رئيسي
تلوث الهواء كان أكبر مصدر قلق بيئي لإيران، لكن في الآونة الأخيرة، ساهم نقص المياه وارتفاع درجات الحرارة، وسوء الإدارة، والافتقار إلى تطبيق اللوائح البيئية، بشكل كبير في الأزمة البيئية بإيران

ترجمات – السياق
رجَّح موقع أتلانتيك كاونسيل الأمريكي، أن تشهد إيران المزيد من الاضطرابات السياسية المميتة في السنوات المقبلة، إذ تواجه جفاف الأنهار والأراضي الرطبة والمياه الجوفية، والتصحر، وسوء إدارة النفايات، وتآكل التربة، وتدمير المراعي والغابات، والعواصف الترابية.
وقال الموقع -في تقرير- إن من التحديات التي تواجهها إيران، المشكلة البيئية، إذ يلوح تغيُّـر المناخ في الأفق، كأحد أخطر القضايا وأكثرها اضطرابًا، بل وحتى المهدِّدة للحياة، التي تواجه سكان الريف والحضر، وتفاقم هذا التهديد، في وقت أصبحت فيه إيران مستقطبة سياسياً ومنقسمة أيديولوجياً ومحاصرة اقتصادياً.
فقد كان تلوث الهواء أكبر مصدر قلق بيئي لإيران، لكن في الآونة الأخيرة، ساهم نقص المياه وارتفاع درجات الحرارة، وسوء الإدارة، والافتقار إلى تطبيق اللوائح البيئية، بشكل كبير في الأزمة البيئية بإيران.
وذكر الموقع، أن إيران تواجه جفاف الأنهار والأراضي الرطبة، والاستنزاف الشديد للمياه الجوفية، والتصحر، والحد من التنوع البيولوجي، وتلوث الهواء والتربة، وسوء إدارة النفايات، وتآكل التربة، وتدمير المراعي والغابات، والعواصف الترابية.
وأشار إلى أن هذه الصعوبات، نتيجة عقود من السياسات الخاطئة، التي لا يمكن معالجتها بشكل فعال، من دون تحول كبير في النهجين المحلي والوطني، موضحًا أنه في ظِل غياب مثل هذه التعديلات، من المرجَّح أن تشهد إيران المزيد من الاضطرابات السياسية المميتة في السنوات المقبلة.
اضطرابات ونقص المياه
وأوضح الموقع الأمريكي، أن سوء الإدارة البيئية أدى إلى احتجاجات في الأجزاء الجنوبية الغربية من إيران في يوليو الماضي، حيث امتدت هذه الاحتجاجات إلى مقاطعات أخرى، مشيرًا إلى أنه في قلب هذه الاضطرابات، كانت أزمة نقص المياه في منطقة كانت غنية بالمياه.
وقال إسماعيل كهرم ، عالم البيئة الإيراني المعروف، لوكالة أنباء "خبر أون لاين" 20 يوليو الماضي: "إن خوزستان إحدى المحافظات الغنية بالمياه في إيران، لكن للأسف هناك بعض الأفراد غير المؤهلين هم المسؤولون، والنتيجة الوضع الحالي الذي نواجهه اليوم، من نقص شديد في المياه بلا سبب واضح".
كما انتقدت سمية الرافعي، رئيسة الشؤون البيئية في البرلمان الإيراني، سوء إدارة الأراضي الرطبة، قائلة: "المشكلة الرئيسة لندرة المياه في خوزستان والقضايا البيئية ذات الصلة، التي تواجه المناطق الأخرى، عدم كفاءة المسؤولين، الذين يجب أن يدفع الإيرانيون العاديون اليوم ثمنًا باهظًا، بسبب إخفاقاتهم وأوجه قصورهم".
ومن العوامل التي أشارت إليها سمية، أنماط الزراعة غير الملائمة، وبناء السدود من غير المتخصصين، والنقل غير المنتظم للمياه إلى المقاطعات الأخرى، والصناعات البيئية المدمِّرة، مثل النفط والبتروكيماويات وقصب السكر.
تهديد أمن النظام
وأوضح التقرير، أنه تمت دعوة الرئيس الإيراني الجديد، إبراهيم رئيسي، إلى مؤتمر الأمم المتحدة السادس والعشرين لتغيُّـر المناخ في غلاسكو باسكتلندا، مشيرًا إلى أن القمة ستجمع قادة من أكثر من سبعين دولة، لتسريع العمل نحو تحقيق الأهداف المحددة في اتفاقيات باريس للمناخ، واتفاقية الأمم المتحدة الإطارية، بشأن تغيُّـر المناخ التي وقَّعتها 195 دولة عام 2016، موضحًا أنه بشكل عام، تجاهلت الإدارات الإيرانية قضية البيئة، ولم تبدأ التركيز عليها إلا عندما كان يُنظر إليها على أنها تهديد لأمن النظام الحاكم.
على سبيل المثال -يضيف الموقع الأمريكي- خلال المناقشات التي سبقت الانتخابات الرئاسية في يونيو الماضي، احتلت القضايا البيئية المرتبة الخلفية، ومع ذلك، كشفت حملة رئيسي عن "ميثاق بيئي" يحدِّد الحاجة إلى التنمية المستدامة، وإدارة أفضل للمياه، وإدارة الموارد الطبيعية، وإدارة النفايات، والتعليم البيئي العام، وإدارة مستجمعات المياه، وتطوير خطط تغذية الخزان الجوفي، والسدود الجوفية، وإعادة تأهيل وإعادة بناء الأراضي الرطبة والبحيرات، والعديد من السياسات الصديقة للبيئة، لكن يبقى أن نرى ما إذا كان ستتم بالفِعل معالجة هذه القضايا.
ونقل الموقع عن جواد حيدريان، الخبير البارز في القضايا البيئية، قوله: من غير المرجَّح أن تكون البيئة أولوية قصوى بالنسبة لحكومة رئيسي، التي لم تُعيِّـن رئيسًا لمنظمة حماية البيئة الإيرانية (IEPO) أو تقترح أي برنامج بيئي.
وأضاف: "كما تكشف تعليقات أعضاء مجلس الوزراء، بشأن التنمية الاقتصادية والتوظيف والاكتفاء الذاتي والزراعة، مدى ضآلة معرفتهم بالجغرافيا وعِلم المناخ والهيدرولوجيا والخصائص الأخرى للنظام البيئي الإيراني"، مشيرًا إلى أنه من المرجَّح أن يحاول رئيسي تعزيز الاقتصاد وتقليل البطالة، من خلال مشاريع سيئة التصميم، ومن ثم ستكون مشكلة كبيرة، إذا تم تعيين شخص غير محترف وغير كفء لقيادة IEPO لتطوير المزيد من السدود أو الطرق.
مؤسسات المرشد
وعن دور المؤسسات، التي يسيطر عليها المرشد الأعلى علي خامنئي، نقل أ"تلانتيك كاونسيل"، عن صدرا محقق، وهو صحفي إيراني بارز في القضايا البيئية، قوله: إن التغييرات المهمة تتطلب العمل والدعم من الهيئات التي يسيطر عليها المرشد الأعلى، مضيفًا: "يجب أن تلتزم المؤسسات، الخاضعة لسيطرة خامنئي مالياً وسياسيًا، بمعالجة الآثار السلبية لتغيُّـر المناخ بشكل فعال".
وتابع: كما يجب أن يتناقش رئيس IEPO مع الوزارات الأخرى، مثل النفط والطاقة والطرق والتنمية الحضرية، التي تتمتع بميزانيات أكبر وتأثير ضغط، في المشكلات البيئية، مشيرًا إلى أنه في ظِل غياب "رئيس كاريزمي وديناميكي لـIEPO ، فإن هذه الوزارات، التي تضر أنشطتها وبرامجها بالبيئة، ستنفِّذ على الأرجح جدول أعمال الحكومة، مهما كانت التداعيات البيئية".
وأشار الموقع الأمريكي، إلى أنه ظهرت إشارة إلى عدم جدية هؤلاء الوزراء في التعامل مع المشكلات البيئية، عندما نُقل عن وزير الطاقة الجديد، علي أكبر محرابيان، نصحه لموظفيه بتشجيع الناس على الصلاة من أجل نزول الأمطار، من دون أن يلجأ إلى الأسباب العلمية لذلك.
ويوضح مؤشر الأداء البيئي لجامعة ييل، أن إيران تفتقر إلى خطة لمواجهة تحدياتها البيئية، ففي تقرير يونيو 2020، الذي قاس 32 مؤشرًا في 180 دولة، احتلت إيران المرتبة السابعة والستين.
اتفاق باريس
قضية أخرى مهمة -يلفت الموقع الأمريكي الانتباه لها- موقف حكومة رئيسي من اتفاقيات المناخ في باريس، إذ وافق البرلمان السابق على دخول إيران الاتفاق، لكن مجلس صيانة الدستور -وهو هيئة من رجال الدين والمحامين يعينهم المرشد الأعلى بشكل مباشر- منع تمرير القانون، واعترض المجلس على أن التزامات إيران لم يتم تحديدها، وأن المادة 4 من الاتفاقية ستحد بشكل كبير من عمليات الصناعات الوطنية الإيرانية.
وأشار الموقع، إلى أنه في قمة باريس، تعهدت إيران بتخفيض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري 4 في المئة، من دون قيد ولا شرط، و8 في المئة إذا تم رفع العقوبات الاقتصادية، التي فرضتها الولايات المتحدة بحلول عام 2030.
وقال مسعود تاجريشي، مسؤول بيئي في الإدارة السابقة، لوكالة إرنا في أبريل الماضي: في البرلمان ومجلس صيانة الدستور، ظلت عملية الانضمام، وحتى تنفيذ الالتزام في هذا الصدد، غير محلولة وغامضة، فإيران لم تنضم رسميًا وقانونيًا إلى اتفاق باريس، ولم نتخذ أي إجراء في هذا الصدد حتى الآن".
ويعلق حيدريان -الخبير البارز في القضايا البيئية- على ذلك بالقول: بناءً على الآراء التي أعرب عنها البعض داخل إدارة رئيسي، لا يوجد موقف إيجابي تجاه الانضمام إلى اتفاقية باريس للمناخ، وطغى التناقض الأيديولوجي، الناتج عن التوترات المستمرة بين جمهورية إيران والغرب على هذا الاتفاق، إذ تعتقد العناصر المحافظة داخل الحكومة الإيرانية، أنه بالنظر إلى موارد النفط والغاز الإيرانية الغنية، فإن الانضمام إلى الاتفاقية سيعيق تطورها".
كما علَّق صدرا محقق، على احتمال فشل انضمام طهران إلى اتفاق باريس بالقول: من الآمن افتراض أن انضمام إدارة رئيسي إلى اتفاق باريس أصبح مرتبطًا -بشكل لا ينفصم- بنتيجة الاتفاق النووي، وقال: "إذا تم إحراز تقدُّم كبير في إحياء المحادثات النووية المتعثِّـرة لعام 2015 ورفع العقوبات عن إيران، قد تكون إدارة رئيسي على استعداد للنظر في الامتثال لاتفاقية باريس للمناخ، لكن إذا لم يتم إحراز أي تقدُّم في المحادثات وإذا ظلت العقوبات الحالية سارية، من غير المرجَّح أن تلتزم إدارة رئيسي باتفاقيات باريس للمناخ".
من جانبها، امتنعت إدارة رئيسي عن الإدلاء بأي تعليقات على اتفاق باريس، لكن الموقع الأمريكي يشير إلى أنه تاريخياً، كانت القضايا البيئية ذات أهمية أكبر للرؤساء، في ضوء قاعدتهم الاجتماعية في الطبقة الوسطى، ومن ثم فقد يفسِّر افتقار رئيسي للدعم من الطبقة الوسطى جزئيًا، موقف إدارته غير الحكيم من المخاوف البيئية، باستثناء القضايا التي يُنظر إليها على أنها تشكل خطرًا واضحًا وقائمًا على النظام.
وختم "أتلانتيك كونسيل" تقريره، بالقول: كان للعقوبات الأمريكية أيضًا تأثير واضح في المشكلات البيئية، من خلال خفض عائدات إيران، وإخافة المستثمرين الأجانب في مجال الطاقة المتجددة، وتعزيز الجدل بشأن الحاجة إلى الاكتفاء الذاتي الاقتصادي، ومع ذلك، لا يزال سوء إدارة الحكومة لموارد المياه ساريًا، إذ تستخدم أكثر من 90 في المئة من مياه إيران للزراعة، والكثير منها للمحاصيل كثيفة الاستهلاك للمياه، مثل القمح والأرز وقصب السكر.
وأوضح، أن إيران فشلت أيضًا في التوصل إلى طرق لاستكشاف تطبيقات الطاقة المتجددة، والتخفيف من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، مشيرًا إلى أنه أنه طالما أن إدارة رئيسي تعطي الأولوية للأيديولوجيا على الحلول العملية، فستجد البلاد نفسها في قبضة الاحتجاجات المستمرة خلال السنوات المقبلة، لأنه إذا لم يتم التعامل مع آثار تغيُّر المناخ بشكل صحيح، من المرجَّح أن تسبِّب كارثة لحُكم رئيسي، مضيفًا: "أي زعيم يُسقط آثار تغيُّـر المناخ في بلاده، عليه أن يهيئ نفسه للفشل".