حركة النهضة تحاول الفرار من المصير المحتوم

بيان حركة النهضة، يأتي ردًا على تصريحات للرئيس التونسي، قبل يومين، خلال استقباله خبراء في القانون،

حركة النهضة تحاول الفرار من المصير المحتوم

السياق

جددت حركة النهضة التونسية، معارضتها لقرارات الرئيس قيس سعيد، التي وُصفت بـ«الاستثنائية»، رافضة تلميحات الرئيس التونسي، لإجراء تعديلات على دستور 2014 الذي اعتبره فُصِّلَ على قياس بعض الأطراف.

وأكدت حركة النهضة التونسية، في بيان اطلعت «السياق» على نسخة منه، ضرورة الإسراع لإنهاء الحالة الاستثنائية في أقرب وقت، وتعيين الشخصية المكلفة بتشكيل حكومة قادرة على مجابهة الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، في ظرف يتسم بـ«صعوبات حادة على مستوى المالية العمومية وتردي مناخ الاستثمار ونزف إفلاس الشركات الصغرى والمتوسطة وتأخر الإصلاحات الكبيرة».

تعديل الدستور

وطالبت الحركة، إثر اجتماع مكتبها التنفيذي برئاسة راشد الغنوشي، برفع التجميد عن البرلمان وإعادته إلى عمله، رافضة أي تلميحات رئاسية بتعديل دستور 2014.

وقالت «النهضة»: إن دستور 2014 مثَّل عقدًا اجتماعيًا، و«حظي بتوافق كبير ورضى شعبي، وكان  ثمرة للحوار الوطني، الذي رفع شأن تونس عاليًا، بحصولها على  جائزة نوبل»، مشيرة إلى أن «الدستور تضمن آليات تعديله من داخله، وفق توافق مطلوب بين كل الأطراف السياسية وممثلي المجتمع المدني».

وجددت الحركة، رفضها لما وصفته بـ«التضييق على الحريات العامة والشخصية، والمحاكمة العسكرية لمدنيين،  والوضع تحت الإقامة الجبرية، والمس بحرية التنقل من دون إذن قضائي، الذي طال عددًا من الفاعلين السياسيين، والنواب ورجال الأعمال، وكوادر بالإدارة التونسية وغيرهم».

 

حوار وطني

وأكدت أنه «لا حل للخروج من الأزمة المعقَّدة إلا بحوار وطني شامل، وتكريس مبدأ التشاركية في بناء مشهد يحقِّق الاستقرار السياسي، والمناخ المساعد في إنجاز الإصلاحات الكبيرة، بما يفتح أفقًا سياسيًا، ويعيد السلطة إلى الشعب صاحب السيادة».

ورغم البيان الهجومي، فإن «النهضة» رحبت بقرار الرئيس التونسي، بفتح الحدود مع ليبيا، مثمِّنة اتفاق البروتوكول الصحي الموقَّع مؤخرًا، رافضة أي تشويش على العلاقات الثنائية من أي جهة.

بيان حركة النهضة، يأتي ردًا على تصريحات للرئيس التونسي، قبل يومين، خلال استقباله خبراء في القانون، قال فيها إن «الدساتير ليست أبدية، ويمكن إحداث تعديلات تستجيب للشعب التونسي»، ملوِّحا بذلك لإمكانية تعديل دستور 2014.

وتابع الرئيس التونسي: أحترم الدستور لكن يمكن إدخال تعديلات على النص (..) الشعب سئم الدستور والقواعد القانونية التي وضعوها على المقاس، ولا بد من إدخال تعديلات في إطار الدستور».

 

الدساتير ليست أبدية

وأكد سعيد، أن «الدساتير ليست أبدية، ويمكن إحداث تعديلات تستجيب للشعب التونسي، لأن السيادة للشعب ومن حقه التعبير عن إرادته».

وفي إشارة إلى حزب النهضة، الذي دفع أموالًا لشركة ضغط أجنبية، قال الرئيس التونسي، بلهجة محلية: «ما نتكلمش مع السراق اللي نكّلوا بالشعب... قالوا حيرة... مناش في حيرة (..) هناك آخرون دفعوا لشركة لوبيينغ وعقد بثلاثة مليارات ضد الدولة التونسية... منيش منهم... قلتها مرارًا، أنا زاهد في الدنيا ولست زاهدًا في الدولة التونسية».

وأضاف، أنه تعامل «بمرونة كبيرة حتى مع أشخاص يفترض أن يتم إيداعهم السجن(..) ليتأكد الشعب التونسي أنني في خدمته، ولا يمكن أن أكون في خدمة مَنْ عبثوا بمقدراته، ولا للتعامل مع اللصوص والعملاء... هؤلاء خونة لن نتحاور معهم»، في إشارة إلى تنظيم الإخوان.

وأشار إلى أنه من المهم تشكيل الحكومة، لكن أيضًا من الضروري وضع تصوّر للسياسة، التي ستتبعها هذه الحكومة لخدمة الشعب التونسي، مشيرًا إلى أن عديدين عرضوا عليه ملفاتهم، حتى يكونوا وزراء في الحكومة، إلا أنهم لا هدف لهم غير المنصب.

وانتقد سعيد المطالبين بالتسريع في تشكيل حكومة والمتحدِّثين عن حيرة، قائلًا: «أولًا الدولة مستمرة، ولم تكن هناك حكومة أصلًا في دستور 1959»، مشيرًا إلى أن «المفارقة الكبرى في تونس، أن الدستور صار أداة لإضفاء مشروعية وهمية على نص شرعي غير مشروع».

 

دوائر الفساد

الرئيس سعيد أضاف أنه «إذا حدثت بعض التجاوزات، كما يشير إلى ذلك البعض أو يدعيه كذبا وبهتانًا، فالغاية منه هي الإساءة إلى رئيس الجمهورية، في هذا الظرف الذي تحمَّل فيه المسؤولية، لإنقاذ الدولة من دوائر الفساد ودعاة العودة إلى الوراء».

 

سحب الثقة

بيانات الأخذ والرد، بين الرئيس التونسي وحركة النهضة، تفاعلت معها قوى تونسية وطنية، بينها كتل برلمانية، طالبت في وثيقة بسحب الثقة من رئيس البرلمان المجمَّد راشد الغنوشي ونائبته الأولى سميرة الشواشي.

وحمَّلت الكتل النيابية، راشد الغنوشي رئيس البرلمان المعلَّقة اختصاصاته ونائبته سميرة الشواشي، مسؤولية سوء إدارة المجلس، ما أدى إلى تعليق نشاطه 25 يوليو، ضمن قرارات الرئيس التونسي «الاستثنائية».

والعريضة «إحياء» لعريضة سابقة، شرع النواب في إمضائها قبل تعليق أعمال المجلس، بحسب وسائل إعلام محلية، أكدت أن الموقِّعين عليها، عبَّـروا عن اعتزامهم جمع 109 توقيعات من أعضاء المجلس المجمَّد، لإقالة الغنوشي والشواشي، ولو بطريقة رمزية نظرًا لأن المجلس مجمَّد.

وكان رئيس حركة النهضة، رئيس البرلمان المجمَّد راشد الغنوشي، عبَّـر عن أمله بأن يعيد الرئيس قيس سعيد النظر في الإجراءات الاستثنائية، التي اتخذها في 25 يوليو الماضي.

 

اعتراف إخواني

وأقر الغنوشي، بأن حركة النهضة تتحمَّل جزءًا من مسؤولية ما آلت إليه الأوضاع، إلا أنه أكد أن قنوات الاتصال بالرئيس التونسي، مقطوعة رغم محاولات عدة ومتواصلة في هذا الاتجاه.

وانتقد الغنوشي عددًا من الإجراءات التي اتخذها سعيّد، في إطار مكافحة الفساد، على غرار منع السفر وفرض الإقامة الجبرية، على عدد من النواب والمسؤولين السابقين، مشيرًا إلى أن أفضل السبل للتعامل مع الفساد، أن يُعهد به إلى القضاء التونسي، بعيدًا عن المؤثرات والموجِّهات السياسية، في إطار الفصل بين السُّلطات.

وعن الاختلافات التي تضرب حركة النهضة، قال الغنوشي إن ذلك «ظاهرة طبيعية وصحية وقديمة، لازمت الحركة منذ نشأتها وخلال مراحل تطورها، رغم بعض الانفلاتات من حين إلى آخر، نعمل على ترشيدها وتطويقها وتأطيرها».

 

قرارات استثنائية

كان الرئيس التونسي قيس سعيد، أعلن في 25 يوليو الماضي، تجميد أعمال البرلمان وإعفاء رئيس الحكومة هشام المشيشي من مهامه، وتوليه بنفسه السُّلطة التنفيذية، وإعفاء وزير الدفاع إبراهيم البرتاجي ووزيرة العدل بالنيابة، ووزيرة الوظيفة العمومية والناطقة الرسمية باسم الحكومة حسناء بن سليمان من مهامها، كما أعفى الرئيس التونسي مسؤولين آخرين في مناصب عليا بالحكومة من مهامهم.

وقرر الرئيس التونسي إعفاء الكاتب العام للحكومة، ومدير ديوان رئاسة الحكومة، والمستشارين لدى رئيس الحكومة، ووكيل الدولة العام مدير القضاء العسكري، ورئيس الهيئة العامة لقتلى وجرحى الثورة والعمليات الإرهابية، وعدد من المكلفين بمأمورية بديوان رئيس الحكومة من مهامهم.

وينتظر التونسيون بشغف إعلان اسم رئيس الحكومة، الذي يعد أهم منصب في تونس، معلِّقين عليه الآمال، في انتشال بلادهم من الأزمة الاقتصادية التي أثرت فيها، ودفعتهم للخروج إلى الشوارع، مطالبين بإقالة رئيس الحكومة وحل البرلمان، الأمر الذي استجاب له الرئيس قيس سعيد، وأعلن القرارات التي وُصفت بـ«الاستثنائية».