ذا إيكونوميست: الخصوم في الشرق الأوسط يمنحون الدبلوماسية فرصة جديدة
الخصوم استنفدوا سنوات من الصراع وحريصون على النمو

ترجمات-السياق
وصفت مجلة ذا إيكونوميست البريطانية، زيارة مستشار الأمن الوطني لدولة الإمارات العربية المتحدة، الشيخ طحنون بن زايد، إلى أنقرة للقاء الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، في 18 أغسطس الماضي، بـ"المفاجئة"، بالنظر إلى أن البلدين على خلاف منذ سنوات، بشأن دعم تركيا للجماعات الإسلامية، في جميع أنحاء الشرق الأوسط.
وقالت المجلة، في تقرير: بعد أسبوع من ذلك الاجتماع، التقى الشيخ طحنون أيضًا أمير قطر، تميم بن حمد آل ثاني، ليصبح أكبر مسؤول إماراتي يزور الدوحة، منذ أن فرضت الإمارات وثلاث دول عربية أخرى حظراً عليها عام 2017.
تحول في السياسة الخارجية
وأشارت "ذا إيكونوميست" إلى أن زيارة الشيخ طحنون لأنقرة والدوحة، دليل على تحول في السياسة الخارجية لأبوظبي.
وأشار تقرير المجلة، إلى خطي صدع رئيسين في الشرق الأوسط، أحدهما يضع دول الخليج وإسرائيل في مواجهة إيران وحلفائها، والآخر بين دول متعاطفة مع الإسلامويين مثل تركيا وقطر.
ورأت المجلة، أن الإمارات ليست الدولة الوحيدة التي تغيِّـر مسارها، قائلة إنه خلال الأشهر الخمسة الماضية، اتجه الأعداء القدامى نحو تبني الدبلوماسية، إذ بدأت السعودية وإيران حواراً في أبريل الماضي، بينما سعت تركيا إلى إصلاح العلاقات مع مصر.
كما عادت قطر ومصر، اللتان اختلفتا للسبب نفسه، إلى التحدُّث من جديد، حتى أن القاهرة سمحت لـ "الجزيرة"، وهي قناة فضائية قطرية ذات موقف مؤيد للإخوان، بإعادة فتح مكتبها في البلاد، الذي أغلق عام 2013.
مؤتمر بغداد
وأوضحت المجلة، أن ذروة هذه التحركات، كانت القمة التي تم عُقدت في بغداد 28 أغسطس الماضي، التي جمعت مسؤولين من السعودية ومصر وإيران وقطر وتركيا ودول أخرى، قائلة: رغم أنها انتهت من دون التوصل لاتفاقيات ملموسة، فإن حديث الحاضرين مع بعضهم، كان اختراقًا في حد ذاته، إذ كان العديد من المشاركين مترددين في حضور مثل هذا التجمع، في وقت ليس ببعيد.
وتابعت: "يأمل المتفائلون أن تكون مثل هذه الاجتماعات، إشارة إلى ذوبان الجليد، ونهاية محتملة للنزاعات في المنطقة. صحيح أن الشرق الأوسط مكان قاسٍ للمتفائلين، لكن في هذه الحالة، قد تكون بعض آمالهم في محلها".
ونقلت المجلة عن دبلوماسي إماراتي، لم تكشف هويته، قوله: "لقد جعلتنا جائحة كورونا، ندرك أنه علينا العودة إلى النظر في القضايا الداخلية، والتخلي عن بعض أشكال الارتباطات في الشرق الأوسط الكبير".
ووفقاً للمجلة، فإنه قبيل الذكرى الخمسين لتأسيس الإمارات في ديسمبر المقبل، ينشغل المسؤولون بإعلان مجموعة من المبادرات الاقتصادية.
تطبيع العلاقة مع مصر
بالمقابل، يبدو أن تركيا بدأت مراجعة مواقفها، وذلك بعدما عانى اقتصادها ارتفاع معدلات التضخم 19%، وضعف الاستثمار الأجنبي وأزمة العملة، وخلافاتها الإقليمية، وخلافاتها مع أمريكا والاتحاد الأوروبي واليونان، التي لا تساعد في حل مشكلاتها، لذا فإنها بحاجة إلى نقود".
وقالت المجلة: "تأمل تركيا أيضاً الاستفادة من تطبيع علاقاتها مع مصر، ورغم القطيعة بينهما، فإن حجم التجارة بين البلدين بلغ نحو 5 مليارات دولار العام الماضي".
لكن المسؤولين الأتراك يقولون، إن الإمكانات أعلى من ذلك بكثير، كما أن إصلاح العلاقات مع مصر سيؤتي ثماره السياسية أيضاً، لأن القاهرة وقفت، بجانب الاتحاد الأوروبي وأمريكا وإسرائيل، وإلى جانب اليونان وقبرص في نزاعهما مع أنقرة بشأن حقوق التنقيب شرقي البحر المتوسط.
وتعتقد حكومة أردوغان أن إبرام اتفاق مع مصر، يمكن أن يساعدها في الخروج من عزلتها، لذلك تحاول التفاوض معها.
ورأت المجلة، أن كل ذلك سيكون "منعطفاً كبيراً" بين أنقرة والقاهرة، مشيرة إلى أنه لم يعد هناك أي إسلاميين يمكن لتركيا دعمهم، لأن شعبيتهم تتضاءل، لذلك فإنه بالنسبة لتركيا وقطر، تعد تكاليف المواجهة المستمرة مع مصر والإمارات كبيرة، والفوائد ضئيلة.
نتائج مدمرة
ولفتت المجلة، إلى أنه من الصعب حل الخلافات مع إيران، لأن النظام في طهران لن يتفاوض على نفوذها في العالم العربي، لكن بدلاً من ذلك، قد يسعى الخليجيون إلى تأمين ساحتهم الخلفية، إذ أصبحوا مدركين لحجم الخطر الذي يواجهونه، بعد أن أدت حملة الضغط الأقصى التي شنها الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، إلى تخريب إيران ناقلات النفط في الخليج العربي، واستخدامها للطائرات من دون طيار والصواريخ، لتوجيه ضربات مفاجئة لمنشآت النفط السعودية عام 2019.
ورأت "ذا إيكونوميست" أن كل طرف يدخل هذه المحادثات، من موقع فيه بعض الضعف والقوة من جانبه، قائلة: "دول الخليج ثرية، وإيران وتركيا مفلستان".
وأشارت المجلة، إلى أن قمة بغداد انتهت ببيان مشترك، تعهد فيه المشاركون بعدم التدخل في الشؤون الداخلية للآخرين، لكن من غير المرجَّح أن يتوقَّف "البعض" لذلك، فإن هذه الدبلوماسية الإقليمية لن توفِّر الكثير من الراحة لمواطني لبنان والعراق مثلًا، وغيرهما من الدول، التي بالكاد تبدو ذات سيادة".