انقسام داخل إخوان ليبيا... هل يكون بوابة باشاغا لدخول طرابلس؟
بحسب مراقبين، فإن بيان المجلس الأعلى للدولة، يكشف انشقاقات داخل المجلس الإخواني، خاصة أن هناك فريقًا من مجلس الدولة يرفض سياسة رئيسه خالد المشري، ويدعو للتوافق بين المجلسين، ومنح الحكومة فرصة لاستلام مهامها، تمهيدًا لإجراء الانتخابات.

السياق
جمود سياسي تعيشه ليبيا، خلال الفترة الحالية، جراء «تعنت» رئيس الحكومة السابقة عبدالحميد الدبيبة في تسليم السلطة لسلفه، وسط تحذيرات من أن يتحول إلى حرب مسلحة، تعيد البلد الإفريقي إلى الصراعات.
جمود حاولت العاصمة المصرية القاهرة كسره، الأسبوع الماضي، باستضافة القائد العام للجيش الليبي المشير خليفة حفتر ورئيسي مجلسي النواب عقيلة صالح والرئاسي محمد المنفي، في محاولة لحلحلة أزمة عدم تمكن حكومة الاستقرار -برئاسة فتحي باشاغا- من دخول العاصمة طرابلس واستلام مهامها بشكل رسمي.
إلا أن تطورًا قطع ذلك الجمود، بعد أن أصدر عدد من أعضاء المجلس الأعلى للدولة بيانًا، رفضوا فيه موقف مجلسهم، مؤكدين ضرورة السماح لحكومة باشاغا بممارسة مهامها من العاصمة طرابلس.
تقارب ورفض
وقال أعضاء المجلس الأعلى للدولة -في بيان اطلعت «السياق» على نسخة منه- إنهم يدعمون استلام الحكومة الليبية برئاسة فتحي باشاغا مهامها داخل العاصمة، وبسط سيطرتها على التراب الليبي.
ودعا أعضاء «الأعلى للدولة» البعثة الأممية إلى البناء على التقارب الوطني بين مجلسي النواب والأعلى للدولة، ورعايته واحترام سيادة الدولة الليبية ومؤسساتها وقراراتها، صوناً لمهمتها التي وجدت لأجلها، مؤكدين رفضهم أي تدخل سلبي -من أي مصدر كان- ينقض الاتفاق المبرم بين المجلسين.
وبينما طالب البيان، البعثة الأممية بضرورة احترام سيادة القرار الوطني التوافقي ورفض الوصاية على الدولة، أكدوا ضرورة دعم الاستفتاء على مشروع الدستور المنجز من الهيئة المنتخبة احترامًا لإرادة الشعب الليبي.
كما دعوا مجلس النواب إلى استئناف الحوار بين المجلسين لإتمام باقي بنود الخارطة، مؤكدين رفضهم سياسة «مسك العصا من المنتصف»، التي تمارسها المبعوثة الأممية في ليبيا ستيفاني ويليامز، ما يؤدي إلى ترك المشهد السياسي رهنًا بسياسات الأمر الواقع، الذي يقود إلى الرجوع بالحوار إلى الخلف.
وبحسب مراقبين، فإن بيان «الأعلى للدولة»، يكشف انشقاقات داخل المجلس الإخواني، خاصة أن هناك فريقًا من مجلس الدولة يرفض سياسة رئيسه خالد المشري، ويدعو للتوافق بين المجلسين، ومنح الحكومة فرصة لاستلام مهامها، تمهيدًا لإجراء الانتخابات.
مباحثات القاهرة
وبينما توقع المراقبون، أن يكون بيان «الأعلى للدولة»، إحدى ثمار المباحثات التي استضافتها العاصمة المصرية القاهرة، الأسبوع الماضي، ما يبشر بحلول قريبة للأزمة الليبية، إلا أنهم حذروا من أنها قد تكون مناورة من المجلس الإخواني، خاصة أن البيان لم يكن ممهورًا بأي توقيع يدل على هوية الصادر منهم.
ورغم تحذير المراقبين، فإنهم أشاروا إلى أن صدور البيان من دون توقيع المسؤولين عنه، يأتي خوفًا من تعرض الذين صدر عنهم، لممارسات الإخواني خالد المشري والمليشيات المؤيدة له في العاصمة طرابلس، ما دفعهم لإبراز موقف أن هناك تيارًا يؤيد التوافق ويدعو إليه، بلا كشف هويتهم.
إلى ذلك، قال المحلل السياسي الليبي أيوب الأوجلي، في تصريحات لـ«السياق»، إن البيان حمّال أوجه، مشيرًا إلى أنه قد يكون مؤشرًا على أن هناك تيارًا يؤيد إكمال ما بدأه المجلس، في التوافق مع البرلمان على خارطة طريق لإجراء الانتخابات.
ثقل حكومي
وأوضح المحلل الليبي، أن البيان قد يشير -أيضًا- إلى أن لرئيس حكومة الاستقرار فتحي باشاغا ثقلًا على الأرض، دفع هؤلاء الأعضاء لإيضاح موقفهم وإبراز دعمهم لاستلام الحكومة الليبية لمهامها، وإتمام التوافق على بنود خارطة الطريق.
وعن توقيت صدور البيان، قال المحلل الليبي، إنه جاء بعد فشل مباحثات تونس، التي كانت سبب تراجع مجلس الدولة عن موقفه منذ البداية، بسبب الضغط الذي مارسته المبعوثة الأممية إلى ليبيا ستيفاني ويليامز لفرض مبادرتها، التي فشلت.
واقترحت المبعوثة الأممية إلى ليبيا ستيفاني ويليامز، في 3 مارس، مبادرة تتمثل في اختيار 12 عضوًا من مجلسي النواب و«الأعلى للدولة»، لتشكيل لجنة تجتمع 15 يومًا، لإرساء قاعدة دستورية جديدة لليبيا، تجرى على أساسها الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، إلا أن البرلمان لم يستجب للمبادرة التي وصفها بـ«المسار الموازي»، ما أدى إلى فشلها.
حل الأزمة
أما عن تأثير بيان الأعلى للدولة -بشأن دعم حكومة باشاغا- في حل الأزمة، فأكد المحلل الليبي، أن هذا البيان يمثل دعمًا كبيرًا لباشاغا، مشيرًا إلى أنه سيسهم -بشكل أو بآخر- في تسلم رئيس حكومة الاستقرار ووزرائه مهام عملهم من العاصمة طرابلس، بسبب الثقل الذي يمثله مجلس الدولة غربي البلاد بصفة عامة، وفي طرابلس على وجه الخصوص.
وأشار إلى أن الوضع السياسي يفرض على مجلس الدولة العودة للتوافق مع مجلس النواب، خوفًا من انهيار العملية السياسية والرجوع إلى مربع الحرب.