هربًا من العقوبات الأمريكية... مليارات الأثرياء الروس تتجه إلى تركيا
رصدت وول ستريت جورنال -بالصور- وصول عدد من اليخوت الفخمة إلى شواطئ تركيا، بصحبة حقائب ضخمة محملة بملايين الدولارات

ترجمات - السياق
عبر "اليخوت الفاخرة والشقق المطلة على البحر وحقائب السفر المليئة بالنقود"، نقل الأثرياء الروس أموالهم إلى تركيا، بعد أن دفعت العقوبات الغربية والقيود المفروضة على البنوك والشركات الروسية، (أثرياء موسكو) إلى البحث عن ملاذات لأموالهم وأصولهم.
وقالت صحيفة وول ستريت الأمريكية، إن تركيا أصبحت على وجه السرعة، الملاذ الآمن للأموال الروسية، حيث رست اليخوت الفاخرة للأوليغارشية الروس على شواطئ البلاد.
وأشارت إلى أن تدفق الأموال الروسية إلى تركيا، يسلِّط الضوء على الدور المزدوج الذي تلعبه أنقرة، إذ إنها عارضت غزو أوكرانيا، وكانت تعمل كوسيط بين البلدين، مشيرة إلى أن الحليف الاستراتيجي للولايات المتحدة والدولة العضو في "الناتو"، أدان الغزو وباع أسلحة لأوكرانيا، وفي الوقت نفسه رفضت تركيا فرض عقوبات على روسيا، القرار الذي أرادت من خلاله حماية اقتصادها من أسوأ تداعيات الحرب.
رصد واقعي
ورصدت "وول ستريت جورنال" -بالصور- وصول عدد من اليخوت الفخمة إلى شواطئ تركيا، بصحبة حقائب ضخمة محملة بملايين الدولارات، لأصحابها الروس الذين يحاولون حماية ممتلكاتهم من التجميد أو الحجز، أو الاستيلاء عليها من قِبل الغرب.
وذكرت أنه منذ أن بدأت موسكو حربها على أوكرانيا في فبراير الماضي، سافر آلاف الروس إلى تركيا، حيث لا يزال بإمكانهم الطيران مباشرة إلى هناك، متوجهين إلى اسطنبول أو مناطق المنتجعات الساحلية مثل أنطاليا، وأصبحت بعض هذه المدن موطنًا لبعضهم.
ونقلت عن مصادر تركية وروسية تأكيدها أن الروس يستخدمون مجموعة من الوسائل لتجاوز العقوبات الغربية، باستخدام شركات تحويل نقود روسية تعمل في تركيا، إضافة للتحويل باستخدام العملات المشفرة، أو حتى حمل النقود ونقلها عبر المطارات.
وصرحت الحكومة التركية بأنها "لن توقف تدفق الأموال الروسية، حتى من طبقة الأوليغارشية، لأن الأموال قانونية".
وأشارت الصحيفة الأمريكية، إلى أن تركيا تحتاج بشدة إلى العملة الأجنبية، بعد أزمة اقتصادية واجهتها العام الماضي، تسببت في خسارة عملتها الليرة نحو 45% من قيمتها مقابل الدولار في أقل من ثلاثة أشهر.
واستشهدت الصحيفة بتصريح لوزير الخارجية التركي، مولود شاويش أوغلو، خلال مؤتمر دولي في 26 مارس الماضي، قال فيه: "الأوليغارش الروس يمكنهم القيام بأي عمل تجاري في تركيا، إذا كان قانونيًا، ولا يخالف القانون الدولي، أما إذا كان مخالفًا للقانون الدولي فهذه قصة أخرى".
ولفتت إلى أن الولايات المتحدة التزمت الصمت حيال تحويل الأوليغارشية الروس لأموالهم لتركيا، لكنها أشادت بدور أنقرة في استضافة محادثات السلام الروسية الأوكرانية.
تدفق المليارات
وعن تدفق المليارات إلى تركيا، كشفت "وول ستريت جورنال" أن البنك المركزي التركي استطاع الحصول على نحو ثلاثة مليارات دولار خلال يومين في مارس الماضي، نتيجة للمقايضات مع البنوك المحلية.
ونقلت الصحيفة عن عمر جنكال، الاقتصادي والمدير التنفيذي السابق في بنك HSBC تركيا وبنوك تركية أخرى، قوله: تلك الأموال كانت على الأرجح تتكون إلى حد كبير من ودائع من الروس، مضيفًا: "تدفقت هذه الأموال على البنوك التركية، وحولوها إلى البنك المركزي عبر صفقات المبادلة"، متابعًا حديثه في إشارة إلى الروس: "إنهم يرون تركيا ملاذًا آمنًا لأموالهم".
بينما نقلت الصحيفة عن سماسرة عقاريين قولهم: غزو موسكو لأوكرانيا أدى إلى زيادة شراء الروس للعقارات في تركيا، مشيرين إلى أن بعض هؤلاء يسعون إلى الحصول على جواز سفر تركي بموجب برنامج الجنسية، الذي تقدمه الحكومة التركية، من خلال الاستثمار بـ 250 ألف دولار للفرد الواحد.
وقال غول، الشريك المؤسس لشركة Golden Sign Real Estate في اسطنبول، لـ "وول ستريت جورنال": الشهر الماضي بدأ الروس يفوقون عدد عملائه السابقين، الذين جاء معظمهم من الدول العربية، مشيرًا إلى أن الروس -الذين وصلوا حديثًا- يشترون ما يصل إلى أربع شقق في وقت واحد، عادةً نقدًا، لضخ مبلغ الـ250 ألف دولار المطلوب للحصول على الجنسية.
وأضاف: "في الوقت الحالي، بين 10 شقق نبيعها، يشتري الروس ستًا أو سبع شقق"، مضيفًا: "هم في الغالب رجال أعمال، وأثرياء، وبعضهم من القلة الأوليغارشية المقربين من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين".
الأوليغارشية
وفي ما يخص الأوليغارشية، أوضحت "وول ستريت جورنال" أن أشهر الأوليغارشية، الذين أوقفوا أصولهم في تركيا رومان أبراموفيتش -مالك نادي تشيلسي الإنجليزي الذي عرضه للبيع- الذي نقل اثنين من اليخوت العملاقة الخاصة به إلى الموانئ التركية في الأسابيع الأخيرة.
وأشارت الصحيفة، إلى أن أبراموفيتش برز بشكل غير متوقع كلاعب في مفاوضات السلام الروسية الأوكرانية التي توسطت فيها تركيا.
وأوضحت أن بين اليخوت التي رست على الشواطئ التركية أيضًا، يختًا للرئيس الروسي السابق دميتري ميدفيديف، يبلغ طوله 74 مترًا ويطلق عليه يونيفرس، إذ وصل اسطنبول الأسبوع الماضي، وفقًا لبيانات تتبع السفن المتاحة للجمهور.
وبداية غزو أوكرانيا، فحصت الحكومة التركية الأموال الروسية المتدفقة إليها، ونقلت عن مصرفيين ومحللين أتراك قولهم: المقرضون الأتراك، لا سيما البنوك الخاصة، كانوا حذرين أيضًا من التعارض مع العقوبات الغربية، إذ طبقت البنوك القواعد الحكومية بصرامة، واشترطت الحصول على تصريح إقامة قبل فتح أي حساب مصرفي.
إلا أنه سرعان ما أفسحت هذه القيود الأولية المجال لنهج أكثر تساهلاً في التعامل مع الأموال الروسية، مشيرة إلى أنه في فرع واحد من أحد البنوك المملوكة للدولة في اسطنبول، فتح الروس أكثر من 600 حساب في الأسابيع الأخيرة، وفقًا لمطلع على الحسابات.
وأشارت الصحيفة، إلى أن العديد من الفارين من روسيا من الشباب بمن في ذلك الفنانون والعاملون في مجال التكنولوجيا والأكاديميون وغيرهم، ممن عارضوا غزو أوكرانيا أو يخشون إمكانية تجنيدهم في الجيش، مبينة أن كثيرين منهم يحملون مئات أو آلاف الدولارات نقدًا بسبب ضوابط رأس المال التي فرضتها الحكومة الروسية.
ونقلت الصحيفة عن رسلان فوفتشينكو، مصمم الغرافيك البالغ من العمر 25 عامًا، الذي سافر إلى اسطنبول من موسكو في مارس الماضي، بعد احتجاجه على الحرب: "لا أريد أن تُستخدم أموالي لقتل الأوكرانيين، فإذا لم أتمكن من تغيير النظام، سأزيل نفسي من هذا النظام".
وذكرت "وول ستريت جورنال" في تقريرها: "يجلب الروس من الطبقة الوسطى في الغالب بضعة آلاف من الدولارات في وقت واحد، إما نقدًا وإما باستخدام شركات التحويل الإلكتروني الروسية التي لا تزال تعمل في تركيا".