كيف تخطط الإمارات لتصبح قوة فضائية رائدة؟
إنشاء مناطق اقتصادية للأنشطة الفضائية في أبوظبي ودبي والشارقة، للسماح للشركات الناشئة والقائمة بإطلاق عملياتها

ترجمات - السياق
تخطط وكالة الإمارات للفضاء، لتحقيق مزيد من التفوق من خلال الشراكات بين القطاعين العام والخاص، على غرار الطريقة التي تطورت بها وكالة ناسا الأمريكية لعلوم الفضاء، وفق تقرير نشرته صحيفة ذا ناشيونال الناطقة بالإنجليزية.
وأوضحت الصحيفة أن الصعود العالمي لقطاع الفضاء الخاص، كان عامل جذب للحكومات، لأداء دور أكبر في (الوصول إلى النجوم)، وهو ما سلكته دولة الإمارات العربية المتحدة.
وعلى مدى العقد المقبل، تخطط شركة طيران الإمارات لاستثمار أكثر من 3 مليارات درهم (816 مليون دولار) في قطاع الفضاء الخاص، لتنمية قدرات الدولة في الفضاء.
أنشطة فضائية
وكتأكيد لتخطى طموح دولة الإمارات حدود الأرض، واستهداف الفضاء، كشفت "ذا ناشيونال" إنشاء مناطق اقتصادية للأنشطة الفضائية في أبوظبي ودبي والشارقة، للسماح للشركات الناشئة والقائمة بإطلاق عملياتها.
وحسب الصحيفة، يأمل المسؤولون في الإمارات، أن يساعد ذلك البلاد في أن تصبح قوة فضائية في المنطقة، مع نظام بيئي متطور يتألف من مشاريع يقودها القطاعان العام والخاص، على غرار الطريقة التي استفادت بها وكالة ناسا من قوة شركات الفضاء المزدهرة المملوكة للقطاع الخاص في الولايات المتحدة.
وكشف إبراهيم القاسم، نائب المدير العام لوكالة الإمارات للفضاء، في تصريح لـ "ذا ناشيونال"، عن خطط دولة الإمارات لتنمية قطاع الفضاء الخاص.
وقال القاسم: المرحلة المقبلة ستشهد تأسيس المزيد من الشركات التي تهتم بعلوم الفضاء، مشيرًا إلى أن هذه الشركات ستقام داخل المناطق الاقتصادية الفضائية المحددة في أبوظبي ودبي والشارقة، كبداية للمشاركة في البعثات الفضائية المقبلة، التي تخطط لها دولة الإمارات.
وذكر أنه في يناير الماضي، أعلنت دولة الإمارات تعاونًا بين وكالة الإمارات للفضاء ومدينة مصدر في أبوظبي، لإنشاء أول منطقة اقتصادية فضائية، مشيرًا إلى الاستعداد لإنشاء مركز ثانٍ في دبي، (سيعلن عنه قريبًا جدًا).
وكشف القاسم أن هناك منطقة اقتصادية فضائية ثالثة يجرى الإعداد لها في مدينة الشارقة، مضيفًا: "لقد أنفقنا أكثر من 1.5 مليار درهم (408 ملايين دولار) على بناء القدرات في صناعة الفضاء، على مدى السنوات الثماني الماضية، وسنضاعف هذا المبلغ في العقد المقبل".
القوانين واللوائح
وشددت "ذا ناشيونال" على أن القوانين واللوائح، بما في ذلك التصاريح، التي تسمح للشركات المهتمة بإقامة قاعدة في الإمارات العربية المتحدة، متاحة من خلال قانون الفضاء، الذي أقِر عام 2019.
وأوضحت أنه سيكون متاح للشركات أيضًا فرص الوصول إلى التمويل، من خلال مبادرة جديدة أطلقتها وكالة الفضاء الإماراتية، تسمى Space Analytics and Solutions (برنامج حلول الفضاء)، تبلغ ميزانيتها 20 مليون درهم.
ويهدف البرنامج -حسب الصحيفة- إلى مساعدة الشركات الناشئة في بناء تطبيقات فضائية، تركز على الأمن الغذائي وتغير المناخ والبنية التحتية وصناعة النفط والغاز، بينما تأمل وكالة الفضاء أن تصبح هذه الشركات، مع تقدمها، أقل اعتمادًا على التمويل الحكومي.
وعن هذا الأمر يقول القاسم: "الفضاء مكلف والتعامل معه صعب، لذلك سيظل دور الحكومات استيعاب مخاطر بدء هذه الشركات"، مشيرًا إلى أن بعض أعظم الشركات الخاصة في الفضاء -على سبيل المثال SpaceX الأمريكية التي أسسها إيلون ماسك عام 2002، لتقليل تكاليف النقل الفضائي وللتمكن من استعمار المريخ- لم تكن لتحقق هذا النجاح المذهل، لولا دعم وكالة ناسا والعقود الحكومية.
ومع ذلك فإن هذا النجاح الكبير -الذي حققته سبيس إكس- جاء بسبب الطريقة التي تمكّنوا بها من دعم الابتكار وعدم الاعتماد على ميزانية حكومية مفتوحة، مضيفًا: "أجبروا على الابتكار وتغيير ما نعتقد أنه ممكن في الفضاء، ومن ثمّ أعتقد أننا سنواصل ذلك".
استكشاف المريخ
وترى "ذا ناشيونال" أن مهمة الإمارات لاستكشاف المريخ، مهدت الطريق أمام قطاع الفضاء الخاص، مشيرة إلى أن رحلة دولة الإمارات العربية المتحدة، نحو تنمية قطاع الفضاء الخاص، بدأت مع مهمة استكشاف المريخ، لشركة محلية غير متخصصة في الفضاء بتصنيع أجزاء لمركبة هوب (أمل) الفضائية.
ففي فبراير 2021، نجحت الإمارات في وضع مسبار الأمل في مدار كوكب المريخ، بعد رحلة استغرقت سبعة أشهر، لتصبح بذلك أول دولة عربية تصل إلى الكوكب الأحمر.
وعن أهمية هذا الأمر، قال القاسم: التأثير المتتالي لبعثة الإمارات لاستكشاف المريخ هائل للغاية، بما في ذلك زيادة الوعي والاهتمام بالفضاء والعلوم والتكنولوجيا، مضيفًا: "لقد رأينا الكثير من الاهتمام بإنشاء شركات ناشئة لعلوم الفضاء".
وكشفت "ذا ناشيونال" أن مهمة الفضاء الكبيرة المقبلة لدولة الإمارات العربية المتحدة، ستكون إنشاء مركبة فضائية لاكتشاف سبعة كويكبات، وللتحليق بالقرب من كوكب الزهرة، مشيرة إلى أن بناءها سيكون -في الغالب- من قِبل القطاع الخاص.
ووصفت الصحيفة، اهتمام دولة الإمارات بإنشاء شركات جديدة لعلوم الفضاء، بأنها "لحظة حاسمة" بالنسبة لطموحات الدولة في إنشاء قطاع خاص راسخ، إضافة إلى تمهيد الطريق لمهام مستقبلية أكثر تعقيدًا.
كما أنه من المؤمل أيضًا -حسب الصحيفة- أن تبدأ الشركات المحلية، التي لا تلبي حاجات قطاع الفضاء، المشاركة كما فعلت مع مهمة مسبار الأمل إلى كوكب المريخ.
وفقًا لـ "ذا ناشونال"، فإن ما يؤكد اهتمام الإمارات بعلوم الفضاء، تأسيس مركز محمد بن راشد للفضاء في دبي، لتنفيذ المهام الفضائية الرائدة في دولة الإمارات، مشيرة إلى أن المركز يعمل مع عدد من الشركات على القمر الاصطناعي MBZ-Sat المقرر إطلاقه عام 2023 لتصوير الأرض.
ونقلت "ذا ناشيونال" عن المهندس عامر الصايغ الغافري، مدير إدارة تطوير الأنظمة الفضائية في مركز محمد بن راشد للفضاء، مدير مشروع القمر الاصطناعي الجديدMBZ-Sat، قوله: 90 في المئة من القمر الاصطناعي ستبنى محليًا.
وأضاف: "التحدي الرئيس الذي نواجهه عندما نعمل مع القطاع الخاص، أنهم اعتادوا الصناعات القائمة مثل النفط والغاز والسيارات أو البنية التحتية، لكن عندما يتعلق الأمر بأنظمة الأقمار الاصطناعية، من الصعب إقناعهم بأن ذلك سيكون له أسلوب تعامل مختلف، لكبر حجم هذه المشروعات".
وأشارت "ذا ناشيونال" إلى أن مركز الفضاء يعمل بشكل وثيق مع الشركات، لإرشادهم بكيفية بناء أجزاء الأقمار الاصطناعية، مبينة أن مجموعة فالكون -على سبيل المثال- وهي مؤسسة مقرها الإمارات العربية المتحدة، تصنِّع الآن قطع غيار لمحطة MBZ-Sat.
كما أطلق مركز الفضاء أيضًا برنامج Space Ventures الذي يوفر مساحة مكتبية وإرشادات للشركات الناشئة، مشيرة إلى أنه لتنمية القطاع الخاص بشكل أكبر، تعمل وكالة الفضاء أيضًا على جلب سياحة الفضاء إلى الإمارات العربية المتحدة.