كيف يخطط رئيس وزراء باكستان المعزول للعودة إلى منصبه؟
عمران خان عندما كان لاعبًا للكريكيت، كان خجولا في إظهار مشاعره، حتى في لحظات المجد، إذ كان متحفظًا في تقديم التهنئة أو احتضان الآخرين، لكن بعد أن أصبح رئيسًا للوزراء، تعلم إطلاق العنان لعواطفه، وأصبح سريع الغضب بدرجة كبيرة

ترجمات - السياق
الأسبوع الماضي، شاهد الباكستانيون شيئًا ما خارج نطاق توقعاتهم، حيث كان عمران خان يذرف الدموع ويخاطب الأمة عبر التلفاز، قبل أن ترغمه المحكمة العليا، على المثول أمام البرلمان لمواجهة تصويت سحب ثقة، انتهى بخسارته منصبه، حيث حل محله شهباز شريف.
كان عمران خان قد رفض تصويت سحب الثقة، وأصدر قرارًا بحل الحكومة والبرلمان، لكن المحكمة الباكستانية العليا أعلنت بطلان هذه الإجراءات.
فيلم مثير
في مقال بصحيفة الغارديان البريطانية، قال الكاتب محمد حنيف: "رفض خان قبول قواعد البرلمان في هذا الشأن، وحاول تفادي حكم المحكمة العليا، ولم يرضخ إلا قبل دقائق من مهلة منتصف الليل التي حددها القضاء. لقد حوَّل إجراءً برلمانيًا عاديًا إلى فيلم مجهد للأعصاب يحتوي على ذروة الإثارة".
وأضاف: "لقد تصرف خان كأنه طفل، يدرك للمرة الأولى أن الأطفال الآخرين لديهم أعياد ميلاد أيضًا، إنه يؤمن بأنه إما أن يكون حاكمًا للبيت، وإما أن يحرقه".
وفي خطابه اللاحق للأمة في الثامن من أبريل الجاري، كرر خان مزاعمه بأن الولايات المتحدة هي التي أرادت إطاحته، ووجه سؤالًا إلى الشعب عما إذا كان يرغب في أن يرى باكستان أمة حرة أم تابعة لواشنطن.
وتابع خان في سياق خطابه: "لن تستطيع الولايات المتحدة فعل هذا الأمر مع الهند" قبل أن يبكي وتختنق كلماته.
وأشار الكاتب إلى أن خان عندما كان لاعبًا للكريكيت، كان خجولا في إظهار مشاعره، حتى في لحظات المجد، إذ كان متحفظًا في تقديم التهنئة أو احتضان الآخرين، لكن بعد أن أصبح رئيسًا للوزراء، تعلم إطلاق العنان لعواطفه، وأصبح سريع الغضب بدرجة كبيرة.
ومع اقترابه من السبعين من عمره، تحول خان إلى هذا الشاب الغاضب، الذي يتفوه بجمل متناقضة، واحدة تلو الأخرى.
تناقض خان
ولإظهار تناقضه، كشف الكاتب أن خان ظل أكثر من عقدين من الزمان بعيدًا عن السياسة الباكستانية، إلا أنه كان الأكثر شعبية كلاعب كريكيت شهير، يعيش في العاصمة البريطانية لندن، بعيدًا عن بلاده.
وأشار إلى أنه حينما تحول إلى السياسة "أراد أن يكون الملك المنقذ"، وللحصول على الوظيفة الحلم، تخلص من مثاليته.
قبل أن يصعد خان إلى السلطة، صرح بأنه يفضل الموت على الذهاب إلى صندوق النقد الدولي للحصول على قرض، لكنه بعد أشهر قليلة فعل ذلك، متوسلًا إلى المؤسسة الدولية طالبًا العون، وأحاط نفسه بسياسيين وصفهم بأنهم سبب مشكلات باكستان، وفقًا لمحمد حنيف.
الأب الروحي
كرئيس للوزراء، تجنَّب خان التعامل مع المشكلات الهيكلية للبلاد، وفضَّل المضي قدمًا في ما يشبه حملة صليبية أخلاقية، لأنه في شبابه عاش حياة من الخطايا في الغرب، والآن لم يكتفِ بالتكفير عن ذلك، لكنه أراد أن يكون الأب الروحي للأمة.
ولم يكن عمران خان يعد نفسه زعيمًا لباكستان فحسب، بل قائدًا للأمة (المجتمع الإسلامي) الذي بإمكانه ممارسة تمرين الضغط 60 مرة متتالية.
الشهر الماضي، ألقى خان محاضرة لوزراء خارجية دول منظمة التعاون الإسلامي عن كيف يكون الجنس مسؤولًا عن ارتفاع معدلات الطلاق، رغم أنه نفسه تزوج ثلاث مرات.
ووقتما كان في صفوف المعارضة، اعتاد خان مهاجمة حكام باكستان، وظل يتحدث عن الفساد والمحسوبية، لكنه بعد وصوله إلى السلطة بدا مضطربًا ومشتتًا، كما لو كان يريد العودة إلى الشارع.
خان والجيش
ووفقًا للكاتب محمد حنيف، فإن خان نادرًا ما كان يذهب إلى البرلمان، بداعي أنه لا يستطيع الجلوس مع اللصوص وناهبي البلاد.
وفي مواجهة التصويت بحجب الثقة، ذكر الكاتب أن خان انتظر أن يأتي الجيش لإنقاذه، إلا أن ذلك لم يحدث، مشيرًا إلى أنه حينما تولى السلطة، احتفل الجيش بذلك، وحماه من معارضيه السياسيين.
وأشار إلى أنه كان هناك شعور قوي داخل القوات المسلحة الباكستانية، بأن الأمريكيين تخلوا عنهم في "حربهم على الإرهاب"، ومن ثمّ فقد رأوا في خان رجلاً قويًا في التعامل مع الغرب، ويستطيع فرض شروطه.
بيد أن ذلك لم يستمر، بعد اختلاف خان مع الجيش، الذي شعر بإهانة كبيرة، عندما أراد رئيس الوزراء أن يجعل أحد رجاله مستمرًا رئيسًا للمخابرات الداخلية.
تحركات المعارضة
وأفاد الكاتب بأن الجيش يعادي أي رئيس وزراء مدني يتدخل في شؤونه، وكيفية إدارته لسياسة الدفاع بالدولة.
وبمجرد سحب الجيش الباكستاني دعمه لخان، تحركت أحزاب المعارضة للقضاء على رئيس الوزراء.
وتساءل الكاتب: "لماذا لم يوجه خان اللوم للجيش على عزله؟ وأجاب: "خلف هذا الوجه الحاد لخان، ثمة شخص براجماتي. ورغم أن كوادره الحزبية تشتعل غضبًا ضد الجيش بسبب التخلي عنهم، فإن خان نفسه لا يريد أن يهدم الجسر الذي قد يعيده يومًا إلى منصبه".
وقال الكاتب: "لقد صعد خان إلى السلطة، من خلال إقناع الناخبين بأنه السياسي النظيف الوحيد، وأن مَنْ سواه فاسدون. والآن يتهم أي شخص يعارضه بأنه ليس فاسدًا فحسب، لكنه خائن ودمية أمريكية، لم يبدو خان مرتاحًا في منصبه، والآن عاد إلى الشارع، حيث يستطيع بدء حملته لإنقاذ الدولة".