دبلوماسي أمريكي: إزالة الحرس الثوري من قوائم الإرهاب حماقة استراتيجية 

إزالة الحرس الثوري الإيراني من قائمة المنظمات الإرهابية الأجنبية، سيعرض حياة الأمريكيين للخطر

دبلوماسي أمريكي: إزالة الحرس الثوري من قوائم الإرهاب حماقة استراتيجية 

ترجمات-السياق

رأى المبعوث الأمريكي الخاص السابق لإيران إليوت أبرامز، أن توقف مفاوضات الولايات المتحدة مع إيران بشأن الصفقة النووية كان بسبب مشكلة واحدة، هي إصرار طهران على إزالة الحرس الثوري الإيراني من قائمة المنظمات الإرهابية الأجنبية الخاصة بوزارة الخارجية الأمريكية، وأن يكون إسقاط العقوبات المتعلقة بالإرهاب المفروضة على الكيان جزءًا من أي اتفاق نووي.

وقال أبرامز، في تحليل لمجلة "ناشيونال إنترست" الأمريكية: بينما يبدو أن الولايات المتحدة لم تستسلم، فإن هناك بعض المؤشرات التي تثير القلق.

شطب الحرس الثوري

وأضاف أبرامز: العام الماضي، زعمت ثلاث مجموعات على الأقل من المصادر، بما في ذلك تقارير الحكومة الإيرانية الرسمية، والتسريبات الخاصة بالمسؤولين الحكوميين الأمريكيين السابقين، المزعومة من الموظفين، ومختلف الأخبار والقصص الإعلامية، أن إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن ستشطب الحرس الثوري الإيراني من قائمة المنظمات الإرهابية، كجزء مما يبدو بشكل متزايد كنسخة أصغر من الاتفاق النووي لعام 2015 المعروف بخطة العمل المشتركة الشاملة، رغم آراء الرئيس الأمريكي في الحاجة إلى كبح جماح الإرهاب المدعوم من طهران، وضرورة فرض عقوبات على الإرهاب.

وتابع: "صحيح أن الإخفاق في التطبيق الصارم للعقوبات الأمريكية الحالية (مثل تلك المتعلقة بالنفط) على إيران، وضع واشنطن في موقف حرج في المفاوضات النووية، ومنح طهران الضوء الأخضر للتصعيد النووي والابتزاز، ولكن رفع العقوبات المتعلقة بالإرهاب عن الكيان المسؤول عن تحريك جهاز رعاية الإرهاب الخاص بإيران، سيكون حماقة استراتيجية".

محاربون قدامى

أوضح أبرامز، وهو عضو بارز في المجلس الأمريكي للعلاقات الخارجية، أن الحرس الثوري الإيراني أنشئ قبل أربعة عقود كقوة عسكرية موازية للجيش، مشيرًا إلى أنه "كما يقول محللون فإن الجيش يحمي الدولة، لكن الحرس الثوري الإيراني يحمي الثورة".

 وفي العقود التالية، أصبح الحرس الثوري لاعباً قوياً، وربما الأقوى، داخل طهران، فإضافة إلى أنه يتضمن 190 ألف عضو، فإن لديه عددًا لا يُحصى من المحاربين القدامى والمؤيدين عبر المؤسسات الإيرانية السياسية والاجتماعية والدينية والعسكرية والتعليمية والاقتصادية، ولعل أقرب شبيه له هو جهاز "كي جي بي" السوفييتي في ذروة قوته، على حد قول أبرامز.

وأضاف أبرامز، الذي تولى العديد من المناصب في السياسة الخارجية الأمريكية خلال العقود الأربعة الماضية: "لقد شارك الحرس الثوري الإيراني في أعمال الإرهاب أو الاختطاف أو زعزعة الاستقرار الإقليمي عبر قارات عدة طوال فترة وجوده، وكان في طليعة جهود إيران لتصدير ثورتها".

تصنيف رمزي

ورأى أبرامز أنه من غير المحتمل أن ترغب إيران في المخاطرة بالصفقة النووية، التي ستساعدها في تحرير نحو 130 مليار دولار من الأصول المجمدة بسبب إلغاء تصنيف يعده البعض "رمزيًا".

وأضاف أبرامز الذي كان مساعداً للرئيس الأمريكي السابق جورج دبليو بوش، ورئيساً لمجلس الأمن القومي لشؤون الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في عهده، أنه عند الجمع بين احتمالات رفع اسم الحرس الثوري الإيراني من القائمة، مع انتهاء الفترة الزمنية للاتفاق النووي، فإن الصورة ستزداد قتامة.

وحذر من أنه ما لم يعدل الاتفاق النووي بشكل كبير، فإن ذلك سيؤدي لتحرير الحرس الثوري في أوروبا، ما يسبب مشكلات في تنسيق العقوبات، في أي اتفاق جديد خاص بالمجتمع عبر الأطلسي.

ووفقاً لخطة العمل المشتركة الشاملة، من المقرر أن يزيل الاتحاد الأوروبي مجموعة من الكيانات من قوائم عقوباته، بما في ذلك الحرس الثوري الإيراني في أكتوبر 2023، أي بعد أكثر من عام بقليل من الآن، حسب أبرامز.

تخفيف العقوبات

كما يسيطر الحرس الثوري الإيراني على نحو 30% من الاقتصاد الإيراني، كما أنه كان، إلى جانب مجموعة من الكيانات المرتبطة بأسوأ الجهات الفاعلة في إيران، من المستفيدين الرئيسين على المستوى الاقتصادي من اتفاق 2015، ولا تزال هذه الجهات الفاعلة في موقع رئيسي على الصعيدين السياسي والاقتصادي في طهران، للاستفادة مرة أخرى من تخفيف العقوبات المحتمل.

فعلى سبيل المثال، سلطت وزارة الخزانة الأمريكية، عام 2020، الضوء على أن فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني، كان مستفيداً رئيساً من مبيعات النفط غير المشروعة، من كيانات مثل شركة الناقلات الوطنية الإيرانية، وشركة النفط الوطنية الإيرانية، ومن المرجح أن يحصل كلاهما على شكل من أشكال تخفيف العقوبات، بموجب أي اتفاق نووي جديد، وفقاً لأبرامز.

وقال السياسي الأمريكي: "رفع العقوبات الإرهابية عن كيان لديه القدرة والنية على تنفيذ العمليات الإرهابية والملطخة يديه بدماء الأمريكيين وحلفائهم، أمر لا يبشر بالخير بالنسبة لسياسة الولايات المتحدة في مجال مكافحة الإرهاب أو الشرق الأوسط في المستقبل".

محاولة اغتيال

وأشار أبرامز إلى أن العديد من المسؤولين الأمريكيين السابقين، بمن فيهم وزير الخارجية السابق مايك بومبيو، بحاجة إلى الحماية الأمنية، لأن الحرس الثوري الإيراني يحاول اغتيالهم، كما أنه يدعو الأمريكيين إلى الاشتراك في الإرهاب الداخلي، ولذا فقد تساءل: "كيف يمكن للولايات المتحدة إزالة الحرس الثوري من قائمة المنظمات الإرهابية الأجنبية، في الوقت الذي يحاول فيه بنشاط اغتيال الأمريكيين؟ وماذا ستقوله هذه الإزالة عن التزام واشنطن ببرنامج جاد لمكافحة الإرهاب؟".

وحذر أبرامز من أنه في حال إزالة الإدارة الأمريكية عقوبات الإرهاب عن الحرس الثوري الإيراني، فمن المرجح أن تضاعف مجموعة الميليشيات الإيرانية في العراق، التي تشكل جزءًا رئيساً من المقاومة هناك، هجماتها بالصواريخ والطائرات من دون طيار ضد المواقع الأمريكية بدلاً من الاستسلام، مشيراً إلى أن واشنطن لا تحتاج إلى النظر إلى أبعد من اليمن، لترى كيف صعد المتمردون الحوثيون -المدعومون من طهران- هجماتهم بالصواريخ والطائرات من دون طيار على المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، في أعقاب إلغاء تصنيفهم منظمة إرهابية أجنبية.

وأوضح أبرامز أنه سواء عقدت صفقة مع طهران أم لا، فإن مصلحة الأمن القومي للولايات المتحدة، تتمثل في الاحتفاظ بأهم سلطة أمريكية لمكافحة الإرهاب وإنفاذها ضد الذراع الطويلة للدولة الأولى الراعية للإرهاب في العالم، ولذا فإن إزالة الحرس الثوري الإيراني من قائمة المنظمات الإرهابية الأجنبية، سيعرض حياة الأمريكيين للخطر.