صديق بوتين الشخصي في قبضة أوكرانيا... فمن هو ميدفيدتشوك؟

ميدفيدتشوك ليس اسمًا مألوفًا على الأرجح خارج المنطقة، لكن تأثيره في السياسة الأوكرانية والروسية، جعله لاعبًا رئيسًا في الصراع، بخلاف كونه عضوًا نادرًا في الدائرة المقربة من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.

صديق بوتين الشخصي في قبضة أوكرانيا... فمن هو ميدفيدتشوك؟
فيكتور ميدفيدتشوك

السياق

في ضربة جديدة للعملية العسكرية الروسية بأوكرانيا، اعتُقل –الثلاثاء- فيكتور ميدفيدشوك، السياسي الأوكراني الذي يعد أحد المقربين من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.

فبعد هروبه من الإقامة الجبرية، أعلن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، اعتقال الملياردير فيكتور ميدفيدتشوك، الذي يعد من أكثر الوسطاء السياسيين المؤثرين بالكواليس في أوكرانيا، أكثر من ثلاثة عقود.

كان ميدفيدتشوك، هرب من الإقامة الجبرية، بعد أيام من الهجوم الروسي على أوكرانيا أواخر فبراير الماضي، إلا أن محاميه قال إن موكله أجبر على الفرار بسبب تهديدات من جماعات قومية وسط الصراع.

لكن بعد ساعات من نشر زيلينسكي صورة لميدفيدتشوك مقيد اليدين على حسابه بـ«تيليجرام»، قالت أجهزة الأمن الأوكرانية في بيان: «يمكنك أن تكون سياسيًا مواليًا لروسيا وتعمل لدى الدولة المعتدية سنوات. ربما تكون مختبئًا من العدالة. يمكنك حتى ارتداء زي عسكري أوكراني للتمويه».

وتابع البيان الأوكراني: «لكن هل يساعدك ذلك في الهروب من العقوبة؟ لا على الإطلاق! الأغلال في انتظارك، وينطبق الشيء نفسه على خونة أوكرانيا مثلك».

بدوره، قال إيفان باكانوف، رئيس المخابرات الأوكرانية، إن قواته نفذت عملية خاصة متعددة المستويات وسريعة وخطيرة، لتأمين اعتقال ميدفيدتشوك.

وشكر إيفان باكانوف، رئيس جهاز الأمن، المحققين وضباط مكافحة التجسس الذين «أثبتوا احترافهم وأجروا عملية خاصة متعددة المستويات وخطيرة لاعتقال النائب ميدفيدشوك».

ولم يعلق المتحدث باسم الكرملين، ديمتري بيسكوف، على أنباء القبض على ميدفيدتشوك، قائلًا للصحفيين الروس: «هناك الكثير من الأنباء المزيفة من أوكرانيا ويجب التحقق من ذلك».

تأتي هذه الخطوة بعدما قال زيلينسكي -في مارس- إن منصة المعارضة من أجل الحياة، وكذلك بعض الأحزاب السياسية الأصغر الأخرى المرتبطة بروسيا، جرى تعليقها في أوكرانيا.

 

مَنْ هو ميدفيدتشوك؟

ميدفيدتشوك ليس اسمًا مألوفًا على الأرجح خارج المنطقة، لكن تأثيره في السياسة الأوكرانية والروسية، جعله لاعبًا رئيسًا في الصراع، بخلاف كونه عضوًا نادرًا في الدائرة المقربة من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.

وعلى مدى العقود الثلاثة الماضية، استخدم ميدفيدتشوك علاقته الوثيقة ببوتين -الأب الروحي لابنته الصغرى- لتنصيب نفسه واحدًا من أقوى السياسيين في الغرف الخلفية بأوكرانيا، فضلاً عن أنه من أغنى الشخصيات، بنحو 620 مليون دولار.

وأطلق على ميدفيدتشوك «الكاردينال الرمادي» بسبب قوته التي لا تضاهى، وسلوكه غير الواضح داخل النظام السياسي الأوكراني، وقد منحه منتقدوه في السنوات الأخيرة لقبًا جديدًا "أمير الظلام".

علاقة وثيقة ببوتين

تعود الصداقة الطويلة بين بوتين وميدفيدشوك إلى عام 2003، عندما قدم ألكسندر فولوشين، الذي كان آنذاك رئيس إدارة الكرملين، وفقًا لملف مستقل عام 2018.

وسرعان ما اكتشف الرجلان أنهما يتشاركان «وجهات نظر قريبة في العالم» بامتياز ملحوظ.

وقال ميدفيدشوك لمنافذ أوكرانيا وروسيا: «يعتقد بوتين أننا أمة واحدة، لكنني أعتقد أنها ليست أمة واحدة، بل دولتان لهما تاريخ متشابك ودين(...) أقول له ذلك طوال الوقت. لا أعتقد أنها أمة واحدة. ببساطة لا يمكنك قول ذلك».

وأصر بوتين -مرارًا وتكرارًا- على أن أوكرانيا ليست دولة ذات سيادة، لكنها جزء تاريخي وثقافي من روسيا. وقال الخبراء إن هوس بوتين بإخضاع الأوكرانيين، كان عاملًا في قراره بغزو البلاد.

لكن نقطة الخلاف هذه لم تمنع الرجلين من التقارب. وزار ميدفيدتشوك بوتين في منزله بموسكو وسوتشي، وانضم إلى الرئيس الروسي لمشاهدة سباقات الفورمولا1 ومحاربة بطولات سامبو، وفقًا لصحيفة واشنطن بوست.

وكتب ميخائيل زيغار، الصحفي الروسي ومؤلف كتاب «كل رجال الكرملين» في كتابه أن بوتين يعتقد أنه لا يمكن التعامل مع أي مسألة تتعلق بأوكرانيا من دون ميدفيدشوك.

وكان ميدفيدتشوك قال في تصريحات لصحيفة إندبندنت إنها ستكون «خطيئة» بالنسبة له ألا يستخدم علاقته الوثيقة ببوتين في التعاملات السياسية الأوكرانية، وهي العقلية التي ساعدت في تعزيز نفوذ ميدفيدتشوك ومكانته في السياسة الروسية والأوكرانية.

 

مبعوث ضروري

وفي أعقاب ضم روسيا شبه جزيرة القرم الأوكرانية عام 2014، عاقبت الحكومة الأمريكية ميدفيدتشوك، واتهمته بالمساهمة في الصراع بأوكرانيا، وتقويض العمليات والمؤسسات الديمقراطية في بلاده.

وفي مقابلة عام 2016 مع إذاعة «أوروبا الحرة»، قال ميدفيدتشوك إن القرم جزء قانوني من أوكرانيا، لكنها «في الواقع، للأسف  تنتمي إلى روسيا»، مضيفًا أنه من غير المرجح إعادة الأرض إلى أوكرانيا، متهمًا الحكومة الأوكرانية بعزل سكانها لدرجة قبولهم السيطرة الروسية.

ومع اندلاع التوترات شرقي أوكرانيا مع الانفصاليين المدعومين من موسكو بعد الضم، نصب ميدفيدتشوك نفسه على أنه مبعوث ضروري بين المسؤولين الأوكرانيين والروس، ينقل الرسائل بين البلدين ويساعد في مفاوضات السجناء، وفقًا للصحيفة.

ولم يكن ميدفيدتشوك خجولًا بشأن الترويج لأهميته السياسية، قائلًا لصحيفة إندبندنت إنه كان متحمسًا لمفاوضات السجناء، لأنه أراد «أن يكون الناس في المنازل مع عائلاتهم».

 

موال للكرملين

وفي نوفمبر 2018، سلَّط ميدفيدتشوك الضوء على دوره كوسيط قوة مؤثر بشكل فريد بين أوكرانيا وروسيا، فنصب نفسه رئيسًا للحزب السياسي الأوكراني من أجل الحياة.

ورفض ميدفيدشوك المزاعم القائلة إن الحزب موالٍ لروسيا، رغم البرنامج الذي يدعو -بلا شك- إلى توثيق العلاقات بموسكو ويردد -في كثير من الأحيان- دعاية الكرملين.

وقالت صحيفة إنسايدر، إنه كان يُعتقد أن ميدفيدشوك الخيار الأفضل لروسيا بديلًا لزيلينيسكي، مشيرة إلى أنه إذا كانت روسيا استولت على كييف، فإن العديد من الخبراء كانوا يعتقدون أن ميدفيدتشوك كان سيُنصب زعيمًا جديدًا.

لكن دور ميدفيدشوك كوسيط أوكراني روسي، انتهى عام 2019 عندما فاز زيلينسكي بالرئاسة.

وجرى تجميد مجموعات، بعدما وقَّع زيلينسكي مرسومًا يتهم السياسي بتمويل الإرهاب، عن طريق تحويل أموال من مصفاة مقرها روسيا إلى الانفصاليين، في جمهوريتي دونيتسك ولوهانسك الشعبيتين شرقي أوكرانيا، وهي مزاعم نفاها ميدفيدتشوك.

وبعد ثلاثة أشهر، اتهم المدعون ميدفيدتشوك وزميله من أعضاء البرلمان المعارض، بالخيانة العظمى، ووضعوا ميدفيدشوك قيد الإقامة الجبرية، وشجب الكرملين هذه الخطوة ووصف الاعتقال بأنه «مطاردة الساحرات».

وعندما اندلع الصراع مع الانفصاليين الذين تدعمهم موسكو شرقي أوكرانيا بعد أشهر، وجد المسؤولون الأوكرانيون أن ميدفيدتشوك وسيلة مفيدة مع الكرملين، الذي يمكنه نقل رسائل إلى المسؤولين الروس، والمساعدة في التفاوض على تبادل الأسرى مع المسلحين.