الاختيار 3 نكأ الجراح... ما سر العلاقة بين إيران والإخوان؟
قالت مصادر مقربة من الإخوان، في تصريحات للسياق، إن التنظيم حاول تشكيل مليشيات مسلحة شبه رسمية، بعد فشل اختراق الجيش المصري، مشيرة إلى أن هذه الفكرة طرحت خلال زيارة الرئيس الإخواني المعزول محمد مرسي إلى إيران في أغسطس 2012.

السياق
بـ«الزيارات الرئاسية المتبادلة»، أتاح تنظيم الإخوان الإرهابي، فرصة ذهبية، لإيران بالتغلغل في الشؤون الداخلية لمصر خلال حكمه لها، في محاولة للدفع بالبلد الإفريقي ذي الكثافة السكانية الأكبر، إلى هوة التبعية لأجندات خارجية تريد العبث بأمن المنطقة.
فكلمة السر «مصر»، هكذا يعلم «الإخوان»، أن القاهرة إذا سقطت في براثنه، ستتداعى بعض العواصم العربية لتقع في قبضته، إلا أن القاهرة قهرت التنظيم الإرهابي وأقصت أحلامه التوسعية، وقضت على المشروع الإيراني في المنطقة، بعد أن لفظهم ملايين المصريين في ثورة شعبية اقتلعت جذورهم.
تشويه التاريخ
ذلك المشروع ، بدا واضحًا، خاصة بعد زيارتي الرئيس الإيراني الأسبق إلى مصر والرئيس الإخواني الأسبق محمد مرسي إلى طهران، إلا أن التنظيم الذي حاول تشويه التاريخ وادعاء المظلومية، فضحه عمل درامي، سلَّط الضوء على العلاقة الخفية بين الإخوان والنظام في إيران.
وكشف مسلسل «الاختيار 3»، الذي يعرض على الشاشات المصرية منذ الأول من رمضان الجاري، كواليس وخبايا حكم جماعة الإخوان الإرهابية في مصر، قبل إطاحتهم في 30 يونيو 2013، بينها علاقة التنظيم بإيران وبمشروعها التوسعي في المنطقة، الذي يرتكز على استبدال مليشيات بالجيوش النظامية.
ولدى الحكومات الإيرانية التزام بضرورة توطيد العلاقات مع حركات الإسلام السياسي في العالم، بحسب ديباجة الدستور الإيراني الصادر عام 1979، تحت عنوان «أسلوب الحكم في الإسلام».
وتنص فقرة «أسلوب الحكم في الإسلام» على أنه «بالنظر إلى محتوى الثورة الإسلامية في إيران، التي كانت حركة تهدف إلى نصرة جميع المستضعفين على المستكبرين، فإن الدستور يعدّ الظروف لاستمراريّة هذه الثورة داخل البلاد وخارجها، خصوصاً بالنسبة لتوسيع العلاقات الدولية مع الحركات الإسلاميّة والشعبيّة حيث يسعى إلى بناء الأمة الواحدة في العالم».
المكافأة الأكبر
أيديولوجية إيرانية ثابتة -في تعاملها منذ عقود- مع تيارات الإسلام السياسي، لتمكينه من الحكم في بلاده، ليكون والبلد الذي يتغلغل فيه تابعين لها، إلا أن تلك الاستراتيجية دخلت مرحلة «ذهبية» مع المكافأة الأكبر، التي حصدها الإخوان بتوليهم السلطة في مصر، عام 2012.
ورغم تواصل إيران المستمر ودعمها لحركات الإسلام السياسي، بينها تنظيم الإخوان، فإن العلاقة بينهما أخذت منحى آخر، بعد فشل الجماعة الإرهابية في السيطرة على الجيش والشرطة، وتفكيرها في تشكيل «حرس ثوري»، على غرار تلك المليشيا الإيرانية، لتكون بديلًا لأحد أقوى جيوش العالم.
مليشيات مسلحة
إلى ذلك، قالت مصادر مقربة من الإخوان، في تصريحات لـ«السياق»، إن التنظيم حاول تشكيل مليشيات مسلحة شبه رسمية، بعد فشل اختراق الجيش المصري، مشيرة إلى أن هذه الفكرة طرحت خلال زيارة الرئيس الإخواني المعزول محمد مرسي إلى إيران في أغسطس 2012.
ومع تصاعد الحراك الشعبي ضد التنظيم الإخواني، ورفض الجيش النزول للشارع، لمواجهة التظاهرات الرافضة لوجوده، بدأ المشروع يأخذ منحى جديًا بين الجانبين، خاصة مع زيارة الرئيس الإيراني آنذاك محمود أحمدي نجاد إلى القاهرة في فبراير 2013، بحسب مصادر «السياق».
من جانبه، قال الدكتور محمد محسن أبو النور، رئيس المنتدى العربي لتحليل السياسات الإيرانية، في تصريحات لـ«السياق»، إن مهمة تشكيل الحرس الثوري عهد بها إلى قاسم سليماني، الذي كان أقوى شخصية عسكرية في إيران، والعقل الاستراتيجي لطموحاتها في الشرق الأوسط.
قوات موازية
وأوضح أبوالنور، أن قاسم سليماني، الذي زار القاهرة عام 2013، منتحلًا شخصية تاجر بجواز سفر مزور، كان أداة إيران لتشكيل حرس الإخوان، مشيرًا إلى أنه التقى قيادات إخوانية على رأسها خيرت الشاطر في ما يعرف بـ«منازل إخوانية آمنة» في منطقتي مدينة نصر والتجمع الخامس (شرقي القاهرة)، ومحافظة الأقصر جنوبي البلاد.
ونصح سليماني، القيادي الإخواني خيرت الشاطر، بالإسراع في تأسيس قوات موازية للجيش والشرطة، تضم طلابًا من كليات الحقوق والتربية الرياضية، يجرى تدريبهم على يد أحد الإخوان في جهاز الشرطة المصرية آنذاك، اللواء عماد حسين، الذي عينه مرسي مستشارًا أمنيًا لرئيس الجمهورية، بحسب مصادر «السياق».
مكالمة كاشفة
المصادر أكدت أن سليماني، الذي كان يظن أنه بعيد عن المتابعة والمراقبة من الأمن المصري، خاصة أنه كان يستخدم جهازًا من نوع «بلاكبيري»، ضمن إجراءات تأمين تحركاته، فوجئ بمكالمة من شخص بلكنة مصرية، كان يتحدث الفارسية، كشف له تحركاته، وطلب منه مغادرة مصر فورًا.
وأشار رئيس المنتدى العربي لتحليل السياسات الإيرانية، إلى أن تحرك طهران لمساعدة الإخوان، ينطلق من أهمية مصر كدولة عربية إسلامية، مشيرًا إلى أن اختراق القاهرة كان سيعزز نفوذ ظهران الإقليمي، وهو ما يفسِّر مساعيها لإعادة علاقاتها بالقاهرة.