جياع أفغانستان يدفعون ثمن حرب بوتين في أوكرانيا

توقع خبير اقتصادي، أن تضر الحرب بالمحاصيل والغلال، ليس فقط في أوكرانيا، حيث يمكن خفض زراعة الحبوب هذا العام بمقدار النصف، لكن في البلدان التي تعتمد على الأسمدة الروسية لتعزيز إنتاجه هذا العام.

جياع أفغانستان يدفعون ثمن حرب بوتين في أوكرانيا

ترجمات – السياق

رأت مجلة فورين بوليسي الأمريكية، أن الآثار غير المباشرة للحرب الروسية على أوكرانيا، تضر بالدول المعتمدة على القمح مثل أفغانستان، مشيرة إلى أن صدى حظر روسيا صادرات المواد الغذائية والأسمدة، يدفع دول آسيا الوسطى إلى أزمة اقتصادية غير مسبوقة، ويهدد أفغانستان بمجاعة قد تدوم طويلًا.

وأوضحت المجلة، في تقرير بعنوان "جياع أفغانستان يدفعون ثمن حرب بوتين"، أن قرار روسيا -حظر صادرات المواد الغذائية- محاولة لتحقيق الاستقرار في الإمدادات والأسعار في الداخل، بعد توالي العقوبات الغربية عليها، وتوقف العديد من العلاقات الاقتصادية الدولية معها، بسبب حرب أوكرانيا.

وأشارت إلى أن الحرب في أوكرانيا تسببت في اهتزازات بأسواق السلع الأساسية، أدت إلى ارتفاع أسعار الحبوب والوقود والأسمدة عالميًا.

وحسب المجلة، تمثل أوكرانيا وروسيا 30 بالمئة من إمدادات القمح، بينما تصدر روسيا معظم الأسمدة إلى العالم، مشددة على أنه كلما طال أمد الحرب، زاد عدم استقرار العرض وارتفاع الأسعار.

 

تأثير مدمر

وعن تأثر بعض البلدان بهذا الأمر، نقلت "فورين بوليسي" عن فريدريك جريب، الخبير الاقتصادي في برنامج الغذاء العالمي، قوله: إن التأثير في البلدان الضعيفة مثل أفغانستان ، حيث يعاني ملايين الأشخاص نقص الغذاء ويموت الأطفال بسبب سوء التغذية، سيكون مدمرًا.

وأشار إلى أن البلدان الأخرى المُعرضة للخطر، بما في ذلك اليمن ولبنان وإثيوبيا ونيجيريا، ستواجه تداعيات خطيرة على الأقل للعام المقبل، وربما فترة أطول.

وتوقع الخبير الاقتصادي، أن تضر الحرب بالمحاصيل والغلال، ليس فقط في أوكرانيا، حيث يمكن خفض زراعة الحبوب هذا العام بمقدار النصف، لكن في البلدان التي اعتمدت على الأسمدة الروسية لتعزيز إنتاجها.

وقال للمجلة الأمريكية: برنامج الأغذية العالمي ينفق 71 مليون دولار شهريًا على مشتريات الحبوب، بزيادة 44 في المئة عن الإنفاق الشهري عام 2019، لتلبية الحاجات العالمية الحالية.

وأوضح أنه مع تفاقم تداعيات الحرب، ستزداد الحاجة، ولن يضطر برنامج الأغذية العالمي فقط إلى توسيع المخزونات لإطعام المزيد من الأفواه، بل سيزداد الجوع في البلدان التي تعاني نقص الغذاء، حيث لن يكون هناك ما يكفي لسد حاجة هؤلاء من الطعام، مشيرًا إلى أن برنامج الأغذية العالمي اضطر إلى خفض الحصص الغذائية لـ 8 ملايين شخص.

 

طالبان والجوع

وعن الدور الذي تقوم به طالبان، منذ استيلائها على الحكم بأفغانستان في أغسطس 2021، توقعت "فورين بوليسي" أن تكون أفغانستان من أكثر البلدان تضررًا، حيث تترنح بعد الخروج من أربعة عقود من الحرب، مع القليل من الاقتصاد المستدام.

وأشارت إلى أنه منذ استيلاء طالبان على السلطة قبل نحو 8 أشهر، توقف النشاط الاقتصادي، كما تسببت العقوبات الاقتصادية الأمريكية في ندرة النقود، ما جعل المواطنين لا يستطيعون شراء أي شيء، بما في ذلك الطعام، للدرجة التي اضطرت البعض لبيع أعضائهم وأطفالهم للحصول على غذاء.

ونقلت المجلة الأمريكية، عن قيس محمدي، الاقتصادي الأفغاني، الأستاذ المساعد السابق بجامعة خاصة في كابل، قوله: الوضع في أفغانستان مُعرض لأن يزداد سوءًا، خصوصًا أنها تتعرض لتأثيرات مختلفة تضر بالاقتصاد "من حرب أوكرانيا إلى العملة غير المستقرة، والنظام المصرفي كذلك، والبيئة السياسية أيضًا، وعدم استقرار عملية صُنع القرار، وعدم وجود قواعد وأنظمة، وتجميد مليارات الدولارات في الأصول المالية".

وحسب المجلة، فقد حذر برنامج الأغذية العالمي -مرارًا وتكرارًا- من أن نِصف سكان أفغانستان يعانون "انعدام الأمن الغذائي"، حيث يواجه ما يقرب من 9 ملايين شخص ظروفًا شبيهة بالمجاعة، بينما قالت وزارة الصحة العامة في طالبان، إن أكثر من 13 ألف طفل ماتوا بسبب سوء التغذية هذا العام.

من جانبه، وصف فريدريك جريب الوضع في أفغانستان بأنه "أزمة إنسانية غير مسبوقة"، مضيفًا أنها كانت بالفعل، إلى جانب اليمن ولبنان، في "مكان مؤلم للغاية" قبل الحرب الروسية في أوكرانيا، إلا أن الحرب زادت حجم هذه الكارثة الإنسانية.

وأوضح أن عمليات برنامج الأغذية العالمي في أفغانستان واليمن ولبنان "تعتمد بشكل كبير على القمح"، وبذلك فإن استمرار الحرب يعني توقف توريد هذا المحصول إلى هذه البلاد، ما يزيد عدد الجياع.

وتؤكد "فورين بوليسي" أن الغذاء الرئيس في أفغانستان هو الخبز، ما يجعل واردات القمح ضرورية، مشيرة إلى أنه رغم أن كازاخستان تعد موردًا رئيسًا، فإنها لا تمتلك الكثير لبيعه، حيث بدأ التقليص الروسي على الصادرات التأثير في جيرانها.

وأمام هذه المعضلة الإنسانية -حسب المجلة الأمريكية- فإن الاقتصاديين الأفغان يتوقعون أن يستفيد المزارعون في المقاطعات الشرقية من الأسعار المرتفعة في باكستان، التي هي نفسها متلقية لمساعدات برنامج الأغذية العالمي، لبيع حبوبهم عبر الحدود، بدلاً من بيعها في الداخل.

 

ليست أفغانستان وحدها

ولتوضيح أسباب استمرار الكارثة الإنسانية في أفغانستان، نقلت "فورين بوليسي" عن نزار بوبيتسكي، المستشار الاستراتيجي لجمعية الأعمال والتجارة الأوكرانية، قوله: الحصار الروسي لساحل البحر الأسود عزل أوكرانيا عن التجارة البحرية العالمية، وقطع إمدادات الحبوب والزيوت النباتية، وكذلك الحبوب لإنتاج الأعلاف الحيوانية، ما ترك أثرًا كبيرًا في الدول التي كانت تحصل على القمح، خصوصًا أفغانستان.

وتوضح المجلة الأمريكية، أن أفغانستان ليست فقط التي تأثرت بالحرب، مشيرة إلى أن دول آسيا الوسطى مثل تركمانستان وأوزبكستان وطاجيكستان وقيرغيزستان وكازاخستان ستعاني الحظر المفروض على صادرات الأسمدة والحبوب الروسية.

وبينّت أن مصر وإثيوبيا ولبنان وسوريا واليمن، تعتمد على شحنات الحبوب من موانئ البحر الأسود، التي لا يمكن استبدالها بسهولة، حيث إن الحصول عليها من أماكن أخرى، مثل كندا أو أستراليا أو الهند، يزيد تكاليف الشحن والوقت.

وختمت "فورين بوليسي" تقريرها: "يحتاج برنامج الأغذية العالمي إلى ما يقرب من 20 مليار دولار هذا العام، لإطعام ما يقرب من 140 مليون جائع، وهو مبلغ كبير قد يصعب توفيره".