محللو حرب أوكرانيا في الإعلام الأمريكي.. عسكريون سابقون أم صُناع أسلحة؟

ظلت الأزمة الأوكرانية واحتمال نشوب صراع أكبر، بمثابة منجم ذهب لصناع الأسلحة، ما أدى إلى ارتفاع كبير في المخزونات وزيادات حادة في الإنفاق الدفاعي.

محللو حرب أوكرانيا في الإعلام الأمريكي.. عسكريون سابقون أم صُناع أسلحة؟

ترجمات - السياق

منذ بدء العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، درجت شبكات الإخبار الأمريكية مثل "سي إن إن"، على استضافة مسؤولين عسكريين سابقين من الصقور، من دون كشف علاقاتهم بصناعة الدفاع، بحسب موقع "ذا ليفر" الأمريكي.

الأسبوع الماضي، استضافت شبكة سي إن إن، وزير الدفاع الأمريكي السابق ليون بانيتا في رابع ظهور له، للحديث عن غزو الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لأوكرانيا.

وخلال مشاركته، قال بانيتا: "أعتقد أننا بحاجة إلى فهم أن هناك شيئًا واحدًا فقط يفهمه بوتين، هو القوة، وأعتقد أن على الولايات المتحدة تقديم أي أسلحة ضرورية للأوكرانيين، حتى يتمكنوا من الرد بشكل سريع".

لكن، طوال اللقاء لم يذكر بانيتا ولا "سي إن إن" أنه مستشار كبير في "بيكون جلوبال ستراتيجيز"، وهي شركة استشارية للصناعات الدفاعية، قيل إنها تتبع شركة تصنيع الأسلحة الأمريكية رايثيون، المتخصصة في أنظمة الدفاع، وفقًا للموقع.

ورأى الموقع أن رايثيون وشركات صناعات أنظمة الدفاع عمومًا، تستفيد من الصراع في أوكرانيا عبر بيع منتجاتها، إلا أنها لا تفصح عن عملائها.

 

ممارسات أوسع

وذكر الموقع الأمريكي، أن الحلقة التي ظهر فيها بانيتا، جزء من نمط وممارسة أوسع، فمنذ أن شنت روسيا غزوها لأوكرانيا، ظلت شبكات الأخبار الكبرى تستضيف -بشكل روتيني- مسؤولي الدفاع الذين تحولوا إلى مستشارين، لتقديم تحليلات ومساعدة الجمهور الأمريكي في فهم الأزمة.

وأوضح أنه -في كثير من الأحيان- استخدم هؤلاء المحللون وقتهم التلفزيوني للدعوة إلى مشاركة أمريكية أكبر واتخاذ خطوات أكثر جرأة، يمكن أن تُصعد التوترات بين قوتين عظميين مسلحتين نوويًا.

وظلت الشبكات الإخبارية، تتفادى الكشف عن الوظائف الحالية لهؤلاء المحللين، واصفة إياهم بدلاً من ذلك من خلال أدوارهم العسكرية أو الحكومية السابقة ذات الرتب العالية فقط، ما يترك المشاهدين في حالة عدم معرفة، بشأن العلاقات المالية للمحللين بشركات الدفاع، التي قد تستفيد من استمرار النزاع.

وخلال تغطيتها لأزمة أوكرانيا، استضافت شبكة MSNBC الأمريكية، وزير الأمن الداخلي السابق جيه جونسون، إلا أنها امتنعت عن الإفصاح عن عمله الحالي كعضو في مجلس إدارة "لوكهيد مارتن"، أكبر شركة للصناعات العسكرية في العالم.

وعندما سئل جونسون عن هذا الأمر قال: "ليس لديّ أي تعليق".

 

هزيمة بوتين

كشف الموقع الأمريكي، أن جيريمي باش، الذي شغل منصب رئيس الأركان في البنتاغون ووكالة المخابرات المركزية في عهد الرئيس باراك أوباما، كان ضيفًا شبه دائم على MSNBC و NBC أثناء تغطيتهما للأزمة في أوكرانيا.

وأوضح الموقع، أنه بعد أيام من غزو أوكرانيا، ظهر باش على قناة NBC ، متحدثًا عن الحرب، وقدَّمها على أنها "فرصة للولايات المتحدة والغرب، لتوجيه ضربة قاتلة لطموحات روسيا على المسرح العالمي".

وقال: "أعتقد أن ابتلاع أوكرانيا ، وهي دولة بحجم تكساس، ويبلغ عدد سكانها 40 مليون نسمة، أمر غير مسبوق منذ الحرب العالمية الثانية، وإذا استطاعت الولايات المتحدة تدريب وتجهيز الأوكرانيين، خصوصًا على القتال بصواريخ جافلين، ستكون فرصة هائلة لهزيمة بوتين".

وأشار الموقع الأمريكي، إلى أن باش تحدث عن صواريخ جافلين المضادة للدبابات تحديدًا، لأنها تصنع بالاشتراك بين شركتي لوكهيد مارتن ورايثيون، حيث يُعد أحد أهم مستشاري شركة رايثيون.

 

افتقار الشفافية

وتعليقًا على هذه الظاهرة، نقل ليفيرنيوز، عن كريغ هولمان، أحد أعضاء جماعة الضغط في مجموعة المراقبة العامة، قوله: افتقار وسائل الإعلام للشفافية بشأن هؤلاء الاستشاريين، أمر مقلق للغاية.

ووصف هولمان، ظهور المسؤولين العسكريين السابقين على شاشات الشبكات الإعلامية الكبرى للحديث عن حرب أوكرانيا، بأنه كـ"الباب الدوار"، مضيفًا: "عندما يظهرون عبر التلفزيون في محاولة للتأثير في سياسة الرئيس الأمريكي جو بايدن بشأن حرب أوكرانيا، يجب أن يكونوا صريحين ويكشفوا هوياتهم".

وبين الموقع الأمريكي، أن هذه الظاهرة ليست جديدة، مشيرًا إلى أنه في تحليل لثلاثة أسابيع من التغطية الإخبارية، بعد انسحاب القوات الأمريكية العام الماضي من أفغانستان، وجدت منظمة العدالة والمصالحة -في تقرير- أن 20 من 22 ضيفًا متميزًا من الولايات المتحدة، ممن ظهروا في يوم واحد على الشبكات الإخبارية، لديهم روابط مع الصناعات العسكرية.

وشدد على أنه رغم أن شبكات التلفزيون تجاهلت الكشف عن علاقات ضيوفها بصناعة الدفاع، فإن المخاطر أكبر، إذ إن الدعوات بتصعيد الصراع في أوكرانيا إلى حرب مباشرة بين الولايات المتحدة وروسيا، يمكن أن تؤدي إلى كارثة تنهي العالم، ولهذا السبب كانت إدارة بايدن مترددة في اتخاذ إجراءات يمكن اعتبارها تصعيدية.

 

منجم ذهب

في المقابل، ظلت الأزمة الأوكرانية واحتمال نشوب صراع أكبر، بمثابة منجم ذهب لصناع الأسلحة، ما أدى إلى ارتفاع كبير في المخزونات وزيادات حادة في الإنفاق الدفاعي.

ونقل الموقع عن جيم ناريكاس، أحد أعضاء منظمة العدالة والمصالحة، قوله: إن الأشخاص الأكثر ظهورًا على الشبكات الإخبارية، للحديث عن حرب أوكرانيا هم صناع الأسلحة، مشيرًا إلى أن هؤلاء غالبًا ما يقدَّمون على أنهم مهتمون بقضايا الحرب والسلام، إلا أنهم لسوء الحظ، يهتمون بمزيد من الحرب وقليل من السلام.

ومنذ بداية الأزمة الأوكرانية، ارتفعت مخزونات الدفاع الأمريكية في الشركات الرائدة مثل Raytheon و Northrop Grumman و Lockheed Martin ، ومن المتوقع أن تستمر بالارتفاع في الأشهر المقبلة.

وأوضح أنه في أعقاب الغزو الروسي، وقَّع الرئيس بايدن قانونًا بحزمة إنفاق توجه مبلغًا قياسيًا قدره 782 مليار دولار لتمويل الدفاع - أكثر بكثير من 715 مليارًا طلبها بايدن أولًا - بزيادة نسبتها 5.6 في المئة عن العام الماضي.

ووفقًا لمجلة The Hill الأمريكية، "تأتي المساعدة الأوكرانية، إضافة إلى أكثر من مليار دولار أنفقتها الولايات المتحدة العام الماضي، لتسليح الجنود الأوكرانيين بأسلحة حديثة، بما في ذلك صواريخ جافلين المضادة للدبابات، التي تصنعها شركة لوكهيد مارتن ورايثيون تكنولوجيز ، وصواريخ رايثيون المضادة للطائرات من طراز ستينغر".