كيف جعل أوباما العالم مكاناً أكثر خطورة؟

يحظى الرؤساء الأمريكيون بالكثير من القوة، وقد استخدم أوباما سلطته لوضع الأسس للعالم، الذي أصبح أكثر خطورة، رغم أننا نعيش فيه جميعاً

كيف جعل أوباما العالم مكاناً أكثر خطورة؟
باراك أوباما

ترجمات - السياق

قالت مجلة كومنتري الأمريكية، إن أداء الرئيس السابق للولايات المتحدة باراك أوباما، في مؤتمر عن التضليل الإعلامي، استضافته مجلة "ذا أتلانتك" دفع المراقبين للتساؤل عما إذا كان الرئيس الأسبق قد حاربة الخداع أو أسهم فيه بنفسه.

وأضافت المجلة -في تقرير- أنه منذ بداية حديثه تقريباً، بدا العالم الذي وصفه أوباما، لا يشبه الواقع الحالي بشكل كبير، إذ أصر الرئيس الأمريكي السابق على أنه كان يتعين عليه "جر أوروبا، التي كانت تصرخ، للرد على على أول غزو روسي لأوكرانيا عام 2014"، وأن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الذي يعرفه والذي كان من الممكن حينها أن يعمل معه، ليس هو الشخص نفسه الذي يقود روسيا اليوم".

 

انتقاد الغرب

ليس هذا فحسب، إذ انتقد أوباما الطبقة المثقفة في الغرب لاستسلامها، وعندما سُئل عما كان سيغيره إذا تمكن من العودة إلى عام 2013، أصر أوباما على أنه فعل كل ما يمكن القيام به في ذلك الوقت.

وأشارت المجلة إلى أنه يبدو من تصريحات أوباما، أنه إما لا يتذكر رئاسته بشكل جيد، وإما أنه يفترض أن المستمعين له لا يتذكرونها.

وتابعت: "في الفترة التي سبقت جهود روسيا لتلبية طموحاتها الإقليمية في أوكرانيا، كان أوباما من أكثر المؤيدين العلنيين لهذا النوع من الجهل بالتاريخ الذي ينتقده الآن".

 ففي 6 سبتمبر 2013، ومع احتدام الحرب الأهلية السورية ووسط تأكيد واسع النطاق، بأن نظام الرئيس السوري بشار الأسد تجاوز "خطه الأحمر"، قال أوباما، أثناء رحلة في روسيا، إننا وصلنا إلى نهاية التاريخ، وأوضح للصحفيين، أثناء وجوده في سان بطرسبرج، حيث كانت موسكو تستضيف قمة مجموعة العشرين: "على الأقل كان هناك اعتراف، على مدى العقود الماضية،  بأن أياً من البلدين لا يستفيد من هذا الشكل من صراع القوى العظمى".

وأشار أوباما حينها إلى أن الحرب التقليدية تمثل تهديداً من الماضي، ورغم أن الدول "الكبيرة والقوية"، بما في ذلك روسيا والصين، كانت تمثل تهديداً، فإنه أكد أن الولايات المتحدة "لديها شكل من أشكال العلاقة معهم، يجعلها لا تواجه صراعات من هذا النوع."

 

أوباما يغلق عينيه

في 10 سبتمبر 2013، وجه الرئيس الأمريكي السابق نداءً حماسياً للأمة، في خطاب، قال فيه: "إذا فشلنا في التحرك، فلن يرى نظام الأسد أي سبب لوقف استخدام الأسلحة الكيماوية"، لكنه في الخطاب نفسه، ادعى أنه لا يستطيع التصرف حتى يحصل على موافقة الكونجرس على استخدام القوة (وهو ما وافقت عليه لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ، الذي كان يسيطر عليه الديمقراطيون)، لكنه طلب من الكونجرس "تأجيل التصويت للحصول على إذن باستخدام القوة" بعدما تدخلت موسكو في اللحظة الأخيرة، على وعد بتخليص سوريا من مخزوناتها الكيماوية.

ووفقاً للمجلة، فقد أغمض أوباما عينيه، وتدخلت روسيا في الحرب السورية لدعم نظام الأسد، الذي استغل الغطاء الذي قدمه الرضا الدولي عن سحق المقاومة، ما أدى لتغذية نمو تنظيم داعش، الأمر الذي أدى إلى زعزعة استقرار العراق، وإجبار أوباما على إعادة نشر القوات الأمريكية هناك، وعندما اضطرت الولايات المتحدة في النهاية، إلى المشاركة في الصراع السوري بشكل مباشر، فعلت ذلك في بيئة أكثر خطورة بكثير، حيث كان حلف شمال الأطلسي (الناتو) والقوات الروسية يطلقون النار على وكلائهما على مقربة مرعبة من بعضهم.

 

رجل كييف القوي

بينما ينسب أوباما الفضل إلى نفسه، في الرد القوي على الغزو الروسي لأوكرانيا عام 2014، يصر على أنه لم يكن يستطيع فعل المزيد، لأنه كان هناك رجل قوي في السلطة بكييف متحالف مع بوتين، وكان البرلمان الأوكراني لا يزال لديه مرتبطون بـالنظام القديم، لكن هذا الرجل القوي، فيكتور يانوكوفيتش، أُطيح من قِبل ذلك البرلمان نفسه، بسبب إلغائه أحادي الجانب لاتفاق تجاري مع الاتحاد الأوروبي، كما أن الأسابيع الماضية كشفت أن أوكرانيا لم تكن تفتقر إلى الإحساس بالهوية الوطنية عام 2014 الذي كان سيسمح للأمة بمقاومة الهجوم الروسي، لكنها كانت تفتقر إلى القدرات لفعل ذلك، وفقًا للمجلة.

وذكرت المجلة أنه يبدو أن هذه الأمور كانت مقبولة لدى البيت الأبيض في عهد أوباما، إذ إنه بين عامي 2009 و2013، بدا البيت الأبيض عازماً على تخليص نفسه من الشؤون الأوروبية، إذ ألغت الإدارة، مراراً وتكراراً، خططاً لتزويد دول أوروبا الوسطى بالرادارات والصواريخ الاعتراضية، كما سحبت آخر الوحدات المدرعة الأمريكية من الأراضي الأوروبية، وتحدثت عن "تحول أمريكا نحو آسيا".

 

العقوبات الشاملة

ولفتت المجلة إلى أنه بينما واصلت إدارة أوباما فرض عقوبات على موسكو في أعقاب هجومها على أوكرانيا عام 2014، إلا أنها كانت تستهدفها على نطاق ضيق، كما يبدو أن دفع أوباما لأوروبا للرد على هذا الهجوم، حدث خلف الأبواب المغلقة فقط، لأنه لا دليل يذكر على الأمر، حتى أن البيت الأبيض في عهده مارس ضغوطاً ضد إقرار قوانين العقوبات الشاملة، مثل قانون ماجنتسكي لعام 2012، ولم يطبقها، لكن تُركت هذه الأدوات لإدارة الرئيس الأمريكي الذي خلفه دونالد ترامب، وعندما حان الوقت لتزويد أوكرانيا بوسائل مقاومة العدوان الروسي، فإن إدارة أوباما امتنعت عن الأمر، حتى أنها عندما طلبت كييف أسلحة مضادة للدبابات من الولايات المتحدة، فإن الأخيرة اكتفت بإرسال قوارب صغيرة ودروع واقية للجسم ومناظير.

وقالت المجلة: "بالنسبة لتذكر أوباما الضبابي لبوتين، وهو الرجل الذي يرى أنه لديه القليل من التشابه مع الشخصية العقلانية التي كان يعرفها، فإن الرئيس الروسي الذي يعرفه أوباما هو نفسه المتورط في قتل الصحفيين الناقدين له، وهو الذي غزا جورجيا، لكن كل ما في الأمر أن أوباما كان يعرف أن بوتين رجل قاسٍ، لكنه لم يكن يعلم أنه متهور.

 

تحريف التاريخ

رأت "كومنتري" أن ما وصفته بـ"تحريف التاريخ" الذي يستخدمه أوباما، لخدمة أغراض شخصية ليس بالجديد، إذ إنه غالباً ما يجرى تصوير الرئيس الرابع والأربعين للولايات المتحدة على أنه متفوق في مجاله، لكنه سجين لظروف خارجة عن إرادته، وهي الرواية التي تخدم مصالحه الذاتية، التي كانت من المفترض أن تلقى استقبالاً أكثر عدائية في مؤتمر عن "التضليل"، وتابعت: "يحظى الرؤساء الأمريكيون بالكثير من القوة، وقد استخدم أوباما سلطته لوضع الأسس للعالم، الذي أصبح أكثر خطورة، رغم أننا نعيش فيه جميعاً".