اشتباكات طرابلس... الاتحاد الأوروبي يندد من وضع صادم ودعوات لمحاسبة المليشيات
تحشيدات مستمرة كانت على مدار الساعة للمليشيات المسلحة، مدعومة بمدرعات ودبابات تحركت من مدينة الزنتان باتجاه العاصمة طرابلس، في استعراض عسكري، توقع مراقبون أن يتطور إلى اشتباك مسلح.

السياق
هدوء حذر ساد الأجواء في العاصمة طرابلس، بعد ليلة عاصفة شهدت فيها المدينة الليبية ترويعًا للآمنين وتغولًا على حقوق المدنيين من قِبل المليشيات المسلحة، التي تناحرت في أحد أكثر الأماكن ازدحامًا.
ذلك الهدوء، جاء بعد تدخل قيادات محلية بالوساطة بين المليشيات المتناحرة، إلا أن مراقبين توقعوا تجددًا للقتال بين هؤلاء الذين لا يتورعون عن استخدام القوة سبيلًا لتحقيق المكاسب على الأرض، غير عابئين بما قد ينتج عن تلك الممارسات، التي تستخدم فيها الأسلحة الثقيلة والمتوسطة.
فماذا حدث في طرابلس؟
تحشيدات مستمرة كانت على مدار الساعة للمليشيات المسلحة، مدعومة بمدرعات ودبابات تحركت من مدينة الزنتان باتجاه العاصمة طرابلس، في استعراض عسكري، توقع مراقبون أن يتطور إلى اشتباك مسلح.
وبعد ساعات من تلك الاستعراضات لأرتال عسكرية كانت تحمل شعار «المجلس العسكري الزنتان»، وهو تكتل مليشياوي يسيطر على المنطقة الغربية، اندلعت اشتباكات بالأسلحة الثقيلة والمتوسطة.
تلك الاشتباكات كان طرفاها مليشيات تابعة لما تعرف بـ«قوة دعم الاستقرار»، التي يقودها المليشياوي عبدالغني الككلي، ومليشيات النواصي، التي يقودها مصطفى قدور، نائب رئيس جهاز المخابرات الليبية، بالقرب من جزيرة سوق الثلاثاء وسط العاصمة.
تلك الاشتباكات التي اندلعت بالقرب من المتنزهات وسط العاصمة، روَّعت العائلات التي كانت تتجول بالمنطقة في عطلة نهاية الأسبوع، ما أثار حالة من الغضب الكبير بين الليبيين من ممارسات المليشيات المسلحة.
أسباب الاشتباكات
وعن أسباب الاشتباكات، قالت مصادر ليبية، إن مليشيات دعم الاستقرار استولت على سيارتين واختطفت 3 تابعين لمليشيات النواصي، ما أدى إلى اشتباكات بين المسلحين، تدخل إثرها اللواء 444، في محاولة لإخراج العائلات العالقة من المنطقة، وللفصل بين المتحاربين.
ووثقت مقاطع فيديو، نشرتها وسائل إعلام محلية، لحظات إخراج العائلات العالقة بفندق باب البحر في طرابلس، بسبب الاشتباكات التي كانت دائرة وسط المدينة، بينما بدا على المواطنين الذعر والفزع.
ووثقت مواطنة -في مقطع فيديو متداول- لحظات الفزع التي انتباتها ومن حولها، الذين كانوا يحاولون وأطفالهم الفرار من منطقة الاشتباكات، وسط صراخ الأطفال.
وبعد ساعات من الاشتباكات، عاد الهدوء الحذر إلى منطقة سوق الثلاثاء في العاصمة طرابلس، بينما أكدت مصادر ميدانية وطبية، عدم وقوع قتلى وجرحى بين المتناحرين، مشيرة إلى خسائر كبيرة في ممتلكات المواطنين.
وفي وضع كشف مكانة متواضعة لرئيس الحكومة الليبية المقالة عبدالحميد الدبيبة بين المليشيات المسلحة، أجرى الأخير مكالمة مصورة من منزله وبملابس النوم، مع آمر اللواء 444 قتال محمود حمزة، بعد اشتباكات جزيرة سوق الثلاثاء بالعاصمة طرابلس.
وقال الدبيبة، في الاتصال الذي نشرته المنصات الرسمية التابعة لحكومته المقالة، إنه يريد عودة الأمور إلى طبيعتها، مشيرًا إلى أنه لم يتواصل أحد معه، ما عده أمرًا مزعجًا جدًا، في وضع كشف عدم اعتداد المليشيات المسلحة بالرجل الذي ما زال يغدق عليهم الأموال لحمايته.
هجوم حاد
في المقابل، شن رئيس حكومة الاستقرار فتحي باشاغا، هجومًا حادًا على الدبيبة، قائلًا إن الأخير يستخدم المدنيين في العاصمة كدروع بشرية للابتزاز السياسي.
وأكد باشاغا، أنه لا يمكن المقارنة بين سلطة ناتجة عن توافق ليبي، من خلال مؤسسات تشريعية شرعية ومنتخبة، وعُصبة خارجة على القانون.
وفي مسعى من المجلس الأعلى للدولة -الذي يرأسه الإخواني خالد المشري- إلى التبرؤ من أحداث العاصمة طرابلس، التي يعد هو ومجلسه أحد المحرضين عليها، قال إن الاشتباكات التي حصلت مساء الجمعة بمنطقة مكتظّة بالعائلات، والاستِهتار بأرواح المواطنين من قِبل مجموعات مسلحة غير منضبطة، تحتِّم على المجلس الرئاسي والحكومة، فتح تحقيق فوري في الحادثة، ونشره للرأي العام، ومعاقبة المتورطين.
وحمَّل المشري، عبر «تويتر»، المجلس الرئاسي، المسؤولية عن حالة الفوضى والاستخفاف بأرواح المدنيين وممتلكاتهم.
وفي محاولة من حكومة الدبيبة «المقالة» لاسترضاء المواطنين، أعلنت مديرية أمن طرابلس –السبت- بدء تسجيل المواطنين الذين تعرضوا إلى أي أضرار نتيجة اشتباكات الجمعة، سواء في الأرواح أم الممتلكات العامة أم الخاصة، مطالبة إياهم بالتوجه إلى أقرب مركز شرطة أو مكتب البحث الجنائي طرابلس، وإثبات الواقعة لاتخاذ الإجراءات القانونية.
إدانات أوروبية وحقوقية
قال سفير الاتحاد الأوروبي في طرابلس خوسيه ساباديل، عبر «تويتر»، إن ما حدث أمس في العاصمة طرابلس، صادم ومخز، مؤكدًا إطلاق الأسلحة على حديقة، حيث يركض الأطفال ويلعبون.
وشدد الدبلوماسي الأوروبي على أن الأماكن العامة في طرابلس ملك للعائلات وليست للمسلحين.
من جانبها، أعربت اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان بليبيا، عن قلقها البالغ من المواجهات المسلحة، التي تشهدها مناطق وأحياء عدة وسط مدينة طرابلس، منذ مساء الجمعة في الأحياء والمناطق المدنية المكتظة بالسكان، مشيرة إلى أنها تعد استهتارًا بأرواح المدنيين وسلامتهم، وما ترتب على هذه الأحداث المؤسفة من ترويع للسكان المدنيين وتعريض حياتهم وسلامتهم للخطر.
وأكدت اللجنة الوطنية، أن أعمال العنف، تُشكل تهديدًا وخطرًا كبيرين على حياة المدنيين وأمنهم وممتلكاتهم، وما له من تأثير في تعميق الأزمة الإنسانية والأمنية في البلاد .
محاسبة المليشيات
وطالبت، جميع أطراف النزاع، بضبط النفس والوقف الفوري لأي تصعيد مسلح وتجنُّب مزيد من العنف والاقتتال، محملة الأطراف المعنية المسؤولية القانونية عن أي خطوات تصعيدية، من شأنها التأثير في أمن وسلامة وحياة المواطنين، أو المساس بالأمن والسلم الاجتماعي، وتقويض جهود تحقيق السلام والاستقرار.
وشددت على أن ضمان أمن وسلامة وحماية المدنيين، ينبغي أن يلتزم به الجميع، مذكرة الأطراف السياسية والكيانات المسلحة بمسؤولياتها في حماية المدنيين وضمان عدم تعرضهم لأي مخاطر تستهدف سلامتهم وحياتهم وممتلكاتهم، وفقاً لما نص عليه القانون الإنساني الدولي والقانون الدولي لحقوق الإنسان .
وجددت اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان دعوتها إلى لجنة العقوبات الدولية بمجلس الأمن الدولي، بتطبيق قرارات مجلس الأمن الدولي رقم (2174) ورقم (2259) ، وغيرهما التي تنص على ملاحقة كل من يخطط أو يوجه أو يرتكب أفعالاً تنتهك القانون الدولي أو حقوق الإنسان في ليبيا، وكذلك حظر السفر وتجميد أموال الأفراد والكيانات الذين يقومون بأعمال أو يدعمون أعمالًا تهدد السلام أو الاستقرار أو الأمن في ليبيا، أو تعرقل أو تقوِّض عملية الانتقال السياسي في البلاد.