تصريحات صينية خطيرة بشأن تايوان... هل تلتزم أمريكا بسياسة الغموض الاستراتيجي؟
تايون على خُطى أوكرانيا... الصين تلوِّح بالحرب وتساؤلات عن سياسة الغموض الاستراتيجي الأمريكية

السياق
التوتر بين الصين والولايات المتحدة يتصاعد بشأن تايوان، التي تتمتع بالديمقراطية وبحكم ذاتي، فبينما تعدها بكين جزءًا من أراضيها، متوعدة بضمها بالقوة إذا لزم الأمر، حذرت الولايات المتحدة من مخاطر صارخة في مضيق تايوان، حال تغيير الوضع الراهن من جانب واحد.
وقال وزير الدفاع الصيني، وي فنغ، في قمة «حوار شانغري-لا» الأمنية في سنغافورة، إن بلاده ستقاتل بأي ثمن وستقاتل حتى النهاية، مشيرًا إلى أن هذا هو الخيار الوحيد للصين.
وأكد وي فنغي، أن بكين «لن تتردد في بدء حرب مهما كان الثمن»، حال إعلان الاستقلال في تايوان.
ادعاءات «سخيفة»
وبينما نددت وزارة الخارجية التايوانية بادعاءات الصين بشأن سيادتها ووصفتها بأنها «سخيفة»، شكرت الولايات المتحدة على إظهار الدعم، قائلة إن «تايوان لم تخضع لسلطة الحكومة الصينية، ولن يخضع شعب تايوان لتهديدات القوة من الحكومة الصينية».
وفي أول رد فعل أمريكي على التصريحات الصينية، قال وزير الدفاع الأمريكي، لويد أوستن، إنه كجزء من سياسة صين واحدة، سنواصل الوفاء بالتزاماتنا بموجب قانون العلاقات مع تايوان، بما يشمل مساعدتها في الحفاظ على قدرة كافية للدفاع عن النفس.
وأكد الوزير أوستن: «ذلك يعني الحفاظ على قدرتنا على مقاومة أي استخدام للقوة أو أي أشكال أخرى من الإكراه، من شأنها أن تعرض الأمن أو النظام الاجتماعي أو الاقتصادي لشعب تايوان للخطر».
وتصاعدت التوترات بشأن تايوان على وجه الخصوص، بسبب زيادة توغل الطائرات الصينية في منطقة تحديد الدفاع الجوي للجزيرة (أديز)، في قضية قال عنها الرئيس الأمريكي جو بايدن -خلال زيارة لليابان في مايو الماضي- إن واشنطن ستدافع عسكريًا عن تايوان، إذا تعرضت لهجوم من الصين.
الغموض الاستراتيجي
ومنذ ذلك الحين أصر البيت الأبيض على أن سياسة «الغموض الاستراتيجي» بشأن ما إذا كان سيتدخل أم لا، لم تتغير.
وفي خطابه الرئيس، انتقد أوستن النشاط العسكري الصيني «الاستفزازي والمزعزع للاستقرار» بالقرب من تايوان، قائلًا إن الولايات المتحدة ستؤدي دورها لإدارة التوترات مع الصين ومنع الصراع، رغم أن بكين أصبحت عدوانية بشكل متزايد في منطقة آسيا والمحيط الهادئ.
وقال أوستن لمنتدى شانغريلا، إن الولايات المتحدة ستواصل الوقوف إلى جانب حلفائها، بما في ذلك تايوان، مضيفًا: «هذا مهم بشكل خاص، حيث تتبنى جمهورية الصين الشعبية نهجًا أكثر قسرية وعدوانية تجاه مطالبها الإقليمية».
وقال أوستن إنه كانت هناك زيادة «مقلقة في عدد المواجهات غير الآمنة وغير المهنية بين الطائرات والسفن الصينية مع تلك الموجودة في البلدان الأخرى».
ورغم ادعاء واشنطن المتكرر بأنها لا تدعم استقلال تايوان، شككت بكين في عكس ذلك، بينما وصف ضابط عسكري صيني كبير خطاب أوستن بأنه «تصادمي».
انهيار الثقة
وقد تفاقمت الشكوك بسبب انهيار الثقة المتبادلة في السنوات الأخيرة مع اشتداد المنافسة على السلطة، وكشفت تقارير غربية أن وي فنغي أخبر أوستن بأن بكين «ستحطم أي مؤامرة لاستقلال تايوان وستدعم بحزم توحيد الوطن الأم».
ومع تزايد المخاوف بشأن التوترات بين الصين وتايوان، قال رئيس الوزراء الياباني، فوميو كيشيدا، في خطاب رئيس أمام القمة، إن حكومته ستفكر في الحصول على قدرة الضربة الوقائية، لأن «أوكرانيا اليوم قد تكون شرق آسيا غدًا».
وشدد المسؤول الحكومي الياباني على أن العالم يجب أن «يكون مستعدًا لظهور كيان يدوس على أمن الدول الأخرى بالقوة أو بالتهديد من دون احترام القواعد». ولم يذكر الصين بالاسم في خطابه، لكنه دعا -مرارًا وتكرارًا- إلى التمسك بالنظام الدولي القائم على القواعد.
وقال كيشيدا إنه سيضع «خطة سلام منطقة المحيطين الهندي والهادئ الحرة والمفتوحة، بحلول الربيع المقبل، التي ستقدم فيها اليابان مساعدات إنمائية وقوارب دورية وقدرات إنفاذ القانون البحري ومساعدات أخرى إلى بلدان في جنوبي شرق آسيا والمحيط الهادئ لمساعدتهم في حماية أنفسهم بشكل أفضل».
وأوضح أن اليابان ستقدم هذا الدعم لما لا يقل عن 20 دولة، وستدرب ما لا يقل عن 800 من أفراد الأمن البحري، وستقدم نحو ملياري دولار كمساعدة على مدى السنوات الثلاث المقبلة، مشيرًا إلى أن البيئة الأمنية في منطقة المحيطين الهندي والهادئ تتدهور بسبب التوترات المتزايدة في بحار شرق وجنوب الصين وحول تايوان.
وقال كيشيدا إن الهجوم الروسي لأوكرانيا وتهديدها باستخدام الأسلحة النووية زادا الطين بلة، لكن الاتجاه يجب عكسه، مشيرًا إلى موقعه كزعيم الدولة الوحيدة التي عانت هجمات نووية.
وإلى جانب تايوان، كانت الصين والولايات المتحدة على خلاف بشأن الغزو الروسي لأوكرانيا، حيث تتهم واشنطن بكين بتقديم دعم ضمني لموسكو.
ودعت الصين إلى إجراء محادثات لإنهاء الحرب، لكنها لم تصل إلى حد إدانة تصرفات روسيا، وانتقدت مرارًا تبرعات الأسلحة الأمريكية لأوكرانيا، كما أدت مطالبات الصين التوسعية في بحر الصين الجنوبي إلى إذكاء التوترات مع واشنطن.
لماذا العلاقات بين الصين وتايوان سيئة؟
جرى تقسيم الصين وتايوان خلال حرب أهلية في الأربعينيات، لكن بكين تصر على استعادة الجزيرة في وقت ما بالقوة إذا لزم الأمر.
كيف تحكم تايوان؟
للجزيرة دستورها الخاص، وقادة منتخبون ديمقراطياً، ونحو 300 ألف جندي نشط في قواتها المسلحة.
من يعترف بتايوان؟
عدد قليل من الدول فقط يعترف بتايوان، ويعترف معظمهم بالحكومة الصينية في بكين بدلاً من ذلك، بينما لا توجد علاقات رسمية بين الولايات المتحدة وتايوان، لكن لديها قانونًا يلزمها بتزويد الجزيرة بوسائل الدفاع عن نفسها.