لماذا التراجع عن صفقة تويتر قد يكون مؤلمًا لإيلون ماسك؟
ذكرت صحيفة نيويورك تايمز، أن تغريدات ماسك عن تعليق استحواذه على تويتر أثارت أسئلة جديدة عما إذا كان سيحاول التراجع عن الصفقة، إلا أن عقده مع الشركة يجعل الانفصال مُكلفًا ومُعقدًا.

ترجمات - السياق
في تطور مفاجئ قرر الملياردير الأمريكي، إيلون ماسك، تعليق صفقة استحواذه على تويتر بعد أيام قليلة من إعلان الاستحواذ على الشركة بقيمة 44 مليار دولار مما أدى لانخفاض أسهم تويتر بأكثر من 20 ٪ .
وكتب ماسك كتب على صفحته الرسمية بتويتر "صفقة تويتر معلقة مؤقتًا في انتظار التفاصيل التي تؤكد بأن الحسابات المزيفة تمثل بالفعل أقل من 5٪ من المستخدمين".
وأوضحت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية، في تقرير، أن هذا الرقم (5%) ليس جديدًا، إذ إنه بعد نحو ساعتين، غرَّد ماسك مجددًا بأنه لا يزال "ملتزمًا" بالاستحواذ، مشيرة إلى أنه في غضون ذلك انخفضت أسهم "تويتر" 20 في المئة، في تداول ما قبل السوق، في حين قفزت أسهم "تيسلا" 6 في المئة.
انفصال مكلف
ذكرت "نيويورك تايمز" أن تغريدات ماسك عن إيقاف استحواذه على "تويتر" أثارت أسئلة جديدة عما إذا كان سيحاول التراجع عن الصفقة، إلا أن عقده مع الشركة يجعل الانفصال مُكلفًا ومُعقدًا.
وكشفت عن أسباب عدة تدفع ماسك إلى التفكير مرة أخرى في عملية الشراء، أو أنه -على الأقل- يأمل إعادة التفاوض بشأن سعر الصفقة.
وحسب الصحيفة الأمريكية، تغيرت اقتصادات العرض بشكل كبير منذ أن قال ماسك -الشهر الماضي- إنه يريد شراء شركة التواصل الاجتماعي، إذ تراجعت أسهم تسلا -مصدر ثروته الرئيس- من 1145 دولارًا للسهم، في اليوم الذي كشف فيه عن حصته الأولية في "تويتر" إلى 728 دولارًا عند الإغلاق الخميس الماضي.
كما تلاشت حصص الأسهم التكنولوجية، وأصبحت تحديات "تويتر" الخاصة أكثر وضوحًا، حيث أعلن الرئيس التنفيذي للشركة، باراغ أغراوال، تجميد معظم عمليات التوظيف وتراجع الإنفاق التقديري.
وأشارت الصحيفة الأمريكية، إلى أنه من المحتمل أن الأسئلة عن مصير "تويتر" تجعل من الصعب إقناع المساهمين الحاليين بامتلاك حصتهم، للمساعدة في تمويل صفقة ماسك، ما يقلل المبلغ النقدي الذي يحتاجه لإتمام الصفقة.
لكن -حسب "نيويورك تايمز"- تغيير رأي ماسك سيكون له ثمن كبير، مشيرة إلى أن الصفقة مع "تويتر" تتضمن رسوم تفكيك بمليار دولار إذا فكر في التراجع.
ورجحت الصحيفة، أن تكون التكلفة التي سيتحملها ماسك أكثر من ذلك بكثير في حال إنهاء الصفقة، إذ يحتوي العقد على "بند أداء محدد" يمكن أن يجبر ماسك على الدفع مقابل "تويتر" إذا ظل تمويل الديون الذي وافق عليه من أجل الصفقة كما هو.
كان محلل "بلومبرغ إنتيلجينس" مات ليفين، قد قال إن ماسك ستكون عليه مطالب بنحو مليار دولار من مدفوعات الفائدة السنوية، إضافة إلى ذلك، هناك خطر يتمثل في اضطراره -في حال انخفاض سعر سهم "تسلا"- إلى طرح المزيد من حصته مقابل الضمانات.
تفاصيل الصفقة
وعن تفاصيل الصفقة، أوضحت "نيويورك تايمز" أن ماسك كشف في 4 أبريل الماضي، أنه اشترى حصة كبيرة في "تويتر"، إلا أنه بعد ثلاثة أسابيع فقط، توصل إلى صفقة للاستحواذ على شركة التواصل الاجتماعي.
ورغم مرور أيام قليلة على هذا الإعلان، فإن ماسك خرج ليقول إن عرضه هذا "معلق مؤقتًا" حتى يتمكن من الحصول على مزيد من التفاصيل، لتأكيد أن الحسابات غير المرغوب فيها والحسابات المزيفة تمثل أقل من 5 في المئة من مستخدمي الشبكة الاجتماعية.
ونظراً لأن ماسك لا يلقي بالًا لأرباح "تويتر" الأساسية، في ما يعد أكثر قلقًا بشأن مشكلات حرية التعبير والرقابة على المنصة، من غير الواضح مدى جودة أداء الشركة المالي في ظل ملكيته لها، إلا أنه من المحتمل أن يعني أي انخفاض في أرباح "تويتر" أن على ماسك السحب من جيبه الخاص لخدمة مدفوعات فوائد الديون السنوية.
وحسب "نيويورك تايمز" غذت التغريدات الأخيرة لماسك، التكهنات بأنه قد يتراجع عن الصفقة، ما أثر في سعر أسهم "تسلا"، المصدر الرئيس لثروته، وما زاد حدة هذه التكهنات، أن ماسك عقد اجتماعًا سريًا بمقر "تويتر" في سان فرانسيسكو يوم الجمعة الماضي، لمناقشة الأعمال التجارية والصفقات اللوجستية.
وبينت أنه في حال تراجع ماسك عن الصفقة، فإن "تويتر" قد تلجأ للمحكمة، لإجباره على دفع الشرط الجزائي المقدر بنحو مليار دولار، فضلًا عن دفعه ثمن الصفقة إذا كان تمويل ديونه سليمًا، وفقًا لعقد الصفقة.
قد يحاول ماسك أيضًا -حسب الصحيفة- الدفع من أجل سعر أقل، من خلال إرساء الأسس لإيجاد تغيير سلبي جوهري، على غرار ما فعلته "إل في إم إتش الفرنسية" في استحواذها على "تيفاني آند كومباني" الأمريكية، مستشهدة بالضرر المالي الناجم عن وباء كورونا، مشيرة إلى أن الشركة الفرنسية حصلت -في النهاية- على سعر أقل للصفقة.
واستبعدت "نيويورك تايمز" نجاح ماسك في ما نجحت فيه "إل في إم إتش"، مشيرة إلى أنه بالنظر إلى السرعة التي اتبعها "مالك تسلا" في متابعة صفقة "تويتر"، من غير المرجح أن يجد قاضيًا متعاطفًا معه، خصوصًا أنه أخبر المستثمرين بالفعل بأنه يعتقد أن "تويتر" يمكن أن يضاعف عائداته خمس مرات، ما يجعله يستحق دفع 44 مليار دولار ثمنًا لشرائه.
ونقلت الصحيفة عن عدد من المحامين قولهم إن هناك عوائق عدة أمام لجوء ماسك إلى تصرف "إل في إم إتش" نفسه، مشيرين إلى أن تقديم ماسك عرضه بسرعة فائقة، وبعناية واجبة محدودة، قد يقلل من حججه، إذا أراد التراجع عن الصفقة.
ونقلت الصحيفة عن بريان كوين، الأستاذ المساعد في كلية الحقوق بجامعة بوسطن، التي تركز على عمليات الدمج بين الشركات، قوله: "لقد وقَّع ماسك بالفعل عملية الشراء، ومن ثمّ فإنه كمن اشترى منزلًا ووقَّع العقد، وبذلك إذا قلت بعد شراء المنزل، أريد الحصول على سعر أقل، سيقول البائع لا".
بينما يقول الأستاذ المساعد في جامعة بوسطن كوليدج، برايان كوين، إنه في حال وصول الأمر إلى المحكمة، فإن القاضي سيجبر ماسك على ما تم الاتفاق عليه، أي ثمن الصفقة كاملًا.
تطورات مثيرة
وكشفت "نيويورك تايمز" أن صفقة "تويتر" شهدت تطورات سريعة الأسبوع الماضي، إذ أعلن باراج أغراوال، الرئيس التنفيذي للشركة، أن اثنين من كبار المديرين التنفيذيين سيغادران، بينما غرد هذان المديران أنهما طردا.
وأشارت إلى أن أغراوال أعلن أيضًا أنه جمَّد معظم التعيينات الجديدة تخفيضًا للإنفاق، وقال إن هذه الخطوات نتجت جزئيًا عن فشل الشركة بتحقيق الأهداف في جذب الجمهور ونمو الإيرادات.
وحسب الصحيفة، فقد أغلقت أسهم "تويتر" أمس عند 45.22 دولار، أي أقل بكثير من 54.20 دولار، التي قدمها ماسك.
في المقابل، حسب الصحيفة الأمريكية، تتعرض أسهم شركة تسلا لضغوط عدة، مشيرة إلى أنه قد يكون ماسك أغنى رجل في العالم، إلا أن الكثير من ثروته مقيد في شركة تسلا، التي استغلها بشكل كبير للمساعدة في بناء إمبراطوريته التجارية.
وأوضحت أن ماسك كان يتطلع إلى تقليل الاستفادة من ممتلكاته في "تسلا" لشراء "تويتر"، إذ أعلن -في البداية- أنه سيأخذ قرضًا بـ12 مليار دولار مقابل أسهم "تسلا" الخاصة به، قبل خفض ذلك إلى 6.25 مليار دولار، إلا أنه يتردد الآن أنه يتطلع جديًا إلى إلغاء القرض.
وبينت "نيويورك تايمز" أنه من الممكن أن تخضع تغريدات إيلون ماسك لتدقيق هيئة الأوراق المالية والبورصات، مشيرة إلى أنهم نقلوا أسهم شركتي "تسلا" و"تويتر"، ما يعني أن معلومات شرائه تلك الأسهم كان ينبغي الإفصاح عنها للمستثمرين بشكل علني عبر إخطار الوكالة، متسائلة: "هل يجب إضافة ذلك إلى القائمة الطويلة من القضايا التي يواجهها ماسك مع هذه الصفقة"؟