نيويورك تايمز: نقص البيانات يعطل التسليح الأمريكي لأوكرانيا
كشفت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية، أن الاستخبارات الأمريكية لا تتلقى بيانات كافية من كييف عن وضع الجيش الأوكراني في حربه ضد روسيا، ما يصعب على إدارة الرئيس جو بايدن اتخاذ قرارات بشأن إرسال المساعدات العسكرية.

ترجمات - السياق
كشفت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية، أن الاستخبارات الأمريكية لا تتلقى بيانات كافية من كييف عن وضع الجيش الأوكراني في حربه ضد روسيا، ما يصعب على إدارة الرئيس جو بايدن اتخاذ قرارات بشأن إرسال المساعدات العسكرية.
وأشارت إلى أنه رغم أن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي يقدم تحديثات شبه يومية للغزو الروسي على وسائل التواصل الاجتماعي، تُظهر فعالية الأسلحة الغربية في أيدي القوات الأوكرانية، ورغم الاجتماعات المنتظمة التي تعقدها وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) للإحاطة بتطورات الحرب، فإن وكالات الاستخبارات الأمريكية لديها معلومات أقل مما تريد بشأن العمليات الأوكرانية.
ووفقًا لمسؤولين حاليين وسابقين -تحدثوا للصحيفة الأمريكية- فإن وكالات الاستخبارات الأمريكية، تمتلك صورة أفضل بكثير عن الجيش الروسي وعملياته المخطط لها ونجاحاته وإخفاقاته، من تلك التي تحصل عليها من كييف عن الأوضاع على الأرض.
استهداف المساعدات
وبينت "نيويورك تايمز" - نقلًا عن مسؤولين أمريكيين- أن الحكومات غالبًا ما تحجب المعلومات عن الجمهور لدواعٍ أمنية، لكن عدم توافر معلومات بعينها داخل الحكومة الأمريكية قد يجعل من الصعب على إدارة بايدن أن تقرر كيفية توجيه المساعدات العسكرية، حيث إن واشنطن ترسل أسلحة بمليارات الدولارات إلى الجيش الأوكراني.
وأوضح هؤلاء المسؤولون أن الحكومة الأوكرانية لم تبلغهم سوى بقليل من المعلومات أو التفاصيل عن عمليات وخطط الجيش الأوكراني أثناء الحرب، مشيرين إلى أن حكومة كييف أقرت بأنهم لم يبلغوا نظراءهم الأمريكيين بكل المعلومات عن العمليات العسكرية.
وأفادت الصحيفة بأن أجهزة الاستخبارات الأمريكية تجمع -كالعادة- معلومات عن كل الدول تقريبًا، بما في ذلك أوكرانيا، لكن الوكالات الأمريكية، تركز جهودها -بشكل خاص- على الحكومات المعادية، مثل روسيا، وليس الحكومات الصديقة، مثل أوكرانيا.
وحسب مسؤولين أمريكيون سابقين، فإن اقتصار تركيز وكالات الاستخبارات الأمريكية، خلال الـ 75 عامًا الماضية، على جمع المعلومات عن دول بعينها مثل روسيا، تسبب في نقص كبير في المعلومات عن الحكومات الصديقة، التي كانت تعمل الإدارات الأمريكية المتعاقبة على شحذ جهود أجهزة استخباراتها وليس التجسس عليها، مشيرين إلى أن النتيجة كانت "بعض النقاط العمياء"، في إشارة إلى ضعف المعلومات المتاحة.
وتساءلت بيث سانر، المسؤولة السابقة في جهاز الاستخبارات الوطني الأمريكي، عن مقدار ما تعرفه الوكالات الأمريكية حقًا عن أداء أوكرانيا، مشيرة إلى أن الإدارة الأمريكية ليست لديها معلومات واضحة عن العمليات العسكرية الأوكرانية، ولا معلومات محددة عن عدد القوات التي فقدها الجيش الأوكراني، ولا حتى عن عدد المعدات التي فقدتها كييف في حربها مع موسكو.
وأشارت "نيويورك تايمز" إلى أنه رغم عدم وضوح الصورة للاستراتيجية والوضع العسكري لأوكرانيا، فإن إدارة بايدن تعهدت بدعم الجيش الأوكراني بأنظمة مدفعية صاروخية، قد ترجح كفة الجيش الأوكراني في منطقة دونباس الشرقية.
بينما يقول عدد من مسؤولي البنتاغون، إنهم يمتلكون معلومات قوية عن الأماكن التي تصل إليها الأسلحة الأمريكية في أوكرانيا، وطريقة استخدامها، مشيرين إلى أن الأمر يبدأ بطلب من الأوكرانيين، ويتضمن تقييمًا أمريكيًا لنوع المعدات التي يحتاجون إليها ومدى سرعة إتقانها.
التشاؤم
وحسب المسؤولين الأمريكيين -الذين تحدثوا لـ "نيويورك تايمز"-فرغم أن بعض الوكالات الاستخباراتية الأوروبية تؤكد أنه سيكون من الصعب -إن لم يكن من المستحيل- على أوكرانيا استعادة الأراضي التي احتلتها روسيا منذ غزوها للبلاد في فبراير الماضي، فإن تقييمات وكالات الاستخبارات الأمريكية بهذا الصدد أقل تشاؤمًا.
وبيّن المسؤولون، أن تزايد التساؤلات عن حالة القوات العسكرية الأوكرانية واستراتيجيتها للحرب الدائرة، خاصة في دونباس، يشير إلى أن صورة استراتيجية أوكرانيا في الحرب لا تزال غير واضحة بالنسبة للإدارة الأمريكية.
ونقلت الصحيفة عن أفريل هاينز، مديرة جهاز المخابرات الوطنية، -خلال إدلائها بشهادتها في جلسة استماع بمجلس الشيوخ الأمريكي الشهر الماضي- قوله: "من الصعب للغاية تحديد المساعدات العسكرية الإضافية التي تحتاجها أوكرانيا".
وأضافت: "في الوقت الراهن، لدينا تصور واضح للعمليات الروسية في أوكرانيا، أكثر مما لدينا عن الجانب الأوكراني".
بينما أشارت الصحيفة الأمريكية، إلى أن أحد أبرز الأسئلة التي لا تزال إجابتها مبهمة للإدارة الأمريكية، يدور حول الإجراءات التي يعتزم زيلينسكي تفعيلها في دونباس، حيث تواجه أوكرانيا خيارًا استراتيجيًا هناك يتمحور حول سحب قواتها أو المخاطرة بتطويقها من قِبل القوات الروسية.
وأشارت إلى أنه في الأيام الأخيرة، قدمت أوكرانيا المزيد من المعلومات لنظيرتها الأمريكية، لافتة إلى أنه -الأحد الماضي- زار زيلينسكي الخطوط الأمامية ووصف القتال في سيفيرودونيتسك - وهي مدينة أساسية للسيطرة على دونباس- بأنه "صعب للغاية"، كما أقر بأن ما يصل إلى 100 جندي أوكراني يموتون يوميًا، ووصف كيف استولت روسيا على خُمس مساحة البلاد.
الغطاء السحابي
أيضًا -حسب "نيويورك تايمز"- هناك سبب آخر لعدم اكتمال المعلومات الاستخباراتية عن أوكرانيا بالنسبة للأمريكيين، وهو أن الغطاء السحابي جراء الحرب، حد من فائدة الأقمار الاصطناعية العلوية.
وبينت الصحيفة أن الولايات المتحدة تقدم تحديثات استخبارية منتظمة ولحظية لأوكرانيا عن مواقع القوات الروسية، فضلًا عن المعلومات التي يستخدمها الأوكرانيون للتخطيط للعمليات والضربات وتعزيز دفاعاتهم.
ولكن -تضيف الصحيفة- حتى في المحادثات رفيعة المستوى مع الجنرال مارك أ. ميلي، رئيس هيئة الأركان المشتركة، أو لويد جيه أوستن، وزير الدفاع، فإن المسؤولين الأوكرانيين يشاركون فقط أهدافهم الاستراتيجية، وليس خططهم العملياتية التفصيلية.
وتعليقًا على ذلك، قال المسؤولون الأمريكيون: السرية الأوكرانية أجبرت مسؤولي الجيش والمخابرات الأمريكيين على محاولة معرفة ما يمكنهم معرفته من دول أخرى تعمل في أوكرانيا، أو من خلال الدورات التدريبية التي تمنحها للأوكرانيين، أو عبر تعليقات زيلينسكي العلنية.
وقال المسؤولون: أوكرانيا تريد تقديم صورة قوتها فقط، سواء للجمهور أم لشركائها المقربين، إذ إنها لا تريد مشاركة المعلومات التي قد تشير إلى إضعاف العزيمة، أو إعطاء الانطباع بأنهم قد لا يفوزون لأي أحد.
وشددوا على أن المسؤولين الأوكرانيين لا يرغبون في تقديم معلومات قد تشجع الولايات المتحدة وشركاءها الغربيين على إبطاء تدفق الأسلحة.
وذكرت الصحيفة الأمريكية، أنه بناءً على طلب من الولايات المتحدة، أمضت أوكرانيا سنوات في تشديد حماية أجهزتها العسكرية والاستخباراتية من الجواسيس الروس، مشيرة إلى أن إطلاع الدول الأخرى على خططها والوضع العملياتي، قد يكشف نقاط ضعف يمكن أن تستغلها موسكو إذا علم الجيش الروسي بها.
ونقلت الصحيفة عن مسؤول أمريكي كبير قوله: الولايات المتحدة لديها تقديرات أفضل للخسائر الروسية، إذ تقدر وكالة الاستخبارات -على سبيل المثال- أن عدد الجنود الأوكرانيين الذين قُتلوا في المعركة قد يُماثل العدد الروسي، لكن الوكالة لديها مستوى أقل بكثير من الثقة في تقديرها للخسائر الأوكرانية.
وتعليقًا على ذلك، رأت بيث سانر، المسؤولة السابقة في جهاز الاستخبارات الوطني الأمريكي، أنه إذا تقدمت روسيا أكثر، فإن الفشل في فهم حالة الجيش الأوكراني، قد يفتح مجتمع الاستخبارات أمام اتهامات بأنها فشلت في تقديم صورة واضحة لآفاق أوكرانيا في الحرب إلى صانعي السياسة.
وأضافت سانر: "نحن لا نتحدث عما إذا كانت أوكرانيا قادرة على هزيمة الروس أم لا... وبالنسبة لي، أشعر بأننا نعد أنفسنا لفشل استخباراتي آخر من خلال عدم الحديث عن ذلك".