اشتعال الأوضاع على الحدود الرواندية الكونغولية.. ماذا نعرف عن إم 23؟
قوات الدفاع الرواندية اتهمت القوات المسلحة لجمهورية الكونغو الديمقراطية، بإطلاق صاروخين على الأراضي الرواندية الجمعة، مع استئناف القتال بين متمردي حركة 23 مارس والجيش الكونغولي في إقليم روتشورو

السياق
في أحدث نقطة ساخنة في النزاع المتصاعد بين جمهورية الكونغو الديمقراطية ورواندا، تبادلت الجارتان الاتهامات بعد تجدد العنف بينهما.
قوات الدفاع الرواندية اتهمت القوات المسلحة لجمهورية الكونغو الديمقراطية، بإطلاق صاروخين على الأراضي الرواندية الجمعة، مع استئناف القتال بين متمردي حركة 23 مارس والجيش الكونغولي في إقليم روتشورو، ما أدى إلى قتل طفلين.
وقالت قوات الدفاع الرواندية في بيان ترجمته «السياق»، إن «القوات المسلحة لجمهورية الكونغو الديمقراطية أطلقت صاروخين من عيار 122 ملم على رواندا من منطقة بوناغانا، مشيرة إلى أنها ضربت على طول الحدود بين رواندا وجمهورية الكونغو الديمقراطية.
وبينما لم توقع تلك الاشتباكات إصابات، إلا أنها أصابت السكان المحليين بالرعب، بحسب الجيش الرواندي، الذي قال إن قصفًا مماثلاً من القوات المسلحة لجمهورية الكونغو الديمقراطية استهدف الأراضي الرواندية في 19 مارس و23 مايو الماضيين، ما تسبب في إصابات وإلحاق أضرار بالممتلكات».
وتقول قوات الدفاع الرواندية إن هذه الحوادث أبلغت بها الحكومة الكونغولية وآلية التحقق المشتركة التابعة للمؤتمر الدولي لمنطقة البحيرات العظمى وشركاء آخرين.
تهديد بالانتقام
كانت رواندا قد هددت بالانتقام، حال تعرضها لمزيد من القصف، وفقًا لنائب رئيس الوزراء، وزير الخارجية الكونغولي كريستوف لوتندولا، الذي قال في 24 مايو الماضي، إن رواندا ألقت 20 قذيفة وقنبلة في منطقة كاتالي، بالقرب من مهبط طائرات المعهد الكونغولي لحماية الطبيعة، بالقرب من رومانجابو.
وبحسب مراقبين، فإن جمهورية الكونغو الديمقراطية ورواندا على وشك تصعيد عسكري مقرون بانهيار دبلوماسي، فالبلدان يتهمان بعضهما بأعمال عدائية، وبدعم الجماعات المتمردة المعادية.
وفي بيان صدر 8 يونيو الماضي، زعم الجيش الكونغولي أن رواندا نشرت 500 جندي، لدعم متمردي حركة 23 مارس الماضي، بينما نأت رواندا بنفسها عن المطالبات.
وقبل يومين، زعم جيش جمهورية الكونغو الديمقراطية نشر 500 جندي رواندي في منطقة تشانزو بإقليم شمال كيفو المتاخم لرواندا، مشيرًا إلى أن الجنود كانوا يرتدون زيا أخضر-أسود يختلف عن الملابس الرواندية.
اختطاف وهجمات مسلحة
وأضاف أن متمردي حركة 23 مارس، الذين يُزعم أنهم مدعومون من كيغالي، هاجموا مجموعة من قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في منطقة روتشورو، أيضًا شمالي كيفو، ما أدى إلى إصابة ثلاثة من جنود حفظ السلام التنزانيين.
ونقلت وكالة رويترز عن متحدث باسم الجيش الرواندي قوله إن المزاعم كاذبة، بينما قالت متحدثة باسم الحكومة إن كيغالي لن ترد على اتهامات لا أساس لها.
واتهمت كينشاسا كيغالي بدعم جماعة 23 مارس المتمردة، التي تشن -في الأسابيع الأخيرة- هجمات مستمرة شرقي جمهورية الكونغو الديمقراطية، منذ الاستيلاء على مساحات شاسعة من الأراضي هناك بين عامي 2012 و2013.
وقال الرئيس فيليكس تشيسكيدي –الأحد- في التلفزيون الرسمي: «ليس هناك شك، في أن رواندا دعمت حركة 23 مارس لتأتي وتهاجم جمهورية الكونغو الديمقراطية».
والأسبوع الماضي، شارك مئات النشطاء من حركات المواطنين والجماعات الشبابية في كينشاسا، عاصمة جمهورية الكونغو الديمقراطية، في مظاهرة مناهضة لرواندا، واتهموا كيغالي بدعم حركة 23 مارس المتمردة شرقي جمهورية الكونغو الديمقراطية.
كان المتظاهرون يطالبون بإنهاء العلاقات الدبلوماسية مع رواندا وطرد سفيرها المتمركز في كينشاسا.
وقال الناشط مود سالومي إيكيلا، أحد منظمي الاحتجاج في كينشاسا: «إنها المرة الأولى منذ 20 عامًا التي تسمي فيها حكومتنا صراحةً رواندا بأنها المعتدي شرقي الكونغو، لذلك كان ذلك بابًا مفتوحًا لحركة المواطنين، لتشجيعهم على الاستمرار في المقاومة واتخاذ قرارات قوية».
واستدعت كينشاسا في 28 مايو الماضي، سفير رواندا وعلقت الرحلات الجوية من جارتها بأثر فوري، بعد اتهامها بدعم جماعة إم 23 المتمردة النشطة في منطقتها الشرقية.
وقال المتحدث باسم حكومة جمهورية الكونغو الديمقراطية باتريك مويايا: «تتبلور الشكوك في أن حركة 23 مارس تلقت دعمًا من رواندا».
فماذا نعرف عن حركة 23 مارس؟
23 مارس حركة تمرد تقاتل القوات المسلحة لجمهورية الكونغو الديمقراطية شرقي الكونغو.
بدأت الحركة التي تدعمها رواندا، أواخر مارس 2012 بانشقاق الجنرال بوسكو «المنهي» نتاغاندا ونحو 300 جندي كونغولي.
أطلق على التمرد «إم 23» تقديراً لـ 23 مارس 2009، تاريخ معاهدة السلام التي دمجت جماعة نتاغاندا المسلحة (المؤتمر الوطني للدفاع عن الشعب) بالقوات المسلحة لجمهورية الكونغو الديمقراطية.
ويزعم متمردو حركة 23 مارس، أن الحكومة الكونغولية لم تؤيد من جانبها الاتفاقية، ويقولون إنهم يثورون بسبب «الفشل الواضح لدمج الحركات السياسية العسكرية بالقوات المسلحة الكونغولية».
تأسس المؤتمر الوطني للدفاع عن الشعب أواخر عام 2006، إلا أنه حُل جناحه المسلح بموجب المعاهدة عام 2009، وعندما اندمج المؤتمر الوطني للدفاع عن الشعب بالجيش الوطني، حصل نتاغاندا -الذي لُقب بـ«المنهي» لسمعته القاسية- على رتبة جنرال، رغم أن المحكمة الجنائية الدولية طلبته لارتكاب جرائم حرب.
وبين عامي 2009 و2012، عمل المتمردون السابقون في نتاغاندا تحت التسلسل القيادي الخاص بهم، داخل القوات المسلحة لجمهورية الكونغو الديمقراطية -وهو جيش داخل الجيش- وتمكنوا من تعزيز سيطرتهم على الموارد الطبيعية لشرقي الكونغو (أي عمليات تعدين معادن الصراع في المناطق الغنية بالقصدير والتنتالوم ، التنغستن والذهب).
وتمتع نتاغاندا وقواته السابقة في المؤتمر الوطني للدفاع عن الشعب، بثلاث سنوات من السيطرة على طرق التهريب والمضارب الضريبية، لكن أوائل عام 2012، بدأ ضباط الجيش الكونغولي اتخاذ خطوات، لتفكيك شبكات المؤتمر الوطني للدفاع عن الشعب السابق، داخل القوات المسلحة لجمهورية الكونغو الديمقراطية.
ومع تنامي رتب المنشقين وازدياد الهجمات، جلب الجيش الكونغولي كتائب مدربة بشكل خاص، للمساعدة في استعادة السيطرة على مقاطعتي كيفو.
وبعد سلسلة من المعارك، انتقل المتمردون إلى المرتفعات حول روتشورو وإلى بوناغانا على الحدود مع أوغندا.
كان فريق خبراء الأمم المتحدة بشأن الكونغو كشف تفاصيل دعم رواندا لحركة 23 مارس، بما في ذلك بالأسلحة الثقيلة، والقوات، والمجندين، والأراضي، والمقاتلين المدربين تدريباً عالياً والمنظمين.
وشكل توثيق الأمم المتحدة للدعم تطوراً مهماً، لأن رواندا لديها تاريخ من التدخلات شرقي الكونغو، إما من خلال قواتها الخاصة وإما بدعم الجماعات المتمردة، على الأراضي الكونغولية.
شجار تاريخي
توترت العلاقات بين البلدين، منذ أعقاب الإبادة الجماعية في رواندا عام 1994، حيث كان هناك تدفق جماعي للروانديين إلى شرقي جمهورية الكونغو الديمقراطية.
ويقول محللون إن التوترات بين البلدين، بدأت تتصاعد بشكل تدريجي، مشيرين إلى أن التوترات بين جمهورية الكونغو الديمقراطية ورواندا اشتعلت من جديد.
في نوفمبر الماضي، في أعقاب التفجيرات المميتة في العاصمة الأوغندية كمبالا، سمح تشيسكيدي للوحدات الأوغندية بالعبور إلى شمال كيفو لملاحقة قوات الحلفاء الديمقراطية، وهو تحالف متمردين أقسم أكبر فصيل فيه على الولاء لتنظيم داعش.