بايدن أمام خيار صعب بشأن برنامج إيران النووي... سيناريوهان للأزمة
مع تصاعد التوتر بين إيران والأسرة الدولية، أثيرت تساؤلات عن مصير الاتفاق النووي الإيراني، فماذا سيحدث؟

السياق
بعد أيام من توترات شابت الملف النووي الإيراني، على خلفية انتهاكات البلد الآسيوي لتعهداته السابقة مع المنظمات الأممية، بدأ الضغط يشتد مؤخرًا على الرئيس الأمريكي جو بايدن، للتوصل سريعا إلى خاتمة للمفاوضات مع طهران.
وتفاقم الوضع مع إصدار الوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة قرارًا أمريكيًا أوروبيًا، ينتقد إيران لعدم تعاونها، بعد تقرير للوكالة -الشهر الماضي- أكدت فيه عدم الحصول على توضيحات، بشأن آثار يورانيوم مخصب عثر عليها في ثلاثة مواقع غير مصرح بها في إيران، لترد الأخيرة –الأربعاء- معلنة إغلاق 27 كاميرا تابعة للوكالة الدولية للطاقة الذرية لمراقبة أنشطتها النووية.
ومع تصاعد التوتر بين إيران والأسرة الدولية، أثيرت تساؤلات عن مصير الاتفاق النووي الإيراني، فماذا سيحدث؟
سيناريوهان أمام بايدن
يجد بايدن نفسه أمام خيار صعب، بين تليين موقفه والمجازفة عندها، بأن تتهمه المعارضة الجمهورية بالضعف حيال أحد ألدّ أعداء أمريكا، قبل أشهر من الانتخابات التشريعية في نوفمبر، أو إعلان فشل الدبلوماسية والمخاطرة بإثارة أزمة كبرى في الشرق الأوسط، بالتزامن مع الحرب الروسية في أوكرانيا.
من جانبه، قال علي واعظ من مجموعة الأزمات الدولية: «في المرحلة الراهنة، قد تسير الأمور في أي من الاتجاهين»، مشيرًا إلى أن «التوتر الذي حصل في الأيام الماضية يمكن أن يدفع قادة طهران وواشنطن إلى الموافقة على التسوية المطروحة على الطاولة أو إلى العكس بإثارة دورة جديدة من التصعيد ستتفاقم حتمًا».
كان الرئيس الديمقراطي توقع مطلع 2021 مفاوضات سريعة لإحياء اتفاق 2015 بشأن الملف النووي الإيراني، بعدما انسحب منه الجمهوري دونالد ترامب، لكن محادثات فيينا متوقفة اليوم.
ويرى منتقدو الاتفاق الإيراني، وهم جمهوريون بشكل أساسي، أن الأحداث الأخيرة للملف النووي، دليل على أنه غير كاف، إذ إن إيران لا تتعاون مع المفتشين الدوليين.
وقال بهنام بن طالبلو من معهد الدفاع عن الديمقراطيات للدراسات الذي ينشط ضد الاتفاق النووي، إن كان التقدم الذي أحرزته طهران في الأشهر الأخيرة بالمجال النووي لا يكفي لحمل حكومة بايدن على تبديل موقفها، فما الذي تحتاج إليه أكثر من ذلك؟!
وحثَّ الرئيس الأمريكي على العودة إلى سياسة «الضغوط القصوى» المطبقة في عهد سلفه، لكن باعتماد «نسخة متعددة الأطراف».
وحتى في المعسكر الديمقراطي تتصاعد الأصوات المنتقدة، على غرار السناتور النافذ بوب ميننديز الذي تساءل: «متى ستقر الحكومة بأن تقدُّم إيران النووي أكبر من أن يبقى من المجدي إحياء الاتفاق النووي؟».
وحذّر المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافاييل غروسي، من أن «مجرد أسابيع قليلة فقط، تفصل إيران عن الحصول على مواد كافية لصنع سلاح نووي، إذا استمرت على وتيرتها الحالية في تخصيب اليورانيوم، وهو ما تنفي إيران باستمرار سعيها إليه».
غموض أمريكي
في الواقع بدا الطرف الأمريكي في الأشهر الماضية مكتفيًا ضمنًا بالوضع القائم الذي لخصه علي واعظ بعبارة: «لا اتفاق، لا أزمة»، فبعدما حذر الأمريكيون في ديسمبر الماضي من أنه لم يبق هناك سوى بضعة أسابيع للتوصل إلى تفاهم، انقضت هذه المهلة بلا أي نتيجة، ومن غير أن يحددوا أي مهلة أخرى.
وعمدت واشنطن إلى إبقاء غموض نيتها، خاصة بعد أن حذر وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن من أن «استفزازات» طهران الأخيرة قد تتسبب بـ«أزمة نووية متفاقمة وزيادة عزلة إيران الاقتصادية والسياسية».
لكنه في الوقت نفسه ترك الباب مفتوحًا للدبلوماسية، مؤكدًا أنه ما زال يسعى لإحياء الاتفاق النووي. وأوضحت أوساطه أن تفعيل الاتفاق سيخدم بقوة مصالح الأمن القومي الأمريكي.
وتخشى رندا سليم، الباحثة في معهد الشرق الأوسط للدراسات، أن يستمر «هامش الغموض هذا حيث يفترض الجميع أن محادثات فيينا فشلت، لكن لا أحد يريد إعلان ذلك».
معضلة بايدن
وتابعت: «هذه هي المعضلة أمام إدارة بايدن، إذا أعلنت أن المفاوضات انتهت» في وقت يؤكد الخبراء أنفسهم أن طهران أقرب من أي وقت مضى لامتلاك السلاح النووي، عندها ستكون مرغمة على التحرك أو القبول بتدخل إسرائيل، حيث يدفع الصقور باتجاه شن ضربات عسكرية على مواقع نووية إيرانية.
غير أن علي واعظ يرى -في المقابل- أن التوتر مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية أثبت للطرفين أنه لا يمكن الاستمرار في الوضع القائم، مؤكدًا أن جو بايدن يواجه «عدين عكسيين يشكلان ضغطًا كبيرًا عليه».
وأوضح واعظ: بايدن من جهة أمام العد العكسي الفني، الذي يقرب الجمهورية الإسلامية من امتلاك سلاح نووي، والذي سيدفع الكونغرس الأمريكي إلى مطالبة الرئيس بتحرك أكثر حزمًا، ومن جهة أخرى أمام العد العكسي السياسي مع اقتراب الانتخابات التشريعية منتصف الولاية الرئاسية.