ماذا تعني استقالة نواب الكتلة الصدرية من البرلمان العراقي؟
يعيش العراق حالة من الانسداد السياسي، منذ الانتخابات التشريعية في أكتوبر الماضي، بعد فشل محاولات انتخاب رئيس الجمهورية، وأيضاً تشكيل الحكومة الجديدة

السياق
وسط حالة الانسداد السياسي التي يشهدها العراق منذ الانتخابات التشريعية، دعا مقتدى الصدر نواب كتلة تياره السياسي -المؤلفة من 73 نائباً- إلى الاستعداد لـ"الاستقالة" من البرلمان، كي لا يكونوا عائقاً أمام تشكيل الحكومة.
وبينما وصف مراقبون موقف الصدر بـ"المناورة السياسية"، أشار آخرون إلى أن دعوة زعيم التيار الصدري، حركت المياه الراكدة، خصوصًا مع تصاعد المخاوف من تعطل المسار السياسي في البلاد، وما يتسبب فيه من عودة المليشيات والقوى الموالية لإيران للمشهد، الذي يتوقع أن ترافقه أعمال عنف.
ويعيش العراق حالة من الانسداد السياسي، منذ الانتخابات التشريعية في أكتوبر الماضي، بعد فشل محاولات انتخاب رئيس الجمهورية، وأيضاً تشكيل الحكومة الجديدة.
قوى إقليمية
محمد أرسلان، الخبير العراقي المتخصص في الجماعات الإرهابية يقول لـ"السياق"، إن السبب الرئيس في إعلان الاستقالة، يتمثل في حالة الانسداد السياسي، التي تشهدها العملية السياسية الراهنة.
ولم يغفل أرسلان دور الأطراف الخارجية -الإقليمية والدولية– في دعم قوى داخلية، تسببت في الجمود السياسي الراهن، وخص بالذكر إيران، التي تسعى لقطع الطريق على أي قوى وطنية تسعى لـ"تقليم أظافرها" بالعراق، بعد عقدين من جعل الأخير حديقة خلفية لها.
ويؤكد الخبير العراقي أن إيران تدع القوى الموالية لها لتعطيل الحياة السياسية، عبر "بعثرة أوراق اللعبة"، وهو ما ستكون له تداعيات إقليمية كبيرة خصوصًا على دول الجوار.
ولفت أرسلان إلى أن إيران تعلم جيداً أن أي تقويض لنفوذها في العراق، سيتبعه النهج نفسه في لبنان واليمن، وهو ما يفسر دعمها غير المحدود لقوى الفوضى في البلاد.
ويقول الخبير العراقي إن القوى المدعومة من إيران تلعب دورًا مزدوجًا داخل العراق، وهو ما يكشفه الهجوم الأخير على مدينة أربيل شمالي البلاد.
ويرى أرسلان أنها بجانب دور هذه القوى الداخلي في تأزيم المشهد السياسي لاستمرار نفوذها، فإن إيران تستخدمها كورقة ضغط في المفاوضات النووية، خاصة أنه في اليوم الذي حدث فيه هجوم أربيل، كان هناك اجتماع جرت فيه إدانة طهران بمجلس الوكالة الذرية.
وأوضح أنه ربما يكون لقرار مجلس الوكالة الذرية، ما بعده من فرض مزيد من العقوبات على إيران، سواء كانت اقتصادية أم حتى محاولة فرض تدخل أممي لمراقبة المنشآت النووية.
كما أكد الخبير العراقي، أن القوى الموالية لطهران تعمل أيضاً عبر تأزيم المشهد العراقي سياسيًا وأمنيًا، إلى الرد على عمليات الاغتيال التي تسارعت وتيرتها في إيران، وجرى فيها اغتيال علماء بالبرنامج النووي وأيضاً قائد في الحرس الثوري.
وتوقع أرسلان أن يعلن الأكراد والسُّنة المتحالفين مع الصدر استقالة نوابهم، وهذا ما سيؤدي بالمشهد العراقي نحو التأزم، معتقدًا أن العراق سيتجه نحو حكومة تصريف أعمال، مع انتشار الفوضى، وبعدها ستعلن حالة الطوارئ حتى التوافق على صيغة معينة تسير بالعراق نحو الاستقرار.
خيار أخير
واستكمالًا للرؤية السابقة، يرى الخبير المصري في الشؤون العربية محمد ربيع الديهي في حديثه لـ"السياق"، أن قرار الصدر جاء كخيار أخير في ظل الجمود السياسي الراهن.
وأشار الديهي إلى أن المشهد في العراق ضبابي وغامض، نتيجة الدفع الإيراني المستمر لعرقلة الحياة السياسة من خلال المليشيات الموالية لها.
ويرى أن استقالة نواب البرلمان عن التيار الصدري، بعد الإخفاق 3 مرات في انتخاب رئيس للجمهورية، تعني تعقدًا أكثر في المشهد السياسي العراقي.
وأوضح أن خيار حل البرلمان العراقي، بعد استقالة أعضاء التيار الصدري لن يكون في صالح البلاد، إضافة إلى ذلك فهو فرصة لطهران لتقوية نفوذها في الداخل العراقي، بعد نجاحها في إفشال كل محاولات البرلمان لتشكيل الحكومة.
ويرى الديهي أن مقتدي الصدر استخدم كل أوراقه الضاغطة تجاه الإطار التنسيقي و(الثلث المعطل)، مشددًا على أن الاستقالة الورقة الأخيرة التي تمهد لحل البرلمان، لافتًا إلى أنه هناك حالة من التوافق السياسي لإعادة الانتخابات.
ويرى الخبير في الشؤون العربية أن المشكلة الأكبر تتمثل في كيفية تعامل المجتمع العراقي مع هذه الأزمة المتفاقمة، في ظل استمرار تلاعب إيران بالقوى والمصالح العراقية.