بعد إعلان الرئيس إمكانية تعديل الدستور... هل تتجه تونس نحو انتخابات مبكرة؟
تغيير النظام... نقلة نوعية في صراع السُّلطة داخل تونس

السياق
نقلة نوعية تشهدها الساحة السياسة في تونس، ضمن تحركات تحدد ملامح صراع السُّلطة بين الرئيس قيس سعيد ومعظم التيار المدني من ناحية، وحركة النهضة الإخوانية بقيادة راشد الغنوشي وحلفائه من ناحية أخرى.
النقلة الجديدة، تجسَّدت في إعلان الرئيس التونسي، استعداده لتعديل الدستور، عبر الآليات الشرعية القانونية القائمة.
وترافق مع التصريحات السابقة، تأكيده احترام "دستور عام 2014 الديمقراطي، لكنه ليس أبدياً ويمكن تعديله"، بحسب قوله.
يأتي إعلان الرئيس قيس سعيد، بعد أقل من 48 ساعة من تصريحات مستشاره، إذ قال إن هناك اتجاهًا لتغيير النظام السياسي.
ولفت وليد الحجام، المستشار السياسي للرئيس التونسي، إلى أن الدستور يعد عائقًا ويجب تعليقه ووضع نظام للسُّلطات المؤقتة.
هذه النقلة، وما تحمله من دلالات، تأتي ضمن سلسلة القرارات التي بدأت في 25 يوليو الماضي، بإعفاء رئيس الوزراء التونسي هشام المشيشي من منصبه، وتجميد عمل البرلمان ورفع الحصانة عن النواب، على خلفية الاحتجاجات العنيفة التي شهدتها مدن عدة وتردي الأوضاع.
مراقبون تونسيون أكدوا لـ"السياق" أن تصريحات الرئيس قيس سعيد ومن قبلها مستشاره السياسي، امتداد لقناعة قطاع كبير من الشعب، بضرورة تعديل الدستور، الذي ساهم في وصول الإخوان للحُكم، وتغيير النظام.
وحدة الهدف واختلاف الآلية
بيد أن آلية التطبيق، مصدر مرتقب للخلاف، إذ رفض اتحاد الشغل التونسي، تعليق دستور 2014، كبداية لتعديله لتغيير النظام السياسي.
ودعا نور الدين الطبوبي، الأمين العام لاتحاد الشغل التونسي، لإجراء انتخابات برلمانية مبكرة، تفضي إلى مجلس نواب، يناقش تعديل الدستور وتغيير النظام.
موقف اتحاد الشغل، يشير إلى تصور مختلف عن رؤية الرئيس قيس سعيد رغم وحدة الهدف، بحسب المحلل السياسي التونسي محمد ذويب.
وقال ذويب في تصريحات خاصة لـ"السياق": إن الاتحاد العام التونسي للشغل منظمة عريقة، وله تصوره الخاص لكيفية إدارة البلاد والشأن العام، ومن حقه ذلك، لكن قد يختلف تصوره مع تصور الرئيس، الذي تمكنه صلاحياته الدستورية، من حل البرلمان وتغيير النظام السياسي عبر الاستفتاء.
وعن تصريحات الرئيس قيس سعيد، يقول المحلل السياسي التونسي: "ليست المرة الأولى التي يقول فيها لابد من تغيير النظام السياسي، فقد صرَّح بذلك منذ عام 2013، وبنى برنامجه الانتخابي على هذا التوجُّه".
وأشار ذويب إلى أن "تغيير النظام السياسي نادت به أطياف واسعة من الشعب التونسي بخلاف قيس سعيد"، لافتًا إلى "أن الديمقراطية ليست مرتبطة بالنظام الرئاسي أو البرلماني وليست مقتصرة عليه، فالديمقراطية ليست حِكرًا على نظام دون غيره".
وأوضح أن "في تونس مثلًا لم تكن هناك ديمقراطية شعبية تمثيلية، بل مجرد ديمقراطية على مقاس طبقات وفئات معينة، والدليل أنها لم تقدِّم شيئًا للشعب ولا البلاد، حتى أن الشعب خرج عليها وطالب بتغيير النظام السياسي".
توجُّه عام
"واضح أن التوجُّه هو تغيير النظام السياسي، وتعديل بعض فصول الدستور، لتنفيذ برنامج الرئيس قيد سعيد، الذي وعد به التونسيين في أعقاب 25 يوليو"، هكذا تحدَّثت لـ"السياق" ضحى طليق المحللة السياسية التونسية.
وأضافت طليق: "هذا التوجُّه ظهر أيضاً في تصريحات الأمين العام المساعد لاتحاد الشغل التونسي سامي الطاهري، وكذلك رئيسة الحزب الدستوري الحر عبير موسي، بعد لقائها أمين عام الاتحاد نور الدين الطبوبي".
وفي ما يتعلق بمدى تأثير هذا التحرك في سير الديمقراطية، قالت: "لا أرى أي تأثير سلبي، لأن الديمقراطية تمارس من خلال أنظمة سياسية مختلفة في الملكية الدستورية، والنظام البرلماني والديمقراطية المباشرة والديمقراطية غير المباشرة".
وتابعت المحللة السياسية التونسية، أن "الديمقراطية يتم تقييمها عبر احترام السُّلطات لحقوق الإنسان، وحرية الرأي والتعبير، واحترام الدستور والقوانين، واحترام أسس الدولة المدنية وقيم الجمهورية".
حديث مبكر
المحلل السياسي التونسي باسل ترجمان قال لـ"السياق": من المبكر الحديث عن تغيير النظام السياسي في تونس.
ولفت ترجمان إلى أن "الحديث الذي يدور الآن، مرتبط بتغيير دستور عام 2014، وهو حديث جدي من قبل قرارات 25 يوليو الماضي".
واعتبر المحلل السياسي التونسي، أن مجلس النواب السابق، الذي تم تجميده، انتهى دوره ولن يصبح له دور في المستقبل و"أصبح من الذاكرة وطي التاريخ".
ولفت إلى أن الحديث عن انتخابات مبكرة، بالدستور السابق والآليات السابقة، سيفضي إلى النتائج نفسها، ولن يؤدي إلى تحقيق مطالب الشعب وتطلعاته، مشددًا على أن تونس بحاجة إلى تعديل قانون الانتخابات والدستور، ثم الدعوة لإجراء انتخابات تشريعية.