قمة بغداد.. العراق ومصر والأردن على خطى التكامل العربي
حملت القمة العديد من الرسائل التي تكشف عن مستوى التنسيق بين البلدان الثلاثة، وتحركها نحو التكامل الاقتصادي والأمني.

السياق
انعقدت، أمس الأحد، القمة الثلاثية الثالثة بين العراق ومصر والأردن، ضمن سلسلة لقاءات بين قادة الدول الثلاث بدأت في عام 2019 بالقاهرة، فيما عدّها مراقبون أنها جاءت تحت شعار "التكامل العربي وفق أسس ومصالح اقتصادية واستراتيجية".
وشارك في القمة الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي بصفته أول رئيس مصري يزور العراق منذ 30 عامًا، والعاهل الأردني الملك عبدالله الثاني ملك الأردن، إلى جانب رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، بجانب الرئيس العراقي برهم صالح.
وحملت القمة العديد من الرسائل التي تكشف عن مستوى التنسيق بين البلدان الثلاثة، وتحركها نحو التكامل الاقتصادي والأمني.
وركزت أعمال القمة الثلاثية على التعاون الاقتصادي والتجاري بين الدول الثلاث، كما جاء ملف مكافحة الإرهاب حاضرًا، في ظل ما يشهده العراق من أعمال عنف للمليشيات المدعومة من إيران.
جماعات العنف
بدوره، يرى الدكتور مروان شحادة، الخبير الأردني في شؤون الجماعات المتطرفة، أن القمة الثلاثية جاءت متسقة مع التحديات التي تواجهها المنطقة.
وقال في تصريح لـ "السياق"- إن تركيز القمة على الجانب الاقتصادي يُعدّ آلية لمواجهة جماعات العنف المسلحة، لكنه شدّد على ضرورة تحقيق السلام في منطقة الشرق الأوسط لتفنيد أسباب الجماعات المتطرفة في حملها السلاح.
وأضاف: "لا يخفى على الجميع وكما هو معروف أن المنطقة تمر بأزمات كبيرة تتعلّق بوجود جماعات متشددة وجماعات العنف المسلحة، وهو ما يتطلب تحركًا مشتركًا للتصدي لها، بجانب البحث عن سبل معالجتها".
واعتبر شحادة أن التعاون الاقتصادي بين الدول الثلاث جاء متوافقًا مع التحديات والصعوبات التي تمر بها شعوب المنطقة كافة، لافتا إلى أن التكامل الاقتصادي بين الدول الثلاث من شأنه المساعدة في مواجهة هذه التحديات، لما تمتلكه هذه الدول من قدرات وإمكانيات إذا ما وُظّفت بشكل تكاملي، فقد تحدث طفرة تنموية ملموسة.
تغيّرات إقليمية ودولية
بالمقابل، قال الخبير المصري في الشؤون العربية، محمد ربيع الديهي، إن "القمة تأتي في توقيت (حساس للغاية)، إذ تمر المنطقة بالعديد من التغيرات الإقليمية والدولية".
وأشار الديهي في تصريح لـ"السياق"- إلى أن أول هذه التغيّرات هو خفض الولايات المتحدة الأمريكية قوتها في المنطقة عمومًا، وفي العراق خصوصًا، مع تصاعد التحذيرات من عودة تنظيم داعش إلى المنطقة من جديد.
ولفت إلى أن هذه القمة تؤكد أيضًا محورية الدور المصري وأهميته في المنطقة العربية، وقال إن "الموضوعات التي ناقشتها القمة في غاية الأهمية، وتُعدّ ضرورية من أجل استقرار المنطقة، ودفع عجلة التعاون والاستثمار بين الدول الثلاث في المجالات كافة"، معتبرًا أن القمة دشّنت مرحلة جديدة من العلاقات والتعاون المشترك بينها في ضوء مشروع المدينة الاقتصادية العراقية - المصرية - الأردنية.
وأكد الديهي أن القمة الثلاثية تدشّن مرحلة من التكامل الاقتصادي عبر مشروعات الربط الكهربائي بين الدول الثلاث، وربط شبكات لنقل الغاز بين العراق ومصر عبر الأردن، وإتاحة منفذ لتصدير النفط العراقي عبر الأردن ومصر من خلال المضي في استكمال خط الغاز العربي.
ونوه الخبير المصري بأن البيان الختامي الصادر عن القمة يرسّخ لمرحلة جديدة في العلاقات بين الدول الثلاث، تهدف إلى تحقيق الاستقرار وضمانه في المنطقة العربية، خصوصًا في ظل تمسّك الدول الثلاث بضرورة دفع الحل السياسي للأزمة السورية وتحقيق الاستقرار بها، فضلاً عن ضرورة تسوية القضية الفلسطينية.
وكانت القمة الثلاثية الثانية التي عُقدت في الأردن في أغسطس/آب 2020 شدّدت على أهمية تعزيز التعاون في المجالات الاقتصادية والحيوية مثل الربط الكهربائي ومشاريع الطاقة والمنطقة الاقتصادية المشتركة، وهو ما يُعدّ توجهًا لإعادة طرح التكامل العربي وفق أسس ومصالح اقتصادية واستراتيجية، تتجاوز مرحلة الشعارات.