كارثة تلوح في الأفق بأفغانستان بعد انسحاب أمريكا.. وطالبان تتمدد

يعيش نحو 8.5 مليون أفغاني بالفعل تحت سيطرة حركة طالبان، وأكثر من 13 مليونًا في مناطق متنازع عليها. وسوف تستمر هذه الأرقام في الارتفاع في ظل غياب رد فعل من السياسة الأمريكية

كارثة تلوح في الأفق بأفغانستان بعد انسحاب أمريكا.. وطالبان تتمدد

ترجمات - السياق

 حذرت صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية من كارثة محققة تلوح في الأفق في أفغانستان، وذلك في تقرير موجه إلى الرئيس الأمريكي جو بايدن الذي التقى نظيره الأفغاني أشرف غني، الجمعة الماضي، ووعده بدعم أفغانستان واستمرار التعاون العسكري والاقتصادي بين واشنطن وكابول.

وقالت وول ستريت جورنال في تقريرها: يعيش نحو 8.5 مليون أفغاني بالفعل تحت سيطرة حركة طالبان، وأكثر من 13 مليونًا في مناطق متنازع عليها. وسوف تستمر هذه الأرقام في الارتفاع في ظل غياب رد فعل من السياسة الأمريكية، إذ تحيط معظم المناطق التي جرى الاستيلاء عليها حديثًا بعواصم المقاطعات، والتي ستنتقل إليها الحركة بمجرد رحيل القوات الأمريكية والقوات المتحالفة، ما دفع أجهزة الاستخبارات لتقدير أن "كابول" قد تسقط بعد ستة أشهر من انتهاء الانسحاب الأمريكي بحلول 11 سبتمبر/أيلول 2021.

ومؤخرًا انتقل الهجوم إلى شمال أفغانستان، أي أبعد كثيرًا عن معاقل طالبان التقليدية في الجنوب، إذ اندلعت معارك ضارية بين المسلحين وقوات الحكومة الأفغانية في أقاليم شمال فارياب وبلخ وقندوز. وقُتل نحو 20 من أفراد القوات الخاصة الأفغانية الأسبوع الماضي في أثناء محاولتهم استعادة منطقة مهمة في فارياب.

ضغوط متزايدة

تركت القوات الحكومية العديد من الأراضي تسقط في يد طالبان، وتُعدّ الحكومة هذه التراجعات "تكتيكية"، لكنها تترك أسلحة وسيارات باهظة الثمن. على الرغم من أن القوات الأفغانية قد حققت بعض النجاح المحدود، فإنها تتعرّض لضغوط متزايدة دون الدعم الجوي الأمريكي.

ومن ثم على الأرض، فإن هناك كارثة تدور ببطء في أفغانستان، تتلخص في تمدد قوات طالبان، على حساب القوات الحكومية.

انشقاق القوات الأفغانية

ما يزيد من خطر الأزمة أن القوات الأفغانية تتعرّض لخطر الانشقاق عن المليشيات المحلية المناهضة لطالبان، إذ التقى الرئيس الأفغاني "أشرف غني" بشكل متزايد مع قادة المليشيات، داعيًا إلى جبهة موحدة لمحاربة طالبان.

المأساة هي أن عكس هذا المنعطف المظلم لا يتطلب التزامًا هائلاً من القوات الأمريكية، لأن القوات الحكومية الأفغانية بعيدة كل البعد عن اكتمال العدة والعتاد، لكنها كانت تتحمل العبء الثقيل في القتال. 

فقد كانت الميزة الأكبر للأفغان على طالبان هي الطيران، لكنّ المتعاقدين من القطاع الخاص يقومون بجميع أعمال الصيانة لطائرات الهليكوبتر وطائرات النقل بلاك هوك الحكومية، والكثير من أعمال الصيانة لطائرات الدعم القتالية الخفيفة، ويحدث ذلك بينما يمكن وقف عمل القوات الجوية الأفغانية جميعها في غضون أشهر، إذ يغادر المتعاقدون مع القوات المتحالفة.

يريد (غني) أن تستمر الولايات المتحدة في تقديم الدعم الجوي لقواته، لكن واشنطن تلتزم فقط بعمليات محدودة لمكافحة الإرهاب. في كلتا الحالتين، لا توجد خيارات واقعية لقواعد جوية خارج أفغانستان. تمتلك الولايات المتحدة أصولًا كبيرة في دول الخليج، لكن وقت الرحلة الطويل يقوض فائدتها. كما أن استخدام حاملات الطائرات اللازمة في المحيط الهادئ لهذه المهام سيكون سوء تصرف استراتيجيًا.

غزت الولايات المتحدة أفغانستان بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر/أيلول للقضاء على القاعدة ورعاتها من طالبان، ووفقًا لتقرير حديث للأمم المتحدة، لا تزال المجموعتان "متحالفتين بشكل وثيق ولا تظهران أي مؤشر على قطع العلاقات"، ما يجعل الولايات المتحدة في خطر محدق، في حال إتمام الانسحاب من أفغانستان.

الدور الصيني

تعرج وول ستريت جورنال على الصراع الخفي بين الولايات المتحدة والصين، وقالت في تقريرها: إن البعض يجادل بأنه يجب عدم إعطاء الأولوية للإرهاب لصالح منافسة القوى العظمى مع الصين. ولكن مع قيام الصين ببناء قوتها الجوية في المنطقة، يتخلى بايدن عن القواعد الجوية المفيدة في أفغانستان، خصوصًا قاعدة باغرام بالقرب من كابول. فيما لا أحد يجادل من أجل التزام القوات الأمريكية بدورها في أفغانستان، إذ يمكن إدارة بضعة آلاف من القوات هناك، للدفاع عن القوة المتبقية من المتعاقدين الخاصين وللحفاظ على الدعم الجوي الأفغاني للقوات الحكومية.

لقد قوّض الانسحاب المفاجئ وحدة الناتو، إذ إن بعض الأوروبيين غير راضين عن قرار بايدن. بينما تشير تقارير إخبارية إلى أن بايدن وافق أخيرًا على نقل آلاف المترجمين الأفغان إلى دول ثالثة في انتظار تأشيرات الولايات المتحدة التي وعدوا بها، لكن هذا يجب أن يتم بسرعة لتجنب مذبحة، إذ تتوعدهم طالبان.

وقال متحدث باسم البنتاغون هذا الأسبوع إن وتيرة الانسحاب قد تتغير، لكن جميع القوات الأمريكية ستختفي بحلول سبتمبر/أيلول المقبل.

اختتمت وول ستريت جورنال تقريرها بالقول: إن استمرار بايدن في تنفيذ مخطط ترامب بالانسحاب من أفغانستان، إنه يجعله يتشارك المسؤولية عن أي عواقب دموية متوقعة.