المحاكمة الأشهر في 2021... صافع ماكرون أمام القضاء الفرنسي بتهمة إهانة موظف عام
أقدم مواطن فرنسي، على صفع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، بعد أن أمسكه من يده، وصاح قائلاً "تسقط ماكرونيا"، ثم صيحة الحرب المعروفة للجيش الفرنسي في عهد الملكية، في حادثة وثَّقها فيديو نشرته صحيفة لوموند الفرنسية، ظهر فيه ماكرون يقترب، لرد التحية على تجمع حضر للترحيب به، خلال زيارته لإقليم دروم.

السياق
قالت النيابة العامة الفرنسية، إن المتهم داميان ت. (28 عامًا)، يمثل اليوم أمام المحكمة، بتهمة إهانة موظف عام "الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون"، وفقًا لنظام المثول الفوري، الذي يضمن تسريع إجراءات المحاكمة، في حالات الجنح المتلبس بها، في جلسة قضائية وصفت بالأشهر في 2021، وبدأت أولى حلقاتها اليوم، بمثول الرجل الذي صفع ماكرون، أثناء زيارة إلى جنوبي شرق البلاد، لجس نبض المجتمع الفرنسي، بعد جائحة كورونا.
تفصيلاً، أقدم مواطن فرنسي، على صفع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، بعد أن أمسكه من يده، وصاح قائلاً "تسقط ماكرونيا"، ثم صيحة الحرب المعروفة للجيش الفرنسي في عهد الملكية، في حادثة وثَّقها فيديو نشرته صحيفة لوموند الفرنسية، ظهر فيه ماكرون يقترب، لرد التحية على تجمع حضر للترحيب به، خلال زيارته لإقليم دروم.
الواقعة أكدها قصر الإليزيه، على لسان المتحدِّث باسم الحكومة الفرنسية جابرييل، الذي كشف -في تصريحات صحفية- أن الرئيس ماكرون اعتبر الحادثة عملاً منفرداً، ارتكبه شخص عنيف.
وفي جلسة استماع، عقدتها الشرطة الفرنسية، أقر المتهم بـتوجيه ضربة إلى رئيس الدولة، وبأنه تصرَّف بالفِطرة ومن دون تفكير، تعبيراً عن عدم رضاه، وبتلفظه بكلمات تندِّد بسياسته، مشيرًا إلى أن ماكرون ادعى قربه من حركة السترات الصفراء، ومشاطرته معتقدات سياسية تقليدية لليمين أو اليمين المتطرف، بحسب تقرير نشرته «فرانس 24».
من جانبه، قال المدعي العام لمنطقة فالنس أليكس بيرين، في تصريحات صحفية، إن المتهم داميان، من المعجبين بتاريخ العصور الوسطى، ومشترك في مواقع إلكترونية لليمين المتطرف، وأضاف أن رفيقاً له أوقف معه، يدعى آرثر س، سيصدر بحقه أمر استدعاء للمثول أمام المحكمة، نهاية النصف الثاني من عام 2022 بالتّهم المتعلّقة بالحيازة غير المشروعة لأسلحة عُثر عليها في منزله.
من المتهم؟
بحسب الشرطة الفرنسية، فإن داميان تاريل (28 عاماً)، يدير نادياً لعشاق فنون المبارزة بالسيوف، التي ترجع إلى القرون الوسطى، وليس له سجل إجرامي، كما أنه بدا ضائعاً بعض الشيء، وغريب الأطوار.
العقوبة المنتظرة
تنتظر تاريل، الذي يحاكم بتهمة التعدي على موظف عام، عقوبة تصل إلى ثلاث سنوات من السجن المشدَّد، وغرامة تصل إلى 45 ألف يورو، وبحسب المادة 222ـ13 من قانون العقوبات الفرنسي، فإنه "يعاقب على العنف الناجم عن عدم القدرة على العمل لمدة تقل عن ثمانية أيام، أو ما يعادله، بالسجن 3 سنوات وغرامة قدرها 45 ألف يورو عند ارتكابها".
وكانت بانتظار "تاريال" تهمة أكبر هي إهانة رئيس الدولة، إلا أن الجمعية الوطنية ألغت تلك التهمة عام 2013، بعد أن أدانت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان فرنسا، لاستخدامها هذه التهمة.
إدانات محلية
تسبَّب الحادث في إدانات محلية واسعة، وصلت إلى منافسي الرئيس الفرنسي، في الانتخابات المقرَّر إجراؤها العام المقبل، فبينما دانت الطبقة السياسية الصفعة، معتبرة أنها بادرة خطيرة تمس الديمقراطية، قلَّلت السلطات الفرنسية من خطورتها، نافية أن يكون الحادث، الذي وصفته بـالفردي، رمزاً لغضب الفرنسيين على ماكرون.
وقال رئيس الوزراء الفرنسي جان كاستكس، إن الحادث استهدف الديمقراطية، إلا أن زعيمة اليمين المتطرف مارين لوبان، قالت في تصريحات صحفية، إنه يمكن أن يكون النقاش الديمقراطي شرسًا، لكنه لا يمكن التسامح مع العنف الجسدي.
حاولت السلطات الفرنسية، التقليل من شأن الواقعة، فاستأنف ماكرون -الذي تعرَّضت سياساته للانتقاد الشديد، قبل أن ترتقع شعبيته في الأشهر الأخيرة- زيارته بعد الواقعة في بلدة تان ليرميتاج قرب مدينة ليون، بحسب قصر الإليزيه.
وقال المتحدِّث باسم الحكومة جابرييل أتال، بعد جلسة حكومية رأسها الرئيس ماكرون، إنه أكَّد أن الحادث "عمل منفرد ارتكبه شخص عنيف".
جدل واسع
محللون حذروا في تصريحات لـ«فرانس 24»، من أن تعيد الصفعة الغضب الساخن، الذي جمَّده وباء كورونا، بينما قال كزافييه برتران المرشح اليميني، الذي أعلن ترشحه للانتخابات الرئاسية عام 2022، إن ماكرون لم يقدر يوماً حجم أزمة السترات الصفراء.
من جهة أخرى، يرى رئيس كتلة نواب الأغلبية كريستوف كاستانير (أحد المؤيدين للرئيس الفرنسي) إن هذه الحادثة، دليل على إرادة رئيس الدولة، المتهم منذ فترة طويلة، بالغطرسة وحتى الازدراء، للخروج لمقابلة السكان.
الحادث أعاد مرة أخرى الأجواء المتوترة، التي كانت محيطة بالرئيس ماكرون، قبل انتشار جائحة كورونا، أبرزها اندلاع احتجاجات السترات الصفراء، التي استمرت أشهرًا، ودفعت ملايين المواطنين الفرنسيين إلى الخروج للشوارع، للتعبير عن غضبهم من سياسة الحكومة وقرارات قصر الإليزيه.
وحذَّرت دراسة لمؤسسة جان جوريس في أبريل الماضي، من أن حجم الكراهية لإيمانويل ماكرون، هو العامل الرئيس لاحتمال فوز مرشحة اليمين القومي مارين لوبان في انتخابات 2022.
بينما تقول دراسة أخرى لمؤسسة فوندابول، إن 78% من الفرنسيين، يميلون إلى الامتناع عن التصويت، أو التصويت ببطاقة بيضاء، أو اختيار حزب شعبوي، يسارياً أو يمينياً، في الدورة الأولى من الانتخابات الرئاسية.