ماذا يريد منتقدو السعودية؟

المطالب التي تُـقدم إلى المملكة العربية السعودية تكشف عن جهل كبير بتاريخها

ماذا يريد منتقدو السعودية؟

ترجمات - السياق

تساءل الكاتب البريطاني جوناثان جورنال، عما يريده منتقدو المملكة العربية السعودية، قائلًا: بالنسبة لوسائل الإعلام دائمة التشكيك في المملكة، التي تضم تحالفاً من النقاد المصممين على اغتنام أي فرصة لتقويض صورة الرياض، فإن مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي الأخير كان لـ"تبييض صورة" المملكة.

وأضاف جورنال، في مقال بموقع آسيا تايمز: سباق جائزة السعودية الكبرى، الذي أقيم في ديسمبر الماضي، وكذلك رالي داكار، من فعاليات تبييض صورة المملكة الرياضية، وأيضًا البطولة السعودية الدولية للجولف، التي ستقام في مدينة الملك عبدالله الاقتصادية في فبراير المقبل، هكذا يقول منتقدو السعودية.

 

مخيِّب للآمال

بالنسبة للحفلات الأخيرة، للمغني الكندي جاستن بيبر، والدي جي الفرنسي ديفيد جوتا، اللذين واجها الدعوات لمقاطعة المملكة، فقد فشل النقاد -بشكل مخيِّب للآمال- في إخماد أهميتها من خلال نقدهم اللاذع، بحسب جورنال.

وقال جوناثان جورنال: "أرغب في تقديم اقتراح، بدلًا من توجيه وابل من النيران في كل مرة تتخذ فيها المملكة خطوة نحو المشاركة البناءة مع العالم الأوسع، ماذا لو أوقف منتقدوها إطلاق النار والتقوا مع المملكة في منطقة وسط، كما يفعل بعض الفنانين والرياضيين البارزين عبر العالم؟".

وأوضح أن المملكة الآن في خضم تغيير بالغ الأهمية، وهو ما كان يدعي منتقدوها أنهم يطالبون به، لكنهم -من عجائب القدر- لا يستطيعون حمل أنفسهم على التصفيق، حتى أثناء تحقيق ذلك.

وتابع: "على أولئك الذين ينتقدون المملكة، لعدم تغيرها بالسرعة الكافية، أو لعدم امتلاكها الجرأة لفرض قوانينها وعاداتها والالتزام بها، أن يتوقفوا عن ذلك، كما يجب ألا يأخذوا في الاعتبار حجم وطبيعة التغييرات العظيمة فحسب، لكن أيضاً تاريخ دولة كانت حتى وقت قريب منفصلة عن العالم الأوسع".

 

امتحان صعب

ورأى جوناثان جورنال، أن العديد من المطالب، التي تُقدَّم إلى السعودية، تكشف عن جهل كبير بذلك التاريخ، وبالثقافة الإسلامية التي تقوم عليها الدولة، مشيرًا إلى أنه ليس من مهام القيادة السعودية أن تراعي الحساسيات الثقافية للنقاد الأجانب، لكن بعد أن قررت إحداث التغيير، فإن مهمة القيادة تحقيق التوازن بين اهتمامات وطموحات القطاعات المختلفة في مجتمعها.

وأضاف الكاتب أن هذا الامتحان ليس سهلًا، إذ إنه في الوقت الذي تقر فيه الرياض وتستجيب لآمال وتوقعات سكانها الشباب، الذين يتجهون نحو العولمة بشكل متزايد، يجب على المملكة، مهد الإسلام، أن تحترم مخاوف العناصر الأكثر تحفظًا في مجتمعها شديد التدين، وأن تتعامل مع هذه المخاوف بحساسية.

ووفقاً للكاتب، فإن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، الذي وصفه بأنه القوة الدافعة للتغييرات الكبيرة التي تحدث في المملكة، تحدَّث بصراحة عن العواقب الوخيمة للثورة الإسلامية في إيران، والاستيلاء المروع على السلطة من قِبل الأصوليين على بلاده وشعبها.

وأضاف الكاتب: "بعد أربعة عقود من هذه الأحداث، عادت المملكة العربية السعودية إلى التطور، ورغم أنها ليست كأي دولة أخرى في العالم، بل رائدة في عالم النفط، فإنها عازمة على أن تصبح قوة رائدة في عصر الطاقة المتجددة وتخفيف آثار تغيُّر المناخ".

 

ما وراء النفط

ووفقًا لرؤية 2030، فإنه لكي تشق السعودية طريقها في عالم ما وراء النفط، تعمل جاهدة على تنويع اقتصادها بعيدًا عن الاعتماد على الوقود الأحفوري، وهي استراتيجية ستفيد العالم بمرور الوقت، كما تفتح المملكة، في الوقت نفسه، أبوابها لذلك العالم، إذ تهدف سلسلة من المشاريع الضخمة، إلى جلب السائحين إلى البلاد بأعداد كبيرة، بحسب جورنال.

وأشار إلى أن الورقة الرابحة، التي ستحسن التجارب الشخصية للزوار، ممن سيغيرون بدورهم تصور العالم رويدًا رويدًا عن المملكة، جذب الفنانين والرياضيين البارزين، ممن يتحدون النقد اللاذع، في سبيل منح المملكة وشعبها الفرصة التي يستحقونها.

واستشهد جورنال، بتصريحات الألماني سيباستيان فيتيل، بطل فورمولا 1 أربع مرات، الذي نظم سباق سيارات للسيدات في جدة، على هامش جائزة السعودية الكبرى، ديسمبر الماضي، دافع فيها عن التغيرات التي تشهدها المملكة، قائلًا: فيتيل صرح لهيئة الإذاعة البريطانية بي بي سي: "بشكل عام، نركز كثيرًا على الأمثلة السلبية عندما يتعلق الأمر بأوجه القصور في بعض البلدان".

وأضاف فيتيل: "إذا نظرنا للأمر من منظور أوروبي غربي، هناك الكثير من الأشياء يجب تحسينها ومعالجتها، لكن يجب الاعتراف بأن بعض الأشياء تتغير بالفعل"، موضحًا أنه بالنسبة للنساء اللاتي شاركن في سباق السيارات "يمكن أن يُحدِث هذا فرقًا كبيرًا في عملية التغيير التي تشهدها المملكة".

 

حملة انتقادات

وأضاف الكاتب أن ما يمكن أن يعيق الزوار، الذين ستغير تجاربهم الشخصية ببطء، تصور العالم للمملكة العربية السعودية، هم الفنانون البارزون والرياضيون، الذين يشنون حملة من الانتقادات لمنع المملكة وشعبها، من الفرصة التي يستحقونها.

وتساءل: أي نوع من البلاد تريدون أن تكون السعودية؟ هل تريدونها مملكة محافظة مغلقة على خلاف مع العالم الحديث؟ أو دولة منفتحة ومتطورة بسرعة تعمل على إحداث التغيير والتقدم لصالح سكانها الشباب والعالم؟

وقال جورنال إن المملكة العربية السعودية بلد يزيد عدد سكانه على 35 مليون نسمة، نِصفهم دون سن الخامسة والعشرين، وكل واحد منهم لديه آمال وأحلام لمستقبله ومستقبل أبنائه، وحان الوقت لمنح المملكة فرصة، لتظهر للعالم ما هي قادرة على تحقيقه، حتى لو كان ذلك لمصلحة سكانها فقط.