مع اقتراب الانتخابات النصفية... بايدن يبتعد عن الأضواء
وسط تراجع معدلات التأييد للرئيس الامركيي جو بايدن، بات يختفي عن الأضواء، ويمتنع عن الظهور بشكل بارز في الحملات الانتخابية للمرشحين الديمقراطيين.

ترجمات - السياق
مع اقتراب موعد انتخابات التجديد النصفية الأمريكية، ذكرت صحيفة فايننشال تايمز البريطانية، أن الرئيس الأمريكي جو بايدن، يتبنى نهجًا حذرًا في المعركة الانتخابية المقررة الشهر المقبل، مشيرة إلى أنه وسط تراجع معدلات التأييد، بات يختفي عن الأضواء، ويمتنع عن الظهور بشكل بارز في الحملات الانتخابية للمرشحين الديمقراطيين.
وأشارت إلى أن بايدن، في نوفمبر 2010، عندما كان نائبًا للرئيس باراك أوباما، انضم إلى الأخير في مؤتمر حاشد بكليفلاند، قبل ما تبين في ما بعد أنها انتخابات نصفية كارثية للديمقراطيين.
لكن بعد 12 عامًا، ومع توليه الرئاسة، يواجه بايدن إمكانية التعرض لتوبيخ صعب آخر لحزبه من الناخبين الأمريكيين في الانتخابات النصفية، لذلك تبنى نهجًا أكثر حذرًا، وهو تجنُّب المشاركة في فعاليات كبرى، يحضرها الآلاف، والاكتفاء بالمشاركة في فعاليات أقل حشدًا وأقل إثارة للتدخلات.
مخاطر عالية
ورغم النهج الذي يتبناه بايدن بعيدًا عن الأضواء، فإن "فايننشال تايمز" ذهبت إلى تأكيد أن المخاطر بالنسبة لمستقبل بايدن في الرئاسة بتلك الانتخابات النصفية، تظل كبيرة، مشيرة إلى أنه لو فاز الجمهوريون بالسيطرة على الكونغرس، فإن الباقي من فترته الرئاسية سيستهلك بتحقيقات في الكونغرس ومواجهات تشريعية، من دون أن تكون أمامه فرصة كبيرة لسن المتبقي من أجندته التشريعية.
وأشارت إلى أن النتيجة يمكن أن تحدد ما إذا كان بايدن سيمضي في ما وصفه بعزمه الترشح لفترة ثانية عام 2024، لافتة إلى أنه حال كان أداء حزبه أفضل من المتوقع، مع خسائر محدودة لمقاعد مجلس النواب والاحتفاظ بالسيطرة على الشيوخ، فإن هذا سيقوي شوكة الرئيس، ويمنحه الثقة للمضي قُدمًا في خططه للترشح لفترة أخيرة، أما الهزائم الكبرى، فإنها يمكن أن تغير هذه الحسابات.
ونقلت الصحيفة عن جيم مانلي، محلل استراتيجي ديمقراطي ومستشار كبير سابق لهاري ريد، زعيم الأغلبية الراحل في مجلس الشيوخ، قوله: "إذا جاءت النتائج سيئة كما يتوقع بعض الناس، سيكون هناك الكثير من الفوضى داخل الحزب الديمقراطي"، مضيفًا: "ستكون هناك مطالب من العديد من الأوساط المختلفة لتغيير في القيادة، مع محاولات للاعتماد أكثر على الشباب"، في إشارة إلى كِبر سن بايدن.
وفي أحدث تعليقاته على تطلعاته لعام 2024، قال بايدن إنه بعد انتهاء انتخابات التجديد النصفي، سيقرر ما إذا كان سيترشح لولاية جديدة.
ولدى سؤاله عن مسألة ترشحه لفترة جديدة، قال الرئيس الديمقراطي: "لم أتخذ القرار رسميًا، لكنني أنوي الترشح مرة أخرى ولدينا الوقت لاتخاذ هذا القرار".
كان الرئيس الأمريكي أعلن -نهاية سبتمبر الماضي- أنه لم يقرر إذا كان سيترشح لولاية رئاسية ثانية عام 2024، وقال إن إعادة الترشح "نية" موجودة لديه، مضيفًا: "غير أنها مجرد نية، لكن هل هو قرار نهائي بأنني سأترشح مجددًا؟ يبقى أن نرى ذلك".
وحسب الصحيفة، يعتمد بايدن -في سبيل إقناعه أعضاء الحزب الديمقراطي بالترشح مجددًا- على نجاحه في إطاحة الرئيس السابق دونالد ترامب خلال الانتخابات الماضية، ومن ثمّ فإنه سيكون في أفضل وضع للقيام بذلك مرة أخرى ضد الرئيس السابق أو أي جمهوري شعبوي آخر، خصوصًا مع عدم وجود بديل ديمقراطي واضح.
لكن المخاوف بشأن سنه -سيبلغ الثمانين الشهر المقبل- واستطلاعات الرأي التي تكشف تراجع شعبيته باستمرار، يمكن أن تؤثر في ذلك.
الغياب الأفضل
وحسب "فايننشال تايمز" فإنه سواء ترشح بايدن نهاية المطاف عام 2024 أم لا، فإن العديد من الديمقراطيين والمراقبين السياسيين يقولون إن عدم الظهور نسبيًا في هذه المرحلة بحملة الانتخابات النصفية قد يكون مفيدًا للمرشحين الديمقراطيين والبيت الأبيض.
كان بايدن قد زار الخميس الماضي أراضي استثمار جديدة لأشباه الموصلات شمالي ولاية نيويورك، بعد إجراء سلسلة من حفلات الاستقبال الافتراضية مع أعضاء مجلس النواب من نيفادا وأيوا وبنسلفانيا.
وأشارت الصحيفة، إلى أنه حتى الآن، لا يزال لديه حملتان فقط مخطط لهما الأسبوع المقبل، الأولى في فلوريدا لدعم تشارلي كريست، المنافس الديمقراطي أمام الحاكم الجمهوري رون ديسانتيس -والمرشح لمواجهة بايدن في انتخابات 2024 بديلًا لترامب- والثانية في نيو مكسيكو.
ونقلت الصحيفة عن أدريان إلرود، محللة استراتيجية ديمقراطية، قولها: "من الواضح أن بايدن لا يظهر سوى في المناطق التي يكون فيها المرشح الديمقراطي متقدمًا في استطلاعات الرأي، بينما يختفي عن الأنظار في الأماكن التي تميل إلى المرشحين الجمهوريين".
بينما أوضح جوليان زيليزر، أستاذ التاريخ السياسي في جامعة برينستون، أنه "كلما زاد وجود بايدن، زاد الحديث عنه، بدلاً من مناقشة سياساته أو سياسات الحزب الجمهوري".
ومن أكثر المرشحين الديمقراطيين الذين يطالبون بالتغيير على مستوى القيادة (تيم رايان، المشرع في ولاية أوهايو الذي يترشح لمقعد في مجلس الشيوخ ضد المؤلف السابق جي دي فانس المدعوم من ترامب)، مشددًا على أن الرئيس يجب أن يسمح لجيل الشباب بتولي المسؤولية في البيت الأبيض.
وقال تيم رايان، المرشح الديمقراطي لمجلس الشيوخ عن ولاية أوهايو: "أعتقد أن الناس يريدون بعض التغيير، أعتقد أن الوقت حان لتغيير بعض الأجيال، وهو ما كنت بالطبع أحاول القيام به منذ فترة".
وأضاف لشبكة فوكس نيوز، أنه لم يدعُ الرئيس ولا أي شخص لحملة معه في الولاية ، وأنه "اختلف مع بايدن في الكثير من القضايا" من إعفاء قرض الطالب إلى الهجرة.
ورغم هذه المعارضة، فإن الصحيفة البريطانية بينت أنه على عكس عام 2010، عندما أُجبر العديد من الديمقراطيين في المنطقة المتأرجحة على التنصل علنًا من أوباما وإصلاحه الخاص بالرعاية الصحية، الذي كان لا يحظى بشعبية كبيرة في ذلك الوقت، فإن معظم أعضاء الحزب حاليًا لا يديرون ظهورهم لبايدن، وإنما يحاولون دائمًا الظهور كداعمين له في شتى المناسبات.
وفي ذلك، قالت سيندي أكسن، الديمقراطية من ولاية آيوا، خلال حفل استقبالي لها بحضور بايدن:"بايدن هو الرئيس الأكثر تأثيرًا الذي رأيناه في تاريخ هذا البلد".
وبينت "فايننشال تايمز" أنه في حين أن بايدن لم يظهر بشكل كبير في أحداث الحملة الانتخابية للديمقراطيين في سباقات مجلس الشيوخ المحورية في جورجيا ونيفادا وأريزونا، إلا أن ولاية بنسلفانيا كانت استثناءً.
وأشارت إلى أنه رغم العوائق التي تواجهه، فإن بايدن لايزال يمتلك القدرة على منافسة أي مرشح جمهوري في انتخابات عام 2024، ليعيد النجاح الذي حققه أوباما وبيل كلينتون، اللذان عانى كلاهما انتكاسات كبيرة في أول انتخابات منتصف المدة، ثم فازا بشكل مريح في إعادة الانتخاب بعد سنتين.
ورأت أن خسارة الديمقراطيين في انتخابات التجديد النصفي، ستزيد إصرار بايدن على الترشح عام 2024 لضمان استمرار سيطرة الحزب على البيت الأبيض، مستبعدة أن يكرر "طواعية" قرار ليندون جونسون بعدم الترشح لإعادة انتخابه عام 1968.
ومع ذلك، فإن القلق الأكبر بالنسبة لبايدن، يأتي من الداخل، حيث يضغط البعض داخل الحزب الديمقراطي، لضخ دماء جديدة، سواء في مجلس النواب ومجلس الشيوخ أم البيت الأبيض.
وهو ما أكدته إليسا سلوتكين، النائبة الديمقراطية الأمريكية عن ولاية ميشيغان، بأن الحزب الديمقراطي بحاجة إلى ضخ دماء جديدة من السياسيين، لكنها أكدت أنها ستدعم بايدن إذا قرر إعادة الترشح لفترة رئاسية ثانية.
وأوضحت أنه "من المهم أن يكون هناك جيل جديد من القيادات، سواء في صفوف الحزب الديمقراطي أم في الكونغرس بمجلسيه (النواب والشيوخ) أم في البيت الأبيض، لكننا سنؤيد بايدن لو اعتزم الترشح مجددًا".
تأتي تصريحات سلوتكين -حسب شبكة سي إن إن الأمريكية- بينما هناك ترحيب متحفظ بين بعض كوادر الحزب الديمقراطي بفكرة أن بايدن قد يرشح نفسه لفترة رئاسية ثانية، حتى لو لم يكونوا على يقين من عزمه.
ويعد بايدن أكبر الرؤساء سنًا على الإطلاق (80 سنة) ويتجه لأن يتبنى جدول أنشطة أخف من رؤسائه السابقين، بما أدى إلى تساؤلات عن امتداد حملته المحتملة ومشاركته في الفعاليات الانتخابية خلالها.
كما يتزامن هذا مع وصول مستوى الرضا الشعبي عن أدائه الرئاسي إلى 39% في أحدث استطلاع لشبكة سي إن إن، جرى قبل بضعة أيام، بينما اعترض على أدائه 52%.