الاتفاق البحري بين إسرائيل ولبنان... كيف ثنى ذراع حزب الله؟

وقع قادة إسرائيليون ولبنانيون الخميس اتفاقا تاريخيا توسطت فيه الولايات المتحدة لترسيم الحدود البحرية بينهما، مما يمثل خروجا دبلوماسيا من عداء استمر لعقود ويفتح الطريق أمام التنقيب عن الطاقة قبالة سواحلهما.

الاتفاق البحري بين إسرائيل ولبنان... كيف ثنى ذراع حزب الله؟

السياق

بعد ساعات من توقيع الاتفاق البحري بين إسرائيل ولبنان رسمياً، أطلق رئيس الوزراء الإسرائيلي يائير لابيد، تصريحات قاسية، عن ميليشيا حزب الله، مشيراً إلى أن الاتفاق يعد ضربه كبيرة له، وأن هذه الخطوة " نجحت في ثني ذراع حزب الله".

ووقع قادة إسرائيليون ولبنانيون الخميس اتفاقا تاريخيا توسطت فيه الولايات المتحدة لترسيم الحدود البحرية بينهما، مما يمثل خروجا دبلوماسيا من عداء استمر لعقود ويفتح الطريق أمام التنقيب عن الطاقة قبالة سواحلهما.

وقال لابيد: "هذا إنجاز سياسي، فليس كل يوم تعترف دولة معادية بدولة إسرائيل في اتفاق مكتوب أمام المجتمع الدولي"، مضيفًا أن هذا الاتفاق يعد إنجازًا دبلوماسيًا واقتصاديًا.

تأتي الاتفاقية بعد سنين من المفاوضات وأشهر من اتصالات، وجولات مكوكية للوسيط الأمريكي عموس هوكشتاين، اختتمت في بلدة الناقورة جنوبي لبنان، حيث وقعت الاتفاقية هناك من الجانب اللبناني في مقر الأمم المتحدة، ثم انتقلت بعد ذلك إلى إسرائيل.


اتفاق تاريخي
من ناحيته وصف الوسيط الأمريكي هوكشتاين الاتفاق بالتاريخي، قائلًا: في ظل هذه الظروف، نتوصل لاتفاق من شأنه أن يعيد الأمل ويوفر فرصًا اقتصادية، ويوفر الاستقرار من جانبي الحدود"، مضيفًا: أود أن أشكر فرق العمل، لاسيما فريق التفاوض اللبناني الذي عمل على مدار الساعة للتوصل إلى هذا الاتفاق".

وأشار إلى أن هذا الاتفاق من شأنه أن يكون نقطة تحول على الصعيد الاقتصادي، لضخ الاستثمارات وتوفير الدعم المادي، منوهًا إلى أن الاتفاق سيسمح ببدء العمل في حقل قانا، مؤكدًا أن "حق الشعب اللبناني" مضمون ببنود الاتفاق.
من جانبه، قال كبير المفاوضين اللبنانيين إلياس بو صعب إن الرئيس اللبناني ميشال عون وقع رسالة بالموافقة على "الاتفاق التاريخي" الذي توسطت فيه الولايات المتحدة يرسم الحدود البحرية لبلاده مع إسرائيل، حيث سيمثل توقيع الرسالة "عهدًا جديدًا" كما أن الرسالة ستسلم إلى المسؤولين الأميركيين عند نقطة حدودية أقصى جنوب لبنان في الناقورة، في وقت لاحق.

وباعتماد الاتفاق، ابتعد البلدان عن حرب كادت المنطقة أن تسقط في شباكها، فعلى مدى أشهر كان حزب الله، وعلى رأسه حسن نصر الله، يهدد إسرائيل إذا اقتربت من الغاز المدفون في مياه المتوسط.
هذه التهديدات قوبلت بأخرى إسرائيلية أشد لهجة، لكن محللين رأوا أن هذه الأصوات العالية كانت جزءًا من الاستراتيجية التفاوضية.

وبموجب هذا الاتفاق، سيسمح لإسرائيل ولبنان بالتنقيب عن الغاز والنفط في المنطقة المتنازع عليها في مياههما الإقليمية، متجاوزين بذلك خلافتهما الدموية السابقة.

وسيصبح حقل كاريش ملكية إسرائيلية خالصة، وحقل قانا الذي يقع جزء منه خارج المياه الإقليمية اللبنانية، ستحصل تل أبيب على تعويض من مشغليه، وعلى الأرجح هم شركتا توتال الفرنسية وإيني الإيطالية، قبل أن تنسحب منه شركة روسية.


أزمة الطاقة العالمية
لا يمكن إغفال أزمة الطاقة العالمية، في تقديم دعم دولي لهذه الاتفاقية تحديدًا مع وقف إمدادات الغاز الروسي للقارة العجوز، لجأت تلك الدول إلى البحث عن مصادر طاقة بديلة، والغاز الذي تمتلكه إسرائيل جاهز للتصدير فورًا.
عام 2020 بدأت إسرائيل التجهيز لتشغيل حقل كاريش الواقع إلى جوار منطقة بحرية متنازع عليها مع لبنان، هي ذاتها التي تضم حقل قانا، مع هذا النزاع تعالت التهديدات بين حزب الله وإسرائيل ما عطل عملية استخراج غاز كاريش ومنع لبنان من التنقيب في قانا.

الداخل الإسرائيلي
 على صعيد الأمن الإسرائيلي، فإن الأجهزة الأمنية هناك ترى في هذا الاتفاق مهدأ وخافضًا للتوتر سريع الاشتعال مع الجانب اللبناني وتحديدًا ميلشيا حزب الله.


لماذا وافق حزب الله؟
في ما يبدو أن جماعة حسن نصر الله رأت أن عرقلة عملية التفاوض مع إسرائيل ستؤثر سلبًا في شعبيتها التي تهاوت بالفعل وظهر ذلك في الانتخابات التشريعية الأخيرة، بسب الحالة الاقتصادية المزرية، بخلاف دورها الخفي في انفجار مرفأ بيروت والكثير من الأفعال التي أوصلت لبنان إلى ما هو عليه.