كيف أصبح إيلون ماسك لاعباً جيوسياسياً قوياً؟

يتمتع رجل الأعمال والملياردير الأمريكي، إيلون ماسك، بقوة جيوسياسية كبيرة، من خلال امتلاكه لشبكة الأقمار العالمية ستارلينك.

كيف أصبح إيلون ماسك لاعباً جيوسياسياً قوياً؟

ترجمات – السياق

يبدو أن السلطة لم تعد تعتمد على الأرض فقط، حيث أشار موقع أكسيوس الأمريكي، إلى أن شركات الفضاء الخاصة أصبحت توازي -بل تتجاوز في كثير من الأحيان- قدرات الحكومات، ما يمنح قوة جيوسياسية لملاكها.

وذكر الموقع، أن رجل الأعمال والملياردير الأمريكي، إيلون ماسك، يتمتع بقوة جيوسياسية كبيرة، من خلال امتلاكه لشبكة الأقمار العالمية ستارلينك.

وتوفر "ستارلينك" خدمات الإنترنت عبر شبكة ضخمة من الأقمار الاصطناعية، موجهة للذين يعيشون في المناطق النائية، الذين لا يستطيعون الحصول على إنترنت عالي السرعة.

وقد وُضعت الأقمار الاصطناعية في مدار منخفض المستوى حول الأرض، لجعل سرعات الاتصال بين هذه الأقمار والأرض عالية قدر الإمكان.

 

قدرات فائقة

ولتأكيد هذه القدرات الفائقة، نقل "أكسيوس" عن كايتلين جونسون، الخبيرة في سياسة الفضاء في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية (CSIS)، قولها: "لم تعد الدول وحدها تتحكم في الفضاء، فهناك أطراف أخرى تستطيع صناعة القرار العالمي".

كان ماسك اقترح هذا الشهر -من خلال تغريدة له على "تويتر"- أن تدفع الحكومة الأمريكية فاتورة بملايين الدولارات مقابل خدمة ستارلينك الخاصة في أوكرانيا، بعد أن قطعت روسيا خدمة الإنترنت عنها، إلا أنه تراجع عن الاقتراح، وقال إن الشركة ستواصل تغطية التكلفة.

وكشف الملياردير الأمريكي، قبل أيام، أن حجم خسائر شركة "سبايس إكس" بسبب تقديم خدمات الإنترنت المجانية لأوكرانيا وصل إلى 20 مليون دولار أمريكي شهريًا.

وقال ماسك عبر "تويتر": "تخسر سبايس إكس نحو 20 مليون دولار شهريًا بسبب الخدمة والتكاليف غير المدفوعة المتعلقة بالتدابير الأمنية المعززة للدفاع عن الحرب السيبرانية، لكننا سنستمر في ذلك".

كان ماسك قد قال إن شركته سبايس إكس لا يمكنها الاستمرار في تحمل تكاليف تقديم خدمة الإنترنت فائق السرعة لأوكرانيا إلى أجل غير مسمى.

وحذرت الشركة، البنتاغون، من أن هذه التبرعات قد تتوقف عن تمويل الخدمة في أوكرانيا، ما لم يتحمل الجيش الأمريكي التكلفة.

وتعتمد حكومة كييف على "ستارلينك" التابعة لـ "سبايس إكس" التي يملكها ماسك في شبكة للاتصالات.

وعرض ماسك -حسب الموقع الأمريكي- أيضًا أفكاره لكيفية تخفيف حدة الصراع في أوكرانيا وتايوان، ما أثار انتقادات في واشنطن.

وشدد الموقع على أن "تحركات ماسك المتعلقة بأوكرانيا تُظهر التأثير العالمي الذي يمارسه حاليًا".

وترى كايتلين جونسون أن تنشيط "ستارلينك" في أوكرانيا كان "قرارًا سياسيًا"، إلا أن من اتخذه ليس حكومة الولايات المتحدة، وإنما مالك شبكة الأقمار العالمية، في إشارة إلى ماسك.

وحسب الموقع، يتم استخدام "ستارلينك" من قِبل القوات الأوكرانية للتوعية بالظروف في ساحة المعركة، وكما قال بريان ويدن المستشار التقني لدى مؤسسة العالم الآمن: "يساعد في قتل الكثير من الروس".

وبينت كايتلين جونسون أن شركة سبيس إكس سعت بقوة لأن تدفع حكومة الولايات المتحدة ثمن الخدمة المقدمة في أوكرانيا.

ويتردد أن البنتاغون يفكر جديًا في الدفع مقابل الحصول على خدمة ستارلينك، سواء في أوكرانيا أم بأي مكان في العالم، ومن بينها تايوان وإيران.

 

تجاوز قدرات الحكومة

ويرى "أكسيوس" أن تسريع السياسة الأمريكية لخططها بشأن دعم شركات الفضاء الخاصة، طوال السنوات الماضية، أدى في النهاية لتفرد هذه الشركات بقراراتها، فضلًا عن مكاسبها الضخمة، حتى أصبحت هذه الشركات تتجاوز قدرات الحكومة.

ونتيجةً لذلك -حسب الموقع- أصبحت الحكومة الأمريكية تعتمد بشكل متزايد على ماسك و"سبيس إكس" لإطلاق أشخاص إلى محطة الفضاء الدولية، والأقمار الاصطناعية إلى المدار الذي يدعم الاتصالات العسكرية وجمع المعلومات الاستخباراتية.

وينقل الموقع عن الزميل في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية غريغوري ألين، قوله: إن "سبيس إكس" -وهي شركة خاصة أمريكية تعمل على تصنيع الطيران والنقل الفضائي، أسسها إيلون ماسك- في طليعة الشركات التي تعتمد عليها حكومة الولايات المتحدة بشأن الفضاء.

وأشار الموقع إلى أن شركات الفضاء تقدم بشكل متزايد الاستشعار عن بُعد عبر الأقمار الاصطناعية واتصالات هذه الأقمار ذات النطاق الترددي العالي.

وبيّن أنه مع وجود أكثر من 3000 قمر اصطناعي في المدار، تمتد خدمة ستارلينك عبر العالم، لكن هناك مناطق تغيب فيها بشكل ملحوظ، منها روسيا والصين وإيران.

ولكن مؤخرًا، بدأت أجهزة استقبال هوائية لخدمة ستارلينك للأقمار الاصطناعية، التي يملكها الملياردير الأمريكي إيلون ماسك، الوصول إلى إيران لتوفير الإنترنت، في ظل احتجاجات تجتاح البلاد، وقيود تفرضها السلطات على الشبكة العنكبوتية.

وبعد مضي نحو شهر من إعلان الرئيس التنفيذي لشركة سبيس إكس، الملياردير الأميركي إيلون ماسك تفعيل أقمار "ستارلينك" التابعة لشركته فوق إيران، تداول ناشطون إيرانيون في الأيام الأخيرة مقاطع فيديو لأجهزة استقبال ستارلينك تبحث عن ترددات فوق أسطح المنازل في مدن طهران وکرمنشاه والأهواز.

يأتي تفعيل خدمة ستارلينك للإنترنت في إيران، بعد أن مهدت الحكومة الأمريكية في سبتمبر الماضي الطريق أمام شركات التكنولوجيا في الولايات المتحدة، للعمل على دعم الاحتجاجات في إيران، التي قابلتها السلطات الإيرانية بقطع الإنترنت وتقييد منصات التواصل الاجتماعي.

أما في ما يخص الصين، فبيّن الموقع الأمريكي، أنه ليس من الواضح ما إذا كانت "سبيس إكس" تأمل -نهاية المطاف- إنشاء خدمة لها في الصين أم لا، رغم أن الخبراء يقولون إن هناك حافزًا واضحًا لذلك.

وتعليقًا على ذلك، يقول ألين: "يجب على شركة ستارلينك، أن تحصل على سلطة البث أولًا من الصين، حتى تنجح في تحقيق أرباح"، مضيفًا: "كل مرة تمر فيها شركة ستارلينك فوق الصين، ما لم يكن لديها سلطة البث، فإنها لا تحقق أرباحًا".

كان ماسك قال لصحيفة فاينانشيال تايمز البريطانية، إن بكين طلبت منه تأكيدات بأنه لن يوفر الوصول إلى الإنترنت في الصين، كما فعل في أوكرانيا.

ويرى الموقع الأمريكي، أنه مع اكتساب الأقمار الاصطناعية التجارية أهمية أكبر للأمن القومي والنواحي العسكرية، فإن ما يمكن اعتباره هدفًا عسكريًا في الفضاء يتغير أيضًا.

ووفقًا لماسك ، فإن حقيقة استخدام أقمار ستارلينك الصناعية في زمن الحرب، يمكن أن تجعل المركبات الفضائية التي يديرها القطاع الخاص أهدافًا لقوات العدو، مشيرًا إلى أنها مستهدفة بهجمات إلكترونية.

وبالفعل فتح مسؤول روسي الباب أمام الفكرة، قائلاً خلال مجموعة عمل تابعة للأمم المتحدة مؤخرًا: إن الأقمار الاصطناعية الخاصة المستخدمة لأغراض عسكرية، يمكن أن تكون "هدفًا مشروعًا للانتقام".

وأمام هذه التهديدات، يتساءل "أكسيوس" ماذا لو تم استهداف "ستارلينك" من قِبل القوات الروسية؟ هل يُعد ذلك تعديًا مباشرًا على الولايات المتحدة، أم أن كونها ملكية خاصة لا يجعلها في هذا الإطار؟

ويجيب غريغوري ألين على ذلك بالقول: "يبدو أن القواعد التي تم وضعها إبان الحرب الباردة بين السوفييت والأمريكيين، تتغير على الأرض الآن"، في إشارة إلى إمكانية حدوث صدام مباشر بين موسكو وواشنطن، حال استهداف روسيا للأقمار الاصطناعية الأمريكية، سواء الخاصة أم التي تمتلكها الحكومة الأمريكية.