هل يستخدم بوتين السلاح النووي في أوكرانيا؟
سبق أن وجهت موسكو اتهامات، بأن أوكرانيا تستعد لاستخدام أسلحة كيماوية أو بيولوجية، وبالمثل، كانت العواصم الغربية تخشى أيضًا أن يمهد الكرملين الطريق لعملية تلفيق تهمة قد يستخدم فيها هذه الأسلحة بنفسه.

ترجمات – السياق
مع مرور نحو تسعة أشهر على الأزمة الأوكرانية، التي لم تضع أوزارها، باتت السيناريوهات التصعيدية طريق البلدين لتحقيق انتصار في الحرب، قبل غيوم الشتاء.
فمنذ أشهر تهدد الحكومة الروسية باستخدام أسلحة نووية، وسط اتهامات لكييف باتجاهها لاستخدام "القنبلة القذرة"، غير أن صحيفة فايننشال تايمز البريطانية، أرجعت المزاعم الروسية المرعبة بشأن إمكانية استخدام أوكرانيا للقنبلة القذرة، خلال الحرب الدائرة بين البلدين منذ فبراير الماضي، إلى محاولة موسكو تخويف كييف وحلفائها في الغرب ودفعهم إلى التراجع، فضلًا عن اتخاذ هذا الأمر كذريعة لاستخدام السلاح النووي، لصد التقدم الأوكراني على الأرض.
كان وزير الدفاع الروسي، سيرغي شويغو، زعم أن أوكرانيا قد تستخدم "القنبلة القذرة"، وهي قنبلة تحتوي على مواد مشعة، إضافة إلى متفجرات تقليدية.
ولم يقدم شويغو أي دليل على هذه المزاعم، التي رفضتها أوكرانيا، وكذلك فرنسا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة.
وقال شويغو لنظيرة البريطاني، بن والاس، إنه "قلق بشأن الاستفزازات المحتملة من قِبل كييف، التي تنطوي على استخدام قنبلة قذرة"، كما عبر عن هذه المخاوف خلال حديثه إلى وزراء دفاع الولايات المتحدة وفرنسا وتركيا.
تصعيد الاتهامات
وأشارت "فايننشال تايمز" -في افتتاحيتها- إلى أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين "صعّد الاتهامات التي وجهتها موسكو طوال الأسبوع، بأن أوكرانيا تطور قنبلة قذرة مليئة بالمواد المشعة".
وذكرت أن بوتين، أصر -خلال خطاب عن السياسة الخارجية لبلاده، الخميس- على أن روسيا "ألمحت" إلى استخدام الأسلحة النووية، بعد تهديدات من زعماء غربيين.
وأضاف الرئيس الروسي أن توجيه ضربة نووية لأوكرانيا "لن يكون له معنى سياسي أو عسكري".
وتعليقًا على ذلك، رأت الصحيفة البريطانية، أنه لا يزال من غير الواضح ما إذا كانت هذه الادعاءات غير المؤكدة -كما يخشى حلفاء كييف- يمكن أن تكون ذريعة لتصعيد الكرملين، لكنها علامة على أن حرب موسكو على أوكرانيا تدخل الخطر الشديد.
وحسب الصحيفة، فقد سبق أن وجهت موسكو اتهامات، بأن أوكرانيا تستعد لاستخدام أسلحة كيماوية أو بيولوجية، وبالمثل، كانت العواصم الغربية تخشى أيضًا أن يمهد الكرملين الطريق لعملية تلفيق تهمة قد يستخدم فيها هذه الأسلحة بنفسه.
كانت مزاعم روسيا بأن كييف قد تُفجر قنبلة قذرة على أراضيها لإلقاء اللوم على روسيا -التي قال بوتين إنه أمر وزير دفاعه بإبلاغ نظرائه الأجانب بها- أثارت جدلًا كبيرًا في الغرب، حيث شجبت الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وفرنسا هذه المزاعم، ووصفتها بأنها "كاذبة بشكل واضح".
وفي رد مشترك، قالت فرنسا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة إن حكوماتها "ترفض جميعها مزاعم روسيا الكاذبة، بأن أوكرانيا تستعد لاستخدام قنبلة قذرة على أراضيها، بشكل واضح".
ونفى الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، هذه المزاعم أيضًا واتهم روسيا بأنها "مصدر كل ما يمكن تخيله في هذه الحرب من قذارة".
وتعليقًا على ذلك، قالت الصحيفة: إنه "لا يمكن استبعاد احتمال أن روسيا تخطط لعملية تلفيق التهمة"، مضيفة: "بوتين معروف بهذا الأمر".
وأشارت إلى أن الرئيس الروسي سبق أن ألقى اللوم على "الإرهابيين" الشيشان في تفجيرات الشقق الروسية عام 1999، إلا أن الأدلة بينت -بعد ذلك- أن هذه التفجيرات نظمتها الشرطة السرية في موسكو.
تمثيلية مُتقنة
ورأت "فايننشال تايمز" -في افتتاحيتها- أنه "قد تكون التحذيرات من القنابل القذرة أيضا جزءًا من تمثيلية متقنة، تهدف إلى تخويف خصوم موسكو، من خلال تضخيم تهديداتها النووية والإيحاء باستعدادها لتنفيذها".
وأشارت إلى أن "التلميحات إلى استخدام الأسلحة النووية بدت جزءًا من الاستراتيجية الروسية، منذ اليوم الأول من غزوها لأوكرانيا، حيث كان الهدف ردع دول حلف شمال الأطلسي (الناتو) عن التدخل مباشرة أو تزويد كييف بالأسلحة الحاسمة.
ورأت الصحيفة البريطانية، أن "هناك بعض الدلائل على أن بوتين، بعد التقدم العسكري الأوكراني الأخير، ربما يسعى إلى وقف الصراع وتأمين المكاسب الإقليمية التي حققتها روسيا".
وبينت أن إصرار بوتين، في خطابه الخميس، على أنه "عاجلاً أم آجلا يتعين على الغرب بدء محادثات لمستقبلنا المشترك، ربما يعني أن بوتين قد خلص إلى أن ضم أربع مناطق أوكرانية وتأمين جسر بري إلى شبه جزيرة القرم أمران يمكن تقديمهما -إلى جانب الحياد العسكري لأوكرانيا- للروس على أنه انتصار".
ورأت أنه "في هذا السيناريو، تهدف تعبئة بوتين الجزئية المحفوفة بالمخاطر إلى ضمان قدرة روسيا في السيطرة على هذه الأراضي".
كما أشارت إلى أن "قصف البنية التحتية لحرمان الأوكرانيين من الكهرباء والمياه مع اقتراب الشتاء يهدف إلى كسر عزيمتهم"، مضيفة: "ومن ثمّ تهدف قعقعة السيوف النووية إلى تخويف أوكرانيا وحلفائها الغربيين ودفعهم إلى التراجع".
وخلصت الصحيفة البريطانية إلى القول إن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي لم يوافق من قبل على شروط بوتين، كما لا يستطيع حلفاء كييف السماح للرئيس الروسي -كما حدث عام 2014- بالاستفادة من استخدام القوة، لأن هذا من شأنه ببساطة أن يشجعه على اتخاذ سلوك عدواني تجاه البلدان الأخرى، وأن يُشكل سابقة مروعة للقوى النووية الأخرى.
وأضافت: "المسار الوحيد القابل للتطبيق لحلفاء أوكرانيا هو الاستمرار في استراتيجيتهم الحالية، من تكثيف المساعدة العسكرية لأوكرانيا، والتحقق من الخطوط الحمراء لروسيا بعناية، مع تصعيد الضغط الاقتصادي على موسكو".
وأوضحت، أن أوكرانيا بحاجة ماسة إلى أنظمة دفاع جوي ضد الصواريخ والطائرات من دون طيار الروسية، وإلى دعم مالي وعملي في إعادة بناء البنية التحتية والمساكن المتضررة.
وتابعت: "هذا لا يعني أنه لا يوجد مكان للتفاوض، إذ يمكن للدبلوماسية أن تعمل جنبًا إلى جنب مع الضغط العسكري، من دون أن تكون مؤشرًا على الاستسلام أو التراجع"، مشيرة إلى أن ما سمتها "اتصالات القنوات الخلفية" -بما في ذلك الاتصالات العسكرية- تعد مهمة جدًا وسط هذا الكم من التوترات الحالية.