احتجاجات إيران على صفيح ساخن.. النظام يلجأ إلى المحاكمات العلنية لقمع المتظاهرين
تحولت الجامعات الإيرانية –الاثنين- إلى كرة لهب كادت تحرق النظام الإيراني، بعد أن اعتصم آلاف الطلبة في العديد من الجامعات، مرددين شعارات مناهضة للنظام الإيراني ولقوات الأمن.

السياق
قوات الباسيج خائفة وتتعرض لإهانات، والاستعانة بالأطفال وأفراد العصابات، واعتصامات طلبة... ملامح أسبوع جديد من الاحتجاجات الإيرانية، التي دخلت يومها الرابع والأربعين، من دون أن تهدأ وتيرتها، رغم حملات «القمع الدامية»، التي تشنها السلطات.
فالنظام الذي لجأ إلى دفن ضحايا الاحتجاجات، خوفًا من تأجيج التظاهرات، التي لم يستطع السيطرة عليها حتى الآن، يواجه منعطفًا «تاريخيًا»، بعد أن أبدت قوات الباسيج -التي يعتمد عليها النظام لقمع الاحتجاجات- خوفها وعجزها عن تلك المهمة.
أبرز التطورات
تحولت الجامعات الإيرانية –الاثنين- إلى كرة لهب كادت تحرق النظام الإيراني، بعد أن اعتصم آلاف الطلبة في العديد من الجامعات، مرددين شعارات مناهضة للنظام الإيراني ولقوات الأمن.
فرغم تحذير قائد قوات الحرس الثوري، اللواء حسين سلامي، السبت الماضي، بـ«إنهاء أعمال الشغب»، في إشارة إلى الاحتجاجات، عادًا السبت الماضي «يومًا أخيرًا» لها، فإن الطلاب حولوا الاجتماع إلى مركز لـ«ثورتهم» ضد النظام الإيراني.
وبحسب مقاطع فيديو وصور، نشرتها وسائل إعلام معارضة، فإن طلابًا في جامعات إيرانية نفذوا إضرابًا عامًا، امتنعوا فيه عن دخول قاعات الدراسة، للتنديد بممارسات النظام الإيرانية في قمع الطلاب.
وردد الطلاب هتافات «غاضبة» من ممارسات مناهضة للنظام الإيراني، بينها: «سنستعيد إيران، سنقاتل، سنموت، الجامعات دمرت»، بينما دخل طلاب جامعة العلامة طباطبائي في طهران اعتصاماً مفتوحًا، لليوم الثاني على التوالي.
وقال مجلس اتحاد الطلاب، إن هذا الاعتصام جاء احتجاجًا على منع مجموعة من الطلاب من دخول الجامعة وتعليقهم لمدة شهر.
وبهتافات «أيها الباسيج اغربوا عن وجوهنا»، أظهرت مقاطع فيديو نشرها مغرِّدون على مواقع التواصل الاجتماعي، طلابًا يشتبكون مع شرطة مكافحة الشغب وقوات الباسيج في الجامعات بجميع أنحاء البلاد.
وحاولت قوات الأمن منع الطلاب داخل مباني الجامعات، وأطلقت الغاز المسيل للدموع، بينما قالت "هنكاو" وهي منظمة مستقلة تغطي انتهاكات حقوق الإنسان في كردستان إيران، إن قوات الأمن فتحت النار على طالبات في جامعة بمدينة سنندج.
وفي محاولة من السلطات الإيرانية لتهدئة غضب الطلاب، أعلنت وكالة أنباء إرنا، أن المرشد الإيراني علي خامنئي، سيلتقي –الأربعاء- جمعاً من الطلاب، على هامش مراسم يوم الطالب، التي ستعقد في أكثر من 900 مدينة ومحافظة من الساعة 9:30 حتى 11 بحضور طلبة وجامعيين.
محاكمات علنية ومغازلة
وبينما استمرت الاحتجاجات الليلية في أنحاء عدة من إيران، حاول رئيس السلطة القضائية في العاصمة الإيرانية طهران، تحذير المحتجين من استمرار التظاهرات، بعصا المحاكمات العلنية.
وقال المسؤول القضائي الإيراني، إن نحو ألف شخص وُجهت إليهم تهم ارتكاب أعمال شغب، مشيرًا إلى أنهم سيحاكمون علنًا هذا الأسبوع.
ورغم اللهجة التحذيرية والتلويح بالمحاكمات العلنية، فإن رئيس البرلمان الإيراني محمد باقر قاليباف حاول مغازلة المحتجين، قائلًا إنه يجب التفريق بين المحتجين السلميين ومرتكبي أعمال العنف.
وأضاف: نرى أن الاحتجاجات ليست فقط حركة تصحيحية ودافعًا للتقدم، لكننا نعتقد أيضًا أن هذه الحركات الاجتماعية ستغير السياسات والقرارات، بشرط ابتعادها عن مرتكبي العنف والمجرمين والانفصاليين.
الباسيج خائفة
وبينما سحق الحرس الثوري وميليشيا الباسيج جميع أشكال المعارضة في الماضي، باتت حاليًا عاجزة عن الوقوف في وجه المحتجين، الذين يزدادون يومًا تلو الآخر.
وقال قائد الحرس الثوري في إقليم خراسان الجنوبي، العميد محمد رضا مهدوي إن «الباسيج يتعرضون لإهانات من قِبل مثيري الفتنة في الجامعات والشوارع»، مشيرًا إلى أنه بينما التزم الباسيج بضبط النفس والصبر، فإن الأمر سيخرج عن سيطرتنا إذا استمر الوضع».
وفي السياق نفسه، قالت مجلة تايم الأمريكية، إن قوات الباسيج أظهرت أنها غير قادرة على مهمة قمع الاحتجاجات، ما دفع النظام الإيراني إلى الاستعانة بالأطفال وأفراد العصابات ومحدودي الخبرة.
فمع نقص عدد القوات التي تركز على مواجهة الاحتجاجات، قالت مجلة تايم، إنه تمت الاستعانة بأطفال في ملابس قوات الأمن، يرتدون الدروع الواقية التابعة لقوات مكافحة الشغب، في الشوارع لـ«ملء فجوة» غياب الأمن، مشيرة إلى أن هناك أشخاصًا بثياب مدنية يختطفون النساء من الشوارع.
إلى ذلك، نقلت المجلة الأمريكية عن مدير مركز حقوق الإنسان في إيران، هادي غيمي، قوله: «إنهم يجندون أطفال الشوارع والمراهقين والمجرمين، إنهم يفتقرون إلى القوة البشرية»، مشيرًا إلى أن ارتداء الأقنعة يظهر الخوف بين قوات الأمن، ما يشير إلى توغل الاحتجاجات داخل المجتمع الإيراني.
وفي دليل على الخوف، الذي بدأ ينتاب قوات الباسيج، قال غيمي إن أفراد العائلات التابعة لقوات الباسيج تحاول تجنُّب لفت الأنظار(...) يطفئون الأنوار، ولا يسمحون للناس بالدخول والخروج، إنهم خائفون من أن يهاجمهم الناس.
يأتي ذلك، بعد أن أشعل محتجون النيران في العديد من مقرات الباسيج، إضافة إلى نشر معلومات عنهم في وسائل التواصل الاجتماعي، في رسالة تدعو المتظاهرين لمهاجمتهم وعائلاتهم، بحسب «تايم».
عدد القتلى
وقالت منظمة «هرانا» الحقوقية، في أحدث إحصائية، إن عدد قتلى الاحتجاجات ارتفع إلى 284 شخصاً بينهم 45 طفلاً، مشيرة إلى أن عدد المعتقلين بلغ 14 ألفًا و56 شخصاً بينهم 276 طالباً جامعياً.
وأشارت إلى أن الـ780 تجمعًا الذين شهدتهم إيران، منذ وفاة مهسا أميني في 16 سبتمبر الماضي، أدى إلى وفاة 36 من الأمن، واعتقال أكثر من 1293 شخصاً.
صحفيو إيران غاضبون
انتقد صحفيو إيران توقيف السلطات عددًا من زملائهم على خلفية الاحتجاجات الحالية، بحسب صحيفة سازندگی الإصلاحية، التي قالت: "أكثر من 20 صحفيًا لا يزالون موقوفين" في أكثر من مدينة إيرانية أبرزها طهران.
الصحيفة التي نشرت صور عدد من هؤلاء في صفحتها الأولى، قالت إن صحفيين آخرين تم استدعاؤهم من السلطات، ما دفع أكثر من 300 صحفي ومصور صحفي لإصدار بيان ينتقدون فيه السلطات على خلفية «توقيف زملائنا وحرمانهم من حقوقهم بعد توقيفهم».
البيان الغاضب قال إن السلطات الإيرانية لم تتح للموقوفين التواصل مع محامين، وتم استجوابهم وتوجيه اتهامات إليهم قبل عقد جلسة استماع علنية لهم.
وانتقدت نقابة الصحفيين في طهران المقاربة الأمنية للصحافة، موضحة أنها إجراء غير قانوني ويتعارض مع الحرية "، محذرة من أن «مواجهة الصحفيين ستقضي على الصحافة».
وبحسب تقارير محلية، فإنه بعد 5 أيام من اختطاف جثة الصحفي الراحل، رضا حقيقت نجاد، دفن ضباط الحرس الثوري الإيراني جثته سرًا، من دون إذن أو عِلم الأسرة، بينما لم يسمح الأمن لعائلة حقيقت نجاد بالوداع الأخير لابنهم، ودفنوا جثته في منطقة بعيدة عن مسقط رأسه.