طاقة الرياح... الطموح الأمريكي يصطدم بـأعاصير مُصطنعة
إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن تسعى إلى إحداث طفرة في طاقة الرياح البحرية الأمريكية، ما يؤدي إلى زيادة الإناتج من أقل من 1 غيغاواط حاليًا، إلى 30 غيغاواط يوميًا عام 2030

ترجمات - السياق
كشفت صحيفة فايننشال تايمز البريطانية، أن إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن تسعى إلى إحداث طفرة في طاقة الرياح البحرية الأمريكية، ما يؤدي إلى زيادة الإناتج من أقل من 1 غيغاواط حاليًا، إلى 30 غيغاواط يوميًا عام 2030، وهو ما يكفي لخدمة 10 ملايين منزل.
بالمقابل، يشعر المسؤولون التنفيذيون بالقلق بشكل متزايد، من أن عددًا لا يُحصى من التحديات التي تواجه القطاع، تدفع بهذا الهدف إلى ما هو أبعد من متناولهم، إذ يقولون إن التصاريح بطيئة للغاية، وعقود الإيجار باهظة الثمن، والمعدات شحيحة، والتضخم آخذ في الارتفاع.
وأشارت "فايننشال تايمز" إلى أنه تم عرض تلك المخاوف بمؤتمر طاقة الرياح البحرية "ACP" في بروفيدنس -عاصمة ولاية رود آيلاند الأمريكية -الأسبوع الماضي، حيث اجتمع 2000 مندوب لمناقشة مستقبل الصناعة.
هدف صعب
أمام هذه التحديات، نقلت "فايننشال تايمز" عن مولي موريس، رئيس الرياح البحرية في مجموعة الطاقة النرويجية، قولها بشأن خطط الولايات المتحدة الخاصة بطاقة الرياح: "أعتقد أنه يمكنك رسم صورة -إذا استمرت التأخيرات الكبيرة وتم تأجيل المشاريع التي كانت قيد الإعداد بالفعل- سيكون من الصعب تحقيق هدف 30 غيغاواط يوميًا بحلول عام 2030".
وأوضحت أن صناعة الرياح البحرية، التي تعمل بتوربينات مثبتة في البحر، راسخة في أوروبا.
وذكرت الصحيفة، أن الحكومة الفيدرالية الأمريكية والولايات الساحلية تبنت مؤخرًا هذه التكنولوجيا، حيث جعلها الرئيس جو بايدن أحد أعمدة مساعيه لإزالة الكربون من شبكة الكهرباء في البلاد، ووضعها على مسار صافٍ للانبعاثات الصفرية.
وحسب الصحيفة، من المقرر أن تبدأ شفرات التوربينات الدوران العام المقبل في مشروع (الريح الطيبة) الذي تبلغ طاقته الإنتاجية 800 ميغاواط قبالة سواحل ماساتشوستس، وهو أول مشروع بحري تجاري في الولايات المتحدة.
ومن المقرر أيضًا أن يحذو العشرات الآخرون حذوهم، بينما يندفع المستثمرون للحصول على جزء من الحدث.
وكشفت الصحيفة البريطانية، أن الحصول على التصاريح كان مصدر قلق للعديد من المطورين المجتمعين في حدث بروفيدانس، الذين قالوا إن المراجعات البيئية يجب أن تكون أسرع، وأن يتم تنفيذها بمزيد من الاتساق والشفافية.
وتعليقًا على ذلك، قالت موريس: "ما يقلقنا هو أن الأمر قد ينتهي بأن يصبح عنق الزجاجة صعبًا للغاية"، مضيفة: "إذا لم نحصل على هذه المشاريع التي هي في المقدمة، سيكون من الصعب جدًا إطلاق هذه الصناعة على أرض الواقع".
وأشار المسؤولون التنفيذيون أيضًا إلى مشكلات في عملية التأجير.
عطاءات عالية
ورغم هذه المعوقات، فإن "فايننشال تايمز" أكدت أن مزادًا على قسم من المياه الفيدرالية قبالة نيويورك ونيوجيرسي، حقق مبالغ ضخمة بلغت 4.4 مليار دولار، أي أكثر من أي بيع نفط وغاز في الخارج، لكن بعض المطورين قالوا إن السعر المرتفع استنزف رأس المال، وجعل من الصعب جني الأرباح.
وحسب الصحيفة، انسحبت الشركات، بما في ذلك "أكوانور" و"أورستيد" الدنماركية من عملية تقديم العطاءات مع ارتفاع الأسعار.
وتعليقًا على ذلك، قال ديفيد هاردي، رئيس أعمال أورستد في أمريكا الشمالية، لصحيفة فاينانشيال تايمز في ذلك الوقت: إن المزاد كان "فرصة ضائعة".
بينما قال مارك ميتشل، نائب الرئيس الأول لبناء المشاريع في دومينيون، وهي شركة أمريكية تبني مزرعة رياح قبالة ساحل فرجينيا: "لا أعتقد أنه من الجيد أن تكون لدينا أسعار إيجارات عالية جدًا"، مضيفًا: "في الوقت الحالي، يذهب المال ولا يفيد بالضرورة العملاء".
وبينت الصحيفة البريطانية، أن شركة دومينيون متورطة أيضًا في مواجهة تنظيمية بشأن إصرار ولاية فرجينيا على معيار أداء من شأنه أن يجبرها على تغطية تكاليف الطاقة البديلة، إذا كان أداء مزرعة الرياح دون الأهداف.
وبالفعل، هددت الشركة بالانسحاب بسبب ما تصفها بتكاليف "يتعذر عليها تحمُّلها".
موقف إدارة بايدن
وعن موقف الإدارة الأمريكية، نقلت "فايننشال تايمز" عن إدارة بايدن تأكيدها أنها تعمل مع المطورين لتبديد هذه المخاوف، لأنها تتطلع إلى بناء هذه الصناعة وتطويرها.
وقالت أماندا ليفتون، مديرة المكتب الأمريكي لإدارة طاقة المحيطات: "لقد طورنا عملياتنا بشكل كبير، ونواصل ذلك".
وأضافت في تصريحات لـ "فايننشال تايمز": "سنحقق بالتأكيد أهداف هذه الإدارة المعنية بالوصول إلى تحقيق 30 غيغاواط من الرياح البحرية يوميًا بحلول عام 2030.. بل نحن أيضًا على استعداد للذهاب إلى أبعد من ذلك بكثير".
ولكن -حسب الصحيفة- يُعد توافر المعدات تحديًا متزايدًا لهذه الصناعة، وهي مشكلة تتفاقم بسبب إصرار بعض الدول على استخدام الأجزاء والعمالة المحلية كشرط للفوز بعقود مبيعات الطاقة.
وفي ذلك، تقول إيمي ماكغينتي، رئيسة الإنشاءات البحرية في شركة تصنيع التوربينات فيستاس: "هناك الكثير من الموارد المتاحة التي يمكنها دعم حجم التوربينات التي سنقوم بتركيبها هنا في الولايات المتحدة"، مضيفة: "سواء تعلق الأمر بالسفن أم الرافعات أم قدرة النقل أم قدرة المصنع، يتعين علينا تقديم التزامات للمشروعات التي سنقوم ببنائها خلال أعوام 2025، و2026، و2027، وما بعدها".
ويحظر قانون الولايات المتحدة استخدام السفن التي ترفع أعلامًا أجنبية لنقل الأجزاء بين الموانئ المحلية.
ومن ثمّ -حسب الصحيفة- يمكن تشديد هذا التقييد بموجب التشريع، الذي يتم النظر فيه بالكونغرس حاليًا، والذي يتطلب أيضًا تركيب السفن، التي تعمل بعيدًا عن الموانئ، من قِبل البحارة الأمريكيين.
وهو ما يحذر منه المطورون، مشددين على أن هذا الأمر قد يوقف الصناعة، إذ يقول ميتشل: "أعتقد أن الناس بحاجة إلى تقييم جميع العوامل للتأكد من وجود أوقات انتقالية، خصوصًا أن هذه السفن والموارد الكبيرة، لم يتم تبادلها بين عشية وضحاها"، مضيفًا: "يجب أن يكون لديك الوقت لذلك".
وتزيد الضغوط التضخمية العالمية أيضًا من قلق المصنعين، إذ يقول ستيفن دايني، رئيس قسم أعمال الرياح البحرية لشركة سيمنز جاميسا لصناعة التوربينات: "نحن مصرون على الاستثمار في هذه الصناعة، التي تنطلق مثل سفينة الصواريخ، ومع ذلك، فإن الكثير منا يكافح لتحقيق ربح يسمح لنا بالكاد بمواصلة الاستثمار".