تركيا تطيح عناصر إخوانية تحرض ضد مصر.. الأهداف وسر التوقيت
يرى الباحث في شؤون الحركات الإسلامية والإرهاب الدولي منير أديب، في تصريحات للسياق، أن إلقاء قوات الأمن التركية القبض على قرابة 40 شخصًا من الإخوان، خطوة من جانب أنقرة على طريق التصالح مع القاهرة.

السياق
بينما يحاول تنظيم الإخوان «الإرهابي» لملمة شتات نفسه، جاءت ضربة من البلد الذي اتخذه حصنًا له، لتجهز على ما تبقى من فلوله، وتضعه أمام مقصلة جديدة، قد تعيده إلى سباته العميق.
تلك الضربة تمثلت، في إلقاء السلطات التركية القبص على إخوان من العاملين في قنوات الجماعة الإرهابية، باتوا أمام مصيرين لا ثالث لهما، إما الترحيل وإما قضاء عقوبة في السجن.
وبحسب مصادر مقربة من المكتب الإداري لجماعة الإخوان في اسطنبول، فإن السلطات التركية ألقت القبض على 20 إخوانيًا ممن يعملون في مجال الإعلام، في مقدمتهم حسام الغمري رئيس تحرير قناة الشرق السابق، والقيادي الإخواني عماد البحيري.
تلك الأنباء أكدتها الصفحة الرسمية للغمري، الذي دأب الفترة الأخيرة على انتقاد السلطات المصرية والتحريض على دعوات التظاهر في 11 نوفمبر المقبل، التي يروِّج لها تنظيم الإخوان الإرهابي، مشيرة إلى أن هناك أنباء عن ترحيله.
وقالت مصادر «السياق»، إن القبض على تلك القيادات جاء بعد يومين من استدعاء السلطات التركية لهم وعددًا من النشطاء والإعلاميين المعارضين للنظام المصري، والمقربين من جماعة الإخوان وحلفائها في مدينة اسطنبول، للتنبيه عليهم بضرورة وقف أي تحريض ضد النظام المصري، وهو ما وافقت عليه المجموعة باستثناء الغمري.
حسام الغمري، الذي يعد عضوًا في حزب غد الثورة، ورئيس تحرير قناة الشرق الإخوانية السابق، لجأ إلى العمل عبر "يوتيوب" بعد توقف برنامجه، بالتزامن مع التقارب بين مصر وتركيا، العام الماضي.
وبحسب مصادر «السياق»، فإن الغمري كان يرى أنه لا يمكنه التوقف عن التحريض ضد النظام المصري، بعد القبض على ابنه في مصر قبل ذلك بأيام قليلة.
وبينما قالت المصادر إن الغمري لم يحصل على الجنسية التركية حتى الآن، كونه يواجه مشكلة في الإقامة الدائمة، التي كان يتمتع بها في تركيا، أكدت أن فرص تسليمه إلى السلطات المصرية واردة، خاصة أنه لا يمكنه مغادرة تركيا لدولة أخرى، بعد نهاية سريان جواز سفره المصري.
المصادر قالت إن القبض على الغمري المصنف «إرهابيًا» من "الإنتربول"، على خلفية صدور حكم قضائي ضده من مصر، إضافة إلى التابعين للتنظيم ممن يحرضون ضد النظام المصري، يأتي في إطار التواصل الاستخباراتي بين البلدين، مشيرة إلى أن أجهزة الاستخبارات المصرية أبلغت نظيرتها التركية بأن حسام موضوع على «كود إرهابي».
تخفيف التوتر
تلك الخطوة التركية، أثارت الكثير من التساؤلات عن أسبابها وتوقيتها، والهدف منها، خاصة "بعد تعطل مسار التطبيع بين القاهرة وأنقرة"، بحسب وزير الخارجية المصري سامح شكري.
وأشار الوزير شكري إلى أمور عدة، تثير القلق في مسار المباحثات بين البلدين، منها عدم خروج القوات الأجنبية من ليبيا حتى الآن، وعدم اتخاذ إجراءات حاسمة لتحقيق هذا الهدف، ما عدَّه دليلًا على أن المجتمع الدولي يعمل لتحقيق المصالح وليس لاعتماد مبادئ يجب أن تكون راسخة في إدارة العلاقات الدولية.
إلى ذلك، قال الباحث في الحركات الإسلامية، الإخواني السابق سامح عيد، في تصريحات لـ«السياق»، إن الغمري ومن معه ممن ألقي القبض عليهم، كانوا قد تبنوا حملة متصاعدة للتحريض والتظاهر ضد النظام المصري، كانت آخرها الدعوات للاحتجاج عقب انتهاء مباراة السوبر بين فريقي الأهلي والزمالك، التي جرت مساء الجمعة باستاد هزاع بن زايد في مدينة العين الإماراتية.
وأوضح أن القرار الذي اتخذته السلطات التركية، يعد محاولة لتخفيف التوتر القائم بين القاهرة وأنقرة، بسبب عدم الاتفاق على عدد من القضايا، في مقدمتها قضية الغاز والاتفاق التركي الليبي.
خطوة للتصالح
من جانبه، يرى الباحث في شؤون الحركات الإسلامية والإرهاب الدولي منير أديب، في تصريحات لـ«السياق»، أن إلقاء قوات الأمن التركية القبض على قرابة 40 شخصًا من الإخوان، خطوة من جانب أنقرة على طريق التصالح مع القاهرة.
وأكد أديب، أن قوات الأمن التركية ألقت القبض على العاملين في القنوت الفضائية، وبعض الذين لهم صفحات على منصات التواصل الاجتماعي، بسبب التحريض على الدولة المصرية والدعوة للاحتجاجات التي أعلن تنظيم الإخوان عزمه تنظيمها في 11/11 المقبل، أملًا في العودة إلى السلطة من جديد.
الباحث في شؤون الحركات الإسلامية والإرهاب الدولي، أكد أن التحقيق مع الإخوان لم يكشف وضعهم على قوائم الإرهاب G87 التركية، كتهديد للأمن والسلم، ما عدَّه خطوة في طريق التصالح والتقارب المصري التركي.
وتساءل أديب عن تأخر تركيا في اتخاذ هذه الخطوة «المتأخرة»، خاصة أن منصات التحريض ضد القاهرة خرجت من اسطنبول، التي تدار منها -كذلك- المليشيات المسلحة في ليبيا، مشيرًا إلى أن أنقرة كانت وما زالت أرضًا خصبة للتحريض ضد القاهرة وليس فقط في الاحتجاجات المزعومة.
وبينما قال إنه من البديهي ألا توفر أية دولة ملاذًا آمنًا لتجمعات وجماعات متطرفة، أكد أن اعتراف تركيا بأن هؤلاء متطرفين ويهددون الأمن والسلم ويحرضون على ممارسة العنف، يدينها، خاصة أنها وفرت لهم حاضنة منذ عام 2013، للتحريض ضد مصر.
وأشار إلى أن هذه الخطوة جيدة لكنها ليست مرضية، مؤكدًا أنه ما زالت هناك شخصيات أخرى تحرض ضد مصر، على تركيا أن تلقي القبض عليهم، بل وتسلمهم إلى القاهرة.
أهداف ملتوية
على النقيض، شكك الباحث في شؤون الجماعات الإرهابية مصطفى أمين عامر في تصريحات لـ«السياق» في خطوة إلقاء القبض على الغمري، خاصة أن لأنقرة أهدافًا «ملتوية»، إلا أنه قال إنها قد تسعى لتحريك ورقة المفاوضات مع مصر.
وأوضح أن التفاوض بين مصر وتركيا «معقد للغاية»، لأن أنقرة لا تستطيع الفصل بين أيديولوجيتها كنظام يجمع بين الإسلاموية والمدنية، مشيرًا إلى أن «النظام التركي ليس نزيهًا ويحمل شبهة التلاعب السياسي لتحقيق أغراضه ومصالحه».