لعلاج زوجته من السرطان... مواطن يخترق هدنة اقتحام مصارف لبنان

وعلى مدى الأشهر الماضية، لجأ العديد من المودعين اللبنانيين إلى أساليب غير قانونية، منها حجز رهائن وإطلاق أعيرة نارية، أو التهديد بإحراق البنك وخلافه، وهو ما يلقى نوعًا من التعاطف الشعبي، رغم ما يمثله من انتهاك للقانون.

 لعلاج زوجته من السرطان... مواطن يخترق هدنة اقتحام مصارف لبنان

السياق

من جديد، عادت ظاهرة اقتحام المودعين للبنوك في لبنان، البلد القابع تحت أزمة اقتصادية هي الأسوأ من نوعها، ما دفع المصارف لتجميد ودائع أصحابها خاصة الدولارية، وأجبر المودعين على تنفيذ سلسلة متفرقة من الاقتحامات، للحصول على أي من مستحقاتهم.

اليوم اقتحم المودع وليد حجار، بنك الاعتماد اللبناني في منطقة شحيم بمحافظة جبل لبنان، واتبع استراتيجية من سبقوه باحتجاز الموظفين وتهديدهم، كما أقدم على سكب البنزين، مهدداً بإحراق البنك، إن لم يحصل على أمواله، بحسب ما أفادت جمعية صرخة المودعين.

و كشفت الجمعية أن حجار اقتحم المصرف لعلاج زوجته المريضة بالسرطان، لافتة إلى أن وديعته تقدر بـ 242000 دولار أمريكي.

 

تعاطف شعبي

وعلى مدى الأشهر الماضية، لجأ العديد من المودعين اللبنانيين إلى أساليب غير قانونية، منها حجز رهائن وإطلاق أعيرة نارية، أو التهديد بإحراق البنك وخلافه، وهو ما يلقى نوعًا من التعاطف الشعبي، رغم ما يمثله من انتهاك للقانون.

وجمَّد لبنان المبالغ المودعة في بنوكه -خاصة الدولارية- بشكل غير رسمي ولا يعطي المودعين إلا مبلغًا صغيرًا كل شهر، عقب انهيار النظام المالي والمصرفي في البلاد، إثر عدد من الأزمات المتتالية سياسيًا واقتصاديًا، منذ قرابة 3 أعوام، بخلاف انفجار مرفأ بيروت.

ويطالب اللبنانيون بفتح سقف السحب من مبالغهم المقيدة، وكذلك استثناء الحالات الإنسانية الطارئة، إذ إن معظم حالات الاقتحام كانت -حسب منفذيها- لأسباب طارئة هي والموت سِيَّان.

وتخطت الأزمة المواطن العادي، إذ أقدمت البرلمانية اللبنانية سينتيا زرازير، على الاعتصام داخل بنك بيبلوس فرع انطلياس، بعد رفضه منحها جزءًا من وديعتها لإجراء عملية جراحية، بعد مطالبات متكررة منها بلا جدوى، ما اضطرها إلى الاعتصام، مشددة على أنها لن تخرج إلا إذا حصلت على أموالها، في وقت احتشدت فيه مجموعة من المواطنين خارج البنك تضامنًا معها، رغم أنَّ المبلغ المودع في حسابها ليس كبيرًا ويقدر بـ8 آلاف دولار.

 

"كليتي للبيع"

سبق حالة البرلمانية اللبنانية مواطن آخر أقدم على دخول مصرف شرقي لبنان، يحمل سلاحًا ناريًا، للمطالبة بتحويل مبلغ لابنه المقيم في أوكرانيا.

واقتحم المودع علي ديب الساحلي فرع مصرف "بي إل سي" بمدينة شتورة في منطقة البقاع "شرق"، وبحوزته سلاح، مطالبًا بالحصول على وديعته التي تفوق قيمتها 24 ألف دولار، وفق ما أعلنت جمعية صرخة المودعين، وهي مبادرة مدنية تعنى بحقوق المودعين وتواكب تحركاتهم.

الساحلي، وهو رجل خمسيني متقاعد من قوى الأمن الداخلي، سبق أن توجه إلى المصرف مرات عدة، لتحويل 4430 دولارًا بدل سكن وتعليم لابنه الذي يتابع دراسته في أوكرانا، وبعدما رفض المصرف منحه المبلغ، أقدم على اقتحامه، واحتجز رهائن داخله". 

وفي وقت لاحق، أوقفت القوى الأمنية الساحلي، بعدما تمكن أحد الأشخاص في المصرف من سحب السلاح منه.

ونقلت وسائل إعلام محلية عن الساحلي، أن ابنه طرد من مسكنه لعدم سداده الإيجار، ما اضطره إلى عرض كليته للبيع لتأمين المبلغ المطلوب، وأكّد رفضه الخروج من المصرف قبل حصوله على وديعته.

 

"سالي وأختها المريضة"

من حالات كثيرة للاقتحام، تبقى قصة المودعة سالي حافظ الأكثر شهرة، خاصة بعد انتشار دوافع فعلتها، بأن هدفها كان الحصول على الأموال، سعيًا لدفع تكاليف علاج أختها المريضة بالسرطان.

 إذ وصفها عدد كبير من رواد مواقع التواصل الاجتماعي بالبطلة، بعد تداول صورة تظهر فيها وهي تحمل مسدسًا، بينما تقف على مكتب أحد موظفي المصرف.

 

الأزمة الأسوأ
وتُعد الأزمة الاقتصادية، التي يشهدها لبنان، الأسوأ في تاريخه، إذ بات أكثر من ثمانين في المئة من سكانه تحت خط الفقر، ولامس معدل البطالة نحو ثلاثين في المئة.
ويتزامن الوضع الاقتصادي الحرج مع ظروف سياسية بالغة التعقيد، يعجز فيها اللبنانيون عن الخروج من النفق المظلم، الذي وقعوا فيها بشكل معمق، بعد انفجار مرفأ بيروت.
وتفرض المصارف اللبنانية -منذ خريف 2019- قيودًا مشددة على سحب الودائع تزايدت شيئًا فشيئًا، حتى بات من شبه المستحيل على المودعين التصرّف بأموالهم، خصوصًا تلك المودعة بالدولار الأمريكي أو تحويلها إلى الخارج.

وعلى وقع الأزمة التي صنّفها البنك الدولي من بين الأسوأ في العالم منذ عام 1850، خسرت الليرة نحو 95 في المئة من قيمتها.