تكلفة بشرية باهظة.. الغارديان تكشف عدد العمال المهاجرين الذين لقوا حتفهم في قطر

رغم أن قطر تقدر العدد الرسمي لوفيات المهاجرين في العشرية الماضية بقرابة 40 شخصًا، فإن الغارديان قدرت -في تقرير محررها توم دارت- الرقم بآلاف.

تكلفة بشرية باهظة.. الغارديان تكشف عدد العمال المهاجرين الذين لقوا حتفهم في قطر

ترجمات - السياق

بينما انطلقت بطولة كأس العالم 2022 في قطر قبل أيام، ملهبة حماسة المشجعين، الذين انطلقوا خلف منتخباتهم المشاركة في البطولة، التي يستضيفها لأول مرة بلد عربي، كانت وسائل الإعلام الغربية، تنظر إلى «الحدث الأشهر» من زاوية أخرى.

تلك النقطة المتعلقة بـ«التكلفة البشرية لكأس العالم»، أثارتها «الغارديان» البريطانية، في تقرير ترجمته «السياق»، تحدثت فيه عن عدد العمال المهاجرين الذين لقوا حتفهم في قطر، طارحة أسئلة عدة، واضعة إجابات عنها، في سياق ما تعرفه عن التكلفة البشرية لكأس العالم 2022.

ورغم أن قطر تقدر العدد الرسمي لوفيات المهاجرين في العشرية الماضية بقرابة 40 شخصًا، فإن «الغارديان» قدرت -في تقرير محررها توم دارت- الرقم بآلاف.

فلماذا كأس العالم هذه مثيرة للجدل؟

تقول «الغارديان»، إن اتحاد كرة القدم الدولي (فيفا) منح في ديسمبر 2010، البطولة لقطر، ذلك البلد الأصغر قليلاً من ولاية كونيتيكت الأمريكية، في عملية تقديم عطاءات، وصفتها السلطات الأمريكية بأنها «مليئة بالفساد».

وأكدت الصحيفة البريطانية، أن قرار إسناد البطولة للدوحة، دفع تلك الدولة الغنية، التي أصبحت هذا العام أكبر مصدر للغاز الطبيعي المسال في العالم، إلى موجة من أعمال البناء، إلا أن الصورة البارزة للبطولة لفتت الانتباه إلى سجل قطر «المريب» في مجال حقوق الإنسان، بما في ذلك «عداؤها لـمجتمع الميم»، والظروف «الخطيرة» و«الاستغلالية» التي يواجهها العمال المهاجرون الذين قاموا ببناء البنية التحتية، على حد قولها.

ونقلت «الغارديان»، عن روثنا بيغوم، باحثة أولى في «هيومن رايتس ووتش»، قولها «إن العمال المهاجرين كان من المستحيل الاستغناء عنهم لجعل كأس العالم 2022 ممكناً، إلا أن ذلك كان بتكلفة باهظة للعديد من العمال المهاجرين وأسرهم، الذين لم يقدموا تضحيات شخصية فحسب، بل واجهوا أيضًا سرقة أجور وإصابات واسعة النطاق وآلاف الوفيات غير المبررة»، على حد قولها.

كم عدد العمال المهاجرين في قطر ومن أين؟

تقول «الغارديان»، إن عدد سكان قطر يبلغ نحو ثلاثة ملايين نسمة، 88% منهم أجانب، مشيرة إلى أن عدد العمال المهاجرين يقدر بنحو مليوني شخص، يشكلون 95% من القوى العاملة.

وأكدت الصحيفة البريطانية، أن نحو مليون شخص يعملون في البناء و100 ألف عامل منزلي، معظمهم من الرجال، الذين يأتي نسبة كبيرة منهم من الفلبين ودول جنوب آسيا، بما في ذلك الهند وباكستان ونيبال وبنغلاديش.

ماذا يبنون؟

بحسب «الغارديان»، فإن قطر التي كانت أول دولة في الشرق الأوسط، تستضيف نهائيات كأس العالم، أنفقت ما بين 220 مليار دولار و300 مليار دولار على مشاريع البنية التحتية، لأنها تريد أن يكون أكبر حدث رياضي في العالم محفزًا لـ«بناء الأمة».

وأوضحت الصحيفة البريطانية، أن قطر بنت بـ 6.5 مليار دولار، سبعة ملاعب جديدة للبطولة وجددت ثامنها، بينما شملت مشاريع البناء الأخرى تحديثات كبيرة على وسائل النقل العام والطرق، وناطحات سحاب جديدة، وفنادق ومساكن، إضافة إلى لوسيل المدينة الجديدة التي ستستضيف نهائي كأس العالم.

ما آخر حصيلة وفيات؟

تقول «الغارديان»، إن «الإحصاء الرسمي بين العاملين في مواقع كأس العالم 37 وفاة غير مرتبطة بالعمل، وثلاث حالات فقط من حوادث مرتبطة بالعمل»، إلا أنها قالت إن الكثيرين يعتقدون أن هذا العدد أقل بكثير.

وأضافت «الغارديان»، أن المشكلة تكمن في أنه من الصعب تقييم الوفيات التي كان من الممكن تجنبها، لنقص المعلومات المتاحة، مشيرة إلى أن "فيفا" والمنظمين القطريين سعوا إلى فصل عمليات البناء المرتبطة بكأس العالم عن المشاريع العامة، رغم أن العديد من هذه المشاريع لم يكن ليتم تشغيلها من دون الطفرة المستوحاة من البطولة، التي يقدر عدد المتدفقين عليها بنحو 1.2 مليون مشجع لكرة القدم.

وأشارت الصحيفة البريطانية إلى أنه «بشكل عام، توفي 15021 غير قطري في البلاد بين عامي 2010 و2019، وفقًا للحكومة التي لم تصنف سجلات الوفاة حسب المهنة أو مكان العمل»، إلا أنها زعمت أن تحليلًا لها نُشر في فبراير 2021، ادعى أن أكثر من 6500 عامل مهاجر من الهند وباكستان ونيبال وبنغلاديش وسريلانكا لقوا حتفهم في قطر منذ إسناد البطولة للدوحة.

وتقول «الغارديان»، إنه بينما وظفت الحكومة 30 ألف عامل أجنبي لبناء ملاعب كأس العالم، وجدت منظمة العمل الدولية أن 50 شخصًا عام 2020، توفوا لحوادث مرتبطة بالعمل، بينما أصيب 500 بجروح خطيرة.

كيف يموت العمال؟

تقول «الغارديان»، إن متوسط ​​درجات الحرارة المرتفعة في قطر يتجاوز 100 فهرنهايت (37.7 درجة مئوية) خمسة أشهر من العام، مشيرة إلى أنه رغم نقل البطولة من الصيف إلى الشتاء، لسلامة وراحة اللاعبين والمسؤولين والمشجعين، فإن العمال كانوا معرضين لخطر الحوادث والأمراض المرتبطة بالحرارة والأمراض الأخرى المتعلقة بالإجهاد البدني والعقلي، بسبب العمل ساعات طويلة في درجات الحرارة الشديدة.

وأكدت الصحيفة البريطانية، أن «الانتحار كان أيضًا مصدر قلق، فغالبًا ما يعيش عمال البناء في ظروف مزرية، تتناقض بشكل صارخ مع البذخ في العديد من المرافق التي يبنونها»، مشيرة إلى أن الحكومة القطرية جادلت بأن «معدل الوفيات بين هذه المجتمعات يقع ضمن النطاق المتوقع لحجم السكان والتركيبة السكانية»، لكن الإحصاءات تظهر أن عددًا كبيرًا من الشباب أو في منتصف العمر من نيبال، الذين يخضعون لفحوص طبية قبل السماح لهم بدخول قطر، ماتوا بسبب مشكلات في القلب.

وبحسب «الغارديان»، فإن منظمة العفو الدولية اتهمت -في تقريرها الصادر عام 2021- قطر بـ«إصدار شهادات وفاة بشكل روتيني للعمال المهاجرين من دون تحقيقات كافية»، مشيرة إلى أنها أرجعت نسب الوفيات إلى «أسباب طبيعية أو قصور في القلب»، ما يجعل من المستحيل على العائلات الثكلى المطالبة بالتعويض.

وتقول «الغارديان»، إن المنظمة وجدت أن ما يصل إلى 70% من وفيات المهاجرين، مصنفة بشكل غير دقيق، مشيرة إلى أن بيانات صحيفة The Guardian Pete Pattisson تشير إلى أن 69% من الوفيات بين العمال الهنود والنيباليين والبنغلاديشيين تم تصنيفها على أنها طبيعية.

إلا أن تقرير منظمة العمل الدولية، ذكر أن السقوط من المرتفعات وحوادث المرور على الطرق، كانت من أسباب الإصابات الخطيرة، بحسب الصحيفة البريطانية، التي سلَّطت عام 2021، الضوء على وفاة عمال بينهم جانجارام ماندال، وهو من نيبال جاء إلى قطر عام 2018 لإعالة زوجته وبناته السبع.

وتقول «الغارديان»، إن ماندال اقترض المال لدفع رسوم التوظيف، ثم حصل على ما يعادل دولارًا في اليوم، مشيرة إلى أنه بعد عامين مرض، نهاية وردية خلال الصيف، وصنفت وفاته على أنها «قصور في القلب وهو أحد الأسباب الطبيعية».

ماذا فعلت السلطات القطرية؟

صحيفة «الغارديان» البريطانية، قالت إن قطر أدخلت إصلاحات على قانون العمل في السنوات الخمس الماضية، إلا أنها نقلت عن منتقدين قولهم، إن هذه الإصلاحات لا تكفي لحماية العمال وإن التطبيق غير مكتمل.

ونقلت الصحيفة البريطانية عن منظمة العفو الدولية قولها إنه «لا يزال آلاف العمال في جميع المشاريع يواجهون مشكلات مثل الأجور المتأخرة أو غير المدفوعة، والحرمان من أيام الراحة، وظروف العمل غير الآمنة، والعوائق التي تحول دون تغيير الوظائف، ومحدودية الوصول إلى العدالة.

ماذا قالت سلطات كرة القدم؟

تقول «الغارديان»، إن فرقًا مثل الدنمارك وهولندا، كانت أكثر صراحة في انتقاداتها لظروف العمل وحقوق الإنسان من "فيفا"، الذي منع اللاعبين من ارتداء شارات قوس قزح «OneLove»، مشيرة إلى أن رئيس الفيفا جياني إنفانتينو حثَّ، قبل وقت قصير من البطولة، الفرق على «التركيز على كرة القدم».

وبحسب الصحيفة البريطانية، فإن إنفانتينو زعم أن "فيفا" يستحق الثناء للتأثير في قطر لتحسين المعايير، بما في ذلك إلغاء نظام الكفالة المسيء للعمال، مدعيًا أن انتقاد قطر ينبعث من النفاق الغربي.