قضايا إرهاب وتسفير جهاديين... الغنوشي يمثل أمام القضاء التونسي

استُدعي الغنوشي في 19 يوليو الفائت للتحقيق معه في قضية تتعلق بتبييض أموال وفساد، ونفى حزب النهضة التّهم الموجّهة لزعيمه.

قضايا إرهاب وتسفير جهاديين... الغنوشي يمثل أمام القضاء التونسي

السياق

زعيم حركة النهضة التونسية راشد الغنوشي يمثل أمام قاضي التحقيق المتخصص بقضايا الإرهاب، لاستجوابه في قضية تتعلق بتهم "تسفير جهاديين" من تونس إلى سوريا والعراق، كما أفاد محاميه.
وقال محامي الدفاع المختار الجماعي، إن الغنوشي وصل إلى وحدة التحقيق بالعاصمة تونس.
بدأ التحقيق مع الغنوشي (81 عامًا) ونائبه رئيس الحكومة السابق علي العريّض بهذه القضية في 21 سبتمبر، في الوحدة الوطنية لبحث جرائم الارهاب بالعاصمة، وتم استجوابه لساعات طويلة، قبل أن يقرر القاضي تحديد الاثنين لدعوته مجددًا.
ونفى الغنوشي التهمة الموجهة إليه، وقال إنها "محاولات لإقصاء خصم سياسي" من قِبل الرئيس قيس سعيّد.
شهدت تونس إثر انتفاضة 2011 توجُّه عدد كبير من الجهاديين قدّرتهم منظمات دولية بالآلاف، للقتال في بؤر التوتر بسوريا والعراق وليبيا.

ووجهت انتقادات شديدة لحركة النهضة، ذات المرجعية الإسلامية لكونها سهلت سفرهم إلى هذه الدول خلال وجودها في الحكم، وهو ما تنفيه الحركة.

بدأت التحقيقات في هذه القضية، بعد 25 يوليو 2021 إثر احتكار الرئيس قيس سعيّد السلطات.

وكانت السلطات التونسية أعلنت أنّ قضاء مكافحة الإرهاب أمر بتجميد الأرصدة المالية والحسابات المصرفية لعشر شخصيات، بينها الغنوشي ورئيس الحكومة السابق حمادي الجبالي.

واستُدعي الغنوشي في 19 يوليو الفائت للتحقيق معه في قضية تتعلق بتبييض أموال وفساد، ونفى حزب النهضة التّهم الموجّهة لزعيمه.

كان القضاء التونسي أصدر قراراً بمنع سفر الغنوشي لحين انتهاء التحقيق في قضية ما تعرف بشركة ستالينغو التي تلاحقها اتهامات بتبييض الأموال والتجسس والتخطيط لضرب أمن الدولة.

ومثل الغنوشي، أمام قضاة التحقيق بمحكمة سوسة في جلسة استمرت نحو 14 ساعة، بشبهة المشاركة في التخطيط للاعتداء على أمن الدولة وتبييض الأموال، تقرر إثرها منعه من السفر والإبقاء عليه بحالة سراح، لحين استكمال الأبحاث معه، وورود نتائج الاختبارات الفنية والاتصالات والمؤيدات الرقمية.

شملت هذه القضية 27 شخصاً، بينهم الغنوشي الذي ذُكر اسمه خلال استنطاق متهمين، وكذلك قيادات من حركة النهضة، إلى جانب سياسيين وإعلاميين ورجال أعمال وإطارات أمنية عليا ومدونين.

بينما وجه القضاء للمشتبه بهم، تهم ارتكاب جرائم تتعلق بغسل الأموال في إطار وفاق، وباستغلال التسهيلات التي خولتها خصائص التوظيف والنشاط المهني والاجتماعي، والاعتداء المقصود به تبديل هيأة الدولة وحمل السكان على مواجهة بعضهم بعضًا، وإثارة الهرج والقتل والسلب بالتراب التونسي.

 كان القضاء التونسي، قد قرر تجميد أرصدة زعيم حركة النهضة راشد الغنوشي وعدد من أفراد عائلته ورئيس الحكومة الأسبق حمادي الجبالي.

هذه الخطوة عدَّها خبراء تونسيون مكملة لقرارات 25 يوليو التي أطاحت حكم النهضة وحلفائها، لكنهم أكدوا أهميتها رغم أنها جاءت متأخرة، ﻻسيما أن معظم هذه الأموال والأرصدة خارج البلاد، وﻻ يمكن  الحصول عليها بسهولة.

بيد أن الخبراء التونسيين الذين تحدثوا لمنصة "السياق"، قالوا إن هذا القرار وما سبقته من إجراءات، ينهي عصر تمكين النهضة وتاريخها، لكنهم شككوا في نهاية تنظيم الإخوان، طالما لم يتم تصنيفه "منظمة إرهابية".

تعافي القضاء

أيمن الزمالي، الكاتب والمحلل السياسي التونسي، قال في تصريحات لـ«السياق»، إن تلك القرارات تأخرت كثيرًا، لكنها مؤشر على تعافي القضاء التونسي.

وأشار إلى أن الاشتباه في علاقة الغنوشي وعدد من قيادات حركة النهضة، بتهم تتعلق بالإرهاب وتبييض الأموال، سبق أن كشفتها تحقيقات النيابة وهيئة الدفاع عن الشهيدين شكري بلعيد والحاج محمد البراهمي.

ويقول المحلل السياسي التونسي: رغم تأخر هذه القرارات، فإنها مؤشر إيجابي لتعافي القضاء، الذي كانت حركة النهضة الإخوانية تتحكم في مفاصله، كما يؤكد أن هيئات الدولة تعمل على فتح ملفات الفساد وتبييض الأموال، الذي أثر في نتائج الاستحقاقات الانتخابية.

على مستوى آخر، يوضح الزمالي أن حركة النهضة شهدت تشظيًا وارتباكًا بعد قرارات 25 يوليو 2021، إذ خرجت معارضة قوية ضد الغنوشي داخل النهضة، وهو ما يفسر سبب إعلان قيادات منشقة عن النهضة، بينهم عبداللطيف المكي، تأسيس حزب جديد باسم "العمل والإنجاز".

وبحسب المحلل السياسي التونسي، فإن المكي من القيادات المنفتحة على التيارات والقوى السياسية، مقارنة بما وصفهم بـ"كهنة الحركة" المسيطرين عليها.

ووفق الزمالي، فإن مكي أكد -في أكثر من مناسبة- أنه غير راض عن أداء حركة النهضة وقيادتها وتحالفاتها المشبوهة مع قوى الفساد والتهريب، التي تسببت في الأزمات الاقتصادية والاجتماعية غير المسبوقة، ودفعت لاتخاذ قرارات 25 يوليو.